لجريدة عمان:
2024-10-06@20:34:17 GMT

أعطني مسرحا لتكتمل الثقافة

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

للمسرح وعوالمه وكواليسه غواية محببة لا يمكن إنكارها، ولقدرته التواصلية المباشرة تفوّق لا يخفى، فمنذ تقاطعنا الأول تدريجيا مع خشبة المسرح المدرسي يكبر شعور الطفل بأهمية المسرح مساحة للضوء والتفاعل معا، فضاء للتعبير الانفعالي والتنفيس الشعوري والتواصل الجماهيري، منطلقا أول للصوت الفردي والعمل الجماعي، إعجابا متصلا بالتفاعل الآسر بين شخوص المسرح من جهة، وبينهم وبين الجمهور المحب من جهة أخرى، ونكبر لتكبر غوايتنا الجميلة بالفن الذي يملك سطوتي الحضور والتأثير معا، أستذكر كل ذلك مع أصداء مهرجان المسرح العماني الذي شهدته سلطنة عمان مؤخرا بعروض مختلفة تنافسا ومشاركة على مسرح العرفان في مركز عمان للمؤتمرات والمعارض، مهرجان المسرح العماني في نسخته الثامنة بتنظيم وزارة الثقافة والرياضة والشباب يعود بكل صخب انتظاره وشوق المترقبين من عشاق المسرح وأهله، شوق يليق بحضوره بعد طول غياب، وما ذلك إلا لما للمسرح حقيقة من أهمية في نقل الواقع وتحدياته عبر استنطاق ثقافة الحاضر بوسائل تتجاوز الحاضر ذاته إلى عوالم تراثية تاريخية، رمزية أو سحرية متخيلة.

المسرح أبو الفنون، عبارة لم تأت عبثا، لم تأت إلا تعبيرا عن قدرة هذا الفن على استيعاب وتذويب كل الفنون الأخرى بقدرات مبدعيه ومهارات عشاقه، هذا الفن المتضمن الأدب بكل تجلياته بداية من النثر مرورا بالسرد وحواراته وصراعاته التفاعلية وصولا لكبرى الملاحم الشعرية، المتضمن مهارة القدرة على تجسيد زمان ومكان الحدث بأدق التفاصيل، السجل المحتفظ بتوثيق العصر ومعطياته من المشترك والمختلف، تسير متلهفا لحضور عرض مسرحي وأنت تدرك أنك ستعيش تجربة متكاملة مختلفة لن تعدم فيها متعة الفنون جميعها من موسيقى وغناء ورسم وتمثيل، تسير متيقنا من فوزك بالمتعة والفائدة معا.

لكن هل المسرح متعة وحسب؟ هل يمكن لهذا السؤال ألا يكون مستهجنا بعد التأكيد على تضمن العرض المسرحي مجموعة من الفنون والآداب؟ فهل السرد متعة وحسب؟ هل التمثيل مجرد لهو؟ وهل الشعر محض ترفيه؟! يقينا لن تكون الإجابة بنعم، ولعلّ هذه الأسئلة وغيرها كانت منطلقا للهجوم على المسرح تاريخيا من بعض المحتجين على المسرح بادعاء عبثيته وترف حضوره، ادعاءات عرفها التاريخ لمجتمعات عرفت المسرح منذ قرون بعد إدراك أصحابها قوة تأثير العروض المسرحية في تعميق الوعي وتشكيل الرأي، منها أول حملات حظر العروض المسرحية في إنجلترا في القرن السادس عشر من قبل أعضاء البرلمان آنذاك، كل تلك التحديات التاريخية لم توقف المسرح عن أداء رسالته منذ قرون، وهي تحديات تؤكد أهميته دون أن تلغي وجوده فما كانت لتحدث لولا استشعار خطورة العروض المسرحية في قدرتها على تعميق الوعي الفكري، ونقد الذات والآخر، قدرتها على تعزيز قيم الإنسانية ومنظومة القيم الأخلاقية بعيدا عن الاستغلال والطبقية والتهميش، بل تجاوز كل ذلك لتشكيل مجتمعات فنية لاستيعاب مسرح المهمشين، والمسرح التعبيري، المسرح التاريخي والمسرح الواقعي، ثم مواكبة العصر في المسرح الفانتازي، ومن مواكبة العصر لا بد من التأكيد على ضرورة تفعيل وسائل الذكاء الاصطناعي والطفرة الرقمية خدمة لنتاج مسرحي أفضل.

