صمود أسطوري وإنجازات استراتيجية للمقاومة الفلسطينية
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
الذكرى الأول لطوفان الأقصى رغم الإبادة والمآسي والحاجة لأساسيات الحياة في غزة
الثورة /متابعات
في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى الذي سطرت فيه المقاومة الفلسطينية أروع البطولات والشجاعة والتضحية بضرب الكيان المحتل في عمق أراضيه ليكسر حصار عدو الأمتين العربية والإسلامية على قطاع غزة وبدحره في جميع جبهات النضال والمعارك في فلسطين.
يمر عام كامل منذ أطلق جيش الاحتلال الإبادة الجماعية بقطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، تسيطر آثار نفسية واجتماعية مدمرة على حياة الفلسطينيين، إذ إنهم يعيشون ضغوطاً مستمرة تتطلب سنوات طويلة للتعافي من تداعياتها.
وعلى مدار عام، واجه الفلسطينيون ضغوطاً يومية نتيجة الإبادة المدعومة بشكل مطلق من الولايات المتحدة، تجسدت في فقدان الأحبة، والنزوح المتكرر، وتدمير المنازل والأحياء السكنية، بالإضافة إلى نقص حاد في الطعام والمياه والعلاج.
إن نتائج الحرب المؤلمة التي ما تزال نتائجها مستمرة إن لم تكن مادية بحتة، بل طالت جميع المستويات المادية والاجتماعية والنفسية.
وتشير تقارير فلسطينية دولية إلى أن أكثر من 25 ألف طفل يواجهون صدمات نفسية عميقة؛ بسبب فقدانهم أحد الوالدين أو كليهما.
وأوضح الخبير النفسي والاجتماعي أمجد الشوا أن “الجيل المنهك من الأطفال يواجه تحديات كبيرة تتمثل في العيش دون حماية أو دعم نفسي كاف، حيث يعاني العديد منهم من اضطرابات نفسية، مثل الكوابيس والخوف المستمر من الأصوات المرتفعة، مما يعكس تجاربهم اليومية مع القصف والانفجارات”.
ولفت إلى أن “هؤلاء الأطفال يتحملون مسؤوليات كبيرة، مثل المساعدة في توفير الغذاء والمياه لأسرهم، مما يضعهم في ظروف صعبة نفسيا واجتماعيا”.
وأكد الشوا أن “الأطفال في غزة بحاجة إلى رعاية نفسية متخصصة، إلا أن الإمكانيات المتاحة لا تغطي سوى الحد الأدنى من هذه الاحتياجات”.
كما أشار إلى أن “البرامج التأهيلية والدعم النفسي محدودة بفعل الأوضاع الأمنية المعقدة وحالات النزوح المتكرر، مما يزيد من خطر تحول الأزمات النفسية إلى مشكلات مزمنة تؤثر على مستقبل هؤلاء الأطفال”.
ووصف الشوا وضع النساء في غزة بأنه “الأكثر تدهوراً بين الفئات الاجتماعية”، لافتاً إلى أن الحرب استهدفتهن بشكل مباشر.
وتابع: “حوالي 70% من الشهداء هم من النساء والأطفال، والنساء فقدن أزواجهن وأطفالهن، ما يزيد من الأعباء النفسية والاجتماعية عليهن”.
وذكر أن النساء في غزة يُجبرن على القيام بأدوار جديدة، مثل توفير الغذاء والماء لأسرهن في غياب الرجال، وذلك في ظل ضغوط نفسية هائلة نتيجة فقدان أحبائهن والخوف على حياتهن وحياة أطفالهن.
كما تتعامل النساء أيضا مع مشكلات صحية متزايدة، خاصة الحوامل منهن، وفي هذا السياق، قال الشوا: “إن نقص التغذية والدواء يؤثر بشكل مباشر على صحة النساء الحوامل، وهناك حالات ولادة حدثت في ظروف شديدة الصعوبة، بما في ذلك الولادة داخل الخيام بسبب نزوح”.
انهيار النظام الصحي
تفاقمت الأزمة الصحية في غزة بشكل كبير، مع خروج بعض مستشفيات غزة عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي المستمر، أما التي لا تزال تعمل تعاني من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، إضافة إلى انقطاع الكهرباء الذي يعطل العمليات الجراحية والعلاج الطبي الأساسي.
