يمانيون:
2024-10-06@20:34:24 GMT

“طوفان الأقصى”.. عام من الصمود الأسطوري

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

“طوفان الأقصى”.. عام من الصمود الأسطوري

يمانيون – متابعات
مع مرور عام على معركة “طوفان الأقصى” المباركة، واشتداد المواجهات في غزة وعلى جبهات الإسناد كافة، والانتقال التدريجي نحو حرب إقليمية باتت مؤكدة قد تتحول إلى حرب عالمية قبل إكمال الطوفان عامه الثاني.. حققت المقاومة الفلسطينية في غزة صُموداً اُسطورياً رغم الإبادة وتكرار المجازر الفظيعة التي يرتكبها العدو الصهيوني.

وبالتزامن مع ذلك حققت الجبهة اللبنانية أيضاً كجبهة إسناد، صموداً اُسطورياً وتصدياً مُبهراً رغم القصف الصهيوني العنيف لمعظم المدن والقرى وخاصة في العاصمة اللبنانية بيروت، واستشهاد الآلاف من قيادات وكوادر الصف الأول في المقاومة وحزب الله، وعلى رأسهم أمينه العام السيد حسن نصرالله.

وفي الوقت ذاته لا تزال مواقف الأنظمة العربية المُتخاذلة على حالها، وتصريحاتها حول عملية السلام وحل الدولتين والمساعدات الإنسانية كما هي وتتكرر مع كل مجزرة صهيونية وتصعيدٍ جديد.. فيما النفاق العالمي يتزايد بقيادة أمريكا الإرهابية التي ما فتئِت تتحدث وبشكل متكرر عن “الجهود المبذولة للوصول إلى هدنة أو وقف إطلاق النار”، بينما مبادرات وتصريحات الرئيس الأمريكي لا تصب بمُجملها إلا في مصلحة الكيان الغاصب.

عام كامل عاشه الفلسطينيون في قطاع غزة، مثُقل بالقتل والفقد والمُعاناة، ومشاهد القهر والتهجير القسري والتدمير الواسع، وتواصلت الإبادة الصهيونية الجماعية، لتطال أيضا أهل الضفة الغربية المحتلة، ورغم كل ذلك، برزت عزائم لا تلين، وبطولات تتجلى في كل زاوية، منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث تواصلت الملاحم في التصدي للعدوان والتوغل، مبرهنة على قوة الإرادة الفلسطينية التي لا تعرف الاستسلام، في مواجهة تحديات جسيمة وعدو لا يعرف إلا لغة القوة.

ويُعد ما شهِده قطاع غزة خلال هذا العام أمر غير مسبوق؛ إذ عاش أطول حرب يخوضها العدو الصهيوني منذ عام 1948، حيث حشد الكيان الغاصب نحو 360 ألف جندي احتياطي، في أكبر تعبئة منذ حرب أكتوبر عام 1973.

واستطاع اليمن قيادةً وشعباً وجيشاً من خلال موقفه الإنساني المساند للشعب الفلسطيني، ووقوفه بحزم في وجه طغاة الأرض أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” أن يحظى بالتأييد من كل أحرار العالم، كما جعل منه قوة ورقماً صعباً في المنطقة، حيث كان لليمن موقفه المتفرد في دعم ومساندة الفلسطينيين رغم العدوان والحصار المتواصل حيث شكل الموقف اليمني نقطة تحول كبرى واستطاع فرض حصار بحري على الكيان الصهيوني وذلك بمنع دخول السفن إلى موانئه من اتجاه البحرين الأحمر والعربي وباب المندب والمحيط الهندي.

وإلى جانب الصفعة القوية التي وجهها اليمن للكيان الغاصب باستهداف سفنه، وسفن الدول الأخرى المتجهة إلى موانئه، وما فرضه من حصار بحري عليه كبده الخسائر الباهظة، إلا أن الأهم من ذلك هو أن اليمن نجح في إجهاض الحلم الأمريكي الصهيوني المشترك المتمثل في تنفيذ مشروع “قناة بن غوريون”، التي تطمح واشنطن و”تل أبيب” أن تكون بديلة لقناة السويس.

