الناخبون الأميركيون يخشون الأخبار المضللة الصادرة من السياسيين أنفسهم
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
قبل شهر من الانتخابات الرئاسية الأميركية، تواجه الولايات المتحدة سيلا من المعلومات الزائفة حول الحملة ما بين المواقع الإخبارية « الزائفة » التي أنشأتها روسيا أو إيران وانتشار الصور المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي وغيرها، لكن أكثر ما يخشاه الناخبون التضليل الإعلامي الصادر من السياسيين أنفسهم.
وقال الأستاذ في جامعة نيويورك جوشوا تاكر لوكالة فرانس برس أنه بالنظر إلى 2024، فإن « المعلومات الزائفة التي ن شرت على نطاق واسع إما صادرة من سياسي وإما جرى تضخيمها من قبله ».
وذكرت دراسة نشرها موقع أكسيوس الأسبوع الماضي أن 51% من الأميركيين يعتقدون أن السياسيين، من نساء ورجال، الذين ينشرون معلومات مضللة هم مصدر قلقهم الرئيسي.
كما أظهرت أن 35% من المستطلعين يعتبرون أن « شركات التواصل الاجتماعي لم تستطع الحد من المعلومات المضللة » وأن « الذكاء الاصطناعي ي ستخدم لتضليل الناس ».
كما يشعر نحو 30% بالقلق من نشر الحكومات الأجنبية لمعلومات زائفة.
صرح رئيس المعهد الذي أجرى الاستطلاع جون جيرزيما « خلال الانتخابات السابقة، كان ثمة خوف دائم من التضليل والتدخل الأتي من الخارج ».
أثار تداول سيل من الصور المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي على وسائل التواصل الاجتماعي ما يسميه الباحثون « عصر الشك الكبير » الذي تراجعت فيه الثقة بالمعلومات المتداولة عبر الإنترنت.
كما دفعت المخاوف المتزايدة من قدرة الذكاء الاصطناعي السياسيين إلى التشكيك في المعلومات المثبتة.
فعلى سبيل المثال، اتهم الجمهوري دونالد ترامب بدون تقديم أي دليل منافسته الديموقراطية كامالا هاريس باستخدام الذكاء الاصطناعي لتعديل صورة تجمع بحيث يبدو عدد الحضور أكبر.
ويتناقض تأكيده بشكل كبير مع الصور ومقاطع الفيديو التي التقطها مراسلو وكالة فرانس برس الموجودون في المكان ومع الخبراء الذين التقتهم الوكالة كذلك.
واوضح تاكر « بدأ الناس بتقبل انتشار الذكاء الاصطناعي التوليدي » مضيفا أن « السياسيين يعرفون ذلك، وبالتالي يملكون خيار محاولة التنصل من الأمور الحقيقية ووصفها بأنها إنتاج للذكاء الاصطناعي ».
ففي الأشهر الأخيرة، تحقق فريق تقصي الحقائق في وكالة فرانس برس من عدة ادعاءات كاذبة تتعلق بالانتخابات الرئاسية الأميركية.
ومن بينها تصريحات ترامب وجاي دي فانس، مرشحه لمنصب نائب الرئيس، مفادها أن المهاجرين الهايتيين في أوهايو (شمال) يأكلون القطط والكلاب. وحتى تلك التي تؤكد فيها هاريس أن الرئيس الجمهوري السابق ترك للديموقراطيين « أسوأ مستوى بطالة منذ الكساد الكبير ».
وفي استطلاع أكسيوس، أعرب ثمانية ناخبين من أصل عشرة عن قلقهم من تأثير المعلومات المضللة على نتائج الانتخابات الرئاسية، وأشار أكثر من نصفهم إلى أنهم غير مكترثين بالسياسة لأنهم « لا يعرفون ما الحقيقة ».
ويساور القلق الناخبين الجمهوريين والديموقراطيين والمستقلين على حد سواء.
لكن السياسيين نادرا ما يواجهون تداعيات قضائية، وذلك بسبب حرية التعبير التي يضمنها الدستور الأميركي والأحكام القضائية المتعددة، بحسب خبراء.
وعلى مواقع التواصل الإجتماعي، بات الانضباط أداة لمكافحة التضليل. لكنه تعرض بدوره لانتقادات المحافظين الذين يعتبرونه رقابة.
وقال الأستاذ في جامعة سيراكيوز روي غوترمان لوكالة فرانس برس « في كل دورة انتخابية، يساورنا القلق نفسه: هل يقول المرشحون الحقيقة؟ ».
وأضاف « باستثناء عدم انتخابهم (…) لا تترتب عواقب حقيقية على المرشحين الذين يشوهون الحقيقة، سواء بالكذب حول إنجازاتهم أو انتقاد منافسيهم بدون دليل ».
