موقع 24:
2025-03-18@11:40:11 GMT

"حلف الأعباء" على كاهل الإيرانيين

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

'حلف الأعباء' على كاهل الإيرانيين

طفقت حكايات بعد الحرب العراقية – الإيرانية تقدم أسباباً لإندلاعها. قال العراق آنذاك إن التحرشات الإيرانية بمخافره الحدودية سبقت الرد الواسع من قبل الجيش العراقي يوم 22 سبتمبر (أيلول) 1980.

ورغم أن القيادة الإيرانية في حينها -وحتى يومنا هذا- تتهم العراق بشن الحرب، إلا أن بعض الشهادات أو الحكايات عن تلك المرحلة تقول إن بعض العناصر المنفلتة من القوى الثورية الإيرانية قامت بضرب المخافر العراقية بالمدفعية والهاون والأسلحة المتوسطة، من دون علم أو إذن القيادة الإيرانية.

لا شك أن تملص الإيرانيين من المسؤولية الرسمية عن اندلاع الحرب لا يضع في الاعتبار المشروع المعلن لتصدير الثورة أو الخروقات التي قام بها الطيران الحربي الإيراني في الأسابيع التي سبقت اندلاع الحرب، كما أنهم يتهربون من محاولة الرد على تساؤل من قبيل: كيف يمكن لعناصر ثورية منفلتة أن تضع يدها على قطع من المدفعية الميدانية أو الهاونات، وأن تستخدمها ضد القوات المسلحة العراقية من حرس الحدود من دون أن يتم منعها من قبل القيادة في طهران؟
ما حدث بعد ذلك أكثر من معروف. وجدت إيران نفسها في حرب مفتوحة مع العراق استمرت ثمانية أعوام. وسواء أكانت تلك العناصر المنفلتة مأمورة من القيادة الدينية العليا في طهران وقم آنذاك أم غير مأمورة، فإن إيران دفعت الثمن. ومن دون أي شك، فإن كل ما نشهده اليوم من كوارث إقليمية يرتبط -بشكل أو بآخر- باندلاع الحرب العراقية – الإيرانية وتراكم نتائجها.
ثمة شبه لما يحدث الآن من حرب انطلقت في غزة وتمتد إلى لبنان ومرشحة للتوسع الإقليمي نحو سوريا والعراق واليمن، ثم الوصول إلى إيران نفسها. عندما شنت حماس عملية “طوفان الأقصى”، تملص الإيرانيون من مسؤولية القرار. ومثلما لم نجد ردا على سؤال: كيف وصلت الأسلحة الثقيلة إلى أيدي العناصر المنفلتة من الحرس الثوري عام 1980؟ فإن إيران لم ترد يوما على سؤال: كيف وصلت الصواريخ والمسيرات الإيرانية إلى يد حماس “المنفلتة”، حيث استخدمها يحيى السنوار، رجل إيران الصاعد في حماس والمتحكم في سلطتها بغزة؟ وإذا كانت حماس منفلتة وتصرفت من تلقاء ذاتها، كيف يمكن أن يتكرر الأمر ويقرر حزب الله، وهو القوة الأكثر فاعلية وتنظيما والتزاما في حلف الميليشيات الولائية، أن يشارك بعد يوم واحد من انطلاق “طوفان الأقصى” في المواجهة التي أطلقت إيران عليها اسم “وحدة الساحات”؟ إن “وحدة الساحات” هي دليل الالتزام والانضباط كما لمسناه من أفعال الأطراف البعيدة، أي الحشد الشعبي من العراق والحوثي من اليمن، ولا تمت بصلة إلى فكرة القرار المستقل لحزب الله. حزب الله آخر من ينطبق عليه توصيف قوة منفلتة تتصرف بقرارها الذاتي، أي قرار أمينها العام حسن نصرالله.
خرجت إيران من الحرب العراقية – الإيرانية بهزيمة شديدة الوطأة بشريا واقتصاديا. ولعل أول درس تعلمته القيادة الإيرانية من تلك الحرب هو أنها لن تحارب بشكل مباشر بعد الآن، وأن عليها تجهيز حزام بشري مسلح من الموالين لها طائفيا يتولى مهمة الحرب نيابة عنها.
كان حزب الله هو البداية المبكرة، والذي رافقت صعوده مجريات الحرب العراقية – الإيرانية، وأيضا قوات بدر والمجلس الثوري العراقية التي حاربت إلى جانب إيران ضد بلدها. وفتحت هزيمة العراق الإستراتيجية في حرب الكويت الباب للاستثمار في قوى اجتماعية متذمرة بعضها شيعي كما في البحرين، وبعضها الآخر شبه شيعي كما حال الحوثي الزيدي في اليمن. وبسقوط بغداد وانهيار نظام صدام حسين، أتيحت لإيران فرصة ذهبية لاستغلال الانسحاب العربي من العراق وتخبط قوات الاحتلال الأمريكية والعمل على تأسيس نقطة ارتكاز طائفية هي الأهم اليوم لما يمتلكه العراق من قدرات بشرية ومادية.
اختبرت إيران حزامها الطائفي في العراق وسوريا واليمن بنجاح. وكانت قد تأكدت أكثر من قدرات حزب الله بعد أن حسم السيطرة على لبنان عام 2008، ثم أبهرها الحزب بما فعله في الحرب الأهلية السورية وقتاله إلى جانب نظام الأسد. ولم تقلق من التنبيهات التي كانت إسرائيل تقوم بها من حين إلى آخر بمهاجمة نقاط نفوذ وتجميع للسلاح إيرانية في سوريا. إسرائيل لم تتدخل في الحرب السورية ولم تضرب أهدافا إيرانية أو ميليشياوية إلا في مراحل متأخرة من الحرب وبغرض التخويف.
بالتوازي مع التمدد الإيراني الإقليمي بالمنطقة استثمرت إيران في الجناح المتشدد في حماس، وتمكنت من أن تنتزع السيطرة من قوى “الاعتدال” في الحركة. وجربت بين الحين والآخر قدرتها على السيطرة على حماس طالبة منها أحيانا القيام بعمليات تتحدى الإسرائيليين، وشهدنا الكثير من المواجهات المحدودة التي انحصرت في رشقات الصواريخ من غزة والقصف الإسرائيلي للرد عليها. لا بأس من تزامن التصعيد بين الطرفين مع التصعيد في الملف النووي الإيراني.
زاد اطمئنان الإيرانيين لقوة الردع التي توفرها لهم الميليشيات الموالية، وصولاً إلى “طوفان الأقصى”. هذه العملية كانت نقطة تحول كبرى في المنطقة لا تقل أثرا عن غزو العراق عام 2003. أخطر ما حدث في ذلك اليوم هو اقتناع الإسرائيليين بأنهم دفعوا مقدماً فاتورة القتلى والمحتجزين بعد مقتل 1200 إسرائيلي واحتجاز المئات. الخوف من الخسائر الذي شكل أساس العقيدة العسكرية الإسرائيلية انتهى يومها.

