المشروع الصهيوني: قادرٌ على التدمير، عاجزٌ عن الانتصار
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
هذه هي معادلة الصراع في الإقليم، وفي هذه الأيام الحاسمة تحديداً.
ما زالت دولة الاحتلال قادرة على التدمير، وما زالت لديها قدرات فائقة ومفاجآت صادمة، وما زالت ترى في قدراتها الإجرامية فعلاً «الحلّ» الوحيد للانتصار.
الواقع الجديد في الإقليم يقول بكلّ بساطة إنّ هذا لا يساوي ذاك، بل إن هذا الواقع يمكن أن يفرز معادلات جديدة ــ هذا إذا لم تكن هذه المعادلات قد تحوّلت إلى وقائع ثابتة ــ مفادها أنّ العكس يمكن أن يكون هو الصحيح.
بمعنى أنّ الإمعان في القتل والتدمير هو الدليل الأكبر على عجز دولة الاحتلال، وفشلها في القدرة على الانتصار.
عندما تفشل دولة الاحتلال في الانتصار فهذا يعني، بعد كلّ ما قدّمته الولايات المتحدة الأميركية، وبعدما قدّم «الغرب» كلّه كلّ ما قدّمه حتى الآن ليس كافياً، وأنّ على كلّ هذا «الغرب» أن يقدّم المزيد والمزيد (عَلَّ) هذه الدولة تحقّق الانتصار المطلوب، وذلك لأنّ العجز عن تحقيق هذا الهدف بالذات هو تحوّل صاعق في حالة الإقليم، وتغيّر إستراتيجي هائل ستطير معه كلّ المعادلات والأهداف.
نحن نعيش اليوم، والآن، وفي هذه اللحظات، وفي هذه الساعات معادلة جديدة.
من يعتقد أنّ دولة الاحتلال لا تعرف إلى أين تسير الأمور، أو أن الولايات المتحدة ليست مدركة لاتجاه الصراع في مثل هذه الأيام المصيرية فهو واهم.
لقد فهموا وأدركوا وأيقنوا، وهم الآن، وفي هذه اللحظات يعرفون حق المعرفة أنّ المعادلة تتقلّب بصورةٍ دراماتيكية.
هذه المعادلة، أي معادلة التدمير تحتاج إلى المزيد والمزيد منه. عندما يتحوّل هذا التدمير إلى تدمير متبادل تكون ساعة وقف الحرب، وبصورة فورية قد دُقّت، أو تكون الولايات المتحدة قد وصلت إلى «قناعة» بأنّ السلاح النووي، بأشكاله المختلفة هو الحلّ المتبقّي لديها، أو لدى دولة الاحتلال، لكي لا «توسّخ» أيديها بهذا السلاح لحسابات دولية معروفة، وبذلك فإنّ عليها أن «تقرأ السلام» على قوّاتها وقواعدها في الإقليم، أو أنّ عليها استقدام عشرات آلاف من القوات الأميركية لحماية هذه القواعد، أو لمحاولة حمايتها، أو تركها عُرضة للتدمير، وربّما للإبادة.
ولم تعد الولايات المتحدة ضامنةً بأنّ دول الإقليم الموالية لها يمكن أن تدافع عن قواعدها وقواتها، وهي لم تعد تضمن استقراراً «داخل» هذه الدول، وتتفاعل الأمور، وهي يمكن أن تنتقل إلى دائرة الغليان، وأنّ الإقليم كلّه من زاوية الولاء والخضوع التام للإدارة الأميركية هو على كفّ عفريت، وربما عدّة عفاريت دفعةً واحدة.
هذا كلّه يفسّر كيف سارت أمور هذه الحرب منذ أيّامها الأولى.
هذه حرب الولايات المتحدة، وحرب المصالح «الغربية» كلّها في هذا الإقليم، والدور والمكانة والوظيفة لدولة الاحتلال فيها هي في صميم رؤية هذا «الغرب»، وهذا هو بالضبط السبب الذي جعله كلّه يهرع للدفاع عن دولة الاحتلال في مثل هذا اليوم من العام الماضي، ولم يتراجعوا منذ اليوم الأوّل وحتى يومنا هذا إلّا بالقدر الذي فُرض عليهم من هبّة شعوب العالم، وقواها الشابّة، وجامعاتها، ومؤسّساتها المدنية، ومن درجة الاشمئزاز الذي ولّدته حرب الإبادة المستمرّة على القطاع، وعلى الضفة، وها هي انتقلت بقوة إلى لبنان.
