جديد من سكودا .. سيارة «إلروك 50» الكهربائية الجديدة | تفاصيل
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
تواصل عملاقة تصنيع السيارات التشيكية "سكودا" من تعزيز تواجدها في هذا المجال، بعد أن كشفت النقاب رسميًا عن نسختها الجديدة كليًا صاحبة اللقب إلروك ELROQالكهربائية، وذلك خلال فعاليات معرض باريس للسيارات.
. صور
تعتمد السيارة سكودا إلروك ELROQ فئة 50 على بطارية سعة 55 كيلو وات/ساعة، بينما تستمد قوتها من محرك كهربائي بقوة 168 حصانا، و310 نيوتن متر من العزم الأقصى للدوران، بينما تصل سرعتها القصوى إلى 160 كم/ساعة، ومدى سير لمسافة قدرها 375 كيلومتر، وتستغرق السيارة حوالي 9 ثواني وصولاً من وضع الثبات 0 إلى سرعة 100 كيلومتر/ساعة.
تأتي السيارة سكودا إلروك ELROQ عبر فئات اعلى تجهيزًا، حيث دعمت فئة 60 بمحرك أقوى يمكنه ضخ 201 حصانا و310 نيوتن متر من عزم الدوران، ومدى سير يقدر بـ 400 كيلومترًا، نسبة إلى البطارية صاحبة الـ63 كيلووات، بينما يصل زمن التسارع إلى 8.5 ثانية من 0 لـ 100 كم.
تقل مدة التسارع انطلاقا من 0 إلى سرعة 100 كم/ساعة للفئة عالية التجهيزات من السيارة سكودا إلروك ELROQ فئة 85، حيث تستغرق 6.6 ثانية فقط، يرجع ذلك إلى محركها الأقوى، الذي ينتج 282 حصانا، و545 نيوتن متر من العزم الأقصى للدوران، بينما تصل السرعة القصوى إلى 180 كم/ساعة، ومدى سير يصل لـ 581 كيلومتر.
تضم السيارة سكودا إلروك ELROQ شاشة لعرض البيانات والترفيه قياسها 13 بوصة تدعم الكثير من أوامر التحكم منها مكيف الهواء، والخرائط وغيرها، بالإضافة إلى وجود خاصية مساعد صوتي بتقنيات الذكاء الاصطناعي، عجلة قيادة متعددة الوظائف، مقدمة حادة الشكل، مستشعرات حركة أمامية وخلفية، مصابيح LED MATRIX، جنوط رياضية يتراوح قياسها بين 19 و21 بوصة.
تبدأ أسعار السيارة الكهربائية سكودا إلروك ELROQ عالميًا من 37.600 دولار أمريكي.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
قضية السيارة الجيب.. في الأردن
بحسب زاوية النظر يمكن الحكم على قضية اتهام أفراد من الإخوان المسلمين في الأردن بتصنيع صواريخ ومسيّرات وحيازة متفجرات بقصد استخدامها في الأردن. فمن نظر لها من زاوية أمنيةمحضة، فكل ما قيل من ادعاءات صحيح. فجهاز الأمن لا يُحسن الظنّبمن امتلك أي قطعة سلاح بشكل غير قانوني، فكيف بالتصنيع؟ وانتماء تلك المجموعة لجماعة الإخوان يدفع بوضع الجماعة كلها نحو دائرة الاتهام.
من زاوية قانونية، فإن الحيازة - مجرّد الحيازة - بمعزل عن النوايا هي جريمة.
سياسيا هنا يمكن قراءة القضية من زاوية التضامن مع المعتقلين وإحسان الظن بهم، في سياق قضايا مشابهة من قضية السيارة الجيب في مصر قبل سبعين عاما إلى قضايا مشابهة كُشف أو لم يُكشف عنها خلال العقود الماضية.
ما شهدته وسائل الإعلام ومنصّات التواصل كان تسييسا في الاتجاهين؛بين رأي عام عربي وجزء كبير من الرأي العام الأردني يرى في المعتقلين ثلة من الشباب المناصر لفلسطين، حاول مساندة الفلسطينيين الذين يتعرّضون لحرب إبادة بقليل من السلاح. وتسيّيس مناقض من جانب إعلام الدولة ومن حالفها من الدول يرى الإخوان عموما إرهابيين وما المجموعة المعتقلة سوىدليل على تورّط الجماعة بالإرهاب. وأسوأ من ذلك كله هو لعب مجموعة، ليس ذباب الموساد عنها ببعيد، على وتر الغرائز وإثارة انقسام أردني فلسطيني.
