أمريكا بين النيجر وإيران
شهد الاقتصاد الافغاني انخفاضا في معدلات التضخم بـ6% نتيجة السياسات المتبعة من حكومة طالبان، ومن ضمنها الانفتاح على الصين.
العالم في توجهه نحو التعددية القطبية أصبح أقل مركزية وأكثر نزوعا نحو تعزيز مكانة القوى والكيانات الاقليمية التقليدية بفعل ضغوط تواجهها أمريكا.
في سياق بحثها عن حلول دبلوماسية؛ دفعت أمريكا دول إيكواس لخفض سقف التصعيد، والدعوة لايجاد حل سياسي في النيجر مع ابقاء الحل العسكري على الطاولة.
لقاء بين مسؤولين أمريكان وأفغان من حركة طالبان في الدوحة، تناول العقوبات الامريكية وقضايا تتعلق بالقيود المالية التي تفرضها واشنطن على أفغانستان.
رغبة أمريكية في احتواء الأزمات والحد من قدرة خصومها في الصين وروسيا على تعظيم مكاسبهما؛ سياسة اعطت مساحة اوسع للقوى الاقليمية لتعظيم مكانتها الاقليمية.
اتفاق إيراني أمريكي لتبادل السجناء والإفراج عن أموال إيرانية مجمدة بعد يوم من إعلان الأسطول الأمريكي بالبحرين نشر 3000 مارينز بالخليج وبحر عُمان لمراقبة الملاحة!
* * *
أعلن مؤخرًا عن اتفاق ايراني - امريكي لتبادل السجناء بوساطة قطرية وعُمانية مساء اليوم الخميس؛ في صفقة يتوقع ان تتضمن الافراج عن اموال ايرانية؛ وهو اعلان جاء بعد يوم واحد من اعلان الاسطول الخامس الامريكي في البحرين نشر 3000 جندي من المارينز الامريكي في الخليج العربي وبحر عُمان لمراقبة الملاحة في المنطقة.
في قارة أخرى؛ نجد الولايات المتحدة تعمل على التهدئة والبحث عن الوساطات بإرسالها فكتوريا نولاند وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية العاصمة النيجيرية نيامي، على أمل إقناع قادة الانقلاب التراجع عن خطواتهم التي قادت لاخراج القوات الفرنسية من البلاد، في مقابل مخاوف من تغلغل النفوذ الروسي والصيني.
أمريكا في سياق بحثها عن حلول دبلوماسية؛ دفعت دول مجموعة غرب افريقيا الاقتصادية (ايكواس) لخفض سقف التصعيد، والدعوة لايجاد حل سياسي في النيجر مع ابقاء الحل العسكري على الطاولة.
الولايات المتحدة بعد ان عجزت عن فرض ارادتها في النيجر؛ استعانت في الجزائر كوسيط بعد ان استقبل انتوني بلينكن وزير الخارجية الامريكي وزير الخارجية الجزائري احمد عطاف يوم امس الاربعاء الماضي.
فأمريكا تبحث عن حلول دبلوماسية، وتستعين بالوسطاء، سواء في الجزائر او عُمان أوقطر، لحل الازمات ونزع فتيلها، وهو ما نجد أثرا له في السودان، من خلال الشراكة مع السعودية في استضافة مفاوضات التهدئة ووقف الاقتتال.
ليس بعيدا عن ايران؛ كشف عن لقاء بين مسؤولين امريكان وافغان من حركة طالبان في الدوحة، تناول العقوبات الامريكية وقضايا تتعلق بالقيود التي تفرضها واشنطن على الاقتصاد الافغاني الذي شهد انخفاضا في معدلات التضخم بمقدار 6% نتيجة السياسات المتبعة من حكومة طالبان، ومن ضمنها الانفتاح على الصين.
ايران ومنطقة الخليج العربي لم تعد الاستثناء الوحيد للسياسة الامريكية؛ فكما هو واضح نجد الرغبة في احتواء الازمات والحد من قدرة خصومها في موسكو وبكين على تعظيم مكاسبهما؛ سياسة اعطت مساحة اوسع للقوى الاقليمية كتركيا في البحر الاسود وشرق اوروبا؛ والسعودية في البحر الاحمر، وعمان وقطر في الخليج العربي وفلسطين؛ والجزائر في منطقة الساحل والصحراء لتعظيم مكانتها الاقليمية.
وهي كلف متواضعة قياسا بالتنازلات او الخسارة التي تعتقد واشنطن انها ستقدمها لخصومها في بكين وروسيا.
ختاما.. العالم في نزوعه نحو التعددية القطبية أصبح أقل مركزية وأكثر نزوعا نحو تعزيز مكانة القوى والكيانات الاقليمية التقليدية؛ وهي إحدى الظواهر الآخذة في التطور والتشكل بفعل الضغوط التي تواجهها أمريكا، ما سمح بتعظيم ادوار القوى الاقليمية، وعزز من مكانة دول نشيطة كقطر والامارات العربية المتحدة وعمان.