ويرى مراقبون أن اليمن أثبت منذ دخوله معركة “طوفان الأقصى” المباركة أنه يشكل تهديدا حقيقيا للمشروع الصهيوأمريكي.

عام كامل مرّ على معركة “طوفان الأقصى” التي قابلها العدو الصهيوني بارتكاب كل أنواع الجرائم وأفظعها بحق أبناء غزة والأراضي المحتلة في صورة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلاً، في ظل صمت مُقيت وخذلان مُريب وتغاضٍ فاضح من قبل حكام الأنظمة العميلة، وفشل ذريع في أي تحرك يفضي لإيقاف آلة القتل الصهيونية.

وبقدر ما أعادت معركة “طوفان الأقصى”، للقضية الفلسطينية مركزيتها وجعلتها في صدارة القضايا إقليمياً ودولياً، فقد أحيت أيضاً روح المقاومة ووحّدت الفصائل الفلسطينية وعززت تلاحم محور المقاومة لمواصلة إفشال مشاريع العدو الصهيوني وتقديم المزيد من التضحيات لفضح المؤامرات الهادفة لتصفية هذه القضية.

وأفضت معركة “طوفان الأقصى”، الاستراتيجية إلى مسارين رئيسيين، تمثل الأول في وقوف محور المقاومة مع الشعب والقضية الفلسطينية وإسناده ودعمه للمقاومة في مواجهة الكيان الغاصب، فيما تمثل المسار الثاني في تماهي الأنظمة العربية العميلة وخذلانها لفلسطين وقضيتها العادلة وتخليها عن المقدسات الإسلامية.

وأكدت الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في بيان لها السبت، بهذه المناسبة، أن المقاومة الفلسطينية مستمرة بكل قوتها وكافة أجنحتها كحق مشروع للشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.. مُشددة على أن المقاومة في حالة جيدة، وتتمتع بتنسيق عالٍ ومستمر على مختلف الجبهات ومحاور القتال.

كما شددت الفصائل على رفضها القاطع لأي محاولات لفرض إدارة بديلة في غزة خارج نطاق الإجماع الوطني الفلسطيني.. مشيرة إلى أن هذه المحاولات سيتم التعامل معها بنفس طريقة التعامل مع الاحتلال.

وطالبت الشعوب العربية والإسلامية بالتحرك “الفوري والعاجل” في كل الميادين والمدن والعواصم، واستهداف مصالح العدو الصهيوني وداعميه والضغط لوقف حرب الإبادة الجماعية على القطاع ومحاسبة الاحتلال على جرائمه.

ومن أرقام طوفان الأقصى أن هناك أكثر من 500 ألف صهيوني هاجروا الكيان إلى دولهم الأصلية أو غيرها، وهناك أكثر من عشرة آلاف جريح صهيوني بمعدل ألف جريح شهرياً، وهناك حوالي400 جندي صهيوني مُصاب بأحد أطرافه أو كليهما، كما أن هناك 35 في المائة من جيش العدو يعاني من أمراض اكتئابية أو قلق أو اضطرابات ما بعد الصدمة، وهناك 690 جندياً قتيل.. أما الخسائر في مجال الكلفة المادية فقد تخطت 70 مليار دولار.

وقد كشفت هذه الفترة عن أبعاد إنسانية كارثية لم يسبق لها مثيل، فالمدن والقرى تعرضت لتدمير شامل، مما أدى إلى تدهور حاد في الأوضاع المعيشية، وضغط هائلا على المنظمات الإنسانية التي تحاول تقديم الدعم في ظل هذه الظروف القاسية، ومع استمرار هذه الحرب، وبرزت الحاجة الملحة لجهود دولية حقيقية لإنهاء الصراع وتحقيق السلام.

