عودة للحديث عن «حلم» جسر أبحر الشمالية والبرج
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
كتبت مرة، وربما مرات، عن مشروع جسرأبحرالشمالية، وهو المشروع الذي أعلن عن انشائه منذ سنوات، ولم ير النور حتى الآن، كما حال مشروع البرج الذي توقف العمل لأكثر من سنتين، دون أي بادرة لإحياء هذا المشروع الحيوي والهام لأبحر الشمالية، ويمثل نقلة كبيرة لأحياء أبحر الشمالية، وكان دافعاً للكثيرين (وأنا أحدهم) للاستثمار في أبحر الشمالية، علي أمل أن يكون الجسر والبرج، إنجازاً كبيراً لما يمكن أن يسمي بجدة الجديدة، خصوصا وأنه يختصر المسافة بين أبحرالشمالية ودوار الكرة الأرضية بحي الشاطئ إلي عشر دقائق، بدلاً من أكثر من نصف ساعة في الوقت الحاضر.
والمثير في هذين المشروعين، اللذين يمثلان نقلة كبيرة، وتخفيفاً للحركة المرورية الخانقة في الوقت الحاضر، لاضطرار سكان أبحر الشمالية إلي الانتقال لجدة عن طريق المدينة، والذي يعاني ضغط الحركة المرورية، وازدحاماً رهيباً، ممَّا يزيد من معاناة السكان.
وقد نقلت الصحف في الأيام الماضية، عن بُشرى أسعدت سكان ابحر الشمالية، عن عودة العمل علي إنجاز مشروع البرج، وإن كان الإعلان لم يتحدث عن مشروع الجسر، خصوصاً وأنه يمثل أهمية قصوي للسكان، ويؤدي إلي تخفيف معاناتهم الحالية، واضطرارهم لتأخير طويل في حال التوجه لأحياء شمال جدة أو البلد.
أتمني علي أمانة جدة الإعلان عن مستقبل مشروع الجسر، والمدة التي سيستغرقها إنجازه، علي أمل أن لا يكون ذلك كحال مشروع تصريف مياه الأمطار في حي البساتين بجدة، والذي تشير لوحته إلي أن ما تبقي علي إنجازه يتجاوز العام! وهو الأمر الذي يدعونا للطلب من وزارة البلديات، وأمانة جدة علي وجه الخصوص، إعادة النظر في مدة إنجازه خلال مدة معقولة، كما حصل لمشروع صالة (بنش مارك) علي طريق الملك بجدة والذي اكتمل خلال شهور وليس سنوات، كما هو الحال في مشاريع أمانة جدة. وليس أدل علي ذلك، من الاختناقات المرورية التي يعاني منها سكان أبحر الشمالية، والمستمرة (ربما) لسنوات، رغم ما يسبِّبه ذلك من اختناقات مرورية لا مبرر لحدوثها.
كاتب رأي
ومستشار تحكيم دولي
mbsindi@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
قادة حماس منفصلون عن واقع سكان غزة ومعاناتهم
مضت الذكرى الـ37 لتأسيس حركة حماس، المصادفة ليوم 14 ديسمبر (كانون الأول)، كحدث عابر دون زخم إعلامي يُذكر، حتى أن أكبر المنابر الإعلامية العربية الداعمة للحركة لم تكلف نفسها عناء إعداد تقرير يحتفي بهذه الذكرى على غرار ما عهدناه في السنوات السابقة.
ربما غطى الحدث السوري على مجمل الأحداث الأخرى بما فيها تأسيس الحركة وهي تكابد وسط حرب وجودية، أو ربما يخفي هذا التجاهل الإعلامي في باطنه من الإيحاءات ما يكفي لتوجيه رسائل قوية إلى قادة الحركة.بيان الحركة بمناسبة هذه الذكرى حمل التأكيد على استمرار المقاومة المسلحة ضد إسرائيل إلى حين بلوغ التحرير الشامل، معلنًا رفض أيّ شكل من أشكال التسوية القائمة على حل الدولتين. وهي مواقف تكشف اتساع الهوة ما بين قيادات حماس ومعاناة سكان غزة الآملين بأن تفضي وساطة القاهرة والدوحة إلى التوصل إلى هدنة تنهي كابوس الحرب التي يوشك أن يتخطى عدد قتلاها 45 ألف قتيل.
