الجديد برس:

كتب مايك فريدينبورج، في معهد كوينسي، المتخصص بدراسات الدفاع الأمريكية، مقالاً مطولاً، سلط فيه الكاتب الضوء على ما وصفه بـ”الفشل الأمريكي والسياسات العسكرية الغير مبررة” في البحر الأحمر، مبرزاً استنزاف موارد الولايات المتحدة دون تحقيق أي فائدة ملموسة، كما أظهر المقال أن “إيران والحوثيين كخصوم يستخدمون استراتيجيات بسيطة ولكنها فعالة في مواجهة الهيمنة الأمريكية”.

منذ أن قررت حكومة الولايات المتحدة الانغماس في حماية “الشحن العالمي” من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تبنت استراتيجية عسكرية مكلفة ومثيرة للجدل تستهلك مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين. في حين أن الولايات المتحدة تبعد أكثر من 7000 ميل عن هذه المنطقة، نجد أنها تتدخل تحت ذريعة حماية المصالح العالمية، ولكن الحقيقة الواضحة أن هذا التدخل يهدف إلى تعزيز نفوذها الإمبريالي في الشرق الأوسط، وزيادة أرباح شركات الدفاع الأمريكية، التي تعمل وكأنها تدير السياسة الخارجية للبلاد.

الإنفاق الصاروخي الفاحش: كيف يتم خداع دافعي الضرائب؟

في حين يعاني المواطن الأمريكي من أزمات اقتصادية متزايدة وارتفاع الديون الوطنية، تقوم الحكومة الأمريكية بإلقاء مليارات الدولارات في حرب لا علاقة لها بمصالح الشعب الأمريكي. فهل يعلم المواطن الأمريكي أن حكومته تنفق أكثر من مليار دولار على الدفاع الصاروخي والقصف في اليمن؟! هل يدرك هؤلاء أن صواريخ قيمتها ملايين الدولارات تُستخدم لإسقاط طائرات بدون طيار رخيصة الثمن أطلقها الحوثيون؟!

خداع مستمر: الإنفاق على حرب لا طائل منها

إن تكاليف هذه الحرب على دافعي الضرائب الأمريكيين ضخمة وغير مبررة، إذ يتم إنفاق الملايين على كل صاروخ مثل RIM-116 SeaRAM، الذي تبلغ تكلفته حوالي مليون دولار، في حين أن الحوثيين يستخدمون طائرات بدون طيار لا تتجاوز تكلفتها بضعة آلاف من الدولارات. الحكومة الأمريكية، التي تدعي أنها تحمي الأمن العالمي، في الواقع تقوم بتضخيم الأرباح لشركات تصنيع السلاح الأمريكية على حساب الشعب الأمريكي. لا يبدو أن واشنطن تتوقف ولو للحظة لتسأل نفسها: لماذا نستنزف مليارات الدولارات لمواجهة تهديدات بسيطة في حين أن الوضع الداخلي للولايات المتحدة يتدهور؟!

الهيمنة الاقتصادية والعسكرية: مَن المستفيد؟

بعيدًا عن الدفاع المزعوم عن التجارة العالمية، يكمن الهدف الحقيقي خلف هذه الحرب في حماية مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية في المنطقة. اليمن، الدولة الفقيرة التي تعاني من حرب مستمرة، أصبحت ساحة لصراع قوى عظمى لا تكترث لأرواح المدنيين أو لمستقبل البلاد. الولايات المتحدة تواصل استنزاف مواردها ليس لتحقيق أي مكاسب استراتيجية، بل لضمان استمرار تدفق الأموال لشركات الدفاع والمتعاقدين العسكريين، الذين يديرون اللعبة من خلف الكواليس.

تكنولوجيا متقدمة مقابل فشل ميداني

في حين أن الابتكار التكنولوجي أدى إلى خفض كبير في تكلفة التصنيع في العديد من القطاعات المدنية، فإن قطاع الدفاع الأمريكي يسير في الاتجاه المعاكس. الفساد والسيطرة المطلقة لشركات السلاح على صناعة القرار في البنتاغون والكونغرس جعلت تكلفة الصواريخ وأسلحة الدفاع الجوي تتضخم بشكل غير معقول. كيف يمكن لصاروخ موجه مثل RIM-162 أن يكلف 1.5 مليون دولار؟ والأدهى من ذلك، أن صواريخ SM-6 التي تكلف أكثر من 4.3 مليون دولار تُستخدم لإسقاط طائرات بدون طيار لا تتعدى قيمتها بضع آلاف!