ويؤكد نقيب الصحفيين الفلسطينيين الدكتور تحسين الأسطل، في تصريحات صحفية خاصة، أنه بعد مرور عام على العدوان الصهيوأمريكي على غزة، لم تعد هناك حياة في القطاع بفعل ما يقوم به العدو من عمليات تدمير طالت كل حقوقه في الصحة والتعليم والحياة والكرامة الإنسانية، لنجد أن الفلسطينيين في غزة يواجهون حرب إبادة جماعية.

ويقول الأسطل: إن العدو بعد عام من العدوان، ما زال يتجاهل كل الأعراف الدولية والقوانين التي تحرم وتجرم استهداف المواطنين الفلسطينيين وحياتهم، خاصة الأبرياء الذين ليس لهم علاقة بالصراع، والذين اعتمدهم الاحتلال هدفا رئيسيا في الحرب ووسيلة ضغط يمارسها لتحقيق أهدافه.

وبعد عام من “طوفان الأقصى” تتجلى آثار المسار الذي بدأته العملية على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والقضية الفلسطينية بشكل واضح، بعد أن كان مشروع التطبيع وتشكيل تحالف عربي صهيوني هو من يفرض إيقاع السياسة في المنطقة لسنوات سابقة.

وأعاد الطوفان مشروع الحركة إلى هيئته الأولى، عند انطلاقها كحركة مقاومة تعتمد الكفاح المسلح الطريق الأساسي لمجابهة الاحتلال ورفع كلفته ومنع راحته، وهو المسار الذي فرض نفسه على الإقليم، ليصبح الاشتباك العسكري ممتدا من الضفة الغربية وغزة إلى لبنان واليمن والعراق وإيران، وما يجاورها من مسطحات مائية.

وأصدر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرا شاملا بمناسبة مرور عام كامل على بدء جريمة الإبادة الجماعية التي ارتكبها كيان العدو الصهيوني ضد المدنيين في قطاع غزة، بعنوان (محو غزة: عام من الإبادة الجماعية وانهيار النظام العالمي)، استعرض الجرائم التي نفذها جيش العدو بتواطؤ دولي واضح.. مشيرا إلى سياق الجريمة وأبعادها القانونية.

وفقا للتقرير، فقد قتل جيش العدو الصهيوني أكثر من 50 ألف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر 2023، بينهم 42 ألف مسجلين رسمياً لدى وزارة الصحة الفلسطينية بينما شكل الأطفال والنساء نسبة كبيرة من الضحايا، حيث يمثل الأطفال 33 في المائة والنساء 21 في المائة.. بينما أصيب أكثر من 100 ألف آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، وما زالت آلاف الجثامين تحت الأنقاض بسبب صعوبة الوصول إليهم.

رصد المرصد الأورومتوسطي استشهاد العديد من أفراد العائلات الفلسطينية في هذه العمليات، حيث فقدت 3.500 عائلة عددا من أفرادها، منها 365 عائلة فقدت أكثر من عشرة أفراد، وأكثر من 2.750 عائلة فقدت ثلاثة أفراد على الأقل.

أوضح التقرير أن الجرائم الصهيونية شملت قتل المدنيين في المناطق الإنسانية، والأسواق، والخيام، ودهسهم بالآليات العسكرية، كما وثق حالات قتل للأسرى الفلسطينيين والمعتقلين، فضلا عن استهداف العاملين في المجال الإنساني.

وتطرق التقرير إلى أن أساس الإبادة الجماعية هو الاحتلال الصهيوني غير القانوني للأرض الفلسطينية منذ عام 1967.. مشيراً إلى رأي محكمة العدل الدولية في يوليو 2024، الذي أكد على عدم شرعية الممارسات الصهيونية في الأراضي المحتلة ومنها قطاع غزة.