ولهذا كلّه فإنّ «الغرب» يوافق المرّة تلو الأخرى على كلّ الإجرام الذي تقوم به دولة الاحتلال، وهو يرى الآن ويدرك ويشارك في محاولات دولة الاحتلال المستميتة لهزيمة «حزب الله» اللبناني، أو الادّعاء بأنّه لم يعد يشكّل تهديداً لـ»الشمال».
لم تعد الولايات المتحدة تشعر بالحرج من أيّ شيء، وانقسمت بين مؤيد للتدمير والإبادة، واستمرارها إلى «النهاية»، مهما كلّف الأمر، وبين من يدعو دولة الاحتلال إلى ضرب المفاعلات النووية الإيرانية مباشرة، ودفعةً واحدة.
لقد صُدمت الولايات المتحدة وأصابها الدّوار السياسي بعد الردّ الإيراني المذهل، وصدمت أكثر عندما رأت بأمّ عينها حقيقة ما أحدثته الضربة، وما ينطوي عليها من معانٍ واعتبارات، وما يمكن أن يترتّب عليها من نتائج مباشرة وبعيدة.
كلّ قادة الجيوش والأساطيل الأميركية و»الغربية» يدرسون ويتدارسون الردّ الإسرائيلي على الضربة الإيرانية، ولكنهم يفكّرون أكثر بالردّ الإيراني على الردّ الإسرائيلي.
الردّ الإيراني على الردّ الإسرائيلي هو انتقال الحرب من مرحلة التدمير الإسرائيلي إلى مرحلة التدمير المتبادل. وهذه المعادلة ليست في مصلحة الدولة العبرية بكلّ المقاييس الجغرافية والديمغرافية، وبالمقاييس العسكرية قبل كلّ شيء.
دعوني أُوضّح كيف.
قيمة الدور الذي يلعبه المشروع الصهيوني لا تكمن في القدرة على التدمير والقتل وارتكاب أبشع المذابح إلّا بالقدر الذي يؤدّي هذا كلّه إلى انتصار المشروع.
عندما يعجز جيش الاحتلال في ذكرى «طوفان الأقصى» السنوية عن التقدّم على مدار أسبوع كامل من القتال على خطوط القشرة والتماس في جنوب لبنان من اختراق دفاعات «حزب الله»، ويدفع عند الأمتار الأولى من هذه الخطوت القتلى والجرحى فإنّ قدرة هذا الجيش على الانتصار تصبح علامة سؤال كبيرة.
وعندما تلاحظ القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وكذلك الأميركية مثل هذا الواقع ينتقل الأمر من مرحلة التعجّب والحيرة إلى «الهسترة» والجنون.
فكما قلنا وكرّرنا، نحن أمام حزب فقد الآلاف من كوادره وقياداته، ووُجّهت له ضربات قاتلة كانت معدّة منذ سنين طويلة، وتبيّن الآن أنّ دولة الاحتلال كانت تتنصّت على كلّ اتصالاته على مدار الساعة، وربّما أنّها ما زالت.
عندما يقاتل الحزب بهذه الضراوة، ويواصل التصدي بهذا الشكل الإعجازي، ويستمرّ بالسيطرة النارية على مساحة الشمال كلّه فإنّ الحرب الإجرامية والتدميرية والإبادية التي تشنها دولة الاحتلال تتحوّل مع كلّ يوم، ومع كلّ ساعة إلى علامة استفهام، أو يطرح السؤال المعروف: ماذا بعد؟ وما هي الفائدة من هذه الحرب؟
طارت كلّ أهداف الحرب المعلنة وغير المعلنة، وتحوّلت الحرب إلى السؤال الأخطر في كلّ معادلاتها: ما فائدة هذه الحرب؟
هذا هو التحوّل الإستراتيجي الأهمّ عسكرياً في هذه الحرب.
