ذكرى مريرة في قلب قطاع مخذول يحاصره عالم صامت
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
عام مضى على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وعقل المواطنة الفلسطينية آمال بكر مشتت بين إحياء ذكرى ميلاد ابنها، عبدالرحمن بكر، 14 عامًا، أو تأبينه، بعد استشهاده في حرب السابع من أكتوبر.
وُلد «عبد الرحمن» في 1 أكتوبر عام 2010، وعاش طفلا عاديا جدا، كل همه الدراسة واللعب، قبل أن تقرر المقاتلات الحربية الإسرائيلية قصف منزلهم في مخيم الشاطئ، غرب مدينة غزة، في يوم 17 أكتوبر 2023.
ذكرى ميلاد ووفاة
وبعد نحو عام على الواقعة لا تدري «أم العبد» هل تحتفل بذكرى ميلاد طفلها أم ترتدي الأسود، وتبكي أمام قبره.
تقول لـ«عُمان» خلال حديثها: «مشاعري مشتتة جدًا، هذه السنة أتت علينا بالأوجاع»، فيما تعود بالذاكرة إلى مجزرة آل بكر: «قصفونا ونحن نائمون في البيت ليلًا، فاستشهد عبدالرحمن وأصيبت ابنتي بإعاقة جسدية، وانتشلونا جميعا من تحت الركام». في تلك المجزرة ارتقى 13 شخصا من عائلة بكر وأصيب العشرات، توضح السيدة الثلاثينية: «كل المنازل في شارعنا دُمرت، شهداء ومصابون بالعشرات أخرجوهم من تحت الردم، وشهداء تُركوا هناك أسفل البيوت المقصوفة منسيين. هذه حرب الوجع والوجيعة». ولم تنس «أم العبد» الأسرى من شارعهم، فتبين: «ما زالوا في سجون الاحتلال، لا يعلم أهلهم عنهم أي شيء، ولا حتى مكان حبسهم»، مشيرة إلى أن معظم الشعب الفلسطيني أصبح بين قتيل وجريح وأسير مشرد «ما فش حاجة كويسة في الحرب هذه». تشعر المواطنة الفلسطينية بالخوف مما قد يفعله جيش الاحتلال في ذكرى معركة طوفان الأقصى خاصة أن «هذا الاحتلال مجرم لا يرحم أحدًا، لا بني آدم، أو حيوان، أو حتى حجر، فقط همهم أن يقتلوا».
وعقبت خلال حديثها: «هذه حرب إبادة، أول حرب تمر علينا بهذه الطريقة الدموية في القتل والتشريد».
وتتمنى «أم العبد» أن يغير العالم من نظرته للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ويمد يد العون للشعب الفلسطيني، ويقف معه ضد الاحتلال.
وتكمل حديثها: «أيها الناس! قفوا معنا، منذ عام ونحن في هذا العذاب والمرار، ابني قبل عام كان في حضني نائم، وهذا العام مش عندي، منذ عام ما في أي حلول أو تطمينات، أيها العالم لا أستطيع التعبير عما في قلبي من مرار». وتحدث العديد من الفلسطينيين عن فقدان أحبائهم خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم، إذ يعاني المجتمع الفلسطيني من آلة القتل والتدمير الإسرائيلي وأثرها المدمر على النسيج الاجتماعي، مؤكدين ضرورة الحوار بين الفصائل الفلسطينية، لخلق حالة من الوحدة بين أبناء الشعب الفلسطيني، لضمان استمرارية النضال.
وفي إطار هذه المشاعر المختلطة، برزت أيضًا أصوات تدعو إلى إعادة تقييم الاستراتيجيات المتبعة في مواجهة الاحتلال، فالكثير من الشباب يرون أن المقاومة المسلحة لم تعد كافية، وأن هناك حاجة ملحة لحلول سياسية مستدامة تهدف إلى تحقيق العدالة والحرية. قال سعيد رماح، 31 عامًا: إن الذكرى الأولى لـ«طوفان الأقصى» خلال حديثه لـ«عُمان»: هي احتفال بالنصر المؤزر والمؤرخ على العدو الإسرائيلي، ووجه المواطن الفلسطيني، من مدينة غزة، التحية لأبطال المقاومة الفلسطينية والشعب الغزي الصامد على أرضه، الذين «قدموا التضحيات فداء لأرض فلسطين وغزة الأبية، أرض الأنبياء والمرسلين».