ولفت التقرير إلى أن قطاع غزة يُعد أحد الإقليمين اللذين يشكلان الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، إلى جانب الضفة الغربية ومن ضمنها القدس الشرقية.

وأثبتت معركة “طوفان الأقصى” أن “جيش العدو الذي لا يقهر” هو مجرد أسطورة.. فقد تمكنت المقاومة من اختراق أكثر المناطق تحصينا وهي مركز التجسس في منطقة ريعيم وإلحاق خسائر فادحة بالعدو وأسر أكثر من 250 أسيرا، منهم شخصيات كبيرة داخل جيش الاحتلال، مما زعزع ثقة المجتمع الصهيوني بقدرات جيشه وأجهزته الأمنية”.

وشهدت الساحة العربية والدولية موجة غير مسبوقة من التضامن مع الشعب الفلسطيني.. تجلى ذلك في المظاهرات الحاشدة التي عمت العواصم العالمية، وحملات المقاطعة التي استهدفت الشركات الداعمة للعدو.

الجدير ذكره أن كيان العدو الصهيوني لن ينسى صبيحة يوم السابع من أكتوبر، حين دخل بكل مؤسساته حالة صدمة غير مسبوقة، واستفاق على الضربة الأعمق والأقوى في تاريخه، تلك الضربة التي شكلت للمرة الأولى تحدياً وجودياً لهذا الكيان اللقيط.

—————————————–
– وكالة سبأ | مرزاح العسل

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة العدو الصهیونی جیش العدو قطاع غزة أکثر من عام من فی غزة

إقرأ أيضاً:

أبرز الأدوار التي لعبتها دول الطوق منذ طوفان الأقصى.. هل طوقت الاحتلال أم المقاومة؟

عام على اندلاع معركة طوفان الأقصى الذي دعا فيه رئيس هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف الأمة العربية والإسلامية والجبهات المحيطة لكنس الاحتلال، ودعا فيه الشعوب العربية والإسلامية للزحف نحو فلسطين.

في المقابل لم تكن الصورة على الأرض كما تمناها ودعا إليها الضيف، كما لم تلعب الدول العربية خصوصا دول الطوق دورا في المعركة ولا حتى دورا في إيقافها.

ودول الطوق العربي هو مصطلح أطلقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في ستينيات القرن العشرين على الدول العربية التي تحيط بفلسطين المحتلة وهي كل من لبنان وسوريا والأردن و مصر.



التقرير التالي يوضح مواقف الدول الطوق: الأردن ومصر ولبنان وسوريا من معركة طوفان الأقصى خلال الاثني عشر شهرا الماضية.

الأردن: اشتباك سياسي وتعاون اقتصادي
يملك الأردن أطول حدود مع فلسطين المحتلة، حيث يجاورها من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، كما أن العلاقات بين الأردن وفلسطين علاقات متداخلة جدا؛ تاريخيا وجغرافيا وديمغرافيا، حيث أصول العشائر الأردنية والفلسطينية واحد، ناهيك عن وجود نسبة كبيرة من الأردنيين من أصل فلسطيني، اكتسبوا هذه الجنسية من خلال وحدة الضفتين التي وقعت عام 1950 وانتهت رسميا عام 1988.

تفاجأ الأردن في الهجوم الذي أطلقته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وندد في البداية بقتل وأسر المدنيين الإسرائيليين، لكن الموقف بدأ يتغير مع بدء العدوان الإسرائيلي الواسع على القطاع وسقوط المزيد من الضحايا.

في المقابل كان الموقف الشعبي متقدما على الموقف الرسمي، حيث انطلقت المظاهرات المساندة لمعركة طوفان الأقصى بعد ساعات من اندلاعها، وشهدت عدة مدن أردنية خصوصا العاصمة تظاهرات حاشدة، فيما كانت هناك دعوات للتوجه للحدود.



