قال الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية لاين كوك في مقال بمجلة "فورين بوليسي" إن ثمة عدة وقائع حدثت قبل وأثناء قمة قادة دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا، مبينا أن استخدام لهجة قوية في البيان الختامي ينم عن قلقهم إزاء الدور الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وأوضح كوك أن من بين أهم تلك الوقائع التي يجب الانتباه إليها توجيه الناتو الدعوات إلى 4 دول في منطقة المحيطين الهندي والهادي لحضور القمة هي أستراليا واليابان ونيوزيلندا وكوريا الجنوبية، إضافة إلى لغة البيان الختامي القوية المعبرة عن قلق الدول الأعضاء في الحلف تجاه الصين، وكذلك وضع الناتو خططا لفتح مكتب اتصال في طوكيو، والتي اعترضت عليها فرنسا وألمانيا.


وإلى جانب الدول الأربع تلك هناك دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادي وكذلك من جنوب شرق آسيا يصفها الكاتب بأنها تقف على الحياد في أحسن الأحوال أو أنها تناصب الناتو العداء في أسوأ الظروف.

ويزعم المقال أن الصين تستغل عجز الناتو عن طمأنة بلدان المنطقة بأنه لن يكون مصدر زعزعة لاستقرارها لتقدح في نوايا الحلف الغربي.

ويعتقد كوك أن ما يسميه "الفراغ في المعلومات" جعل التحالف غير مفهوم جيدا في المنطقة، حيث تركز معظم تعليقات الصحف هناك على أبعاده العسكرية، فعلى سبيل المثال أوردت تقارير صحفية أخبارا عن مكتب الاتصال المزمع فتحه في طوكيو، دون أي تأكيد من جانب حلف الأطلسي على أهدافه السياسية.

وقد سمح هذا العجز للصين باستثمار هذا الفراغ المعلوماتي لتشكيل صورة معينة عن الناتو في المنطقة.


سلبية الناتو

وانتقد الكاتب سلبية الناتو، مشيرا إلى أن قمة فيلنيوس اتهمت في بيانها الختامي الصين بـ"الغموض إزاء إستراتيجيتها ونواياها وحشدها العسكري"، لكن التحالف الغربي نفسه قد يكون مخطئا أيضا "إن لم يكن في غموضه" هو الآخر "ففي افتقاره إلى الوضوح الإستراتيجي كما ظهر ذلك في الاعتراضات الفرنسية على مكتب الاتصال في طوكيو على أساس أنه سيخلق سوء فهم حول التزام الناتو في منطقة الهندي والهادي، والتي ليست ضمن مجال اختصاصه الجغرافي".

ويمضي المقال إلى الإيعاز بأنه سيكون من الخطأ الإيحاء بأن الناتو ليست له مصلحة خارج المنطقة الأوروبية الأطلسية، ذلك أن الهدف المعلن للحلف هو "حماية حرية وأمن جميع أعضائه بالوسائل السياسية والعسكرية"، والتأكيد على أن ذلك يتضمن أحيانا "الانخراط خارج الناتو" حيث إن "اندلاع الأزمات والصراعات خارج حدود الحلفاء يمكن أن يعرض هذا الهدف الأساسي للخطر".

وينصح كوك حلف الناتو بأن يسعى جاهدا إلى التصدي لعوامل القلق التي تساوره إزاء وضعية الصين وأهدافها ونواياها في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

وتناول مقال فورين بوليسي بعض الآراء الواردة في صحف المنطقة والتي تضمنت انتقادات للناتو، فقد هاجمت وسائل الإعلام الصينية ما اعتبرتها "أجندة الناتو الخفية".

وسبق للدبلوماسي والأكاديمي السنغافوري البارز كيشور مهبوباني أن كتب مقالا في صحيفة "ستريتس تايمز" جاء فيه أن "المحيط الهادي ليس بحاجة إلى الثقافة العسكرية المدمرة للتحالف الأطلسي"، وأن "الناتو ليس منظمة تتسم بالحكمة من منظور الجغرافيا السياسية".


مخاطر

وفي إندونيسيا، نشرت صحيفة "جاكرتا بوست" مقال رأي في مايو/أيار الماضي وصفت فيه وصول حلف الناتو إلى آسيا بأنه "خطوة محفوفة بالمخاطر"، وأنه "خبر مقلق للغاية بالنسبة للسلام والاستقرار الإقليميين".