ثم تستمر الحركة من خلال هذا البيان في تأكيد انفصالها التام عن الواقع عندما تحيّي “الصمود الأسطوري” لشعب غزة بعد كل ما تحمله من تبعات كارثية لما سمي بـ”طوفان الأقصى”، متجاهلة بأن تكاليف هذا الصمود قد تجاوزت بأضعاف مضاعفة ما يمكن أن يصل إليه سقف مطالبها في مفاوضات الهدنة. هذا الصمود الذي تختزله جملة واحدة: تدمير كل شيء من أجل لا شيء في المحصلة.
لا عجب في أن قادة حماس لا يكتفون من ترديد نفس المفردات والخطاب بعد كل ما ألحقته سياستهم من ضرر بالغ بقطاع غزة وعلى القضية الفلسطينية برمّتها، ولا عجب في وقوعهم في نفس الأخطاء رغم كل تلك التجارب التي خاضوها، أو أن يتحدثوا عن التحرير الشامل في الوقت الذي تبدي فيه مرونة بقبولها لانسحابات جزئية من المحاور الرئيسة في فيلادلفيا ونتساريم ومناطق بشمال غزة بعد أن كانت تصر على الانسحاب الشامل، أو أن يطالبوا بإقامة دولة فلسطينية بعد أن كرّروا مرارًا رفضهم لأيّ حل سياسي جاد يفضي إلى حل الدولتين. لا عجب أيضًا في أن يرفع القيادي خالد مشعل علم الثورة السورية بيده اليمنى ثم يصافح بشار الأسد بيده اليسرى ليعود في الأخير ويبارك سقوطه.
أحيت حماس الذكرى الـ37 لتأسيسها في خضم مرحلة مفصلية من تاريخها، بعد أن تجاوزت انعكاسات مغامرة يحيى السنوار العبثية حدود قطاع غزة لتقود إلى تكسير أوصال محور المقاومة، وأفقدت إيران ثقلها في لبنان بعد ما تكبده حزب الله في حرب الإسناد. ومع كل ما أحاط بالتجربة الحمساوية من فشل، لا يمكن لأيّ جهة من داخل الحركة أن تتجرأ على القيام بنقد ذاتي قد يدفع بالحركة إلى تصويب مسارها، ما يجعلها رهينة أيديولوجيتها التي لا تسمح لها بأن تكون حركة سياسية قادرة على فهم المتغيرات الجيوسياسية والتكيف مع تطورات المشهد السياسي الإقليمي بواقعية بعيدة عن الشعارات والخطابات الحماسية التي لا تضيف شيئًا إلى القضية الفلسطينية.
حماس اليوم لم تعد رقماً صعباً في المعادلة الفلسطينية بعد أن فقدت قوتها العسكرية وعلاقتها الإستراتيجية مع داعمها السياسي في المنطقة. أما فقدان حاضنتها الشعبية في الداخل فهو إعلان مبكر لنهاية تجربتها السياسية قبل أن تضع الحرب أوزارها. ومع ذلك، لن يمثل انسحابها من المشهد نهاية الطريق المظلم الذي سلكه الغزيون منذ انقلابها واستيلائها على السلطة، ذلك لأن تركتها الثقيلة على قطاع غزة ستحتاج إلى سنوات أطول من تلك التي أمضاها الناس تحت حكمها.
الناس في قطاع غزة لا يكترثون كثيرًا لمستقبل حركة حماس ولا لبياناتها التي تحيّيهم على “صمودهم الأسطوري” بقدر تركيزهم على ضرورة التوصل إلى صفقة تنهي بشكل عاجل الكارثة الإنسانية التي حلت بهم جراء الحرب. وإذا وفّر سقوط حماس وعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع واقعًا مغايرًا ينهي مسلسل الصراع الدموي وجلب الدعم الدولي الكفيل بإعادة الإعمار، فإن ذلك هو مطلب الغزيين جميعًا البعيدين عن تفاصيل السياسة وصراع الكراسي.