بعد مجزرة مستشفى المعمداني في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، اتجه الموقف الأردني نحو التصعيد السياسي، وفي الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت عمّان استدعاء سفيرها من تل أبيب، وطلبت من تل أبيب عدم إعادة السفير الإسرائيلي الذي غادر المملكة سابقا.


أصبح موقف الأردن أكثر وضوحا، فهو يندد بالهجوم الإسرائيلي على القطاع، ويطالب بوقف العدوان وإيصال المساعدات، ويحذر من تفاقم الأوضاع واندلاع حرب شاملة.

وبعد حرب التجويع التي فرضها الاحتلال على شمال قطاع غزة، بادر الأردن بإنزال المساعدات الغذائية عبر الجو، وهي المبادرة التي تبعتها فيها دول كثيرة، كما دخلت مئات الشاحنات من المساعدات عن طريق الأردن إلى شمال القطاع.

وكان واضحا الاهتمام الأردني بالحرب على قطاع غزة على أعلى المستويات، حيث اقتصر الجهد الدبلوماسي للملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي طيلة الفترة الماضية على الوضع في غزة.

وكان الموقف الأردني حازما تجاه مسألة تهجير أهالي قطاع غزة معلنا أن ذلك خطا أحمر، وتجاه مسألة تواجد قوات أردنية أو عربية في القطاع، معلنا رفضه لتلك التوجهات على لسان وزير الخارجية في حزيران/ يونيو الماضي التي قال فيها: "لن ننظف وراء نتنياهو ولن نرسل قوات إلى قطاع غزة لتكون بديلا عن قوات الاحتلال الإسرائيلي".

في المقابل فقد ظل الموقف الأردني من حركة حماس على ما هو، حيث لم يجر أي اتصال سياسي مع الحركة، كما كان الموقف الأمني حازما تجاه أي محاولات لدعم المقاومة الفلسطينية وإيصال السلاح إليها. ويشار هنا إلى محاكمة عدد من الشباب في محكمة أمن الدولة بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية".

كما أشارت تقارير عبرية إلى أن التعاون الأمني بين الأردن والاحتلال لم يتأثر طيلة تلك الفترة، كما أن الجيش الأردني ظل حريصا على استقرار وهدوء الحدود.

ورغم تساهل السلطات مع التظاهرات الشعبية الداعمة للمقاومة الفلسطينية، فإنها كانت تمنع، وأحيانا باستخدام القوة والعنف، التوجه إلى الحدود، والوصول إلى السفارة الإسرائيلية وسط العاصمة.

وبحسب مراقبين فإن الموقف الأردني الذي اتسم بالاشتباك السياسي المتصاعد مع حكومة نتنياهو، لم يذهب بعيدا في الإجراءات الفعلية على الأرض، واكتفى باستدعاء سفيره من تل أبيب، لكنه لم يقطع العلاقات مع "إسرائيل" ويطرد سفيرها كما فعلت دول في أمريكا اللاتينية.

كما أن عمّان، وبحسب مراقبين، سهلت وصول البضائع لـ"إسرائيل" عبر "جسر بري" يبدأ بالإمارات مرورا بالسعودية، وظلت حدودها مفتوحة، بعد أن أثرت ضربات الحوثيين باليمن على عمليات النقل البحري للاحتلال عبر البحر الأحمر.


كما سهلت تصدير الخضار والفواكه إلى الاحتلال، الذي كان يعاني شحا كبيرا فيها جراء توقف الزراعة في شمال فلسطين المحتلة نتيجة ضربات حزب الله، وتوقف التصدير من تركيا.

ورغم نفي السلطات الأردنية لوجود ذلك الجسر، إلا أن تقارير مصورة كثيرة وشهود عيان أثبتت وجوده، فيما منعت السلطات بالقوة اقتراب محتجين من الوصول إلى المعبر ومحاولة عرقلة الشاحنات المحملة بالبضائع من الدخول.



