صحيفة البلاد:
2025-02-01@09:47:46 GMT

لأكتوبر الوردي جنوده

تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT

لأكتوبر الوردي جنوده

يعود أكتوبر حاملًا معه ألوان الخريف وطعم اليقطين، تهب نسائمه معلنةً قدوم مزاج الشتاء الرائق، المفعم بالحب، ودفء المشروبات الساخنة، فيه تبدأ الغيوم تزين زرقة السماء، وتكثر كرنفالات اللقاءات، ودندنة الليل وصوت القصائد.

في ذاكرة اكتوبر لكل منّا ذكريات لا تُنسى، خصوصًا لكل امرأة خاضت تجربة سرطان الثدي، فهو بالنسبة لها وعائلتها، تخليدًا لمدى قوتها، وتذكيرًا لكل من حولها بالكشف المبكر عنه، ولأني إبنه لمتعافية منه، فإنه بالنسبة لي -رغم مافيه من فعاليات- إلا أني أهتم به لأجل أمي، ولذلك كتبت عن بطلتي وغيرها طويلًا، و مدى كفاحهن في محاربته حتى انتصرن.

لكني اليوم أكتب عند الجندي المجهول، الذي خاض مع البطل السرطان حروبه، مرافقًا إياه في المواعيد، مهرجًا في حال اختراق الكيماوي جسد المريض، الذي لا يدرك من حوله، مدى التعب الذي يواجهه، ممسكًا بدرع الضحك، خلف ليل البكاء، والخوف من أن ينتصر السرطان، الذي يشارك غيره من المرافقين، أحاديث الانتظار لقطع وقت الأبرة التي تغذِّي الوريد بالنار.

رافقت والدتي خلال إصابتها بمرض السرطان، تعلمت كيف أصبح أمًا لأمراة أنجبتني، وضعت قلب هرقل في صدري، حين كان يتناثر شعرها بين يدي، وأنا أحلقه مقلِّدة صوت حلاق يحاول نطق العربية بلغة مكسورة الفؤاد واللسان، ولهذا قررت أن أكتب لي، ولغيري ممَّن كان سببًا في التغلب على ذلك الشيطان الخبيث.

أكتب لكل شخص أمسك يد العربة تحمل مريضةً يشق معها طريق الصمت لتلقي العلاج يدعو الله أن يجعله بردًا على جسدها المتعب، وأكتب لمن رافق مواعيد الأطباء لا يكف عن الأسئلة ليطمئن قلبه، ويفهم دوره في مراحل التعافي وتجاوز المرض، وأكتب لكل الذين أوقفوا التهام السرطان لجسد أم، أو زوجة، أو شقيقة، بالدعم النفسي، وكانوا ملاذًا لها من السقوط في هاوية اليأس، ورغبة الهزيمة، فيما كانوا في الأصل بحاجة إليه، فلولاهم أبطال الخفاء، لما تغلبن عليه كورقة لا تملك من أهميتها إلا لونها.

حين أصيبت أمي به، شعرت وكأني أمام طريق مليء بالأشواك على تجاوزه دون التفكير فيما فيه، كنت بحاجة لمن يجيب عن أسئلتي الكثيرة، حاولت إيجاد يد تربت عليَّ لكن لم أجد-ولا ألومهم على ذلك فلا أحدًا حولي واجهة المرض- لكن الأيام كانت كفيلة بذلك، وفي كل مرحلة علاجية لها، تعرفت على ممَّن كان يمشي في طريقي، ببساطة: كنّا نساعد بعضنا، وندعم بعضنا نفسيًا، وببعضنا نتجاوز كل صعب، ولذلك نحن جنود التعب المجهولين، الذين حتى اليوم نتذكر أيامنا الماضية بالإمتنان لله على تجاوزها، وتغلُّب أحبابنا على المرض، فأكتوبر ليس وردي لأنه مخصص لسرطان الثدي فقط! بل وردي لأنه كذلك لكل من واجه المرض، متغلِّبًا عليه حتى لو لم يُصب به.

@i1_nuha

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

"الفن ضد المرض".. معرض للفن التشكيلي بدار الأوبرا المصرية

"الفن ضد المرض" لدعم مؤسسة فاهم تحت عنوان"الفن ضد المرض" يقام معرض للفن التشكيلى لخمس فنانات سالى وفائى، ايمان عفيفى، هالة فوزى، ميرفت رفاعي ودوللى فانسا، تفتتحه د.نبيلة مكرم الساعة ٥ مساء يوم السبت المقبل اول فبراير بقاعة ادم حنين بالهناجر فى دار الأوبرا المصرية، ويخصص جزء من أرباح المعرض لدعم مؤسسة فاهم حيث يهدف المعرض إلى تسليط الضوء على قوة الفن فى تعزيز الصحة النفسية والجسدية وإطلاق الطاقة الإبداعية للمريض ومساعدة المصابين بمرض التوحد على التعبير عن أنفسهم.

مقالات مشابهة

  • خطاب حميدتي الأخير بارد باهت خالي حتى من الوجع والغبينة
  • انتشار مرض غامض وفتاك في صنعاء
  • الشيخ كمال الخطيب … لا لن يستمر التيه فبالإسلام قد وضح المسار
  • المتمرد الفاشل الهارب
  • مي العيدان تنتقد إليسا: بعد السرطان المفروض تتقربي من الله مو تهزي .. فيديو
  • الاحتلال يعترف بمقتل أحد جنوده على يد المقاومة في مخيم جنين
  • وزير الدفاع يتفقد سلاح الإشارة والقيادة العامة ويشيد بصمود جنوده الأبطال
  • "الفن ضد المرض".. معرض للفن التشكيلي بدار الأوبرا المصرية
  • رددها جنوده.. «جلالة» تضع الجيش السوداني في مرمى الانتقاد
  • محافظ بغداد: قطعنا شوطًا كبيرًا للمباشرة بمدينتي علي الوردي والجواهري السكنيتين