كان المسرح وما زال من أهم وسائل التعليم والتثقيف، لذلك حرص المسؤولون من مثقفي الأمم على تغذية المسرح بالممكن من دعمهم فنيا (باستقطاب المهارات الإبداعية المتصلة بالمسرح، واستكتاب أفضل كتابها لتبني قضايا مجتمعية وأخرى إنسانية عامة، وتفرغ المبدعين ومشرفي العروض المسرحية)، ثم ماديا بعد فهم متطلبات المسرح ومراحل تنفيذ العمل الفني وصعوباته، وإن كان المسرح وسيلة للتثقيف والتنفيس معا -عبر ما يقدمه من صراعات درامية تصل بالإنسان إلى فهم طبيعته وإدراك صعوبات واقعه، وتمنحه القدرة على التأمل في مشكلاته النفسية وطبيعة الناس حوله - فإن ما نعيش اليوم من تحديات أولى بفسحة المسرح وفضاءاته القادرة على امتصاص الانفعالات اليومية والمرحلية والتنفيس عنها مما يمنح الفرد والمجتمع فرصة للتدبر في اتخاذ قرار التأقلم أو المواجهة.

ختاما: رغم كل ما قد يطال المسرح من ادعاءات حول عبثيته وترف حضوره، إلا أنه يثبت جدواه التثقيفية وتمثله الدرامي للواقع الحقيقي بين صراعات مأساة، ومفارقات ملهاة، قدرة المسرح على تعميق الوعي، يعول عليها، وإمكاناته التواصلية التكاملية بين أعضاء فريق العمل بمختلف أدوارهم وبينهم وبين الجمهور يُعوّل عليها، وتعزيز هذا الفن بالممكن من الدعم والدائم من تمكين يُعوّل عليه، لن يعود المرء بعد العرض المسرحي صفرا من متعة أو فائدة، (وقد يفوز بهما معا) ولا يعود هو ذاته قبل العرض؛ يعود مُتخففا من كثير أو مُثقلا بالكثير وفي الحالين هي نتيجة طبيعية لوعي مضاعف وإدراك أعمق؛ لكل ذلك ينبغي لنا جميعا أن نرحب بعودة المهرجان المسرحي بعد غياب.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العروض المسرحیة

إقرأ أيضاً:

"أبوظبي للاستثمار" يعلن عن مزايدة لأسواق الأعلاف الحيوانية

أعلن مكتب أبوظبي للاستثمار، بالتعاون مع هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، ودائرة البلديات والنقل، عن دعوة الشركات المملوكة بالكامل لمواطني دولة الإمارات العربية المتحدة، والمسجلة لدى دائرة التنمية الاقتصادية -أبوظبي، للتقدم بمستندات عروضهم المقترحة للمشاركة في مزايدة عامة لتصميم وبناء وصيانة وتشغيل أسواق بيع الأعلاف الحيوانية، في 10 مواقع متعددة في مناطق أبوظبي والعين والظفرة، وهي: الحفار، والرحبة، وناهل، ورماح، وبوكرية، وأبو سمرة، والقوع، وليوا، وغياثي والمرفأ.

وتُعتبر المنشآت الخاصة بالأعلاف الحيوانية، حلقة وصل مهمة في سلسلة الغذاء.
وتعمل هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية بالتعاون مع دائرة البلديات والنقل على دعم مربّي الثروة الحيوانية من خلال توفير مواقع البيع بالتجزئة، والتداول للأعلاف في المناطق الرئيسة.
وتوفر أسواق الأعلاف الحيوانية للمجتمعات المحيطة والمزارعين إمدادات أعلاف عالية الجودة، إلى جانب الخدمات ذات الصلة.
ويمكن للمستثمرين المهتمين المشاركة في هذه المزايدة، والحصول على مستند طلب العروض عبر زيارة الموقع الإلكتروني: https://investinabudhabi.gov.ae/en/Musataha-Projects .
ويجب على المتقدم للمزايدة تأكيد رغبته بالمشاركة، من خلال تعبئة النموذج الإلكتروني على الرابط المذكور ضمن مستندات المزايدة، لاستلام الرابط الخاص بتقديم العروض.
ويتوجب على المستثمرين الراغبين بالمشاركة تقديم عروضهم وفق المتطلبات المذكورة في مستند طلب العروض، في موعد أقصاه 18 نوفمبر 2024، قبل الساعة 5 مساء بتوقيت الإمارات العربية المتحدة.

مقالات مشابهة

  • أشرف زكي يكشف تفاصيل مهرجان نقابة المهن التمثيلية
  • تكريم القاص يحيى المنذري في حفل اجتماع وزراء الثقافة بدول المجلس
  • أشرف زكي: «المتحدة» ترعى تصوير العروض المسرحية لمهرجان المهن التمثيلية 
  • أشرف زكي يعلن الرئيس الشرفي لمهرجان مسرح «المهن التمثيلية»
  • الوحدة وسجن النفس والقضايا الأسرية أبرز العروض المسرحية
  • وزارة الثقافة تبدأ احتفالات يوم نصر أكتوبر بورش فنية تفاعلية لقطاع الفنون التشكيلية في بانوراما حرب أكتوبر
  • وزارة الثقافة تستضيف فريق دنيتنا للغناء على المسرح الصغير بالأوبرا
  • 5 عروض دولية تفتتح مهرجان ظفار الدولي للمسرح
  • "أبوظبي للاستثمار" يعلن عن مزايدة لأسواق الأعلاف الحيوانية