مصر: معبر رفح يكشف مواقف النظام
في مداخلة له في صالون هزاع الثقافي، في كانون الأول/ ديسمبر، أكد اللواء ممدوح الإمام مساعد مدير المخابرات الحربية المصري السابق أن مصر لن تتعاطف سياسيا أبدا مع ما يجري في غزة، وإنما ستتعاطف إنسانيا فقط.

ويبدو أن الموقف المصري تجاه ما يجري في غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 يعكس تلك السياسة التي عبر عنها الإمام.

وبحسب مراقبين فقد عبرت مصر عن مواقف مختلفة وأحيانا متناقضة تجاه الأحداث في غزة، ففي حين أدانت العدوان الإسرائيلي وأدانت تجويع الفلسطينيين إلا أنها لم تفعل الكثير إزاء ذلك خصوصا وأنها تسيطر على معبر رفح.

بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك حين استغلت مأساة أهالي غزة الذين كانوا يضطرون إلى المغادرة، حيث عملت شركة يملكها رجل أعمال مقرب من السلطات المصرية على تأمين الخروج مقابل رسوم مالية باهظة.

وبحسب تقارير فقد دخلت خزينة شركة هلا حوالي 185 مليون دولار منذ بدء العدوان على غزة وحتى آذار/ مارس الماضي من خلال عبور 37 ألف فلسطيني لمعبر رفح.

ورغم إصرار الجانب المصري أن المعبر مفتوح من الجانب المصري إلا أن صور تكدس مئات شاحنات المساعدات على معبر رفح من الجانب المصري شاهدة على الموقف الرسمي من المعبر، حيث يرى أنه لا بد من التنسيق مع الجانب الإسرائيلي لضمان أمان المساعدات.



واقتصر الدور المصري على استقبال الوفود الأجنبية والمشاركة في الوساطة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار.

وظلت العلاقة بين مصر وحركة حماس والمقاومة الفلسطينية على ما هي عليه خلال معركة طوفان الأقصى، حيث ظلت مجرد ملف أمني، كما كان للإجراءات السابقة بتهجير أهالي رفح المصرية وإنشاء عازل دورا في تقليص قدرة أهالي سيناء على مساعدة أشقائهم على الجانب الفلسطيني في القطاع، خصوصا وأن بعض العشائر مقسومة قسمين أحد أفرعها في مصر والآخر في غزة.


وزاد الجيش المصري من رقابته على الحدود لمنع أي تسلل أو تهريب للسلاح لداخل القطاع، وكذلك لمنع أي هجرة جماعية للفلسطينيين تجاه سيناء.

ورغم سقوط شهداء من الجيش المصري جراء عمليات جيش الاحتلال في منطقة رفح من بينهم الجندي عبدالله رمضان عشرى، إلا أن سياسة ضبط النفس ظلت هي السائدة في الجانب المصري.



ومع احتلال القوات الإسرائيلية لمعبر رفح ومحور فيلادلفيا العازل بين مصر والقطاع بالكامل، انتقلت مصر إلى الداعين لانسحاب الاحتلال من هناك دون اتخاذ أي إجراءات عقابية برغم أن ذلك يعد خرقا لاتفاقية كامب ديفيد، بحسب مراقبين.

داخليا عملت السلطات المصرية على منع أي مظاهر للتعاطف والتضامن مع المقاومة الفلسطينية، وكان لافتا خلو مصر من أي تظاهرات تضامنية مع غزة طيلة الفترة الماضية، كما كان لافتا الهجوم الإعلامي بين فترة وأخرى من إعلاميين محسوبين على النظام المصري على المقاومة وحركة حماس، وذلك بالتزامن مع أي دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمصر لفتح معبر رفح لإدخال المساعدات.

سوريا: موقف بارد غامض
تفاعل النظام السوري بفتور مع الحرب في غزة؛ حيث اكتفى بعد عملية "طوفان الأقصى" بإصدار بيان، ربط فيه بين عملية "طوفان الأقصى" وحرب تشرين.