إن الحقيقة المرة تؤكد أن النظام الصحي في غزة يعاني من انهيار شبه كامل، وهو ما ساعد كثيرًا إلى زيادة تفشي الأمراض والأوبئة وزيادة معاناة السكان، كما أن نقص المياه النظيفة وسوء التغذية جعل الأطفال هناك يعانون من ضعف المناعة والأكثر تضرراً من كل ذلك.
تدمير الاقتصاد
تجاوزت حرب الإبادة استهداف المدنيين، تدمير المنشآت الاقتصادية، ما أسفر عن فقدان أكثر من 100 ألف عامل لمصدر رزقهم، وأصبح العديد من الأسر في مواجهة الفقر والجوع مع انهيار الاقتصاد، في حين تغطي المساعدات الإنسانية ما يتراوح بين 5 إلى 7% فقط من الاحتياجات الأساسية للسكان ولا تلبي حاجتهم.
كما أن الرجال يعيشون حالة من الضغط النفسي الهائل، إذ يعيلون أسرهم بلا عمل، فقد قام العد بتدمير معظم المنشآت الاقتصادية في القطاع و أصبح الوضع هناك على مهب الريح.
كما أن الحصار الإسرائيلي يزيد من تعقيد الوضع، إذ يمنع دخول المواد الضرورية مثل الوقود والأدوية، مما يجعل الحياة الكريمة للسكان أمرا صعبا ويعمق معاناتهم يوما بعد يوم.
يذكر أنه قبل العدوان على قطاع كان عدد المنشآت الصناعية يقترب من 5000 منشأة صناعية واليوم أصبح مصير هذه المنشآت مجهولاً لدى مؤسسات الإحصاء الفلسطينية بسبب صعوبة المسح تحت الهجمات الإسرائيلية.
وكانت قالت الأمم المتحدة الاثنين الماضي، إن “ثلثي المباني في قطاع غزة دُمرت أو تضررت” بآلة جيش الاحتلال، وفق ما أورده مركز الأقمار الاصطناعية التابع للأمم المتحدة “يونوسات”.
وأوضح المركز: “يظهر هذا التحليل أن ثلثي إجمالي المباني بقطاع غزة لحقت بها أضرار، تمثل 66 بالمئة من المباني المتضررة في قطاع غزة البالغة 163 ألفا و778 مبنى”.
وقدرّ المركز، أن الأضرار تشمل الآن 52564 مبنى دُمر، و18913 مبنى تضرر بشدة، و35591 مبنى تضررت هياكلها، و56710 مبان لحقت بها أضرار متوسطة.
تدخل دولي
إن الدمار الهائل الذي أصاب قطاع غزة خلال عام وقتل عشرات الآلاف المدنيين الأبرياء جعل من الضرورة على المجتمع الدولي التدخل العاجل لإنقاذ قطاع غزة من الكارثة الإنسانية ولا يمكن للعالم الاستمرار في تجاهل ما يحدث من إبادة.
إن عيش الفلسطينيين في غزة يومياً تحت وطأة الحرب، يؤكد على أهمية حمايتهم بدعم دولي قوي لإعادة الأمل في مستقبل أفضل، بإعادة إعمار القطاع الذي تتطلب جهودا دولية مكثفة والتحرك العاجل لإعادة الحياة إلى طبيعتها في القطاع في ظل ما يعانيه من ظروف نفسيا واقتصادية صعبة.
تعميق الأزمة
إن الحصار الإسرائيلي المستمر منذ سنوات يزيد من تعقيد الأوضاع الإنسانية في غزة، وبجعل قيودًا على دخول المواد الأساسية مثل الوقود والأدوية، كما حولت “إسرائيل” قطاع غزة إلى أكبر سجن في العالم، إذ تحاصره للعام الـ 18، وأجبرت حربها نحو مليونين من مواطنيه، البالغ عددهم حوالي 2.3 مليون فلسطيني، على النزوح في أوضاع كارثية، مع شح شديد ومتعمد في الغذاء والماء والدواء.
وفي يونيو الماضي قالت منظمة العمل الدولية، إن معدل البطالة في غزة وصل إلى نحو 80 بالمئة، ما يرفع متوسط البطالة في أنحاء الأراضي الفلسطينية إلى أكثر من 50 بالمئة، مقارنة مع 23 بالمئة عشية 7 أكتوبر 2023.
وذكرت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، في تقييمها الرابع لتأثير الإبادة الإسرائيلية على التوظيف، أن معدل البطالة وصل إلى 79.1 بالمئة بقطاع غزة، وإلى حوالي 32 بالمئة بالضفة الغربية المحتلة، ليصل المعدل الإجمالي إلى 50.8 بالمئة.