قبل الحديث سياسيا، لا بد من الاستدراك قانونيا بأن لائحة الاتهام لا تعني الإدانة فقد يبرّأ المتهمون في الدرجة الأولى من المحاكمة، وقد يبرّؤون في الدرجة الأخيرة من التمييز. وأذكر في بدايات عملي الصحفي وفي العام ١٩٩٣، غطّيت القضية المعروفة باسم قضية "جامعة مؤتة"، وكان معتقلا فيها النائب السابق وعضو مجلس الأعيان عمر عياصرة. وأصدرت محكمة أمن الدولة أحكام إعدام ومؤبّد في القضية،لكنها عندما وصلت لمحكمة التمييز،أصدر القاضي عبدالمجيد الغرابية حُكما ببراءة جميع المتّهمين، وكان صالح العرموطي أحد محامييهم.واعتمد القاضي في البراءة على عدم توفّر ركني: المؤامرة ووجود الأداة، وتلاقي الإرادات الحرة. واعتبر إن الاعترافات غير صحيحة بعد إثبات واقعة التعذيب والإكراه.
بانتظار الحكم القضائي النهائي تُقرأ القضية سياسيا في إطار علاقة العلاقة الأردنية الفلسطينية جغرافيا وديموغرافيا. فالأردن يشكل أطول حدود مع كيان العدو يمتدّ نحو 335 كممتاخمة لطول الحدود مع فلسطين التاريخية ذات العمق المحدود باتجاه البحر المتوسط. ولا تبعد القدس عنها، وكذلك مفاعل ديمونا أكثر من ١٥ كلم، وفوق ذلك نحو نصف السكان بين لاجئين ونازحين فلسطينيين تجنّسوا بالجنسية الأردنية عقب وحدة الضفتين في ١٩٥٠. وبمعزل عن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية في ١٩٨٨، فإن القضية الفلسطينية ظلّت قضية أردنية داخلية، خصوصا إن القرار شمل من كانوا يقيمون وقتها في الضفة الغربية ولم يشمل من يقيمون في الضفة الشرقية، وحتى قبل وحدة الضفتين، دخل الجيش العربي الأردني القدس باعتبارها أرضا عربية دون أن تكون له سيادة قانونية عليها. وبعد احتلال الضفة الغربية عام ١٩٦٧، لم يكن الأردن يرفض مبدأ المقاومة لاستعادة الأرض الأردنية المحتلة، لكنه رفض مبدأ كل السلطة للمقاومة الذي نتجت عنه أحداث السبعين وخروجقوات منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان. هذه الحقائق تتفاعل مع اللحظة السياسية المشتعلة منذ ٧ أكتوبر.
لم تكن هذه القضية هي الأولى، فتاريخيا ظلّت حماس جزءا لا يتجزّأ من الإخوان في الأردن، وكان العمل معها مثل العمل في أي من أقسام الإخوان. ومن تجربتي الشخصية إلى أن غادرت الإخوان في عام ١٩٩٧، لم يكن ثمة فصل تنظيمي بين الحركتين. كان معنا في جامعة اليرموك في كلية الهندسة عباس السيد الذي يقضي 35مؤبدا بتهمة نشاطه كقيادي في كتائب القسام في الضفة، وكان محمد نصر، أحد قيادات الحركة وأبرز مفاوضيها في كلية العلوم، وبعد التخرّج عمل سميح المعايطة الذي صار لاحقا وزير الإعلام في الحكومة الأردنية متفرّغا في المكتب السياسي لحركة حماس الذي كان يرأسه آنذاك الدكتور موسى أبو مرزوق.
لم يدخل المكتب السياسي لحماس إلى الأردن تسلّلا، بل دخل باتفاق بعد اكتشاف قضية تهريب أسلحة كبرى كان متّهما فيها الشيخ نمر العساف، رحمه الله، وهو أحد شيوخ العدوان المعدودين، وكبار مُلاك الأراضي في عمان. وقد وضع الشيخ الاعتقال ضمن سيرته الذاتية عندما ترشّح للانخابات النيابية. فمع أن تهريب السلاح وتخزينه جريمة قانونية، إلا إنه ميّزة سياسية في المقابل. وفي انتخابات ١٩٨٩، كان من دعاية المرشحين بمن فيهم سيف الدين مراد (الشركسي) وبسام حدادين (المسيحي) العمل مع الفصائل الفلسطينية المسلّحة من الجبهة الديموقراطية إلى النضال الشعبي.
في عقد التسيعنيات كان الأردن يئن من آلام الحصار الذي فرضته أمريكابعد وقوفه مع العراق في حرب الخليج الثانية. وكان الملك حسين يرى في الحركة الاسلامية حليفا تاريخيا يواجه به حصارا خارجيا وضغوطا داخلية. وكان ينظر لحماس باعتبارها جزءا من الحركة الاسلامية، وفوق ذلك حليفا له في مواجهة أبو عمار الذي كان ينازعه على فلسطيني مملكته. لاحقا سُويّت قضية الأسلحة أمنيا ولم تصدر فيها أحكام. وعُقد اتفاق مع مدير المخابرات وقتها (مصطفى القيسي)، يقضي باستضافة المكتب السياسي لحماس برئاسة الدكتور موسى أبو مرزوق، وهو من قطاع غزة وليس أردنيا.
