فينكلشتاين للمقابلة: معركتي ضد إسرائيل من أجل العدالة ولا علاقة لها بيهوديتي
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
وفي حوار مع برنامج "المقابلة" على شبكة الجزيرة 360، كشف فينكلشتاين عن رحلته الفكرية والنضالية التي امتدت لـ4 عقود، متحديا السردية الصهيونية وكاشفا زيف الدعاية الإسرائيلية.
ونشأ فينكلشتاين في كنف عائلة يهودية نجت من المحرقة النازية، لكنه اختار طريقا وعرا دفع ثمنه على الصعيدين المهني والشخصي، ويقول: "هناك ما يثير شهيتي مثل الشوكولاتة التي من الصعب عليّ مقاومتها.
وتحدث فينكلشتاين عن تأثير والديه في تشكيل وعيه السياسي، خاصة والدته التي شهدت أهوال الحرب العالمية الثانية والمحرقة النازية، مؤكدا أنها كانت دائما إلى جانب المضطهدين، بغض النظر عن خلفيتهم العرقية أو الدينية.
وتركزت أولى اهتمامات الأكاديمي الأميركي على القضايا الدولية، مثل حرب فيتنام وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، وهي التجارب التي أثرت على شخصيته وشكلت نظرته إلى العدالة.
بداية الرحلةبدأت رحلة فينكلشتاين مع القضية الفلسطينية في الخامس من يونيو/حزيران 1982، عندما غزت إسرائيل لبنان، ويستذكر خلال حديثه تلك اللحظة الفارقة التي تركت أثرا عميقا في مسيرته الفكرية والنضالية.
ويضيف: "معظم الناس لا يتذكرون أنه حتى تاريخ السابع من أكتوبر/تشرين الأول (في إشارة لعملية طوفان الأقصى) وكل ما جاء بعد ذلك، فإن أكبر عملية قتل قامت بها إسرائيل للفلسطينيين واللبنانيين كانت غزو لبنان"، لافتا إلى أن التقديرات تتراوح ما بين 15 و20 ألف لبناني وفلسطيني، معظمهم من المدنيين، قتلوا في تلك الحرب.
وأشار فينكلشتاين إلى أن كثيرين مثله أصيبوا بخيبة أمل من إسرائيل عقب هذه الحرب، وبالنسبة إليه، كانت تلك الحرب بداية انفصاله العاطفي عن الدولة اليهودية، إذ رأى أن إسرائيل لم تعد تمثل قيمه أو قضايا العدالة التي كان يؤمن بها.
خاض فينكلشتاين معارك ثقافية عديدة ضد السردية الصهيونية، كان أبرزها تفنيده كتاب "من زمن سحيق" لجوان بيترز، الذي حاول الترويج لفكرة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
ويروي فينكلشتاين كيف قضى ليالي طويلة في المكتبة، يدقق في الأرقام والدراسات الديمغرافية، حتى اكتشف زيف الادعاءات الواردة في الكتاب، ويقول: "في إحدى الليالي، اكتشفت فجأة أن الدراسة الديمغرافية في الكتاب كانت ملفقة؛ لا يمكن أن أصف لك شعوري، جسدي كله كان يرتجف".
معارك ثقافية
هذا الاكتشاف فتح أمام فينكلشتاين بابا جديدا، إذ تلقى اتصالا من المفكر الأميركي نعوم تشومسكي، الذي اعتبر ما فعله بمنزلة "دك أركان المشهد الثقافي الأميركي"، ونصحه بمواصلة البحث في المزيد من الأكاذيب التي تضمنها الكتاب ودحضها.
لم تقتصر معارك فينكلشتاين على تفنيد الروايات الصهيونية، بل امتدت لتشمل نقدا لاذعا لاستغلال ذكرى المحرقة النازية، لكنه أوضح أن كتابه "صناعة الهولوكوست" المتعلق بهذه القضية لم يشكك في المحرقة النازية، لكنه اهتم بكيفية استخدام المحرقة واستغلالها كأداة سياسية.