سنة من الظلام
ويعيش الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ظروفا إنسانية صعبة بالتزامن مع الذكرى الأولى لحرب السابع من أكتوبر، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 41 ألف شخص، بعضهم ما زالت جثامينهم تحت الأنقاض، وإصابة أكثر من 91 ألفا آخرين، فضلًا عن تدمير غالبية البنية التحتية في القطاع من منازل ودور عبادة ومنشآت حكومية وخاصة، وتشريد نحو مليوني فلسطيني.
يصف شعيب الأسطل، 45 عامًا، من سكان خان يونس، عامًا من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بأنه «سنة من الظلام».
يقول لـ«عُمان» خلال حديثه: «كانت سنة لم تمر في التاريخ على أجداد أجدادنا، غزة أصبحت مظلمة عبارة عن كومة من الركام، بلا كهرباء أو ماء وبلا أي مقومات للحياة».
وعن الخسائر البشرية، يضيف المواطن الأربعيني: «ما رأيناه خلال هذا العام هو شلال من الدماء، فقدنا آلاف الشهداء والأحباء والأقرباء، وجرحى كثر، ولسه هناك أناس تحت الركام، مش معروف مصيرهم، مش قادرين نطلعهم، الله يعين أهاليهم، هذا شيء خيالي لم يشهده التاريخ العربي».
عام الجحيم
أما محمد الترك، 50 عامًا، من دير البلح، فيصف عام الحرب بأنه «365 يوما من الجحيم»، اختفت خلاله مظاهر الأمان من كل شبر في قطاع غزة، الذي بات أهله يترقبون «شبح الموت» في أي وقت وفي كل مكان.
يوضح «الترك»، الذي فقد أمه وإخوته الكبار في قصف منزلهم بوسط خان يونس، خلال أيام الحرب الأولى: «في أي لحظة ممكن تفقد أعز الناس لك، زي ما فقدت أمي وإخوتي».
وأشار لـ«عُمان» خلال حديثه اختفاء كل مقومات الحياة في مخيمات النزوح، حيث لا ينام الغزاويون الليل من شدة الخوف والرعب، فيما تحلق الطائرات المسيرة والمقاتلات الحربية من فوقهم ويُسمع صدى القصف المدفعي جليًا.
شعر جسدي شاب
يرفض المواطن الخمسيني مناشدة الدول العربية والمجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ قطاع غزة، بسبب شعوره بالخذلان المفرط بعد عام كامل من الاكتفاء بالشجب والإدانة، لكنه يتمنى من الله سبحانه وتعالى أن يشمل بعنايته الإلهية القطاع «الشهيد والجريح والمشرد والمهدوم والمحاصر».
ويضيف كمال أبو عوض، 32 عامًا، من شمال قطاع غزة، الذل والجوع إلى مآسي القطاع بعد حرب السابع من أكتوبر: «أقربائي محاصرون في بيت حانون يعانون الجوع والفقر الشديد وسوء أحوال المعيشة».
ويشير المواطن الثلاثيني لـ«عُمان» إلى استشهاد الكثيرين من أقربائه في الشمال، ومعاناة المتبقين منهم على قيد الحياة، بقوله: «شعر جسدي شاب من هول ما رأيته من جثث مقطعة، وأخرى تبخرت، وأنا هنا أقول شعر جسمي وليس رأسي، ولا أبالغ في ذلك».
عام آخر من المحرقة
ويتعجب ماهر الصافي، المحلل السياسي الفلسطيني، من وقوف المجتمع الدولي ساكنا رغم مرور عام كامل على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، فيما يصف حرب السابع من أكتوبر بـ«المحرقة» التي ستستمر لعام ثانٍ جديد «بكل أدوات القتل والإبادة غير المسبوقة في تاريخ الشعوب».
ويؤكد خلال حديثه لـ«عُمان» الشعب الفلسطيني يستحق التحرر من الاحتلال وإقامة دولة، بالإضافة إلى تدخل هذا العالم بمنظماته ومؤسساته لإيقاف هذه الإبادة، مخافة أن «ندخل في عام جديد وعام آخر ومن الاعتداءات ومن العدوان ومن المحرقة التي يقوم بها الاحتلال في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وحتى في مدينة القدس المقدسة».