لم تتوقف محاولات التهريب والتسلل والتصنيع حتى بعد الاتفاق، ومن القضايا اللافتة كانت قضية شباب عجلون ( الغرايبة والربابعة ) الذين حاولوا تصنيع متفجرات من حقول الألغام التي زرعها الجيش ، وكانوا من الحركة الإسلامية في الجامعة وحكموا بالمؤبد وخرجوا بالعفو العام.
بالنتيجة، انتهى الاتفاق مع حماس بوفاة الملك حسين وإخراج قيادات حماس من الأردن، بمن فيهم حملة الجنسية الأردنية في نهاية عام ١٩٩٩. ظلّت حماس ملتزمة بعدم فتح جبهة من الأردن، أو ممارسة عمل عسكري على أرضه، لكنها لم تلتزم تماما بعدم تهريب السلاح.
المؤسف في حملات التحريضوالاستقطاب ظهور منسوب عال من الجهل بتاريخ الأردن والإخوان والقضية الفلسطينية في ظل نزعات العنصرية والكراهية.
تاريخيا الإخوان دعوة سلمية، مارست العنف في مقاومة الاحتلال البريطاني لمصر والإسرائيلي في فلسطين، وتوّجت حركة حماس هذا المنحى، لكن سبقها حضور عسكري جهادي منذ العام 1948.
هنا تحضر قضية السيارة الجيب، والتي حُوكم فيها النظام الخاص للإخوان، في العهد الملكي في مصر.
وتُشكّل تلك المحاكمة التي برّأت "الإخوان المسلمين" من العنف والإرهاب، على الرغم من ضبط الأسلحة والمتفجّرات في السيارة، أقرب إلى مراجعة فكرية سياسية قانونية مُنصفة، دفعت رئيس المحكمة، المستشار أحمد كامل، إلى الانضمام للجماعة، بعد أصدار الحكم المخفّف على المتهمين وتبرئة أكثرهم.
يقول نصّ الحكم عن المتّهمين: "ولما وجدوا أن العقبة الوحيدة في سبيل إحياء الوعي القومي في هذه الأمة هي جيش الاحتلال... فاتّحدت إرادتهم على القيام بأعمال قتل ونسف وغيرها، مما قد لا يضرّ المحتلين بقدر ما يودي بمواطنيهم، وذهبوا في سبيل ذلك مذهبا شائكا، منحرفين عن الطريق الذي رسمه لهم رؤساؤهم، والذي كان أساسا قويّا لبلوغهم أهدافهم. وحيث أنه يتبيّن من كل هذا أن هذه الفئة الإرهابية لم تحترف الجريمة، وإنما انحرفت عن الطريق السوي، فحقّعلى هذه المحكمة أن تلقّن أعضاءهادرسا".
ميّز القاضي بين احتراف العنف والانحراف نحوه بدون تخطيط، مستندا لشهادات قادة الجيش المصري في حرب فلسطيين وسياسيين كثيرين ومفتي فلسطين، الحاج أمين الحسيني، الذي أشاد بدورهم منذ العام 1936. ولم يقتصر ذلك على مصر، حيث دخل متطوعو الإخوان المسلمين، وكان بينهم أقباط بالمناسبة، فلسطين قبل الجيش المصري. وفي الأردن، قاد مؤسّس الجماعة، عبد اللطيف أبو قورة، وكان من كبار تجار عمّان، كتيبتهم بعد أن جهّزها من ماله الخاص. وكذلك قاد مؤسّسهم في سورية، عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة دمشق، مصطفى السباعي، كتيبة الإخوان السوريين، وهو ما فعله مؤسّس "الإخوان" في العراق، محمد محمود الصواف.
في خريف عام 1948، أُلقي القبض على سيارة "جيب" في حي العباسية بالقاهرة، وبداخلها أوراق ومستندات وأسماء قيل إنها تتبع "التنظيم الخاص" داخل جماعة الإخوان المسلمين. هذه الحادثة، التي أصبحت لاحقا معروفة باسم "قضية السيارة الجيب"، شكّلت نقطة تحوّل في علاقة الجماعة بالدولة المصرية، وكانت تمهيدا لحملة واسعة من الاعتقالات، انتهت لاحقا باغتيال مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا.
القضية كانت سياسية بامتياز، رغم غلافها الأمني، واللافت أن محكمة الجنايات المصرية عام 1951 لم تُدن الجماعة كتنظيم، بل حمّلت بعض الأفراد مسؤولية العمل المسلح، مؤكّدة أن الجماعة الأم لم تكن تسعى لقلب نظام الحكم، ولا توجد أدلّة كافية لاتهام مكتب الإرشاد.
اليوم، بعد أكثر من سبعة عقود، تعود ذات الديناميكية في الأردن، حيث أُثيرت مؤخرا قضية أمنية ضد أفراد محسوبين على جماعة الإخوان، بتهمة تصنيع أسلحة بهدف تهريبها إلى الضفة الغربية. الجديد في هذه القضية - كما تشير محاضر التحقيق - ليس نيّة التهريب، بل محاولة تصنيع السلاح داخل الأردن، وهو تطوّر غير مسبوق يُستثمر سياسيا لإعادة فتح ملف الجماعة.
