كتب عمار نعمة في" اللواء": كل المؤشرات تدل على ان العدوان على لبنان طويل ومفتوح على احتمالات شتى.
في مواجهتنا يقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على رأس اكثر الحكومات تطرفا منذ بدايات الدولة العبرية. هو يذكر ليس فقط بدايفيد بن غوريون وغولدا مائير، بل بإسحاق شامير ومناحيم بيغن وآرييل شارون، واليوم يرى نفسه راسما لتاريخ الدولة العبرية ويضع اهدافا اكبر من تلك التي وضعها في السابق وإن كان لم يعلنها.


مع الخطأ الجسيم بدخول الحرب البرية ولو بتدرج، انقلب مشهد الانكسار العسكري مع المواجهة وجها لوجه التي لا تحتاج قيادة مركزية فهي منوطة بجغرافية الأرض نفسها وتتمتع فيها القيادات العسكرية، المخضرمة والجديدة، بصلاحيات واسعة.

كل هذا مع فشل الإسرائيلي في تحقيق هدفه من حرب الشمال وهو ايقاف جبهة الإسناد لكي يعود المستوطنون الى اماكن تواجدهم قبل 8 اكتوبر الماضي الذي سنحتفل بعد ايام بذكراه السنوية الأولى.

والحال ان الميدان سيكون له الدور الابرز في تحديد مستقبل الحرب وما ستتمخض عنه سياسيا ومداها الزمني.
لكن بعيدا عن سؤال الوقت ومآلات المعركة، يبدو ان المجتمع الدولي يقف عاجزا عن وقف العدوان بينما يوجه تحذيراته التي يستبطن بعضها التهديدات وسط اسئلة حول ما اذا كان في استطاعة احد وضع نتنياهو عند حده، في الوقت الذي تمر فيه المنطقة في مرحلة فراغ لناحية الراعي الدولي ويستعد فيه الاميركيون للانتخابات الرئاسية في الخامس من الشهر المقبل، ولعل هنا بالذات كمنت خطورة المرحلة.

والواقع ان في الوقت الذي يتطلع فيه لبنان للمساعدة، يتلقى التهديدات عبر السفارات والموفدين، حتى وصل الأمر بوزير الخارجية الفرنسي، جان نويل باروت، الى ان يعرب في لقاءات جانبية عن خشيته من ان الصراع قد يتطور إلى درجة لا يمكن احتوائها.
من ناحيتهم شرع المسؤولون اللبنانيون في عملية مزدوجة: أولى عبر طمأنة الخارج بالإلتزام بالقرار 1701، اي عمليا الالتزام بالتهدئة على الجبهة استنادا الى ذلك القرار. وثانية بتوجيه "حزب الله" عبر الرئيس نبيه بري بادرة حسن نية على صعيد المعركة الرئاسية.
هنا تجهد الوساطات لرئيس توافقي، اي فعليا خروج محور المقاومة من ترشيح سليمان فرنجية، وطبعا استبعاد المرشح المقابل للسياديين جهاد أزعور، وبذلك تتم مغازلة الأميركيين والخارج عبر طرح اسم قائد الجيش جوزف عون مع التركيز ايضا على البيئة المسيحية لتشكيل رافعة مسيحية خاصة ولبنانية عامة في سبيل فتح ابواب المجلس النيابي.

ولم يكتف بري بالموافقة على الخروج من شرط الحوار للرئاسة، بل ثمة من يردد بأن الجهود تنصب لجلسة حتى قبل انتهاء الحرب غير المعروف مداها الزمني.
.. لكن في خضم المأساة، يلفت مقربون من أوساط إقليمية خليجية الى ان لا داعي لكل هذا التشاؤم.
صحيح ان الوضع مؤلم ومعقد، لكن لا يمكن له الإستمرار طويلا. فتعبير وليد جنبلاط حول طول الحرب لسنة او لسنتين، جاء لرفع السقف وإيقاظ العالم، لكن لبنان.. ليس غزة.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

من الإخوان الإرهابية.. إلى السودان.. لك الله يامصر (8)

نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ مع رغبة مصر الدائمة فى البقاء على استقرار السودان ومنع تفتيته وتجزئته إلى أقاليم فرعية، أو حتى إضعافه، كما ترغب فى ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن هنا يمكن فهم الرؤية المصرية للتعامل مع كل أزمات السودان سواء تلك المتعلقة بأزمة الجنوب أو الغرب، أو حتى الشرق، هذه الرؤية المصرية التى تقوم على اساس إبقاء السودان موحدا، مع إعادة توزيع السلطة والثروة بشكل متساو، ومن هنا فقد تكون الأحداث الأخيرة نقطة انطلاق قوية لمصر لجمع الفرقاء السودانيين، بشتى طوائفهم الفكرية وانتماءاتهم الإقليمية، على مائدة حوار وطنى واحد لإيجاد تسوية شاملة للأزمة، حتى لا يتحول السودان إلى لبنان أو حتى عراق آخر لا تستعر بنيرانه قوى الداخل فحسب، وإنما دول الجوار أيضا.