النتيجة: استنزاف الثروات وزعزعة الاستقرار

في نهاية المطاف، فإن كل دولار يُنفق في هذه الحرب هو إهدار للموارد التي يمكن أن تستخدم لتحسين حياة المواطنين الأمريكيين أو لحل المشاكل الداخلية التي تواجهها الولايات المتحدة. لكن بدلاً من ذلك، تُلقى تلك الأموال في مستنقع الحروب الخارجية التي لا نهاية لها، مما يدفع البلاد إلى مزيد من الديون ويضعف اقتصادها ويهز استقرارها.

إيران والحوثيون لم يحتاجوا إلى أسلحة متطورة أو ميزانيات ضخمة لإضعاف الولايات المتحدة. باستخدام طائرات بدون طيار زهيدة التكلفة، نجحوا في جر واشنطن إلى حرب استنزاف لا فائدة منها، بينما يستمر المواطن الأمريكي في دفع الثمن. في النهاية، الولايات المتحدة تدمر نفسها بمساعدة حكومتها، التي لا تدافع إلا عن مصالح نخبة صغيرة على حساب أمن واستقرار أمتها.

المصدر: المساء برس

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الولایات المتحدة طائرات بدون طیار فی حین أن

إقرأ أيضاً:

أراض اشترتها الولايات المتحدة عبر تاريخها.. ماذا عن غرينلاند؟

نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية تقريرا استعرضت فيه أبرز الأراضي والأقاليم التي اشترتها الولايات المتحدة عبر تاريخها.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الولايات المتحدة التي يرغب رئيسها الحالي في ضم جزيرة غرينلاند الدنماركية لها تاريخ طويل في عمليات شراء الأراضي.

وردا على تصريحات ترامب بشأن ضم جزيرة غرينلاند التابعة للدنمارك والتي تزيد مساحتها على مليوني كيلومتر مربع، قالت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن في 28 من كانون الثاني/ يناير الجاري إنها حصلت على دعم في هذه القضية من نظرائها الأوروبيين.



وقال وزير الخارجية الدنماركي لارس لوكه راسموسن: "ترامب لن يحصل على غرينلاند"، مضيفا أن الشؤون الخارجية والأمنية والقضائية والنقدية للإقليم المتمتع بالحكم الذاتي، والذي يبلغ عدد سكانه 50 ألف نسمة، من اختصاص الدنمارك. 

وقد أكد راسموسن في العديد من المناسبات، ومنها عندما طرح دونالد ترامب هذا الموضوع خلال ولايته الأولى، أن الاقليم ليس للبيع.

هل يمكن للولايات المتحدة الاستحواذ على الجزيرة؟ 

وفقا للقانون الدولي، يوجد فرضيتان ممكنتان للاستحواذ على بلد ما: إما بيع البلاد بالكامل، أو التنازل عن جزء من أراضيها. ولكن في جميع الأحوال، تقتضي العملية الحصول على موافقة الدولة المالكة للأرض.

وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة مارست في تاريخها عمليات شراء مشابهة لأراض في محيطها الإقليمي، وأولها كانت منذ أكثر من مئتي عام.

شراء لويزيانا (1803)

تنازلت فرنسا للولايات المتحدة في 1803 عن إقليم لويزيانا، وهو إقليم شاسع أصبح يشكل عبئًا عليها خلال الأزمة المالية التي كانت تمر بها ورأت أنه لا يعود عليها بالنفع. 

مثّل الاتفاق واحدًا من أكبر الصفقات الإقليمية التي أبرمتها الولايات المتحدة، وكانت تضم آنذاك 17 ولاية فقط.

أتاحت هذه الصفقة للولايات المتحدة مضاعفة مساحتها، حيث حصلت على 2،145،000 كيلومتر مربع من الأراضي، تمتد من كندا إلى ولاية لويزيانا الحالية، مقابل حوالي 15 مليون دولار. في المقابل، ساعدت هذه الصفقة نابليون على تمويل حملاته العسكرية في أوروبا.

ضم فلوريدا (1819)

في 1819، حددت معاهدة آدامز أونيس، المعروفة باسم "معاهدة الصداقة والاستعمار والحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية وصاحب الجلالة الكاثوليكي"، حدودًا جديدة مع المكسيك، التي كانت آنذاك مستعمرة إسبانية.



