سامح فايز يكتب: هوامش على ثقافة جيل (1 - 4)
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
حين كتبت قبل عشر سنوات فى جريدة «القاهرة» أن جيلاً جديداً يظهر قد تغيرت ثقافته لم يصدقني سوى القليل، واليوم يلهث الجميع خلف ذلك الجيل مقلداً على أمل «خطف التريند» وتحقيق الشهرة.
كتبت حينها أن منصات التواصل الاجتماعي واتساع رقعة مستخدمي الإنترنت منذ عصر المدونات خلقت متسعاً للشباب بعيداً عن المشهد الثقافي الكلاسيكي القائم على فكرة المجايلة؛ أن جيلاً من المثقفين يكبر فيصبح له تلاميذ يأخذون الفكرة عنه ويطورن فيها، وهكذا من جيل إلى جيل.
وعرفنا بذلك الشكل أجيال المثقفين فى الستينات مثل يوسف إدريس وإبراهيم أصلان ومحمود أمين العالم وعبدالعظيم أنيس وغيرهم.. ثم توالت الأجيال فى السبعينات والتسعينات.
لكن المتابع الجيد للكتابات التي تؤرخ للأجيال الثقافية فى مصر يلاحظ أن جيل الثمانينات غائب دائماً عن التأريخ، علماً أنه يضم أسماء مهمة.
ويلاحظ أيضاً أن عملية المجايلة توقفت مع جيل التسعينات أكثر تلك الأجيال تمرداً، فلا أظن أن أحداً سمع من قبل أن هناك من كتب عن جيل ألفين الثقافي!
ذكرت حينها فى بحث منشور على هامش واحد من المؤتمرات التي نظمتها مكتبة الإسكندرية عام 2015 أن الجيل الذى عاصر تحولات 2011 وُلد فى الثمانينات وتشكَّل وعيُه فى التسعينات وأوائل الألفية، وهى الفترات الأكثر خصوبة التي عملت فيها الجماعات الإسلامية على تغيير عقل ووعى المجتمع المصري؛ مع صعود مع عُرف بالصحوة الإسلامية فى الثمانينات بعد تنفيذ تنظيم الجهاد عملية اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
وفى نفس الوقت تقريباً أو قبل ذلك بعام شهدت دول إسلامية أحداثاً شبيهة مكَّنت الإسلاميين من تغيير شكل الثقافة السائد والذى سنتأثر به جميعاً لاحقاً من خلال عملية التبادل الثقافي، فقد شهدت المملكة العربية السعودية عملية اقتحام الحرم المكي وإعلان قائد المقتحمين جهيمان العتيبي أن المهدى المنتظر بينهم.
ورغم مقتل العتيبي مع أكثر أتباعه إلا أن خطورة جريمة اقتحام الحرم زلزلت المملكة وعطلت عجلة الحداثة التي بدأها الملك فيصل ومن قبله الملك عبدالعزيز تحت وطأة خطر تهديد الأمان الاجتماعي للمملكة وضرورة الحفاظ على وحدة المجتمع.فى الفترة نفسها شهدت إيران الثورة الإسلامية التي أطلقها الخميني والتي غيرت شكل الحكم فى دولة الشاه وحولته إلى حكم ثيوقراطي تحت سلطة الإمام.
واستفاد من كل ذلك، بلا شك، التنظيم الأخطر الذى سيقود مشهد الوعى لاحقاً لمدة قاربت الثلاثة عقود تحت دعوى الصحوة الإسلامية «تنظيم الإخوان».
انسحب اليسار المصري والعربي عموماً مجبراً أمام ذلك الصعود المدبر والمدعوم بقوة من بعض أجهزة المخابرات الأجنبية، وهى مسألة ليست وليدة نظرية المؤامرة، إنما حقائق معلنة نستطيع الرجوع إليها فى مذكرات العديد من ضباط المخابرات الأمريكان مثل على صوفان فى كتابه «الرايات السود» أو الصحفيين المشهود لهم بالثقة مثل لورانس رايت فى كتابه المهم «البروج المشيدة».
أو حتى الوثائق التي أفرجت عنها المخابرات البريطانية عام 2019 والتي تحدثت صراحة عن توظيف اسم تنظيم الإخوان فى اليمن فى محاولة لمنع تدخلات الزعيم الراحل جمال عبدالناصر!
تلك التحركات الضخمة صاحبها سيطرة على المساجد، أحد أهم منافذ التوعية وتشكيل الثقافة فى المجتمعات الإسلامية، وسيطرة على مراكز الشباب من خلال اختراق جماعات الكشافة.
وظهور المراكز التعليمية الخاصة الموازية للمدارس الحكومية فى التسعينات والتي دشنتها جماعة الإخوان بحجة مساعدة الفقراء على تقوية أبنائهم تعليمياً بأقل تكلفة أو من دونها تقريباً.
وصاحبها أيضاً تأسيس مئات دور النشر ومراكز الأبحاث فى الثمانينات والتسعينات والتي ضخت فى السوق آلاف الكتب الملغمة بأفكار الصحوة!
