قصة سيدنا يونس واحدة من قصص الأنبياء التي تحمل في طياتها العديد من العِبر، فكيف غفر له الله ذنبه لما وجده من المُسبحين؟، وكيف استظل تحت شجرة أكل منها واستظل بها حتى عادت إليه صحته وعافيته؟، وماذا تعرف عن هذا الشجرة؟.

قصة سيدنا يونس.. لماذا ابتلعه الحوت؟ 

وقبل معرفة قصة الشجرة التي أكل منها سيدنا يونس، نستعرض قصة سيدنا يونس ففي البداية بعث الله عز وجل، يونس إلى نينوى، في العراق، فكانت دعوته لقومٍ انتشر الشرك بينهم؛ يعبدون الأصنام، فأوحى إليهم يونس وأرشدهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، إلا أنّهم كذبوه، بل كفروا برسالته، وأصرّوا على عبادة أصنامهم، وخاصة الصنم الأكبر  «عشتار» فاستمرت دعوة «يونس» ثلاثاً وثلاثين سنة، ولم يؤمن معه سوى رجلين،  ما جعله يشعر باليأس ليتركهم ويخرج دون أن يأذن له الله عز وجل.

 

خرج يونس - عليه السلام - من نينوى، وربما أعتقد أنه قدم كل ما عليه، وإن الله لم يحاسبه، وحين خرج ظل يتوعّدهم بعذاب الله تعالى، فهلت السحب السوداء، وغشيهم دخانها، واسودت سطوحهم، ليتأكد القوم أنّ عذاب الله تعالى، بالفعل آتٍ ولا مفرّ منه، فخافوا وظلوا يبحثون عن يونس؛ ليهديهم طريقة التوبة فلم يجدوه، فأتوا برجل شيخ يسألونه وبالفعل قص عليهم كيف يتوبون، لكن لم يشهد سيدنا يونس ما حدث لهم. 

خروج يونس عليه السلام، دون أن يأذن له الله سبحانه وتعالى، لم يكن أمرًا هينًا، فأقبل على قومٍ وركب معهم سفينتهم، ولما أن وصلت بهم جميعاً إلى عُرض البحر، تمايلت واضطربت واهتزت، فلم يجدوا سبيلاً إلى أن يلقوا بأحدهم في البحر؛ تخفيفاً للحمل، ليقوموا بـ «قرعة» وفي كل مرة وقع الاختيار على يونس عليه السلام، فأعادوا القرعة ثلاث مرات، بنفس النتيجة، فلم يجد يونس (عليه السلام) إلا أن يلقي بنفسه في البحر، وهو متيقنًا إن الله سيُنجيه من الغرق، وبالفعل فقد أقبل إليه حوت أرسله الله له فالتقمه.

صار يونس في بطن الحوت، وهو يظن إنه مات، فحرك يديه، وساقيه، وسجد لله - شاكراً له بأن نجّاه، وبقي في بطن الحوت ثلاثة أيام، ليسمع الكثير من الأصوات التي لم يفهمها فأوحى الله تعالى له أنّها مخلوقات البحر وتسبح له، فبدأ هو الآخر يسبّح الله تعالى، قائلاً: (لا إله إلّا أنت، سُبحانك إنّي كنت من الظّالمين)، ليأمر الله الحوت بقذفه  على اليابسة.

 أنبتت عليه شجرة يقطين

لم يترك الله عز وجل يونس عليه السلام، فلك تكن النهاية بقذفه من بطن الحوت، بل أنبتت عليه شجرة يقطين؛ استظل بها، وأكل من ثمرها، حتى نجا، قبل أن يعود إلى نينوى حيث قومه، ليجدهم مؤمنين بالله تعالى، وموحّدين بالله.

ما هي الشجرة التي استظل بها سيدنا يونس؟ 

جاء ذكر اليقطين في القرآن الكريم مرة واحدة وتحديدًا في سورة الصافات، في قول الله تعالى: «وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)».

وفي قول ابن قسيط عن أبي هريرة، قال: «طرح يونس بالعراء وأنبت الله عليه يقطينة، فقلنا: يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ قال: شجرة الدباء، هيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض - أو هشاش الأرض - فتفشج عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت».

يقول الدميري في كتابه «حياة الحيوان الكبرى» عند حديثه عن الذباب إنه لا يقع على شجرة اليقطين، لذا أنبتها الله على نبيه يونس عليه الصلاة والسلام، فالقرع العسلي أو اليقطين كما ذكر في القرآن الكريم «فنبذناه بالعراء وهو سقيم، وأنبتنا عليه شجرة من يقطين» والحديث هنا عن سيدنا يونس بعد أن لفظه الحوت على الشاطئ وكانت شجرة اليقطين ملاذه وطعامه إلى أن تعافى واستعاد قوته.

بينما قال سعيد بن جبير عن ابن عباس: «إن يونس لما ألقاه الحوت على ساحل البحر أنبت الله عليه شجرة من يقطين، وهي فيما ذكر شجرة القرع تتقطر عليه من اللبن حتى رجعت إليه قوته».

وقيل البعض إنها شجرة التين، وقيل شجرة الموز التي تغطي بورقها واستظل بأغصانها، وأفطرعلى ثمارها.