ويقول فينكلشتاين إنه رغم أن الهولوكوست كان حدثا مروعا، فإنه تحول فيما بعد إلى "أداة ابتزاز رخيصة" استخدمتها إسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة للضغط على أوروبا والحصول على تعويضات مالية وسياسية.
ويشير فينكلشتاين إلى أن الهولوكوست فقد قيمته الأخلاقية بوصفه حدثا تاريخيا، وأصبح يُستخدم فقط لتحقيق مصالح سياسية ضيقة، وهذا الاستخدام المبتذل للهولوكوست هو ما جعله يعارض بشدة السياسات الإسرائيلية التي تستخدم ذكرى المحرقة لتبرير قمع الفلسطينيين.
ويضيف موضحا أن "الادعاء كان بسيطا جدا، وهو أنه لا أحد في تاريخ البشرية عانى مثل ما عانى اليهود، وإذا لم يعانوا مثل ما عانى اليهود فلا يمكنك محاسبة اليهود بمعايير الآخرين نفسها لأن معاناتهم كانت فريدة".
ثمن باهظتأثرت مسيرة فينكلشتاين الأكاديمية بشكل كبير بسبب مواقفه الصريحة ضد إسرائيل والصهيونية، ففي حين كانت له مسيرة ناجحة بصفته أستاذا جامعيا في جامعة ديبول، انتهى به الأمر بفقدان وظيفته الأكاديمية، إذ تم فصله من الجامعة بسبب مواقفه الحادة.
ورغم الثمن الباهظ الذي دفعه فينكلشتاين من فقدان فرص العمل والتعرض لحملات تشويه، فإنه يصر على مواصلة نضاله، ويقول: "أعتقد أنني قمت بما كنت ملزما أخلاقيا بفعله، وفعلت ما أردت أن أفعله في حياتي. حياتي هي شهادة على ما فعل في عائلتي، ولن أفعل شيئا يخون ذكر ما حدث معهم أبدا".
ويصر فينكلشتاين على أنه لم يندم على ما فعله، فبالنسبة إليه، كانت هذه المعركة ضرورية، لأنها ليست مجرد معركة فكرية، بل هي صراع حقيقي من أجل العدالة.
ويكشف فينكلشتاين -في المقابلة- عن كتاب جديد يعمل عليه حول الفساد في المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، إذ يعتقد أن عديدا من المسؤولين في هذه المؤسسات يتعرضون للابتزاز أو يتلقون الرشاوى من إسرائيل.
ويشير الأكاديمي اليهودي إلى أن نضاله سيستمر مدفوعا بإيمانه بقضية العدالة والحقيقة، ويقول في هذا السياق: "هناك كثير من الناس في أنحاء العالم الآن، خصوصا المسلمين والعرب، الذين وضعوا أملهم بي، لذلك فإنها مسؤولية أكبر بكثير بالنسبة لي من أي وقت مضى".
6/10/2024المزيد من نفس البرنامجرئيسة المجلس الإسلامي البريطاني: نحن أقوى مسلمي العالمتابع الجزيرة نت على:
facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المحرقة النازیة arrowمدة الفیدیو إلى أن
إقرأ أيضاً:
علاقة حوادث الكون بحقائق التاريخ!
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أربعة من أبرز المفكرين الكُتَّاب فى العصر الحديث كتبوا عن سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومازالت كتبهم حتى الآن تعتبر بحق إضافة هامة للفكر الإنسانى.
أولهم عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين حيث ألف فى عام ١٩٣٣ كتاب "على هامش السيرة" وهو عبارة عن سرد مبسط للسيرة النبوية، مكتوب بأسلوب قصصى رائع
والكتاب الثانى هو "حياة محمد" للدكتور محمد حسين هيكل وقد صدر عام ١٩٣٥ وكتب تعريفًا فى مقدمته فضيلة الإمام الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغي شيخ الأزهر آنذاك وقد أثنى فيه علي الكتاب وعلى مُؤلِّفه الذى تناول سيرة حياة النبي الكريم من مولده حتى وفاته وما رافق من ذلك من مراحل البعثة والهجرة وكافة التفصيلات الأخرى المتعلقة بحياته صلى الله عليه وسلم.