ويشير إلى أن كل القتل وكل الإبادة لم تثن الشعب الفلسطيني عن التمسك بحقوقه ومقدساته، معلنًا استمراره في المقاومة، التي «هي بالمناسبة حق مكفول وحق مشروع».
وطالب الاحتلال أن يتوقف عن هذه الجرائم، لأنه «لا يمكن للشعب الفلسطيني لا كبير ولا صغير ولا طفل أن يستسلم وأن يسلم وأن يقر بالهزيمة ويرفع الراية البيضاء».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حرب السابع من أکتوبر الشعب الفلسطینی خلال حدیثه قطاع غزة لـ ع مان
إقرأ أيضاً:
بمشاركة 6 دول.. اجتماع وزاري عربي يؤكد دعمه لصمود الشعب الفلسطيني على ارضه
عقد وزراء خارجية مصر والأردن والإمارات والسعودية وقطر، بالإضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلا لدولة فلسطين وأمين عام جامعة الدول العربية، اليوم اجتماعا بالقاهرة.
واتفقت الأطراف المشاركة في الاجتماع الذي عقد بدعوة من مصر على:
١- الترحيب بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الرهائن والمحتجزين، والإشادة بالجهود التي قامت بها كل من جمهورية مصر العربية ودولة قطر في هذا الصدد، والتأكيد على الدور المهم والمقدر للولايات المتحدة في انجاز هذا الاتفاق، والتطلع للعمل مع إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وفقاً لحل الدولتين، والعمل على إخلاء المنطقة من النزاعات.
٢- تأكيد دعم الجهود المبذولة من قبل الدول الثلاثة لضمان تنفيذ الاتفاق بكامل مراحله وبنوده، وصولاً للتهدئة الكاملة، والتأكيد على أهمية استدامة وقف إطلاق النار، وبما يضمن نفاذ الدعم الإنساني إلى جميع أنحاء قطاع غزة وإزالة جميع العقبات أمام دخول كافة المساعدات الإنسانية والإيوائية ومتطلبات التعافي وإعادة التأهيل، وذلك بشكل ملائم وآمن، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل والرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في قطاع غزة باعتباره جزءاً من الأرض الفلسطينية المحتلة إلى جانب الضفة الغربية والقدس الشرقية، وبما يسمح للمجتمع الدولي بمعالجة الكارثة الإنسانية التي تعرض لها القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي.
٣- التأكيد على الدور المحوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه وغير القابل للاستبدال لوكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين "الأونروا"، والرفض القاطع لأية محاولات لتجاوزها أو تحجيم دورها.
4- التأكيد في هذا الصدد على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي للتخطيط وتنفيذ عملية شاملة لإعادة الإعمار في قطاع غزة، بأسرع وقت ممكن، وبشكل يضمن بقاء الفلسطينيين على أرضهم، خاصةً في ضوء ما أظهره الشعب الفلسطيني من صمود وتشبث كامل بأرضه، وبما يُسهم في تحسين الحياة اليومية للفلسطينيين من سكان القطاع على أرضهم، ويعالج مشكلات النزوح الداخلي، وحتى الانتهاء من عملية إعادة الإعمار.
5- الإعراب عن استمرار الدعم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي، وتأكيد رفض المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، او ضم الأرض، او عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل او اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت اي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار وينذر بمزيد من امتداد الصراع إلى المنطقة، ويقوض فرص السلام والتعايش بين شعوبها.
6- الترحيب باعتزام جمهورية مصر العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك في التوقًيت الملائم، ومناشدة المجتمع الدولي والمانحين للإسهام في هذا الجهد.
7- مناشدة المجتمع الدولي في هذا الصدد، لاسيما القوي الدولية والاقليمية، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، من أجل بدء التنفيذ الفعلي لحل الدولتين، بما يضمن معالجة جذور التوتر في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال التوصل لتسوية عادلة للقضية الفلسطينية، بما في ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية على كامل ترابها الوطني وفي سياق وحدة قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وخطوط الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧. وفي هذا الإطار، دعم جهود التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين والمشاركة الفاعلة في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين برئاسة المملكة العربية السعودية وفرنسا، والمُقرر عقده في يونيو 2025.