توقع كثيرون أن تكون الساحة السورية خصوصا القريبة من الجولان المحتل هي الساحة الأكثر تفاعلا مع معركة طوفان الأقصى، نظرا لقربها من المواقع الإسرائيلية ووجود الفصائل المقربة من إيران وحزب الله وكذلك بعض الفصائل الفلسطينية المدعومة من النظام السوري هناك.

إلا أن الواقع يشير إلى أن تلك الجبهة هي الأضعف إذا ما قورنت بجبهة جنوب لبنان واليمن وحتى العراق.

و بحسب تقرير لمركز جسور للدراسات (مقرب من المعارضة السورية)، فقد انتهج النظام سياسة التجاهُل على المستوى السياسي؛ حيث لم يَقُمْ بشار الأسد منذ ذلك الحين بأي ظهور إعلامي، وينطبق الأمر ذاته على وزير الخارجية، الذي لم يُجرِ سوى عدّة تصريحات ولقاءات منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر،

وبحسب التقرير فإنه على المستوى الإعلامي، اكتفى النظام بتغطية الحرب، والتركيز على ما تقوم به إسرائيل من فظائع هناك، مع تجاهُل تامّ لحركة حماس، التي تتصدّر المشهد السياسي الفلسطيني خلال الحرب بشكل مطلق، في هذا السياق يُلاحظ غياب اسم "حماس" في وكالة "سانا" للأنباء الرسمية منذ أعوام.


لكن التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام التابعة للنظام السوري تُميز بين حماس وكتائب القسام، حيث يتم ذكر اسم الكتائب، عبر وصفها بـ "كتائب القسام في المقاومة الفلسطينية" -مع أن "سانا" تتجنب ذكر الاسم ما أمكن- حيث لم يذكر منذ بداية كانون الثاني/ يناير 2024 -وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير- سوى مرة واحدة. وهو ما ينسجم مع موقف النظام الذي اعتمده منذ سنوات، والذي يقوم على التمييز بين ما يصفه بـ "الجناح المقاوم" و"الجناح الإخواني" في حركة حماس.

على المستوى الداخلي عمل النظام منذ بداية الحرب على فرض رقابة أمنية شديدة على المخيمات الفلسطينية لمنع خروج المظاهرات الرافضة للحرب، كما لم تشهد المدن السورية أي مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، والتي اعتاد النظام على تنظيمها في مثل هذه المناسبات.

عملياً يتعلّق موقف النظام من حرب غزة أساساً بالموقف من حماس، فالنظام لا يملك أصلاً القدرة على القيام بأي عمل عدائي من الناحية العسكرية تجاه "إسرائيل"، ولا حتى على وَقْف الأعمال العدائية الإسرائيلية على أراضيه، كما أنه لم يَقُمْ حتى باستخدام الهوامش المتسامَح فيها دولياً، والتي استخدمها كل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، من السماح بالمظاهرات.

وبحسب الباحث في الشؤون الإيرانية محمود البازي في مقال له في "الجزيرة نت"، فإن موقف سوريا من طوفان الأقصى والذي يميل إلى السكون، يشكِّل امتدادًا لمفاوضاتها غير المباشرة مع "إسرائيل" من خلال الوساطة التركية، في أيار/ أيار 2008، ورغبتها آنذاك في استرجاع الجولان دون الخوض في مواجهات عسكرية. ومع تطور الظروف، يبدو صمت سوريا الحالي بمنزلة مقدمة إستراتيجية لموقف جديد، يأخذ بالاعتبار التفاوض مستقبلًا مع "إسرائيل".

لبنان: معادلة داخلية معقدة
برغم المعادلة الداخلية المعقدة، إلا أن لبنان كان الساحة الأكثر اشتباكا مع معركة طوفان الأقصى، حيث بدأ حزب الله بعد يوم واحد فقط من انطلاق المعركة في إطلاق القذائف الصاروخية تجاه مواقع إسرائيلية قريبة من الحدود اللبنانية.