ذهبت إسرائيل إلى غزة وهي تقصف بشكل هستيري وكأنها تقول لحماس إن ما بيدك من محتجزين محسوب على الخسائر مقدماً، وإنهم إذا ماتوا في القصف، فلن يتغير شيء. وتكرر الأمر في شمال إسرائيل عندما تقبل الإسرائيليون نزوح عشرات الآلاف من الكيبوتزات في الجليل، ومع خسائر مادية وبشرية تتراكم يومياً.
رتبت إسرائيل أمرها على أساس الانتهاء من تدمير غزة أولا، ثم الالتفات إلى حزب الله لتصفية حساب طويل معه. لا شك أن القصف الإسرائيلي على غزة كان مروعاً، لكن لم تكن فيه مفاجآت. المفاجآت الحقيقية حدثت في استهداف إسرائيل لحزب الله وتوجيه ضربات قاصمة له كان من اللافت أن آخرها هو القصف العنيف الذي تشهده الضاحية وجنوب لبنان بما يشبه ما حدث في غزة. قبل هذا القصف العنيف قتلت إسرائيل كل قائد في حزب الله لديه قيمة، وصولا إلى الرأس عندما نفذت عملية اغتيال أمين عام الحزب حسن نصرالله، بل وقتلت خليفته المسمى هاشم صفي الدين حتى من قبل أن يتسلم المنصب رسمياً.