إن إحياء "رواية السيارة الجيب" من جديد في سياقات عربية مختلفة هو في الحقيقة إعادة إنتاج لفكرة أن التنظيمات الإسلامية، حتى السلمية منها، تحمل مشروعا سريّا مُهددا للدولة، وهو تصوّر يتجاهل تاريخا طويلا من العمل العلني، والمواقف الوطنية، والدعوة إلى الإصلاح عبر صناديق الاقتراع لا البنادق.
إذن، فقد حملت كل قيادات الجماعة في ذلك الوقت السلاح، وقاتلت ضد المشروع الصهيوني، لكن هل نقلت تلك الخبرة القتالية إلى بلادها ومارست العنف؟ عاد السباعي إلى الجامعةوالبرلمان والعمل السياسي، وكذلك الصواف وأبو قورة. المفارقة أن قائد "الإخوان"، والذي وثق تجربتهم العسكرية في كتابيه "الإخوان المسلمون في حرب فلسطيين" و"المقاومة السرية في قناة السويس"، كامل الشريف، لجأ إلى الأردن بعد المواجهة مع عبد الناصر، وأسّس صحيفة الدستور وصار وزيرا للأوقاف.
بلغ الإسفاف والفجور في الخصومة إلى درجة الإساءة لتاريخ البلد، فالملوك هم أولى بفهم الدستور والقانون واللحظة السياسية. اللغة الاتهامية لا تليق بالعرش الهاشمي، من لدن الملك المؤسس عبدالله، الذي افتتح مقرّهم، كما تُدين أحمد الطراونة الذي جاء لهم بالترخيص، وتُدين الملك حسين والملك عبدالله الثاني الذين استقبلوا قياداتهم في المقر العامر، وأشركوهم في الحكومات ومجالس التشريع و .. إلخ.
تاريخ سبعة عقود لا يُختزل بمداخلة تلفزيونية أو منشور على منصّات التواصل. وهو إساءة لجيل دافع عن الأردن وفلسطين بغزير الدماء وعزيز النفوس.
عندما جهز عبداللطيف أبو قورة وهارون الجازي سريّة أبو عبيدة للدفاع عن القدس هل كانوا تنظيما سريا يستغفل النظام؟! عندما استشهد رضوان رجا كريشان في حرب الاستنزاف في الكتيبة التي شكّلها عبدالله عزام؛ هل كان يقاتل خلسة؟!
الإخوان يحتاجون تجديدا في الفكر، على قاعدة الفخر بتاريخهم وما قدّموه لأمّتهم، دعوة الخالدين هي سلسلة ممتدة إلى النبي " قدوتنا" وليست حزبا ولا تنظيما. هي "روح جديدةتسري في هذه الأمة، فتحييهبالقرآن"؛ على قول حسن البنا.
التنظيم ليس مقدّسا، ولا مدنّسا. هو آلية تتغير بتغير الزمن. وبعيدا عن اللغة الاتهامية والتحريضية، فقد دعوت أكثر من مرة إلى تجديد هذه الدعوة، ومراجعة الأخطاء والتوبة عنها، والبناء على المنجزات التي حقّقتها. ثمة لقاء بين متطرّفي الإخوان ومتطرفي الدولة في التركيز على الوسيلة والشكل، وترك الهدف والمعنى.
عليه أدعو إلى حلّ التنظيم الذي عرفناه خلال عقود، وبناء آليات عمل تتجاوزه وصولا إلى تحقيق الأهداف التي سعى إليها. وهي أهداف تتطابق تماما مع رؤية بناء مجتمع القيم، وهو هدف أي دولة. وتلك القيم هي التي يُربى عليها الفرد والأسرة والمجتمع، وهي التي تحقّق سيادة القانون والدستور؛ فالالتزام بالقانون يكون طاعة لله وتحقيقا لرضاه، وليس خوفا من السلطة.
هل تعلم إن المراقب العام الأسبق محمد عبدالرحمن خليفة كان وراء فكرة قانون المالكين والمستأجرين وهو من أقنع الملك المؤسّس بها، من خلال عمله كمحام؟
ثم يأتيك تكفيري، أو من الإخوان ويقول قوانين وضعية وحكم بغير ما أنزل الله!
الدولة، النظام، القانون.. هذه منجزاتبشرية لعمارة الأرض وحفظ النوع البشري. الإسلام هو قيم عليا ومعايير سامية للفرد والمجتمع، يسعى إليها المخلصون.
لا نستبق حكم القضاء، ولكن على أسوأ تقدير لو ثبت كل ما أورده الادعاء العام، هل مصلحة الأردن تحويل قوةً سياسية حصلت على نصف مليون صوت إلى فصيل إرهابي ؟
هل يمكن بحكم قضائي ضبط غضب الناس تجاه جرائم الاحتلال ؟
للتذكير عندما أقدم الجندي الأردني أحمد الدقامسة على إطلاق النار على طالبات إسرائيليات ، وهو عمل أرفضه شخصيا، لم يبق محام في الأردن لم يترافع عنه وكان أبرزهم نقيب المحامين حسين مجلي وصار بعدها وزيرا وكان من هيئة الدفاع هاني الخصاونة رئيس التشريفات الملكية وزير الأعلام الأسبق. لم يجرّم من تصدى للدفاع عنه، بل لم تجد من يهاجمه
وفي غضون العدوان على غزة احتفل الأردنيون بالشهيد الجازي رغم أن ما أقدم عليه مخالف للقانون.