والكتاب الثالث صدر فى العام التالى ١٩٣٦ لأحد أهمِّ الأسماء اللامعة في جيل روَّاد الأدب العربي الحديث وهو الكاتب الكبير توفيق الحكيم وقد صدر الكتاب بعنوان " محمد صلى الله عليه وسلم: سيرة حوارية".
أما الذى يهمنا هنا فهو الكتاب الرابع لعملاق الفكر عباس محمود العقاد "عبقرية محمد" وقد صدر هذا الكتاب عام ١٩٤٢ وفيه رسم المفكر صورة شخصية للنبي الكريم بكل جوانبها موضحا تفرد عظمته صلى الله عليه وسلم الخلفية والعقلية والنفسية دون أن يلتزم بأى تواريخ لأنه لم يكتب سيرة عنه وإنما توقف عند جوانب العظمة فيه صلى الله عليه وسلم واليك سطورا مما كتبه:
"عريق النسب.. ليس بالوضيع الخامل، فيصغر قدره في أمة الأنساب والأحساب.. فقير وليس بالغني المترف فيطغيه بأس النبلاء والأغنياء، ويغلق قلبه ما يغلق القلوب من جشع القوة واليسار.. يتيم بين رحماء.. فليس هو بالمدلل الذي يقتل فيه التدليل ملكة الجد والارادة والاستقلال، وليس هو بالمهجور المنبوذ الذي تقتل فيه القسوة روح الامل وعزة النفس وسليقة الطموح، وفضيلة العطف على الآخرين.. خبير بكل ما يختبره العرب من ضروب العيش في البادية والحاضرة.. تربي في الصحراء وألف المدينة، ورعي القطعان واشتغل بالتجارة وشهد الحروب والاحلاف، واقترب من علية القوم وسادتهم ولم يبتعد من الفقراء..
فهو خلاصة الكفاية العربية في خير ما تكون عليه الكفاية العربية.. وهو على صلة بالدنيا التي أحاطت بقومه...فلا هو يجهلها فيغفل عنها، ولا هو يغامسها كل المغامسة فيفرق في لجتها.. أصلح رجل من أصلح بيت في أصلح زمان لرسالة النجاةالمرقوبة، على غير علم من الدنيا التي ترقبها.. ذلك محمد بن عبد الله عليه السلام..
قد ظهر والمدينة مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، والجزيرة مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، والدنيا مهيأة لظهوره لأنها محتاجة اليه، وماذا من علامات الرسالة أصدق من هذه العلامة؟ وماذا من تدبير المقادير أصدق من هذا التدبير؟ وماذا من أساطير المخترعين للأساطير أعجب من هذا الواقع ومن هذا التوفيق؟. علامات الرسالة الصادقة هي عقيدة تحتاج اليها الأمة، وهي أسباب تتمهد لظهورها، وهي رجل يضطلع بأمانتها في أوانها.. فإذا تجمعت هذه العلامات فماذا يلجئنا إلى علامة غيرها؟.. وإذا تعذر عليها أن تجتمع فأي علامة غيرها تنوب عنها أو تعوض ما نقص منها؟
خلق محمد بن عبد الله ليكون رسولا مبشرا بدين، وإلا فلأي شيء خلق؟ ولأي عمل من أعمال هذه الحياة ترشحه كل ها تيك المقدمات والتوفيقات، وكل ها تيك المناقب والصفات؟
وقبل أن ينتقل إلى الحديث عن عبقرية الداعي عنده صلى الله عليه وسلم أختتم ما بدأه بقوله: "يوم تأتي الدعوة بالآيات والبراهين غنية عن شهادة الشاهدين وانكار المنكرين.. أما العلاقة التي لا التباس فيها ولا سبيل إلى انكارها، فهي علامة الكون وعلامة التاريخ.. قالت حوادث الكون: لقد كانت الدنيا في حاجة إلى رسالة.. وقالت حقائق التاريخ: لقد كان محمد هو صاحب تلك الرسالة.. ولا كلمة لقائل بعد علامة الكون وعلامة التاريخ.
الأسبوع القادم بإذن الله أكمل القراءة فى كتاب "عبقرية محمد" للمفكر الكبير عباس محمود العقاد