وعندما تهاجم قوات الاحتلال كلّ شمال القطاع «خوفاً» من هجوم المقاومة على هذه القوات، وعلى «الغلاف»، في الذكرى الأولى لـ»الطوفان» فهذا يعني بكلّ بساطة: إلى ما أدّت هذه الحرب الإبادية بعد عام كامل، إذا كانت تقديرات الجيش بأنّ ثمّة تحضيرات لهجوم معاكس، شامل على قوات الاحتلال، وعلى «الغلاف»؟
وإذا كانت الضربة الإيرانية «تحتاج» إلى ردّ ساحق وماحق فمن أين ستدري دولة الاحتلال أنّ الرد الإيراني لن يكون ساحقاً وماحقاً على نفس الدرجة والخطورة؟
عندما يُطرح سؤال: ما فائدة هذه الحرب، وهو مطروح بشدّة يصبح الانتصار مستحيلاً بصرف النظر عن مسألة التدمير.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال الإيرانية إيران فلسطين الاحتلال طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة دولة الاحتلال الاحتلال فی هذه الحرب یمکن أن وفی هذه ما زالت فی هذه
إقرأ أيضاً:
كيف نقرأ تصاعد الاحتجاجات داخل كيان العدو الصهيوني ضد الحرب على غزة؟
يمانيون../
مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة الذي يقابله صمود منقطع النظير للشعب الفلسطيني، وبساله مقاومته، تصاعدت حدة الاحتجاجات داخل كيان العدو الصهيوني المطالبة بوقف الحرب على القطاع.
فخلال الأيام الماضية تعالت الأصوات داخل المؤسستين العسكرية والمدنية للعدو بشكل كبير، والتي تحذر من خطورة استمرار الحرب، الأمر الذي يضع الكيان الصهيوني أمام شفا انفجار داخلي قد ينهي كينونته ويدفع به إلى الهاوية؛ علاوة على ما يمثله من انقسام داخلي قد يدفع الكيان للمفاوضات باعتبارها الخيار الوحيد أمامه.
بدأت رقعة هذه الاحتجاجات عندما وقع نحو ألف من جنود الاحتياط في سلاح الجو الصهيوني على عريضة تنقل رفضا لسياسة الحرب الدائرة في غزة. جاءت الرسالة لتحوي دعوات واضحة لإيقاف العمليات العسكرية؛ إذ حذر الموقعون من أن الاستمرار في هذا النهج قد يؤدي إلى مقتل الأسرى وإزهاق أرواح جنود ومدنيين أبرياء.
بحسب التقارير لم تكن الرسالة بمثابة دعوة صريحة لرفض الخدمة أو التمرد، ولكن وقعها كان كافيا لإحداث قلق بالغ في صفوف قيادة العدو الصهيوني.
وعلى صعيد أوسع ورغم محاولة قادة العدو قمع هذا الاحتجاج سريعا بفصل من وقعوا على العريضة واتهامهم بخيانة مصالح الكيان، إلا أن هذا الاحتجاج تمدد بعد انضمام عدد من جنود البحرية وضباط في سلاح الجو والبحرية والمدرعات ومئات الجنود السابقين لهذا الاحتجاج، مطالبين في عرائض جديدة بوقف الحرب واسترجاع الأسرى.
وفي هذا قال موقع “القناة 13” الصهيوني، أن جنوداً في الاحتياط من وحدة “8200” التابعة لشعبة الاستخبارات، انضموا إلى دعوة الطيارين إلى وقف القتال وإعادة الأسرى.
وجاء في العريضة، التي وقّع عليها حتى الآن مئات من الجنود الحاليين والسابقين: “نحن نؤيد ونتعاطف مع البيان الخطير والمقلق، الذي يفيد بأنّ الحرب في هذه اللحظة تخدم في المقام الأول مصالح سياسية وشخصية، لا مصالح أمنية”.
وأضاف الجنود، أنّ “استمرار الحرب لا يسهم في أي من أهدافها المعلنة، وسينتج عنه موت الأسرى، وجنود الجيش الإسرائيلي”، و”نحن نرى بقلق تآكل قوات الاحتياط، وارتفاع نسبة عدم التحاق الجنود بالاحتياط، وقلقون بشأن التأثيرات المستقبلية لهذا المنحى”.