قصارى القول سيظل الأردن مؤثرا ومتأثرا بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن فصله عنها ، ومن المهم أن تكون عامل توحيد للدولة والمجتمع لا عامل تقسيم واستقطاب .
وستظل الحركة الإسلامية بعثراتها وأنجازاتها جزءا من تاريخ البلاد وحاضرها ، ومن المهم أن تحل مشاكلها مع الدولة بالتفاهم والحوار لا التشاكس والصدام . وهي رصيد وذخر وعون لا عبء .
لنترك القضاء يقول كلمته، ولنستغل الفضاء السياسي والرقمي والإعلامي في جبر مصاب أهلنا في غزة بخاصة، وفلسطين عامة.
ولنرص الصفوف لمواجهة الخطر الداهم، عدوا صهيونيا منفلتا مع إدارة أميركية حمقاء، وموقف عربي مفكك.
بحسب زاوية النظر يمكن الحكم على قضية اتهام أفراد من الإخوان المسلمين في الأردن بتصنيع صواريخ ومسيّرات وحيازة متفجرات بقصد استخدامها في الأردن. فمن نظر لها من زاوية أمنيةمحضة، فكل ما قيل من ادعاءات صحيح. فجهاز الأمن لا يُحسن الظنّبمن امتلك أي قطعة سلاح بشكل غير قانوني، فكيف بالتصنيع؟ وانتماء تلك المجموعة لجماعة الإخوان يدفع بوضع الجماعة كلها نحو دائرة الاتهام. من زاوية قانونية، فإن الحيازة - مجرّد الحيازة - بمعزل عن النوايا هي جريمة. سياسيا هنا يمكن قراءة القضية من زاوية التضامن مع المعتقلين وإحسان الظن بهم، في سياق قضايا مشابهة من قضية السيارة الجيب في مصر قبل سبعين عاما إلى قضايا مشابهة كُشف أو لم يُكشف عنها خلال العقود الماضية. ما شهدته وسائل الإعلام ومنصّات التواصل كان تسييسا في الاتجاهين؛بين رأي عام عربي وجزء كبير من الرأي العام الأردني يرى في المعتقلين ثلة من الشباب المناصر لفلسطين، حاول مساندة الفلسطينيين الذين يتعرّضون لحرب إبادة بقليل من السلاح. وتسيّيس مناقض من جانب إعلام الدولة ومن حالفها من الدول يرى الإخوان عموما إرهابيين وما المجموعة المعتقلة سوىدليل على تورّط الجماعة بالإرهاب. وأسوأ من ذلك كله هو لعب مجموعة، ليس ذباب الموساد عنها ببعيد، على وتر الغرائز وإثارة انقسام أردني فلسطيني. قبل الحديث سياسيا، لا بد من الاستدراك قانونيا بأن لائحة الاتهام لا تعني الإدانة فقد يبرّأ المتهمون في الدرجة الأولى من المحاكمة، وقد يبرّؤون في الدرجة الأخيرة من التمييز. وأذكر في بدايات عملي الصحفي وفي العام ١٩٩٣، غطّيت القضية المعروفة باسم قضية "جامعة مؤتة"، وكان معتقلا فيها النائب السابق وعضو مجلس الأعيان عمر عياصرة. وأصدرت محكمة أمن الدولة أحكام إعدام ومؤبّد في القضية،لكنها عندما وصلت لمحكمة التمييز،أصدر القاضي عبدالمجيد الغرابية حُكما ببراءة جميع المتّهمين، وكان صالح العرموطي أحد محامييهم.واعتمد القاضي في البراءة على عدم توفّر ركني: المؤامرة ووجود الأداة، وتلاقي الإرادات الحرة. واعتبر إن الاعترافات غير صحيحة بعد إثبات واقعة التعذيب والإكراه. بانتظار الحكم القضائي النهائي تُقرأ القضية سياسيا في إطار علاقة العلاقة الأردنية الفلسطينية جغرافيا وديموغرافيا. فالأردن يشكل أطول حدود مع كيان العدو يمتدّ نحو 335 كممتاخمة لطول الحدود مع فلسطين التاريخية ذات العمق المحدود باتجاه البحر المتوسط. ولا تبعد القدس عنها، وكذلك مفاعل ديمونا أكثر من ١٥ كلم، وفوق ذلك نحو نصف السكان بين لاجئين ونازحين فلسطينيين تجنّسوا بالجنسية الأردنية عقب وحدة الضفتين في ١٩٥٠. وبمعزل عن قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية في ١٩٨٨، فإن القضية الفلسطينية ظلّت قضية أردنية داخلية، خصوصا إن القرار شمل من كانوا يقيمون وقتها في الضفة الغربية ولم يشمل من يقيمون في الضفة الشرقية، وحتى قبل وحدة الضفتين، دخل الجيش العربي