كلمات دلالية أخبار إعلام اجتماعي المتحدة الولايات انتخابات ترامب تضليل تواصل زائف وسائلالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أخبار إعلام اجتماعي المتحدة الولايات انتخابات ترامب تضليل تواصل زائف وسائل الذکاء الاصطناعی فرانس برس
إقرأ أيضاً:
%92 من الطلاب يستخدمونه.. الذكاء الاصطناعي يهدد جوهر التعليم الجامعي
أثار تقرير حديث يحذر الجامعات البريطانية من ضرورة "اختبار إجهاد" التقييمات في ظل استخدام 92% من الطلاب للذكاء الاصطناعي، جدلاً واسعاً حول مستقبل التعليم الجامعي ودور الذكاء الاصطناعي فيه.
يشير البروفيسور أندرو موران من جامعة لندن متروبوليتان إلى أن الجامعات، التي كانت تعتبر لقرون مخازن للمعرفة والحقيقة، بدأت تفقد هذا الدور عندما تراجعت قيمة الخبراء وضعف التفكير النقدي واستقطب الخطاب العام بشكل متزايد.
ندرة المعرفة وتحديات المصادر التقليديةفي هذا العالم، يتم رفض المصادر التقليدية للمعرفة بشكل متزايد، الكتب والمقالات الصحفية ووسائل الإعلام القديمة تواجه تحديات من خلال التطورات في عرض المعلومات واسترجاعها، وعلى رأسها التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، وأدى ذلك إلى "ندرة المعرفة"، على حد تعبير موران.
قوائم القراءة المنسقة، التي يقضي الأكاديميون وقتًا في البحث عنها وتسليط الضوء على المفكرين والكتابات الرئيسية، غالبًا ما يتم تجاهلها من قبل الطلاب لصالح بحث جوجل.
وإذا لم يعجب الطالب ما يقرأ، يمكنه ببساطة التمرير إلى اليسار، ويمكن للخوارزميات بعد ذلك إرسال الطلاب في اتجاهات غير متوقعة، غالبًا ما تحولهم عن الصرامة الأكاديمية إلى موارد غير أكاديمية.
يؤكد موران أهمية توفير مواد التعلم للطلاب على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لكنه يتساءل: "هل تصبح المعرفة سلعة استهلاكية أخرى؟" فهي متاحة بلمسة زر عبر الإنترنت، ويتم توصيلها بشكل فعال إلى بابك، وهناك العديد من المنافذ للاختيار من بينها.
قد تكون هناك كمية، ولكن ليس بالضرورة جودة: الذكاء الاصطناعي هو السلعة الاستهلاكية المطلقة.
يثير هذا الأمر تساؤلات جوهرية حول ليس فقط ما نعنيه بالمعرفة، ولكن أيضًا ما سيكون دور التعليم والأكاديميين في المستقبل.
ويقول موران: "أستطيع أن أقدر فوائد الذكاء الاصطناعي في العلوم أو الاقتصاد أو الرياضيات، حيث الحقائق غالبًا ما تكون غير قابلة للشك، ولكن ماذا عن العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث الكثير قابل للطعن؟"
ويحذر من أننا نفقد أرضية بسرعة أمام تغييرات مجتمعية عميقة يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن تصورها على الجامعات إذا لم نستجب بسرعة.
التفكير النقدي في مواجهة الذكاء الاصطناعيمن جهته، يعبر محاضر جامعي في العلوم الإنسانية عن عدم استغرابه من الزيادة الهائلة في استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه يتم الترويج له بقوة من قبل شركات التكنولوجيا باعتباره سلعة موفرة للوقت، والخطاب السياسي الأوسع يعزز هذا الرأي دون التشكيك في قيود الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.
بينما قد يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا في العديد من السياقات الأكاديمية - في كتابة التقارير الأساسية وإجراء البحوث الأولية على سبيل المثال - فإن استخدامه من قبل الطلاب لكتابة المقالات يشير إلى التقليل من قيمة موضوعات العلوم الإنسانية وسوء فهم ما يتيحه الكتابة الأصلية في تخصصات مثل التاريخ والأدب والفلسفة: التفكير النقدي.
ويستشهد المحاضر بقول الروائي العظيم إي إم فورستر: "كيف يمكنني أن أعرف ما أفكر فيه حتى أرى ما أقول؟" كان يقصد أن الكتابة هي شكل متطور من أشكال التفكير، وأن تعلم الكتابة بشكل جيد، والشعور بالمرء وهو يشق طريقه عبر تطوير فكرة أو حجة، هو جوهر الكتابة.
عندما نطلب من الذكاء الاصطناعي كتابة مقال، فإننا لا نقوم ببساطة بالاستعانة بمصادر خارجية للعمل، بل نستعين بمصادر خارجية لتفكيرنا وتطويره، مما سيجعلنا بمرور الوقت أكثر ارتباكًا وأقل ذكاءً.
في عصر تكنولوجي نيوليبرالي نهتم فيه غالبًا بالمنتج بدلاً من العملية التي تم من خلالها صنعه، ليس من المستغرب أن يتم تجاهل القيمة الحقيقية للكتابة.
فيما يأخذ الطلاب ببساطة إشاراتهم من عالم يفقد الاتصال بالقيمة التي لا يمكن تعويضها للإبداع البشري والتفكير النقدي.