وتابع الجنود: “نحن لا نقبل الواقع الذي يستمر فيه المستوى السياسي في الحرب كأمر مفروغ منه، من دون أي توضيح للجمهور بشأن الاستراتيجية لتحقيق أهداف الحرب، فيما نرى أنّ حماس تسيطر على القطاع، وتجنّد نشطاء جدد في صفوفها، بينما الحكومة لا تعرض خطة مقنعة لإطاحتها”.
وأكّدوا أن “كل يوم يمر يعرض حياة الأسرى للخطر، وكل لحظة تردد إضافية هي وصمة عار”.
كما وقع على عريضة مشابهة مناهضة للحرب على قطاع غزة ، أكثر من 150 ضابطاً صهيونياً سابقاً في سلاح البحرية الصهيوني . وأقرّ الضباط، بحسب صحيفة “هآرتس” الصهيونية، بأنّ “استئناف القتال يُبعد استعادة الأسرى، ويعرض الجنود للخطر”.
وقالوا في عريضتهم: “بدلاً من خطوات مركزة لدفع صفقة لإعادة الأسرى، نحن نشهد سلوكاً حكومياً يقوّض أسس الدولة، ويضرّ بثقة الجمهور، ويثير شكوكاً خطيرة بأن القرارات الأمنية تُتخذ بناءً على اعتبارات غير شرعية”.
الأمر لم يقتصر على ذلك، فقد وقّع أيضاً 100 طبيب عسكري في الاحتياط على عريضة تدعو إلى وقف القتال وإعادة الأسرى.
وبحسب إذاعة جيش العدو كتب هؤلاء الأطباء في عريضتهم : “بصفتنا ضباط، نخدم في تشكيل الاحتياط، وتعبيراً عن المسؤولية المتبادلة في المجتمع “الإسرائيلي”، فإننا نحذر من أنّ استمرار القتال والتخلي عن الأسرى يتعارض مع القيم، ومع التزام سلاح الأطباء بعدم التخلي عن أي من عناصره”.
كذلك، أفادت “القناة 12” الصهيونية بانضمام نحو 2000 عضو هيئة تدريس في مؤسسات التعليم العالي إلى العريضة الاحتجاجية بشأن غزة.
ونقلت القناة عن بيان الأكاديميين، أنّ “الاتفاق فقط يمكن أن يعيد الأسرى، فيما الضغط العسكري يؤدي غالباً إلى مقتلهم”، مشدداً على أنّ الحرب “تخدم الآن بشكل أساسي مصالح سياسية وشخصية، لا مصالح أمنية”.
تسارُع هذه التحركات داخل المؤسسة العسكرية عكس شرخًا آخذًا في الاتساع بين القيادة السياسية والعسكرية للعدو وبين الجنود، وفي هذا كشفت مجلة “972+” الصهيونية ، في تقرير حديث، أن جيش الاحتلال يواجه أكبر أزمة رفض للخدمة العسكرية منذ عقود، حيث توقف أكثر من 100 ألف جندي احتياطي عن الاستجابة لنداءات التجنيد، في وقت يرفض عدد متزايد منهم المشاركة في الحرب على غزة لأسباب أخلاقية أو احتجاجية.
وأشارت المجلة إلى أن الأرقام الرسمية بشأن استجابة جنود الاحتياط غير دقيقة، مؤكدة أن النسبة الفعلية لا تتجاوز 60%، فيما أظهرت تقارير أخرى انخفاضًا إلى نحو 50%، ما يعكس تراجعًا واضحًا في شرعية الحرب المستمرة منذ أكثر من 18 شهرًا.
ولفت التقرير إلى أن ظاهرة الرفض بدأت تتصاعد خلال الاحتجاجات ضد التعديلات القضائية عام 2023، حين هدد أكثر من ألف طيار وعنصر في القوات الجوية بالامتناع عن الخدمة إذا استمرت حكومة الاحتلال في سياستها.
وإزاء هذه التحركات اتهم رئيس وزراء العدو الصهيوني مجرم الحرب بنيامين نتنياهو الموقعين على العرائض بـ”رفض أداء الخدمة العسكرية”، وهي التهمة التي نفاها الموقعون إذ يطالبون بوقف الحرب في سبيل إعادة الأسرى الصهاينة في قطاع غزة. كما وصف الموقعين على الرسائل بأنهم “مجموعة صغيرة منفصلة عن بعضها البعض من المتقاعدين”، زاعمًا أن الغالبية العظمى منهم “لم يخدموا حتى لسنوات في الجيش الإسرائيلي”.