الأردني القدس باعتبارها أرضا عربية دون أن تكون له سيادة قانونية عليها. وبعد احتلال الضفة الغربية عام ١٩٦٧، لم يكن الأردن يرفض مبدأ المقاومة لاستعادة الأرض الأردنية المحتلة، لكنه رفض مبدأ كل السلطة للمقاومة الذي نتجت عنه أحداث السبعين وخروجقوات منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان. هذه الحقائق تتفاعل مع اللحظة السياسية المشتعلة منذ ٧ أكتوبر. لم تكن هذه القضية هي الأولى، فتاريخيا ظلّت حماس جزءا لا يتجزّأ من الإخوان في الأردن، وكان العمل معها مثل العمل في أي من أقسام الإخوان. ومن تجربتي الشخصية إلى أن غادرت الإخوان في عام ١٩٩٧، لم يكن ثمة فصل تنظيمي بين الحركتين. كان معنا في جامعة اليرموك في كلية الهندسة عباس السيد الذي يقضي 35مؤبدا بتهمة نشاطه كقيادي في كتائب القسام في الضفة، وكان محمد نصر، أحد قيادات الحركة وأبرز مفاوضيها في كلية العلوم، وبعد التخرّج عمل سميح المعايطة الذي صار لاحقا وزير الإعلام في الحكومة الأردنية متفرّغا في المكتب السياسي لحركة حماس الذي كان يرأسه آنذاك الدكتور موسى أبو مرزوق. لم يدخل المكتب السياسي لحماس إلى الأردن تسلّلا، بل دخل باتفاق بعد اكتشاف قضية تهريب أسلحة كبرى كان متّهما فيها الشيخ نمر العساف، رحمه الله، وهو أحد شيوخ العدوان المعدودين، وكبار مُلاك الأراضي في عمان. وقد وضع الشيخ الاعتقال ضمن سيرته الذاتية عندما ترشّح للانخابات النيابية. فمع أن تهريب السلاح وتخزينه جريمة قانونية، إلا إنه ميّزة سياسية في المقابل. وفي انتخابات ١٩٨٩، كان من دعاية المرشحين بمن فيهم سيف الدين مراد (الشركسي) وبسام حدادين (المسيحي) العمل مع الفصائل الفلسطينية المسلّحة من الجبهة الديموقراطية إلى النضال الشعبي. في عقد التسيعنيات كان الأردن يئن من آلام الحصار الذي فرضته أمريكابعد وقوفه مع العراق في حرب الخليج الثانية. وكان الملك حسين يرى في الحركة الاسلامية حليفا تاريخيا يواجه به حصارا خارجيا وضغوطا داخلية. وكان ينظر لحماس باعتبارها جزءا من الحركة الاسلامية، وفوق ذلك حليفا له في مواجهة أبو عمار الذي كان ينازعه على فلسطيني مملكته. لاحقا سُويّت قضية الأسلحة أمنيا ولم تصدر فيها أحكام. وعُقد اتفاق مع مدير المخابرات وقتها (مصطفى القيسي)، يقضي باستضافة المكتب السياسي لحماس برئاسة الدكتور موسى أبو مرزوق، وهو من قطاع غزة وليس أردنيا. لم تتوقف محاولات التهريب والتسلل والتصنيع حتى بعد الاتفاق، ومن القضايا اللافتة كانت قضية شباب عجلون ( الغرايبة والربابعة ) الذين حاولوا تصنيع متفجرات من حقول الألغام التي زرعها الجيش ، وكانوا من الحركة الإسلامية في الجامعة وحكموا بالمؤبد وخرجوا بالعفو العام. بالنتيجة، انتهى الاتفاق مع حماس بوفاة الملك حسين وإخراج قيادات حماس من الأردن، بمن فيهم حملة الجنسية الأردنية في نهاية عام ١٩٩٩. ظلّت حماس ملتزمة بعدم فتح جبهة من الأردن، أو ممارسة عمل عسكري على أرضه، لكنها لم تلتزم تماما بعدم تهريب السلاح. المؤسف في حملات التحريضوالاستقطاب ظهور منسوب عال من الجهل بتاريخ الأردن والإخوان والقضية الفلسطينية في ظل نزعات العنصرية والكراهية. تاريخيا الإخوان دعوة سلمية، مارست العنف في مقاومة الاحتلال البريطاني لمصر والإسرائيلي في فلسطين، وتوّجت حركة حماس هذا المنحى، لكن سبقها حضور عسكري جهادي منذ العام 1948. هنا تحضر قضية السيارة الجيب، والتي حُوكم فيها النظام الخاص للإخوان، في العهد الملكي في مصر. وتُشكّل تلك المحاكمة التي برّأت "الإخوان المسلمين" من العنف والإرهاب، على الرغم من ضبط الأسلحة والمتفجّرات في السيارة، أقرب