ومنذ بدء الإبادة الجماعية تمنع “إسرائيل” دخول المساعدات الإنسانية والطبية والوقود، إلا القليل منها للمؤسسات الدولية، ولا يلبي احتياجات المواطنين.
وبدعم أمريكي مطلق تشن “إسرائيل” منذ 7 أكتوبر إبادة جماعية على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 138 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وفي استهانة بالمجتمع الدولي، تواصل إسرائيل هجومها على قطاع غزة متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني الكارثي في غزة.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: على قطاع قطاع غزة یزید من أکثر من فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
تقرير صحفيات بلاقيود يوثق الانتهاكات الإسرائيلية ضد النساء والفتيات في قطاع غزة ويكشف عن مقتل أكثر من 15000 أنثى
وأصدرت منظمة صحفيات بلا قيود تقريراً بعنوان «معقولة لساتنا عايشين؟» يرصد أبرز الانتهاكات «التي تعرضت لها نساء وفتيات قطاع غزة ضمن أعمال الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل» منذ تشرين الثاني/أكتوبر 2023.
وقالت صحفيات بلا قيود «قُتلت آلاف النساء، وحُرمت مئات الآلاف من النساء والفتيات في فترة الحيض من أبسط خصوصياتهن: مستلزمات النظافة الشخصية المتعلقة بالدور الشهرية، ودخول دورة المياه» كما وجدت مؤشرات خطيرة لتكتيك غير قانوني تستخدمه إسرائيل لاستهداف الحوامل والمرضعات، والنساء اللواتي يعانين من مشاكل الإنجاب في قطاع غزة.
التقرير الذي اعتمد على المنهج الوصفي التحليلي واستند في جمع المعلومات على المصادر المفتوحة ـ من بينها التقارير والإصدارات السابقة للمنظمات التابعة للأمم المتحدة ـ يركز على أبرز الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والفتيات في غزة ضمن ثلاثة فروع: انتهاكات حق الحياة، الانتهاكات الناجمة عن الظروف المعيشية التي فرضتها إسرائيل على المدنيين وانعكاسها على نساء وفتيات غزة، والانتهاكات التي تعرضت لها الحوامل والمرضعات.
وتكشف الاحصائيات عن مقتل أكثر من 15000 أنثى في قطاع غزة، بين 7تشرين الثاني/أكتوبر 2023، و30كانون الأول/ديسمبر 2024، في هجمات مباشرة وعشوائية على مبان وشقق سكنية لعائلات، مع علم جيش الاحتلال أنها منشآت مدنية يسكنها مدنيون غالبيتهم نساء وأطفال، أو يُفترض أنه يعلم، واستخدم جيش الاحتلال ذخائر ذات تدمير واسع لا تتناسب ـ إطلاقاً ـ مع طبيعة المكان، ولم يحصل على أي ميزة عسكرية من هذه الهجمات ما يشير إلى تعمده ارتكاب أعمال القتل الجماعي.
العنوان الذي يحمله التقرير: «معقولة لساتنا عايشين؟» مقتبس من امرأة فلسطينية قُتلت بعد قرابة ست ساعات من طرح سؤالها الصادم. الصحفية إيمان الشنطي، هي التي كتبت غير مصدقة أنها وعائلتها نجت من القصف الذي شهدته غزة ليلة الأربعاء 11 كانون الأول/ديسمبر 2024، إذ كتبت متسائلة: «معقولة.. لساتنا عايشين لحتى الآن..» بعد ست ساعات رد الطيران الإسرائيلي الإجابة على سؤالها بقصف الشقة التي تسكنها إيمان الشنطي، ما أسفر عن مقتلها وأطفالها الثلاثة وزوجها، بحسب ما رصدته منظمة صحفيات بلا قيود.
ضمن جحيم الإبادة، ألحقت الاستراتيجية الإسرائيلية المتعمدة بنسف المباني السكنية في قطاع غزة وقتل المدنيين بداخلها، أضراراً بدنية ومعنوية جسيمة على السكان. يزيد عدد الوحدات السكنية التي دمرتها إسرائيل كلياً أو جزئياً عن 350 ألف وحدة سكينة. نُسفت أحياء سكنية بكاملها، وأجبرت القوات الإسرائيلية غالبية سكان غزة على التهجير القسري والنزوح مراراً.