أما مجلة "ناشونال ديفينس جورنال" الفيتنامية فقد أوردت أن "توسع نفوذ الناتو في منطقة المحيطين الهندي والهادي قد أثار قلق دول هذه المنطقة، لأنه يزيد خطر عدم الاستقرار عندما تصبح المنافسة بين الصين والغرب شرسة على نحو متزايد".

ونصح لاين كوك في مقاله حلف الناتو بتجنب "الشكاوى الغامضة" تجاه "طموحات الصين المعلنة"، وأن الصين تعد تهديدا أو أنها تمثل الخطر الذي تشكله الأنظمة الاستبدادية على الديمقراطيات، كما يجب عليه أن "يكتفي بتحديد السلوك الذي ينتهك القانون الدولي في المنطقة بشكل واضح".

وشدد على ضرورة أن تكون لحلف الناتو كذلك "أجندة إيجابية"، وأن يعمل مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لدعم السلام والازدهار في المنطقة عبر الوسائل السياسية، أي من خلال التشاور والتعاون بشأن "القضايا المتعلقة بالدفاع والأمن لحل المشكلات وبناء الثقة ومنع نشوب صراع".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی المنطقة حلف الناتو الناتو فی

إقرأ أيضاً:

مقال بهآرتس يحذر من حرب أهلية في إسرائيل

منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تفاقمت الصراعات الداخلية بين الإسرائيليين بشكل ملحوظ بسبب التوترات السياسية والمجتمعية التي تصاعدت مع تطور الأحداث العسكرية، مثل السيطرة على السلطة القضائية والتعامل مع المتظاهرين المعارضين للسياسات الحكومية، ومع استمرار المواجهات العسكرية وازدياد التوترات بين الفصائل المختلفة في المجتمع، هناك مخاوف متزايدة من أن هذه الاختلافات قد تتطور إلى نزاع داخلي، وربما إلى حرب أهلية بين الإسرائيليين أنفسهم.

هذا ما يمكن أن يلخص ما جاء في مقال نشرته صحيفة "هآرتس"، أشار كاتبه ديفيد أوهانا في بدايته إلى قصيدة للشاعر الإسرائيلي حاييم غوري بعنوان "أنا حرب أهلية"، وصف فيها الشاعر الصراع الداخلي الذي يشبه الحروب الأهلية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مقال لبلينكن حول الإستراتيجية الأميركية من أجل عالم جديدlist 2 of 2باحثة أميركية: إلى أين تمضي حرب إسرائيل المتعددة الجبهات؟end of list

وأفاد الكاتب بأن الهوية اليهودية المشتركة بين الإسرائيليين تتعرض لتصدعات كبيرة في الفترة ما بين رأس السنة العبرية الماضية ورأسها الحالي.

وعبّر عن تخوّف العديد من الإسرائيليين من أن الاحتجاجات ضد الحكومة قد تؤدي في النهاية إلى تمرد مدني وربما حتى حرب أهلية، مشيرًا إلى أن هناك بالفعل مجموعتين من المواطنين تقفان على جانبي الصراع: مجموعة تسعى لتغيير النظام الديمقراطي من جذوره، ومجموعة تعارض ذلك.

وأوضح الكاتب أن هذا الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي قد يؤدي إلى تصعيد محتمل نحو حرب أهلية، خاصة إذا شعرت مجموعة معينة أن الحكومة لا تتعامل بشكل صحيح مع المظاهرات.

وذكر أوهانا أن هناك مراحل تسبق الحرب الأهلية، مثل العصيان المدني الذي يعدّ نوعًا من الاحتجاج السلمي داخل حدود الديمقراطية، والتمرد المدني الذي قد يؤدي إلى استخدام العنف ضد الحكومة؛ حيث يستخدم بعض المستوطنين هذا النوع من التمرد في دعوتهم لتدمير المحكمة العليا.

وتساءل الكاتب عما إذا كانت الحرب في الشمال قد تؤدي إلى إعلان حالة الطوارئ وتأجيل الانتخابات المقررة لعام 2026، وما إذا كان ذلك سيؤدي إلى احتجاجات عنيفة، لافتًا إلى أن الحروب الأهلية ليست فقط ضد الحكومة، بل بين أجزاء مختلفة من الشعب على السلطة.

واستشهد بحروب أهلية من التاريخ الحديث مثل الحرب الأهلية الأميركية والحرب الأهلية الإسبانية، وأشار إلى أن الفاشية لا تظهر فجأة، بل تتطور عبر مراحل، مستشهدًا بما يحدث حاليًا في إسرائيل من تسييس الشرطة وتشكيل مليشيات في الضفة الغربية.