لم يدمر الإسرائيليون المباني والبنى التحتية العسكرية لحماس وحزب الله وحسب، بل نسفوا المنطق الذي قامت عليه فكرة الحزام الطائفي لإيران والميليشيات التي ستقاتل نيابة عن الحرس الثوري وتحت إمرة المرشد الأعلى. ورغم أن الهجوم الإيراني الأول على إسرائيل قد تم تبريره بالرد على استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق، إلا أن الميليشيات التابعة لإيران بدأت بمناداة إيران ومطالبتها بالتدخل لنجدة الفلسطينيين أولا، ثم انتقاما لسلسلة اغتيالات خطيرة مثل تصفية القائد في حزب الله فؤاد شكر أو رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية. ومع الضربة المتسلسلة الأخطر، من هجمة البيجر وقتل كل القادة العسكريين الأهم في التسلسل الهرمي لحزب الله وصولا إلى تصفية نصرالله، تحولت المناداة إلى استغاثة.
ردت إيران برشقة صواريخ تمكن بعضها من اختراق الدفاعات الإسرائيلية في مناطق غير سكانية، لكن الرد زاد من انكشاف إيران وأنهى تماما فكرة الردع، سواء الردع من خلال الطوق الميليشياوي المتعدد في أكثر من بلد، أو عبر الصواريخ المتاحة للميليشيات أو التي تطلقها إيران بنفسها. لا شك أن الخبراء الاستراتيجيين الإيرانيين يسألون أنفسهم الآن: هل ذهبت عشرات المليارات من الدولارات التي أنفقتها طهران طيلة عقود على تأسيس وتسليح طوق الميليشيات وإدامة حضورها اجتماعيا بمنظومة الخدمات والمدارس والمستشفيات، هل ذهبت سدى؟
إيران في موقف لا تحسد عليه. إنها ضحية خطب زعمائها وزعماء الميليشيات التابعة لها. حلفها يضعف يوميا، ليس فقط بعد دمار غزة وحماس، أو مقاتل قيادات حزب الله وتدمير الضاحية، بل إنها لم تعد قادرة على التعويل حتى على من تعتبرهم جزءا أساسيا من بنيانها الإستراتيجي. إيران لا شك مصدومة من قلة اهتمام سورية وتلميحات رسمية عراقية، أو من فعل غير مؤثر من مسيرة تطلقها ميليشياتها الولائية من العراق أو اليمن. من غير المهم أي نفخ أو تهويل تمارسه قنوات تلفزيونية مثل الجزيرة أو محللون يريدون أن يوهموا المشاهد بعكس ما يراه ويسمعه، فلا وجه للمقارنة بين كل ما أطلقه الحوثيون أو الحشد الشعبي على إسرائيل، وغارة من غارات تنفذها إسرائيل على موقع في غزة أو في الضاحية ببيروت. كل هذا، وإسرائيل تقول للتو قد بدأنا، ولا يزال الأمريكيون غير مهتمين بالتدخل المباشر.
ما بدأ حلفاً طائفياً يحرس الإيرانيين ويقاتل نيابة عنهم، صار اليوم حلفا للأعباء على كاهل المرشد والحرس الثوري وكل إيران. وكما دفعت إيران ثمناً باهظاً في الثمانينات عندما غامرت باستثمار ثورتها، تدفع اليوم أكثر بعد محاولتها استثمار “انفلات” الولائيين.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل عام على حرب غزة غزة وإسرائيل الحرب العراقیة حزب الله

إقرأ أيضاً:

العالم يحبس أنفاسه.. غياب التوصل لاتفاق جديد قبل 18 أكتوبر يدفع الأزمة النووية الإيرانية إلى سيناريو الحرب الشاملة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في حين يزعم الرئيس الأمريكي أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع طهران لمنعها من الحصول على القنبلة الذرية، فإنه في واقع الأمر يبذل كل ما في وسعه لتعزيز رؤيته العسكرية. حيث قال المقيم في البيت الأبيض، يوم الجمعة ٧ مارس: "نحن في اللحظات الأخيرة.. لكن لا يمكننا أن نسمح لهم بامتلاك أسلحة نووية"، ملوحاً بالتدخل العسكري!، لتعود قضية الطاقة النووية الإيرانية وتداعياتها المحتملة والمدمرة إلى صدارة المشهد.
وفى تقرير شامل كتبه الصحفى المتخصص فى الشأن الإيرانى أرمين عرفى بمجلة “لوبوان” الفرنسية، يقول إن الأزمة النووية الإيرانية اندلعت في أغسطس ٢٠٠٢، عندما كشف أعضاء منظمة مجاهدي خلق، وهي جماعة معارضة إيرانية في الخارج، عن وجود برنامج ذري سري في إيران. وفي حين تزعم الجمهورية الإسلامية أنها تقوم بتخصيب اليورانيوم في محطاتها النووية لأغراض سلمية بحتة، كما هو مسموح به بموجب معاهدة منع الانتشار النووي التي وقعت عليها، فإن القوى الدولية الكبرى بقيادة الدول الغربية تعتقد، على العكس من ذلك، أن الأنشطة الذرية الإيرانية لها أهداف عسكرية.

ويؤكد دبلوماسي متخصص في هذا الشأن أن "البرنامج النووي الإيراني كان دائما ذا طابع عسكري". 