يزيد عدد الإناث في غزة عن 1.1 مليون امرأة وفتاة. من المؤسف أن النازحين والمشردين تعرضوا للقصف في مراكز الإيواء وأماكن التجمعات المكتظة بالخيام، يرصد التقرير إلحاق أضرار بدنية ومعنوية جسيمة للنساء النازحات. إمعاناً بإلحاق الأضرار المعنوية بالسكان، أظهرت أدلة مرئية بثها جنود الاحتلال، عبثهم بالأشياء والمستلزمات الخاصة بالنساء، وارتداء ملابسهن الخاصة في سلوك مهين قائم على النوع الاجتماعي، بعد اقتحام الشقق السكنية في قطاع غزة قبل النسف.
كانت أوضاع النساء والفتيات تزداد سوءاً في قطاع غزة، بفرض قوات الاحتلال الاسرائيلية ظروفًا معيشية تساهم في إهلاك المدنيين، تكدست الأعداد الهائلة من النازحين والمشردين الفلسطينيين في مراكز وأماكن تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. فقدت النساء خصوصيتهن، ولم يتمكن من ارتياد دورات المياه بسبب الطوابير الطويلة للذكور الذين ينتظرون دخول المراحيض. كما نجم عن القيود التي فرضها الجيش الإسرائيلي لمنع وعرقلة دخول المساعدات الغذائية والضرورية والسلع التجارية، إلى تجويع السكان وتدهور الصحة العامة. وبهذا الصدد فإن النساء تعرضن لانتهاكات تمييزية، تمثلت بعدم تمكن ما يقارب من 700 ألف امرأة وفتاة من الحصول على الفوط الصحية الخاصة بالدورة الشهرية. كما أدت الظروف المعيشية وغير الصحية، إلى تفشي الأمراض والأوبئة المعدية بين النازحين.
في الوقت الذي تحتاج فيه كل النساء والفتيات في قطاع غزة إلى رعاية نفسية، نتيجة أهوال الحرب التي يعشنها ونوبات الهلع والصدمات الناجمة عن فقدان أقاربهن، أبنائهن، أحبتهن؛ حُرمت النساء المريضات بأمراض خطيرة والحوامل والمرضعات من الخدمات الصحية الضرورية بعد تدمير المنظومة الصحية وخروجها عن الخدمة. وفي هذه الظروف تواجه أكثر من 339 ألف امرأة في غزة، مخاطر صحية مهددة للحياة، حُرمت النساء المصابات بأمراض مزمنة من الرعاية الصحية. ووصل الأمر إلى عدم تمكن المصابات الأمراض الخطيرة والمستعصية من الحصول على الأدوية المنقذة للحياة. وعلى سبيل المثال، يوجد أكثر من10 آلاف مصاب بالسرطان في قطاع غزة، تتجاوز نسبة النساء 54%، أي أن هناك أكثر من 5 آلاف امرأة مصابة بمرض السرطان، يواجهن الموت. وقد دمر الجيش الإسرائيلي، المرفق الصحي الوحيد المخصص لمرضى السرطان، كما تفرض قوات الاحتلال إجراءات لعرقلة ومنع دخول الأدوية الضرورية المنقذة للحياة لجميع المرضى، إضافة إلى الإجراءات الإسرائيلية تجاه المريضات اللائي يحتجن للعلاج المنقذ للحياة خارج قطاع غزة.
ويشير التقرير، إلى تكتيك غير قانوني تستخدمه قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد النساء الحوامل والمرضعات اللواتي يوفر لهن القانون الدولي عناية خاصة أثناء النزاعات المسلحة. انتهكت السلطات الإسرائيلية هذه الحماية عمداً ووضعت الحوامل والمرضعات وحتى النساء اللواتي يعانين من مشاكل في الإنجاب، ضمن أهداف الحرب، حسب الاستنتاجات التي توصل إليها التقرير.

طوال الحرب، قتلت القوات الإسرائيلية نساء حوامل ومرضعات باستهداف مباشر، وتشير الأرقام غير النهائية، عن مقتل 17 ألف طفل منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى أغسطس 2024، بينهم 2100 رضيع.
وأثر القصف المتواصل على الحوامل. إذ ارتفعت نسبة الإجهاض والولادات المبكرة الناجمة عن نوبات الهلع إلى 300%، وارتفع معدل المواليد المصابين بتشوهات واضطرابات خلقية بنحو ملحوظ، وخلال ثلاثة أشهر فقط سجل مجمعًا طبياً واحداً في غزة، 172 إصابة لأطفال حديثي الولادة بتشوهات، وفسر الأطباء ذلك بالسميات الكثيرة التي تحملها القذائف التي ألقتها إسرائيل على قطاع غزة، ما يستدعي دراسة الأمر وإجراء تحقيقات معمقة في الموضوع.