إلى مراجعة فكرية سياسية قانونية مُنصفة، دفعت رئيس المحكمة، المستشار أحمد كامل، إلى الانضمام للجماعة، بعد أصدار الحكم المخفّف على المتهمين وتبرئة أكثرهم. يقول نصّ الحكم عن المتّهمين: "ولما وجدوا أن العقبة الوحيدة في سبيل إحياء الوعي القومي في هذه الأمة هي جيش الاحتلال... فاتّحدت إرادتهم على القيام بأعمال قتل ونسف وغيرها، مما قد لا يضرّ المحتلين بقدر ما يودي بمواطنيهم، وذهبوا في سبيل ذلك مذهبا شائكا، منحرفين عن الطريق الذي رسمه لهم رؤساؤهم، والذي كان أساسا قويّا لبلوغهم أهدافهم. وحيث أنه يتبيّن من كل هذا أن هذه الفئة الإرهابية لم تحترف الجريمة، وإنما انحرفت عن الطريق السوي، فحقّعلى هذه المحكمة أن تلقّن أعضاءهادرسا". ميّز القاضي بين احتراف العنف والانحراف نحوه بدون تخطيط، مستندا لشهادات قادة الجيش المصري في حرب فلسطيين وسياسيين كثيرين ومفتي فلسطين، الحاج أمين الحسيني، الذي أشاد بدورهم منذ العام 1936. ولم يقتصر ذلك على مصر، حيث دخل متطوعو الإخوان المسلمين، وكان بينهم أقباط بالمناسبة، فلسطين قبل الجيش المصري. وفي الأردن، قاد مؤسّس الجماعة، عبد اللطيف أبو قورة، وكان من كبار تجار عمّان، كتيبتهم بعد أن جهّزها من ماله الخاص. وكذلك قاد مؤسّسهم في سورية، عميد كلية الشريعة والقانون في جامعة دمشق، مصطفى السباعي، كتيبة الإخوان السوريين، وهو ما فعله مؤسّس "الإخوان" في العراق، محمد محمود الصواف. في خريف عام 1948، أُلقي القبض على سيارة "جيب" في حي العباسية بالقاهرة، وبداخلها أوراق ومستندات وأسماء قيل إنها تتبع "التنظيم الخاص" داخل جماعة الإخوان المسلمين. هذه الحادثة، التي أصبحت لاحقا معروفة باسم "قضية السيارة الجيب"، شكّلت نقطة تحوّل في علاقة الجماعة بالدولة المصرية، وكانت تمهيدا لحملة واسعة من الاعتقالات، انتهت لاحقا باغتيال مؤسس الجماعة الإمام حسن البنا. القضية كانت سياسية بامتياز، رغم غلافها الأمني، واللافت أن محكمة الجنايات المصرية عام 1951 لم تُدن الجماعة كتنظيم، بل حمّلت بعض الأفراد مسؤولية العمل المسلح، مؤكّدة أن الجماعة الأم لم تكن تسعى لقلب نظام الحكم، ولا توجد أدلّة كافية لاتهام مكتب الإرشاد. اليوم، بعد أكثر من سبعة عقود، تعود ذات الديناميكية في الأردن، حيث أُثيرت مؤخرا قضية أمنية ضد أفراد محسوبين على جماعة الإخوان، بتهمة تصنيع أسلحة بهدف تهريبها إلى الضفة الغربية. الجديد في هذه القضية - كما تشير محاضر التحقيق - ليس نيّة التهريب، بل محاولة تصنيع السلاح داخل الأردن، وهو تطوّر غير مسبوق يُستثمر سياسيا لإعادة فتح ملف الجماعة. إن إحياء "رواية السيارة الجيب" من جديد في سياقات عربية مختلفة هو في الحقيقة إعادة إنتاج لفكرة أن التنظيمات الإسلامية، حتى السلمية منها، تحمل مشروعا سريّا مُهددا للدولة، وهو تصوّر يتجاهل تاريخا طويلا من العمل العلني، والمواقف الوطنية، والدعوة إلى الإصلاح عبر صناديق الاقتراع لا البنادق إذن، فقد حملت كل قيادات الجماعة في ذلك الوقت السلاح، وقاتلت ضد المشروع الصهيوني، لكن هل نقلت تلك الخبرة القتالية إلى بلادها ومارست العنف؟ عاد السباعي إلى الجامعةوالبرلمان والعمل السياسي، وكذلك الصواف وأبو قورة. المفارقة أن قائد "الإخوان"، والذي وثق تجربتهم العسكرية في كتابيه "الإخوان المسلمون في حرب فلسطيين" و"المقاومة السرية في قناة السويس"، كامل الشريف، لجأ إلى الأردن بعد المواجهة مع عبد الناصر، وأسّس صحيفة الدستور وصار وزيرا للأوقاف. بلغ الإسفاف والفجور في الخصومة إلى درجة الإساءة لتاريخ البلد، فالملوك هم أولى بفهم الدستور والقانون واللحظة السياسية. اللغة الاتهامية لا تليق بالعرش الهاشمي، من لدن الملك المؤسس عبدالله، الذي افتتح مقرّهم، كما تُدين أحمد الطراونة الذي جاء لهم بالترخيص، وتُدين الملك حسين والملك عبدالله الثاني الذين استقبلوا قياداتهم في المقر العامر، وأشركوهم في الحكومات ومجالس التشريع و .. إلخ. تاريخ سبعة عقود لا يُختزل بمداخلة تلفزيونية أو منشور على منصّات التواصل. وهو إساءة لجيل دافع عن الأردن وفلسطين بغزير الدماء وعزيز النفوس. عندما جهز عبداللطيف أبو قورة وهارون الجازي سريّة أبو عبيدة للدفاع عن القدس هل كانوا تنظيما سريا يستغفل النظام؟! عندما استشهد رضوان رجا كريشان في حرب الاستنزاف في الكتيبة التي شكّلها عبدالله عزام؛ هل كان يقاتل خلسة؟! الإخوان يحتاجون تجديدا في الفكر، على قاعدة الفخر بتاريخهم وما قدّموه لأمّتهم، دعوة الخالدين هي سلسلة ممتدة إلى النبي " قدوتنا" وليست حزبا ولا تنظيما. هي "روح جديدةتسري في هذه الأمة، فتحييهبالقرآن"؛ على قول حسن البنا. التنظيم ليس مقدّسا، ولا مدنّسا. هو آلية تتغير بتغير الزمن. وبعيدا عن اللغة الاتهامية والتحريضية، فقد دعوت أكثر من مرة إلى تجديد هذه الدعوة، ومراجعة الأخطاء والتوبة عنها، والبناء على المنجزات التي حقّقتها. ثمة لقاء بين متطرّفي الإخوان ومتطرفي الدولة في التركيز على الوسيلة والشكل، وترك الهدف والمعنى. عليه أدعو إلى حلّ التنظيم الذي عرفناه خلال عقود، وبناء آليات عمل تتجاوزه وصولا إلى تحقيق الأهداف التي سعى إليها. وهي أهداف تتطابق تماما مع رؤية بناء مجتمع القيم، وهو هدف أي دولة. وتلك القيم هي التي يُربى عليها الفرد والأسرة والمجتمع، وهي التي تحقّق سيادة القانون والدستور؛ فالالتزام بالقانون يكون طاعة لله وتحقيقا لرضاه، وليس خوفا من السلطة. هل تعلم إن المراقب العام الأسبق محمد عبدالرحمن خليفة كان وراء فكرة قانون المالكين والمستأجرين وهو من أقنع الملك المؤسّس بها، من خلال عمله كمحام؟ ثم يأتيك تكفيري، أو من الإخوان ويقول قوانين وضعية وحكم بغير ما أنزل الله! الدولة، النظام، القانون.. هذه منجزاتبشرية لعمارة الأرض وحفظ النوع البشري. الإسلام هو قيم عليا ومعايير سامية للفرد والمجتمع، يسعى إليها المخلصون. لا نستبق حكم القضاء، ولكن على أسوأ تقدير لو ثبت كل ما أورده الادعاء العام، هل مصلحة الأردن تحويل قوةً سياسية حصلت على نصف مليون صوت إلى فصيل إرهابي ؟ هل يمكن بحكم قضائي ضبط غضب الناس تجاه جرائم الاحتلال ؟ للتذكير عندما أقدم الجندي الأردني أحمد الدقامسة على إطلاق النار على طالبات إسرائيليات ، وهو عمل أرفضه شخصيا، لم يبق محام في الأردن لم يترافع عنه وكان أبرزهم نقيب المحامين حسين مجلي وصار بعدها وزيرا وكان من هيئة الدفاع هاني الخصاونة رئيس التشريفات الملكية وزير الأعلام الأسبق. لم يجرّم من تصدى للدفاع عنه، بل لم تجد من يهاجمه . وفي غضون العدوان على غزة احتفل الأردنيون بالشهيد الجازي رغم أن ما أقدم عليه مخالف للقانون . قصارى القول سيظل الأردن مؤثرا ومتأثرا بالقضية الفلسطينية، ولا يمكن فصله عنها ، ومن المهم أن تكون عامل توحيد للدولة والمجتمع لا عامل تقسيم واستقطاب . وستظل الحركة الإسلامية بعثراتها وأنجازاتها جزءا من تاريخ البلاد وحاضرها ، ومن المهم أن تحل مشاكلها مع الدولة بالتفاهم والحوار لا التشاكس والصدام . وهي رصيد وذخر وعون لا عبء . لنترك القضاء يقول كلمته، ولنستغل الفضاء السياسي والرقمي والإعلامي في جبر مصاب أهلنا في غزة بخاصة، وفلسطين عامة. ولنرص الصفوف لمواجهة الخطر الداهم، عدوا صهيونيا منفلتا مع إدارة أميركية حمقاء، وموقف عربي مفكك.