أبرم الوزير الإسباني لويس أونيس ووزير الخارجية الأمريكي جون كوينسي آدامز اتفاقًا تنازلت بموجبه إسبانيا عن فلوريدا الشرقية لصالح الولايات المتحدة دون أي مطالبات إقليمية. 

لم تحصل إسبانيا على أي مقابل مالي، لكن الولايات المتحدة تعهدت بتحمل الأضرار التي سببها تمرد المواطنين الأمريكيين ضد التاج الإسباني.

حدود جديدة مع المكسيك (1848)

في سنة 1848، خسرت المكسيك الحرب ضد الولايات المتحدة، واضطرت بموجب معاهدة "غوادالوبي هيدالغو" إلى التنازل عن إقليم شاسع يمتد من نيو مكسيكو إلى كاليفورنيا مرورًا بـ يوتا، مقابل الحصول على تعويضات بسيطة. 

كانت هذه الأراضي تزخر على المعادن، وهو ما أطلق فصلا جديدا مما يُعرف بـ"حمى الذهب" الأمريكية.

انتهى هذا الغزو العسكري في 1853 من خلال شراء الولايات المتحدة قطعة أرض تبلغ مساحتها 76،800 كيلومتر مربع على طول الحدود مع المكسيك مقابل 10 ملايين دولار، وتُعرف تلك المنطقة اليوم باسم غادسدن.

شراء ألاسكا (1867)

بعد حرب القرم والهزائم التي تكبدتها روسيا في مواجهة إنجلترا وفرنسا وتركيا، والتي خلقت نوعا من العجز في الدفاع عن ألاسكا، قرر القيصر بيع هذا الإقليم الشاسع الذي يمتد على 1،600،000 كيلومتر مربع، للولايات المتحدة في آذار/ مارس 1867، مقابل مبلغ قدره 7.2 مليون دولار.



في ذلك الوقت، لم يكن قرار شراء ألاسكا يكتسي أهمية كبيرة، لكن المعطيات تغيرت إثر اكتشاف رواسب الذهب بعد مرور حوالي ثلاثين عامًا. 

وخلال الحرب الباردة، أصبحت ألاسكا نقطة حاسمة في استراتيجية الولايات المتحدة الدفاعية في القطب الشمالي.

20 مليون دولار مقابل الفلبين وبورتوريكو وكوبا وغوام (1898)

في 1898، انتهى النزاع الذي استمر لمدة خمس سنوات بين الإمبراطورية الإسبانية والولايات المتحدة، بتوقيع معاهدة باريس. 

أكدت المعاهدة تنازل إسبانيا عن بورتو ريكو وجزيرة غوام وكوبا والفلبين لصالح الولايات المتحدة، مقابل تعويض قدره 20 مليون دولار.

توتويلا وأونو (1900)

في سنة 1900، ضمت الولايات المتحدة جزيرتي توتويلا وأونو، حيث تم بيع الجزيرتين إلى ساموا الأمريكية التي ضمتها الولايات المتحدة في السنة السابقة.

شراء جزر العذراء (1917)

في سنة 1917، استغلت الولايات المتحدة نهاية الحرب العالمية الأولى لشراء جزر العذراء في البحر الكاريبي من الدنمارك مقابل 25 مليون دولار. 

مقالات مشابهة

  • في محاولة لتغطية الفشل.. الاعلام الأمريكي يتحدث عن البحر الأحمر كـ”مسرح اختبار” 
  • البحر الأحمر كان مسرح اختبار وتدريب للبحرية الأمريكية خلال الأشهر الماضي .. واشنطن تكتشف حقيقة أنظمتها
  • بتكلفة فلكية.. لماذا يريد ترامب إقامة نظام قبة حديدية فوق الولايات المتحدة؟
  • المبعوث الأمريكي الخاص: إنهاء الصراع في أوكرانيا يصب في مصلحة الولايات المتحدة
  • هذه هي أولى السفن المحظورة التي تسمح لها صنعاء بعبور البحر الأحمر 
  • ضربة موجعة لترامب.. 100 ألف توقيع لعزله من رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية
  • أراض اشترتها الولايات المتحدة عبر تاريخها.. ماذا عن غرينلاند؟
  • شاهد | كُلف فشل البحرية الأمريكية في البحر الأحمر متنوعة وطويلة الأمد
  • هذه هي الرسائل التي بعثت بها الولايات المتحدة لنتنياهو بشأن مراحل اتفاق غزة
  • الولايات المتحدة بلا درع جوي فعّال.. وترامب يريد نسخة أمريكية من القبة الحديدية