ونتيجة للظروف المعيشية التي فرضتها إسرائيل بعرقلتها منع دخول المستلزمات الأساسية للبقاء على قيد الحياة، فقدت ما لا يقل عن 30 مرضعة، أطفالهن، تحت تأثير الجوع والبرد. علاوة على أن أكثر من 155000، امرأة حامل ومرضعة معرضة بشدة لخطر سوء التغذية.
ويعتقد التقرير، بأن قصف الجيش الإسرائيلي، المركز الوحيد في قطاع غزة المخصص لمن يعانون مشاكل في الإنجاب، وفقدان 5000 آلاف جنين، يعزز الأدلة التي تكشف عن الاستراتيجية الممنهجة التي تستهدف بها إسرائيل، النساء الحوامل والمرضعات، واللواتي يعانين من مشاكل في الإنجاب، بغرض التأثير على النمو السكاني.
يُشكِّل القانون الدولي الإنساني إطارًا واضحًا لتوفير الحماية للمدنيين أثناء النزاعات المسلحة، مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء واحتياجاتهن المميزة. تنص اتفاقيات جنيف الأربع على معاملة النساء مع الاعتبار الواجب لجنسهن، بينما تؤكد المادة 76 من البروتوكول الإضافي الأول على أن تكون النساء موضع احترام خاص، وتدعو إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتجنيبهن ويلات الحرب والمعاملة المهينة.
وتشير المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة إلى أن التدمير واسع النطاق للممتلكات أو الهجمات التي تسبب خسائر مفرطة دون مبررات عسكرية تُعد انتهاكات جسيمة توجب المحاكمة الدولية. كما تنص القواعد العرفية والقانونية على ضرورة اتخاذ جميع الاحتياطات والتدابير الوقائية لتجنب الخسائر المدنية، وهو ما فشلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تحقيقه، مما يُبرز تكرار الانتهاكات الجسيمة.
ويمنح القانون الدولي الإنساني الحوامل والمرضعات، اهتماماً من نوع خاص، كما تؤكد اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب.
انتهكت إسرائيل نصوص القانون الدولي بوضوح، وإمعانًا في التحدي، لم تلتزم بأوامر محكمة العدل الدولية التي تلزمها باتخاذ تدابير تمنع أعمال الإبادة الجماعية. وتصنف الانتهاكات التي تعرضت لها النساء والفتيات في قطاع غزة، ضمن جرائم الإبادة وفق المادة 6 من اتفاقية منع الإبادة الجماعية.
وإزاء هذه الانتهاكات، أوصى التقرير، الأمم المتحدة وهيئاتها ــ بما في ذلك لجنة التحقيق المستقلة ومحكمة العدل الدولية والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ـ إلى اتخاذ إجراءات فورية للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023. وتوثيق انتهاكات حق الحياة التي أسفرت عن مقتل آلاف النساء، وضرورة تمكين المحققين الدوليين من الدخول إلى غزة وجمع الأدلة اللازمة التي تساعد على تقديم المسؤولين والمتورطين بارتكاب الجرائم إلى العدالة، وإنصاف الضحايا.
ودعا التقرير المنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية إلى اتخاذ موقف حازم يدين الانتهاكات الإسرائيلية، ومنها الانتهاكات التي استهدفت النساء، وحرمتهن من خصوصيتهن والانتهاكات الممنهجة التي تعرضت لها الحوامل والمرضعات.
كما أوصى الدول الكبرى الداعمة لإسرائيل، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، باتخاذ خطوات فاعلة للضغط على سلطات الاحتلال لوقف أعمال الإبادة، وأشار التقرير إلى أن دعم الاحتلال، وتحديداً بالأسلحة، يعرض الدول الداعمة لمسؤولية قانونية وأخلاقية قد تصل إلى التواطؤ في ارتكاب جرائم حرب.
وطالبت صحفيات بلا قيود المجتمع الدولي والمنظمات الدولية، بإسناد محكمة العدل الدولية في أداء مهامها، وإدانة محاولات التأثير على عملها وتهديد أعضائها. كما تدعو إلى تنفيذ أوامر المحكمة الصادرة في 26 يناير 2024، وملاحقة القادة الإسرائيليين المتورطين في جرائم الإبادة وتقديمهم للمحاكمة، بهدف تعزيز الثقة بالهيئات الدولية المدافعة عن العدالة.