وفي رد فعل سريع على تصريحات نتنياهو ورفضه وقف الحرب وعقد صفقة تبادل أسرى ، حذر رئيس وزراء العدو الصهيوني الأسبق إيهود أولمرت بشدة من أن “إسرائيل” “أقرب إلى الحرب الأهلية من أي وقت مضى”.
وأشار أولمرت، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام صهيونية، إلى أنه: “في مثل هذه المدة الزمنية القصيرة، لا يمكن تحقيق أي نتيجة استراتيجية حقيقية في الحرب”، مرجّحًا أن لا يؤدي الضغط العسكري إلى دفع حماس للإفراج عن الأسرى، ولفت الى أن القتال المكثف هو حكم إعدام لعدد غير معروف من أولئك الذين ما يزالون على قيد الحياة”.
كما قال: “هذه هي “حرب سلام نتنياهو ، حرب خداع لا يقودها تفكير استراتيجي أو سياسي، بل يقودها الحاجة الشخصية والسياسية لنتنياهو، لمواصلة الحرب من أجل منع انهيار حكومته ووقوفه أمام التحقيق في محاكمته وفي لجنة تحقيق حكومية “.
وهنا يؤكد العديد من المحللين أن اتساع الاحتجاجات الرافضة لاستمرار الحرب يعد مؤشّرًا يلوح في الأفق ، ينذر بنشوب حرب أهلية داخل كيان العدو الصهيوني ، وهذا ما أشار إليه الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، حيث أبرز في حديث خصّ به صحيفة ” الوطن” الجزائرية ، وجود دلائل ميدانية وتحليلية تنذر بخطر حقيقي يواجه كيان العدو الصهيوني، مشدّدًا على أن ما يجري قد ” يفتح الباب على أزمة غير مسبوقة، لا على المستوى العسكري فحسب، بل في بنية الكيان الصهيوني السياسية ككل”.
وأشار أبو زيد إلى أن “الأزمة مرشّحة للاتساع، حيث بدأت تتسلل إلى أسلحة أخرى كالمشاة والمدرعات والأطباء العسكريين، بل ومرشحة للانتقال إلى القطاع المدني، لا سيما في مجالات التعليم والخدمات، بل وحتى داخل أجهزة الاستخبارات التي بدأت بدورها التحضير لرفع عرائض مشابهة”.
وأضاف إن “هذا السياق يندرج ضمن ما كنا نؤكده مرارا، وهو أن بنية جيش الاحتلال الصهيوني بدأت تتآكل من الداخل، نتيجة تراجع الثقة بين المستوى السياسي والعسكري”.
واستطرد قائلا: “هذه الأزمة لا تهدّد وحدة المجتمع الصهيوني فقط، بل تفتح جرحاً عميقاً بين اليهود الغربيين والشرقيين اليمنيين الذين يتولون الحكم حالياً، وبين الطبقة العسكرية التي طالما ارتبطت تاريخيا بالأشكناز”.
وذكر أبو زيد أن “الفجوة لم تعد تقتصر على السياسي والعسكري، بل وصلت إلى تباينات داخل مكونات الحكومة نفسها، تجلّت في التوتر المتصاعد بين نتنياهو وبعض وزرائه من جهة، وبين القيادة القضائية التي ترفض إقالة المستشارة القضائية ورئيس جهاز الشاباك من جهة أخرى”.
وبينما اعتبر أبو زيد أن غزة لعبت دورا محوريا في تفتيت المنظومة العسكرية للعدو الصهيوني، والدليل هو إقالة تسعة من كبار الجنرالات، بينهم رئيس الأركان السابق ووزير الدفاع، لفت إلى أن “المواجهة الحالية مع المقاومة الفلسطينية في غزة ستفضي إلى تفتيت البنية السياسية للكيان الصهيوني كذلك”.
واختتم الخبير العسكري نضال أبو زيد تصريحه بالتأكيد على “أن هذه التصدعات، ستترجم لصالح المقاومة، من خلال دفع العدو الصهيوني نحو طاولة المفاوضات بعد فشله عسكريا واستعصائه ميدانيا”.