ويضيف "لا يوجد تفسير آخر لتخصيب اليورانيوم بنسبة ٦٠٪، وذلك بعد أن اطمأن الغرب، لبعض الوقت، عقب التوصل إلى اتفاق في يوليو ٢٠١٥ (خطة العمل الشاملة المشتركة)، والذي أدى إلى تقليص الأنشطة النووية الإيرانية المثيرة للجدل إلى حد كبير في مقابل رفع العقوبات الدولية التي كانت تخنق الاقتصاد الإيراني.
الانسحاب الأمريكى
ومن المفارقات العجيبة أن دونالد ترامب هو الذي انسحب من جانب واحد من الاتفاق النووي في مايو ٢٠١٨، والذي احترمته طهران وفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن الرئيس الأمريكي اعتبره "اتفاقاً سيئاً" لم يعالج المخاوف الأخرى لحلفائه الإسرائيليين، فى وجود برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني و"أنشطتها المزعزعة للاستقرار" في المنطقة.
في محاولة للضغط على إيران لإجبارها على قبول نص جديد بشروطها الخاصة، فرض الرئيس الأمريكي أكثر من ١٥٠٠ عقوبة اقتصادية ونفطية على طهران، لتولد بذلك سياسة "الضغط الأقصى".
ولكن هذه السياسة، وبعيداً عن إعادة القادة الإيرانيين إلى طاولة المفاوضات، أدت، على العكس من ذلك، إلى استئناف طهران لبرنامجها النووي المثير للجدل في عام ٢٠١٩، لدرجة أن الجمهورية الإسلامية لم تكن أبدا أقرب إلى الحصول على القنبلة الذرية مما هي عليه اليوم.
وفي تقرير سري صدر في فبراير الماضى، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة ٦٠٪ إلى مستويات "مقلقة للغاية"، إلى ٢٧٤.٨ كيلوجرام من ١٨٢.٣ كيلوجرام في نوفمبر، وهو ما يمثل زيادة بنسبة ٥١٪. وفي المجمل، تقدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية احتياطيات إيران من اليورانيوم المخصب بنحو ٨٢٩٤.٤ كيلوجرام، وهو ما يزيد على الحد المسموح به بموجب اتفاق ٢٠١٥ بنحو ٤١ ضعفاً. وعند مستوى تخصيب ٢٠٪، يمكن استخدام اليورانيوم لإنتاج النظائر الطبية، وكذلك للدفع البحري ومفاعلات الأبحاث. ولكن عند نسبة ٩٠٪، يصل الوقود النووي إلى الحد الضروري لإنتاج القنبلة.
وبحسب نائب وزير الدفاع الأمريكي كولن كاهل، فإن إيران تحتاج حالياً إلى ١٢ يوماً لتجميع ما يكفي من المواد الانشطارية (اليورانيوم المخصب بنسبة ٩٠٪) لبناء رأس حربي ذري إذا قررت القيام بذلك، مقارنة بعام واحد في وقت الاتفاق النووي. ويحذر دبلوماسي آخر قائلاً: "الوضع خطير، وإيران لم تكن أبدا أقرب إلى امتلاك كل ما تحتاجه لبناء القنبلة مثل اليوم".
الضعف الإيرانى
ولكن تراجع حلفاء الجمهورية الإسلامية في السياق الإقليمي بعد السابع من أكتوبر قد يغير الوضع. لقد أدى الضعف المتتالي لحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني، تحت ضربات الجيش الإسرائيلي، إلى جانب الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، إلى إضعاف "محور المقاومة" الموالي لإيران في الشرق الأوسط إلى حد كبير وتقويض الردع الإيراني.
وقال الدبلوماسي الذى طلب عدم ذكر اسمه: "لقد خسر النظام عدة طبقات من دفاعاته في المنطقة واحدة تلو أخرى، فضلاً عن جزء كبير من صواريخه الباليستية خلال الهجمات المباشرة التي شنها العام الماضي ضد إسرائيل. والآن يلمح عدد من المسؤولين الإيرانيين من الصف الثاني علناً إلى حدوث تحول في العقيدة النووية نحو بناء قنبلة".
وحدة تحت الأرض
وبحسب أجهزة الاستخبارات الأمريكية، شكلت إيران العام الماضي وحدة سرية من العلماء تعمل على تطوير طريقة سريعة لتطوير سلاح نووي خلال أشهر إذا اتخذ القرار السياسي.
يزعم مصدر دبلوماسي إيراني تمت مقابلته شريطة عدم الكشف عن هويته أنه "في حين قد تكون هناك أصوات متباينة في إيران، فإن السلطات المختصة لا تسعى على الإطلاق إلى امتلاك أسلحة نووية، ذلك أن فتوى المرشد الأعلى تجعل مثل هذا السلاح حرامًا، وكلمته فقط هي المعتمدة في إيران". ويرى المصدر الدبلوماسي الإيراني أن "إيران لن تتفاوض تحت الضغط بل في جو من الندية وبهدف بناء". ويضيف "لقد كنا تحت الضغط الأقصى لسنوات، وليس من خلال محاولة ترهيب العالم أجمع يتخيل دونالد ترامب أنه سيتمكن من تحقيق أي شيء. لقد انتهت تلك الأيام". 
وفي الوقت الراهن، استبعد آية الله علي خامنئي إجراء أي مفاوضات مع الولايات المتحدة، منتقداً سياسة "الترهيب" التي تنتهجها واشنطن. وقال في كلمة ألقاها يوم السبت ٨ مارس أمام مسئولي البلاد بمناسبة شهر رمضان: "بالنسبة لهم، المفاوضات ليست لحل المشاكل، بل للهيمنة، وهم يريدون فرض إرادتهم على الجانب الآخر من خلال المفاوضات".
المفاوضات الأوروبية
ورغم تصميمه على إجبار الجمهورية الإسلامية على الاستسلام، إلا أن الرئيس الأمريكي لم يحدد قط الخطوط العريضة لاستراتيجيته أو تفاصيل المفاوضات التي يدعو إليها. ولكنه أعاد بالفعل سياسة "أقصى الضغوط" على إيران من خلال فرض عقوبات على  صادرات النفط الإيرانية  إلى الصين وكذلك  مبيعاتها من الكهرباء والغاز إلى العراق.
وإذا كانت إدارته لا تتفاوض مع إيران في الوقت الحالي، فإنها تترك هذه المهمة للقوى الأوروبية الرئيسية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) التي ناقشت عدة مرات مع طهران منذ انتخابه في نوفمبر ٢٠٢٤.
ومع التفكير فى إعادة تفعيل آلية "سناب باك" على الإنترنت، تبرز إمكانية إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران قبل انتهاء صلاحية خطة العمل الشاملة المشتركة رسميًا في ١٨ أكتوبر ٢٠٢٥. ويقول مصدر أمريكى مقرب من الملف: "إن آلية سناب باك تشكل رافعة التفاوض الرئيسية لدينا حتى الصيف لنكون قادرين على تفعيلها في الوقت المحدد، فيما يؤكد دونالد ترامب أن الحرب مع إيران غير واردة في الوقت الحالي. لكن هذا لا يعني أن الموقف لن يتغير في المستقبل فهو يلوح بين وقتٍ وأخر بالتدخل العسكرى". في حين هددت طهران بالفعل بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي إذا تم استخدام الآلية. 
ومن المؤكد أن غياب الاتفاق قبل الثامن عشر من أكتوبر من شأنه أن يدفع الأزمة النووية الإيرانية إلى مرحلة حرجة. إن هذا السيناريو يمكن أن يؤدي إلى حرب شاملة، حيث تشعر إسرائيل، التي تعتبر التهديد النووي الإيراني تهديداً وجودياً، بالحرية في ضرب المواقع النووية في إيران بدعم أمريكي. وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي طلب عدم الكشف عن هويته "كنا دائما جادين عندما قلنا إن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك أسلحة نووية"، و"الحقيقة هي أن مسارات الدبلوماسية أصبحت أبعد من أي وقت مضى، ولم تعد إيران تملك دفاعات جوية لحماية أراضيها.. لقد تم تحذير طهران".. 
ويبدو أن الجميع يحبس أنفاسه وسط حالة الشد والجذب فى انتظار وصول الرسالة التى أعلن ترامب أنه  أرسلها إلى طهران.. وبينما ذكرت وكالة فرانس برس أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان رفض، الثلاثاء الماضى، إجراء أي مفاوضات مع واشنطن تحت التهديد، رداً على التحذير الذى أعلنه دونالد ترامب من أن الولايات المتحدة قد تهاجم "عسكريا" الجمهورية الإيرانية إذا رفضت التفاوض بشأن برنامجها النووي، قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الأربعاء الماضى، إن رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إيران "ستُسلم إلى طهران قريباً عن طريق دولة عربية" لم يسمها. وأوضح عراقجي: "لقد كُتبت الرسالة، لكنها لم تصل إلينا بعد، وهناك اتفاق على أن يسلمها ممثل إحدى الدول العربية إلى طهران في المستقبل القريب".. وهكذا، يظل الترقب وسط حالة من القلق والتوتر هو سيد الموقف على المستوى العالمى فى انتظار الإعلان عن فحوى رسالة ترامب التى لم تصل حتى إعداد هذا الموضوع للنشر.

