من يعيش في مدينة بحجم الرياض ومساحتها، صار يعيش هاجساً إسمه “دبابات التوصيل”.
منذ قرابة عام، صرنا في شوارع وطرقات الرياض، نرى ظاهرة غريبة، وهي تكاثر درّاجات نارية، أو ما يمكن أن يطلق عليها باللغة الدارجة “دبَّابات التوصيل”.
تكاثرها السريع، وحركتها المستمرة طوال الأربع وعشرين ساعة، في شوارع وطرق الرياض، يطرح سؤالاً وجيهاً وهو: هل التوصيل مربح إلى حدّ أن ترى بعض سائقي الدبَّابات يسابق السيارات في الشوارع والطرقات؟
وماذا يوصل هؤلاء في كل هذه المشاوير، وطوال النهار والليل؟
إنها ظاهرة محيرة للمراقب، تطرح بالإضافة إلى تلك الأسئلة، أسئلة أخرى، لا تقل عنها أهمية من قبيل: هل بات أكل الناس يُطلب من خارج المنزل بمثل ما نراه من حركة دبَّابات التوصيل؟
هل صارت الناس لا تطبخ في منازلها إلى هذه الدرجة التي نرى فيها حركة دبَّابات التوصيل؟
إنك لا تكاد تجد إشارة مرور تخلو من دبابات التوصيل،
وبمثل تكاثرها في الشوارع والطرقات، ترى “دبابات التوصيل” تتزاحم أمام مداخل المطاعم.
ظاهرة “دبَّابات التوصيل” في المدن الكبيرة، باتت جديرة بالتوقف عندها، ودراستها من كافة الجوانب، والتنبؤ بما ستنتجه في المستقبل، من آثار على سلوك الأبناء والبنات، فيما يتصل بدور المنزل في تجهيز الأكل والشرب لأفراد الأسرة.
إن ظاهرة طلب الأكل من خارج المنزل، ظاهرة غريبة بل مقلقة أن ترى كل ولد أو بنت في الأسرة يطلب أكله من خارج البيت.
وهي ظاهرة مقلقة عندما يرى الأب تراجع دور المنزل في أمر مهم جداً، وهو اجتماع الوالدين والأبناء على طاولة الأكل يومياً. والعذر الذي تسمعه دوماً: ” كل الناس يطلبون”.!
إن رب الأسرة الحريص على أسرته، يقلقه أن يرى دبابات توصيل تقف أمام منزله، أو منزل جاره، جالبة وجبة أكل باردة “بايتة” ثمن توصيلها قد يعادل ثمنها أو قريباً منه.
ونعيد ونكرر السؤال:
هل تكاثر عدد الوافدين الذين صاروا يتسابقون لامتطاء دبابات التوصيل، هل هو مجدٍ مادياً لهم؟
هل يحققون من ورائه دخلاً مادياً مجزياً، أم هم يعملون في هذه المهنة في أوقات ميتة بعد فراغهم من أعمالهم الأصلية التي قدموا للبلد من أجلها؟
وهل تجيز أنظمة العمل لهم الجمع بين أكثر من مهنة؟
كل تلك الأسئلة تطرح نفسها، ناهيك عن الخوض فيما تسبِّبه “دبابات التوصيل” من خطر على السيارات السالكة للطرق، وما يمارسه بعض قائدي هذه الدبابات من عكس الطريق، أو المشي فوق الأرصفة، فضلاً عن سرعاتهم التي تخشى منها السيارات، وأحياناً تراهم بدون خوذات تحمي الرأس، أو السائق يحمل معه صاحبه دون احتياطات ضرورية.
بيت القصيد: إن ظاهرة “دبابات التوصيل” في المدن الكبيرة، باتت ظاهرة جديرة بالتوقف عندها، وحصر سلبياتها القريبة والبعيدة، كذلك ما أنتجته هذه الظاهرة من تعطيل صنع الأكل في المنزل، واستسهال طلبه من الخارج، وتأثير كل ذلك، على مستقبل حياة الأطفال والأبناء والبنات. وكيف سيكون هؤلاء أزواجاً وزوجات ناجحين في المستقبل، وكيف سيبنون بيوتاً يخرج منها أطفال يعتمدون على أنفسهم في معاشهم؟.
ogaily_wass@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
«مرصد الأزهر» يُحذر من زواج الإنترنت: ظاهرة متزايدة تحمل مخاطر خداع واستغلال
أكدت الدكتورة سامية صابر، الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، أن الزواج عبر الإنترنت أصبح من الظواهر المتزايدة في المجتمع اليوم، لكن هذا النوع من الزواج يحمل في طياته العديد من المخاطر التي ينبغي أن يكون الناس على دراية بها.
وقالت الباحثة بمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، خلال حلقة برنامج "كلام إيجابي"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: "الزواج عبر الإنترنت يتم من خلال منصات افتراضية وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يدعي الكثيرون أنهم يهدفون إلى التعرف على بعضهم البعض من أجل الزواج وفقًا للقيم الإسلامية وفي بيئة آمنة."
وأضافت: "لكن المشكلة تكمن في أن هذه الصفحات تجمع بين الأشخاص الجادين وغير الجادين، ويصعب التحقق من مصداقية الطرف الآخر. كثير من الشباب والفتيات ينجرون وراء هذه الوعود، ولكن الواقع قد يكون مختلفًا."
وأوضحت أن هناك عدة مخاطر قد يتعرض لها الأفراد عند الانخراط في هذه التجارب عبر الإنترنت، منها "الخداع" و"النصب"، حيث قد يتم استغلال الأشخاص لابتزازهم عاطفيًا أو ماليًا. وقالت: "مثال على ذلك، إحدى الفتيات التي تم خداعها من قبل شخص على الإنترنت، حيث طلب منها المال تحت ذريعة مشكلة في عمله، وعندما أرسلت له الأموال، اختفى هذا الشخص."
وتابعت: "كذلك، هناك خطر من عدم المصداقية، حيث قد يتحدث نفس الشخص مع العديد من الفتيات في وقت واحد، ويقدم لهن نفس الوعود الكاذبة."
وأشارت إلى حادثة أخرى مقلقة وقعت الأسبوع الماضي، حيث تعرفت فتاة على شخص عبر الإنترنت، وأخذها هذا الشخص لعمل بعض التحاليل الطبية استعدادًا للزواج. ولكن بعد الزواج، اختفت الفتاة، وبعد التحري، تبين أن هذا الشخص كان عضوًا في شبكة تجارة الأعضاء. وأكدت: "هذه الحوادث تشير إلى أهمية التأكد من مصداقية الطرف الآخر بشكل دقيق."
وشددت على أن الزواج في حد ذاته ليس محرمًا، بل هو أمر مشروع، ولكن يجب أن يكون قائمًا على المصداقية والتحري الجيد في التفاصيل. وأكدت أن الزواج الناجح يعتمد على صدق الطرفين وأمانة العلاقة لبناء أسرة مستقرة، موجهة نصيحة لجميع الشباب والفتيات بالحرص في التعامل مع هذه المنصات الافتراضية لضمان سلامتهم النفسية والبدنية.
وقالت: "إذا كان الزواج حلالًا وحقًا مشروعًا، فإن تحري المصداقية في التعامل مع الطرف الآخر أمر ضروري لضمان حياة أسرية هادئة وآمنة."