وقال حزب الله في بيان بأنّه "تضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر، قامت مجموعات الشهيد القائد عماد مغنية في المقاومة الإسلامية صباحاً بالهجوم على ثلاثة مواقع، هي موقع الرادار وزبدين ورويسات العلم، بأعداد كبيرة من القذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة"، مدشنا بذلك ما قال إنه معركة إسناد للمقاومة الفلسطينية في غزة.



لكن موقف حزب الله لا يظهر الصورة كاملة في لبنان، فبحسب الكاتب اللبناني قاسم قصير في مجلة "الأمان" فإنه "في حين تجمع معظم الأطراف اللبنانية على دعم الشعب الفلسطيني وإدانة المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق هذا الشعب، فإن بعض الأطراف وخصوصا حزب الله والجماعة الإسلامية وبعض الأطراف الوطنية تدعو للانخراط في هذه المعركة دفاعا عن لبنان وفلسطين مهما كانت التضحيات، وهناك أطراف أخرى تؤيد دعم المقاومة لكنها تحذر من تداعيات ذلك وخاصة الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، في حين أن أطرافا أخرى ( القوات اللبنانية والكتائب وقوى المعارضة) تحذر من جر لبنان إلى معركة كبرى وتدعو لتحييد لبنان عن الصراع".

ولم تقتصر جبهة إسناد جنوب لبنان على حزب الله فقد شاركت الجماعة الإسلامية اللبنانية وكذلك كتائب القسام في لبنان في المعركة، وبالطبع ما كان هذا ليكون لولا الضوء الأخضر من حزب الله.


ومع رفض الاحتلال ربط ما يجري بغزة بما يجري بلبنان، فقد صعد من عدوانه تجاه حزب الله في محاولة لفك الارتباط بين جبهتي غزة وجنوب لبنان، ما أدى إلى اتساع المواجهة في المنطقة وصلت حد تنفيذ عمليات عدوانية واسعة ضد حزب الله فيما يعرف بتفجير أجهزة اتصال "البيجر" التي راح ضحيتها شهداء وآلاف الجرحى، وكذلك اغتيال قادة وحدة الرضوان عبر غارة عنيفة على عمارات سكنية في ضاحية بيروت أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 شخصا بينهم نساء وأطفال، واغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، ما حدا بحزب الله لتوسيع نطاق هجماته لتصل مدينة حيفا المحتلة، وفتح ما وصفه بمعركة "الحساب المفتوح".



مقالات مشابهة

  • السفير عبدالله علي صبري: (طوفان الأقصى) طوت صفحةَ تصفية القضية الفلسطينية وضربت الردعَ الصهيوني في الصميم
  • عام على طوفان الأقصى.. المقاومة الفلسطينية تواصل صمودها في وجه العدوان الغاشم
  • نبوءة “الشيخ أحمد ياسين” بزوال المشروع الصهيوني.. هل سيكون 2027 هو النهاية الحتمية؟
  • فصائل المقاومة: "طوفان الأقصى" أعادت القضية الفلسطينية إلى رأس أولويات العالم
  • في الذكرى الأولى لـ”طوفان الأقصى”.. قائد الثورة: نحن إلى جانب المقاومة الفلسطينية وجبهات الإسناد تتجه للتصعيد أكثر
  • فك الشفرات.. كيف مهدت تصريحات قادة حماس لعملية “طوفان الأقصى”؟ / شاهد
  • أبرز الأدوار التي لعبتها دول الطوق منذ طوفان الأقصى.. هل طوقت الاحتلال أم المقاومة؟
  • قيادي في “حماس” يحدد من يعرقل استئناف مفاوضات وقف إطلاق في غزة
  • الفصائل الفلسطينية تجتمع بغزة في ذكرى طوفان الأقصى