ماذا حدث لقوم يونس في النهاية؟

بحسب ما جاء بالقرآن الكريم، مكث معهم سيدنا يونس بعد عوته دهرًا، وهم على الإيمان، لكنهم عادوا إلى ضلالهم وكفرهم مجدّداً نزل فيهم عذاب الله تعالى، ودمّر مدينتهم، فأصبحوا عبرةً لمن خلفهم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سيدنا يونس قصص الأنبياء اليقطين علیه السلام الله تعالى سیدنا یونس یونس علیه علیه شجرة بطن الحوت له الله

إقرأ أيضاً:

في اليوم العالمي للحيوان.. اعرف حكم الاقتناء والتربية بالمنزل؟

يحل اليوم 4 أكتوبر اليوم العالمي للحيوان، والذي يهدف إلى رفع مستوى الوعي بأهمية الحفاظ على حياة وحقوق الحيوان، ويحرص الكثير من الناس على اقتناء وتربية الحيوانات، وسط حالة من الجدل حول مدى شرعية ذلك من عدمه، وهو ما حرصت دار الإفتاء المصرية على توضيحه.

حكم اقتناء وتربية الحيوانات

وقالت دار الإفتاء المصرية، إن الحيوانات لها مكانة خاصة في الشريعة الإسلامية، حيث ذكر القرآن الكريم العديد من الكائنات الحيوانية وأكد على أهمية الرفق بالحيوان.

يشدد الإسلام على ضرورة الإحسان في معاملة الحيوانات، ويعتبر القسوة تجاهها ظلمًا يُحاسب عليه المسلم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في كل كبد رطبة أجر»، وهو حديث نبوي يوضح أن هناك أجرًا في الرفق بجميع المخلوقات الحية.

هل يجوز تربية الحيوانات ؟

واعتبرت دار الإفتاء المصرية، في فتواها عبر موقعها الإلكتروني، أنّ تربية الحيوانات أمرًا جائزًا، بشرط أن تُراعي حقوق تلك الحيوانات وأن يتم العناية بها بشكل لائق. على سبيل المثال، يذكر في الحديث الصحيح أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها دون طعام أو شراب، ما يشير إلى أن القسوة تجاه الحيوانات تُعد معصية كبيرة.

الانتفاع من الحيوان 

وقالت دار الإفتاء المصرية، إن الأصل في الحيوانات الطاهرة المنتفع بها هو جواز اقتنائها والانتفاع بها وتداولها بعقود البيع والشراء ونحوها؛ وذلك لكونها بعضًا ممَّا سخره الله تعالى لمنفعة الإنسان وخدمته وتنعمه؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي االسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: 20]، وقال سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 13].

وقد جاء في آيات القرآن الكريم ما يدل على جواز اقتناء الحيوانات وغيرها بقصد الانتفاع بحسنها والتحلي بها؛ طلبًا لإدخال السرور على النفس؛ قال تعالى: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 8]، وقال جل شأنه: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [النحل: 14].

 وبهذا فإن الإفتاء تؤكد: «لا مانع شرعًا من اقتناء الكلاب التي يحتاجها المكلف في حياته وعمله، بشرط عدم ترويع أو إزعاج الناس، واقتناؤه في هذه الحالة لا يمنع مِن دخول الملائكة على قول كثيرٍ من أهل العلم. أما عن نجاسة الكلب ومكانه فيمكن الأخذ في ذلك بمذهب المالكية القائلين بطهارة الكلب، ويُنصَح بوضعه في حديقة الدار إن وجدت، وإلَّا فليجعل الإنسان لنفسه في بيته مصلًّى لا يدخله الكلب».

الرفق بالحيوان في الإسلام

وأوضحت أن البعض يظن أن الاهتمام بقضية الرفق بالحيوان بلغ منزلة عظيمة في ظل الحضارة الغربية الحديثة، في حين أن نظرةً خاطفةً لتراث المسلمين تؤكد أن هذا الاهتمام، بل والتطبيق العملي له، نشأ نشأةً حقيقية بين المسلمين من عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وما تلاه من عهود، كيف لا، وهذه القضية مظهرٌ من مظاهر الرحمة، التي جاء الإسلام ليكون عنوانًا عليها، وجاء الرسول ليكون تجسيدًا لها؛ قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، ليس للآدميين فحسب، بل للعالمين؛ من إنسانٍ، وحيوانٍ، وماءٍ، وهواءٍ، وجمادٍ، ... إلخ.

مقالات مشابهة

  • التوبة في القرآن الكريم.. فرصة للتغيير وتحقيق السمو الروحي
  • لماذا سمى الله سيدنا جبريل بالروح القدس في القرآن الكريم؟
  • غارة إسرائيلية استهدفت منطقة النبي يونس في الجيّة
  • وصف النبي في القرآن.. صدر مشروح وقلب أقوى من الجبال
  • في اليوم العالمي للمعلم.. كيف حث الإسلام على العلم؟
  • جمعة يوضح دلائل الحب التي جرت أيام سيدنا النبي
  •   الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور
  • متى يبدأ وينتهي قيام الليل.. دار الإفتاء توضح
  • في اليوم العالمي للحيوان.. اعرف حكم الاقتناء والتربية بالمنزل؟