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء: الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة هي حرب على الإنسانية
  • العراق:لن نسمح باستهداف إيران والحوثيين والحشد الشعبي والشرع سيكون صديق العراق
  • المالية النيابية تدعو إلى خصخصة الجباية
  • العراق على خط النار بين التوترات الأمريكية الإيرانية
  • لفساد وفشل حكومات العراق الإيرانية .. العراق خارج تصنيف مؤشر الحرية الاقتصادية
  • الإدارة الأمريكية تتوعد بإستهداف السفن الإيرانية التي تحاول تقديم الدعم للحوثيين
  • أكد أن السفن الإيرانية قرب سواحل اليمن والمساعدين العسكريين الإيرانيين هي خيارات مطروحة.. والتز يحذر: سنقصف الأهداف الإيرانية في اليمن
  • البيت الأبيض: أخطرنا إيران بإنهاء دعمها للحوثيين بعد الضربات التي تلقتها
  • رئيس الجمهورية يخالف الحقيقة التي تؤكد “إن إيران من قصفت حلبجة بالكيمياوي وليس العراق”
  • العالم يحبس أنفاسه.. غياب التوصل لاتفاق جديد قبل 18 أكتوبر يدفع الأزمة النووية الإيرانية إلى سيناريو الحرب الشاملة