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الإنترنت مكتبة الإسكندرية المملكة العربية السعودية
إقرأ أيضاً:
وضاح خنفر يكتب .. زلزال سياسي في أمريكا
#سواليف
تقدير أولي حول نتائج فوز #ترامب
كتب.. #وضاح_خنفر
#الجمهوريين سيكتسحون أركان السلطة الثلاث: الرئاسة ومجلسي #الشيوخ و #النواب، #زلزال_سياسي في #أمريكا يتردد صداه في أنحاء العالم ، فماذا يعني فوز #ترامب وحزبه للعالم ولنا ؟
مقالات ذات صلة الميثاق الوطني يُعلن رسميا ترشيح النائب أحمد الصفدي لرئاسة مجلس النواب 2024/11/06١. فوز ترامب وفوز حزبه بمجلس الشيوخ يمنحه فرصة مريحة لتشكيل ادارته بالشكل الذي يراه، لن يعاني ما عاناه سلفه، سيكون قويا، وأكثر ثقة ببرنامجه وسياساته، وهو يعود منتقما ، ويرى التفويض الجديد له تصحيحا لما اعتبره تزويراً واستهدافا شخصيا .
٢. هو فوز لليمين عالميا، وضربة قوية لليبراليين، ولذلك قد نرى تصاعد حظوظ اليمين في أية انتخابات قادمة في أوروبا.
٣. أوروبا تعيش أجواء صدمة وقلق: فالناتو سيعود مرة أخرى إلى دائرة التردد التي وضعها فيها ترمب في دورته الرئاسية الأولى؛ سوف يجبر الأوروبيين على مزيد من المشاركة المالية وتحمل مسؤولية الدفاع عن أنفسهم ، والاقتصادات الأوروبية ليست بخير، كما أن أوروبا منقسمة سياسيا بين يمين صاعد ويسار محتار، والاهم هنا أن القيادات الاوربية الحالية هي الأضعف منذ الحرب العالمية الثانية.
٤. روسيا تعيش أجواء احتفالية، ترمب هو الحليف الذي كانت روسيا تعمل جاهدة لكي يفوز، والآن يمكنها أن تحسم ملف أوكرانيا، وأن تحقق ما تعمل له من إضعاف الناتو وصده عن جوارها الإستراتيجي.
٥. الصين لا تعيش نفس الأجواء الاحتفالية التي تجتاح الكرملين، فسياسات ترمب ضد الصين أكثر عدوانية في موضوع الحصار، وقد نرى تصاعدا للحرب الاقتصادية والتقنية بين أمريكا والصين، غير أن ترمب مفيد للصين من ناحية واحدة وهي عدم ميله للصدام العسكري المباشر، وهنا نستدعي سياسته تجاه كوريا الشمالية ومحاولته غير التقليدية للتوصل إلى صفقة، فهل يخطو خطوات مصالحه تجاه بكين كما فعل مع بيونجيانج ؟ لا اظن ذلك، فموضوع الصين هو موضوع يتعلق بالاستراتيجية الأمريكية ومصلحتها القومية، ولن تتسامح الدولة العميقة مع تغيير بهذا الحجم.
٦. أما بالنسبة للمنطقتنا فمن المبكر الحكم على سياساته تجاهها، غير أن ترمب هو رجل صفقات، ولا يسير في مسارات متماسكة، وقد يتخذ خطوات غير متوقعة في أي من الاتجاهات ، غير أن المؤكد أن هزيمة هاريس ليست خبرا حزينا على الإطلاق، فإدارة بايدن الديمقراطية والغة في دماء أهل غزة، ولو أن هاريس فازت لسارت في نفس الطريق.
٧. هذا لا يعني أن ترمب سيكون حمامة سلام بالنسبة لنا، قد يتخذ قرارات في غاية السوء كما فعل في دورته الأولى في موضوع القدس والجولان ، لكنه ولأسباب تخص أسلوبه وطموحه الشخصي سوف يسعى لوقف الحرب وعقد صفقة ما، قد لا تكون صفقة جيدة، وهذا حديث آخر.
٨. طهران قلقة وأنقرة متفائلة، لماذا؟ لأن ترمب أبدى عنفا لفظيا واضحا ضد إيران ووعد بقصف منشآتها النووية، قد يكون ذلك مزايدات انتخابية، لكن ينبغي ان نستحضر هنا انه دائما ما كان يهاجم سياسة الديمقراطيين التي يتهمها بالتساهل والتواطؤ مع إيران، هذا الواقع سوف يدفع إيران إلى تقديم قياداتها(المعتدلة) مثل الرئيس ونائبه للواجهة لإبداء قدر من المرونة وكسب الوقت بينما قد تعمل على إنجاز مشروعها النووي بشكل أكثر إلحاحًا. أما بالنسبة لتركيا فتجربتها مع الديمقراطيين سيئة لا سيما في الملف الكردي بسوريا، وعلاقة أردوغان بترمب أكثر ودا من علاقة الرئيس التركي ببايدن وإدارته.
٩. علينا هنا أن ننظر إلى فوز ترمب كنقطة تحول مهمة جدا في الداخل الأمريكي المنشطر بقسوة لا مثيل لها من قبل، كما أن شكوكا كثيرة سوف تجتاح الواقع الدولي مما سيسرع حالة الاستقطاب والقلق وسيدفع إلى مزيد من التكتلات الإقليمية والتحالفات الجديدة، فالنظام الدولي متداع أصلا، وهو اليوم أكثر ضعفا. نحن امام مرحلة في غاية الإثارة ، تحمل مخاطر كبيرة وفي نفس الوقت ستفتح أبواب التغيير وإعادة تموقع القوى الإقليمية والدولية على حد سواء.
١٠. في الوقت الذي يتحول فيه النظام الدولي نحو التعدد القطبي وبناء تحالفات إقليمية، فإن دول المنطقة لا تزال بعيدة عن ان تصبح مركزا جيوسياسيا متكاملا، لا نزال ممزقين، ولذلك فإن دولنا ستميل وفقا لهوى واشنطن، مما يفقدها مزيدا من العمق الاستراتيجي ، وبذلك يفقدها مزيدا من الشرعية الشعبية.