متشددون إسرائيليون يتظاهرون بجوار قاعدة سدي تيمان العسكرية احتجاجا على اعتقال جنود احتياطيين للتحقيق معهم للاشتباه في إساءة معاملتهم معتقلا بعد هجوم 7 أكتوبر (الفرنسية)

وأبرز الكاتب اختراق المتظاهرين قاعدة "سدي تيمان" العسكرية، وتطرق إلى الدعاية التي وصفها بـ"الغوبلزية" لمؤيدي الحكومة.

ولفت أوهانا إلى المشاهد المشابهة للاحتجاجات الفاشية في أوروبا، والتي انتهت بإحراق منازل المهاجرين، موضحا أنها بدأت بالظهور أيضًا في إسرائيل، حيث أحرق شباب المستوطنين منازل العرب، في حين لم تتخذ السلطات أي خطوات فعلية لاعتقال المسؤولين عن هذه الجرائم.

وأعرب عن قلقه من احتمال أن يستغل النظام الحالي هذه الأزمات لفرض قوانين طوارئ وتأجيل الانتخابات المقبلة في عام 2026. وتساءل عما إذا كانت هذه الخطوات ستؤدي إلى احتجاجات عنيفة من قبل المعسكر الليبرالي؛ حيث يرى البعض أن إسرائيل قد تعيد تكرار أخطاء الفاشية الأوروبية في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.

واستنتج أوهانا مما سبق أن إسرائيل تواجه تحديات خطيرة بسبب الحرب المستمرة في غزة، حيث بدأت تظهر علامات على تحولها إلى "دولة ثكنة"، أي تعتمد في هويتها على العسكرة والحروب.

وأفاد الكاتب بأن الحكومة الإسرائيلية الحالية تحث المواطنين على الاستمرار في التضحية والسعي لتحقيق "نصر مطلق" رغم الخسائر الفادحة، مشيرا إلى أن هذا النهج قد يؤدي إلى تكرار ما حدث في ألمانيا في عام 1933، حيث تحول المجتمع إلى "مجتمع نضال"، وكانت النتيجة تعزيز إيمان الألمان بأنهم يحققون أهدافهم من خلال الحرب والتضحية، رغم اقتراب الهزيمة.

ورغم الخطر الواضح لاندلاع حرب أهلية، وفقا لأوهانا، فإنه ذكر أن ثمة كذلك شعورا بالأخوة بين أفراد المجتمع الإسرائيلي قد يمنع هذا الصراع، إذ في نهاية المطاف يتقاسم الجميع روابط مشتركة تتعلق بالتاريخ والقيم.

وبحسب الكاتب، فهذا ليس مجرد نقاش شكلي حول النظام الديمقراطي أو الفاشي، بل هو انقسام جوهري يعكس صراعًا وجوديا بين رؤيتين متناقضتين للحياة والتاريخ.

واختتم أوهانا مقاله بأن حاييم غوري قد يكون قصد في سطوره الخالدة "هناك يطلق الصالحون النار على الصالحين الآخرين" أن يعبر عن هذا الصراع الوجودي بين رؤيتين متناقضتين لا يمكن التوفيق بينهما.

مقالات مشابهة

  • هيئة الطرق: الطريق الساحلي السريع أحد أهم الطرق الرئيسية بمنطقة جازان التي أسهمت في دعم الحركة السياحية
  • كسر مفاجئ بخط مياه الشرب بمنطقة السيل.. والدفع بسيارات لتوفير المياه لأهالى المنطقة
  • انطلاق عملية الحرث بمنطقة وادي درعة بعد سنوات من الجفاف (صور)
  • ازدواجية المعايير.. إيران تصعّد وإسرائيل في موقف دفاعي!
  • مقال بهآرتس يحذر من حرب أهلية في إسرائيل
  • القوة الخاصة لأمن الطرق بمنطقة مكة المكرمة تقبض على شخص لترويجه 61 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر
  • «الكتاب العرب» يدعو الاتحادات العربية لاجتماع بشان الأحداث فى المنطقة
  • قائد الجيش السلطاني العُماني يشارك في معرض دفاعي بكوريا
  • موقف الإمارات.. نقطة مضيئة
  • الصين : حرب غزة "السبب الأساسي" لعدم الاستقرار