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | السبيلالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: النيجر أمريكا إيران دبلوماسية أفغانستان قطر الجزائر الخليج العربي التعددية القطبية
إقرأ أيضاً:
أمريكا تعترف بفشل حملتها على اليمن: صنعاء تفرض معادلة الردع البحري وتربك الاستراتيجيات العسكرية الأمريكية
يمانيون../
رغم الاستعراض العسكري الواسع خلال ولاية ترامب الثانية، أقرّت الولايات المتحدة بفشل حملتها على اليمن، في ظل استمرار وتعاظم الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد كيان الاحتلال الصهيوني ومصالح واشنطن في البحر الأحمر، وتعثّرها في تأمين ممرات التجارة الدولية رغم الكلفة العسكرية الهائلة.
وأكدت مجلتا “فورين بوليسي” و”معهد واشنطن للدراسات” في تقريرين منفصلين أن اليمن بات يشكل تهديداً نوعياً على الهيمنة البحرية الأمريكية، ويقوّض فعالية الإنفاق الدفاعي الهائل الذي بذلته وزارة الدفاع دون تحقيق أهداف ملموسة.
مجلة فورين بوليسي وصفت العمليات الأمريكية في اليمن بأنها “نزيف عسكري بلا إنجاز”، مشيرة إلى أن الأهداف التي أعلنتها واشنطن، وعلى رأسها تأمين الملاحة البحرية وردع الهجمات، لم تتحقق، بل تصاعدت عمليات صنعاء التي استهدفت السفن الأمريكية و”الإسرائيلية” في البحر الأحمر، ما أدى إلى شلل شبه تام لحركة السفن عبر هذا الممر الحيوي.
كما انتقدت المجلة غياب الشفافية العسكرية الأمريكية، حيث تفتقر العمليات إلى بيانات رسمية واضحة، وتُختزل التغطية الإعلامية بفيديوهات دعائية. وأشارت إلى أن الهجمات اليمنية استخدمت ذخائر موجهة تستهلك قدرات بحرية “محدودة أصلاً”، بحسب وصف خبراء عسكريين.
من جهته، حذّر تقرير أعده المقدم في القوات الجوية الأمريكية “جيمس إي. شيبارد” لصالح معهد واشنطن، من أن الحصار البحري الذي تفرضه صنعاء بات يهدد ليس فقط التجارة العالمية بل كذلك قدرة واشنطن على التحرك السريع عسكرياً في مناطق النزاع، مؤكداً أن مضيق باب المندب يُعد أحد أهم الشرايين الحيوية للوجستيات العالمية والعسكرية، حيث تمر عبره سلع تتجاوز قيمتها التريليون دولار سنويًا.
ووفقاً للتقرير، أجبرت هجمات القوات اليمنية شركات الشحن العالمية على تجنب البحر الأحمر وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح، وهو مسار أطول بـ15 يومًا وأكثر كلفة بمليون دولار إضافي لكل رحلة، ما يمثل ضغطاً هائلًا على سلسلة الإمدادات الدولية.
ورغم محاولات واشنطن لفرض الحماية على سفنها، فإن بعض السفن تعرضت لهجمات رغم وجود مرافقة عسكرية، ما كشف ضعف الردع الأمريكي في المنطقة. واعتبر التقرير أن هذه التطورات تتطلب “إعادة صياغة العقيدة البحرية الأمريكية”، إذ إن تعطيل النقل البحري يهدد فعليًا القدرات الأمريكية على الاستجابة الطارئة وإعادة التموضع الاستراتيجي.
واعتبر التقرير أن صنعاء، ورغم غياب حاملات الطائرات أو الأساطيل العملاقة، قد نجحت في فرض معادلة ردع دقيقة وفعالة، أربكت المخططين العسكريين الأمريكيين وأجبرتهم على مراجعة الخيارات التكتيكية واللوجستية.
وتوقع التقرير استمرار الهجمات اليمنية باستخدام الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية، ليس فقط في البحر الأحمر، بل لتمتد إلى بحر العرب وشمال المحيط الهندي، مع احتمال توسع الأهداف لتشمل الممرات البديلة التي تحاول واشنطن الاعتماد عليها.
وفي محاولة للحد من تأثير الهجمات اليمنية، اقترحت شبكة النقل عبر الجزيرة العربية (TAN) التابعة للبنتاغون إنشاء 300 منشأة لوجستية – تشمل مطارات وموانئ ومراكز برية – لتسهيل نقل البضائع خارج باب المندب، مشيرة إلى إمكانية نقل الحمولات عبر ميناء جدة أو ممر بري يربط ميناء حيفا في الكيان الصهيوني بالخليج العربي مروراً بالأردن والسعودية والبحرين.
ورغم ما يبدو من بدائل، إلا أن التقارير الأمريكية نفسها تحذر من أن هذه الخيارات مكلفة ومعقدة، وتقع هي الأخرى في نطاق نيران القوات اليمنية، ما يعقّد قدرة واشنطن على تنفيذ استراتيجيتها البحرية في المنطقة، ويجعلها عرضة لردود فعل غير تقليدية من صنعاء، التي تُدير المعركة بإيقاع منضبط يدمج بين السياسة والتكتيك العسكري بفعالية غير مسبوقة.