مع اتساع رقعة الحرب فى السودان، تزداد الجهود الإقليمية والمبادرات لإنهاء الصراع الدامى بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ووصلت الجهود المتسارعة عزيزى القارئ إلى أكثر من 9 مبادرات، أبرزها الوساطة «السعودية- الأمريكية» فى منبر جدة ودول جوار السودان، لكن كل هذه المبادرات تشهد جمودًا كبيرًا فى عملية الوساطة، مما دفع الآلية الإفريقية رفيعة المستوى بشأن السودان، إلى الدعوة إلى حوار «سوداني- سوداني» فى منتصف يوليو الماضى، هذه الدعوة تزامنت مع إعلان مصر استضافة مؤتمر يجمع كافة القوى السياسية السودانية فى نهاية يونيو الماضى بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، بهدف التوصل إلى توافق بشـأن سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، والحوار يجب أن يكون شاملًا يشمل جميع الأطراف والقوى السياسية والمدنية والمجتمعية الفاعلة، والمتضررين من الحرب ممن نهبت ممتلكاتهم وشردوا وقتلوا وتعرضوا للانتهاكات، فمصر لديها أفضلية فى حل النزاع السودانى لجهة معرفتها بالملف بكل تعقيداته، خاصة أن القضية السودانية تمثل قضية أمن قومى باعتبار أن القاهرة المتضرر الرئيسى من الصراع فى الخرطوم.

تعدد المبادرات المطروحة لحل أزمة الحرب المندلعة فى السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، لن يفيد أو يسهم فى إنهاء الصراع، كل ما تقوم به هذه الجهات من جهود لحل الأزمة خاضع لأجندتها أولًا، وأجندة الدول التى تقف من خلفها، فالمبادرات المطروحة خلال الفترة الماضية عبارة عن كونها «بازارات سياسية»، «تقوم على مصالح ضيقة لا تراعى مصالح الشعب السوداني»، فيجب على الدول أن تجمّع الفرقاء السياسيين والعسكريين على مائدة مستديرة تنهى أسباب الخلاف دون إملاءات للتوصل إلى صيغة تراضى وطنى بعيدًا عن أى أجندات.

محاولات القاهرة الرسمية وجهودها الدبلوماسية والإنسانية لحل معضلة الأزمة فى السودان، تطرح الأسئلة حول أسباب «تعثر» التحرك المصرى فى إحداث نتائج على الأرض حتى اللحظة، أمام التبعات غير المسبوقة على المستوى الإنسانى والاجتماعى والأمنى الذى خلفته الحرب وتجاوز بتأثيره حدود الجغرافيا السودانية، مما يضع السودان وما يمثله من امتداد جيواستراتيجى وعمق حيوى للأمن القومى المصرى «على المحك»، أعاد مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية الذى عقد نهاية شهر يونيو الماضى وهدف إلى تقديم رؤى لإنهاء الحرب المستمرة فى السودان بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، الدور المصرى إلى الواجهة فى الأزمة المستعرة منذ أكثر من 18 شهرًا ومدى قدرته على لعب «وساطة فاعلة وقوية» لحل الأوضاع، نحو الوصول إلى حل «سياسى شامل» وإمكانية وضع خريطة طريق تمهد لاستعادة الأمن والاستقرار بالجارة الجنوبية، إلا أن ما شهده المؤتمر من عدم حضور ممثلين لطرفى الصراع واختتام فعالياته قبل الموعد المقرر مسبقًا فضلًا عن رفض قوى مشاركة التوقيع على البيان الختامي، فتح النقاش مجددًا فى شأن «حدود الدور المصري» وخيارات القاهرة «المعقدة» فى الأزمة، التى تجاوزت بتداعياتها الإنسانية والأمنية الجغرافيا السودانية واستدعى الموقف بعض من الأسئلة الحائرة فى شأن قدرة مصر على استعادة تأثيرها «الغائب» فى السودان «الجريح» بعد أعوام من «الارتباك وتراجع للدور»، نتيجة ما بدا أنه «انحياز للمكون العسكرى خصوصًا قائد الجيش عبدالفتاح البرهان والجماعات الداعمة له على حساب الأطراف المدنية منذ إطاحة نظام الرئيس السودانى السابق عمر البشير عام 2019»، بحسب ما يقول بعض المراقبين من هنا وهناك. وللحديث بقية..

 

[email protected]

 

مقالات مشابهة

  • موجة الموت التي أسقطت الملالي في الشرق الأوسط
  • شاهد بالصور.. شيخ الأمين من فرنسا: لا يمكن أن تزور باريس ولا تزور قوس النصر
  • من الإخوان الإرهابية.. إلى السودان.. لك الله يامصر (8)
  • كيف دعم الفن الحرب في السودان؟
  • غوتيريش: الحرب لا تزال تعصف بحياة الفلسطينيين
  • تامر عبدالمنعم بعد رئاسة الفنون الشعبية: مش جاي آخد اللقطة.. ووضعت يدي على الأمور التي تهدر الوقت
  • الرئيس الفرنسي يحث على وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدم في غزة
  • تامر عبدالمنعم بعد رئاسة الفنون الشعبية: مش جاي آخد اللقطة.. ووضعت يدي على الأمور التي تهدر الوقت والمال العام
  • "ما الذي ينمو في راحة يدكِ؟" يفوز بجائزة بمهرجان سلا لفيلم المرأة