نعيش في أمة عجيبة وغريبة، يتصدى فيها للتنظير والتحليل أناسٌ ليس لديهم ما يقولون لكنهم لا يسكتون، فيُحدثون ضجيجًا في كلِّ مكان ويملؤون الساحات كلامًا فارغًا بلا مضمون، واتهامات باطلة لا تستند إلى الواقع في شيء. ولعل موضوع وقوف إيران بجانب المقاومة العربية هو أكثر موضوع تداوله الناس وأشبعوه نقاشًا واتهامًا، حيث اتهم البعض إيران بأنها خذلت المقاومة بل باعتها عن طريق صفقات سرية، بسبب عملية الاغتيال التي طالت إسماعيل هنية رحمه الله في طهران، وتأخر الرد الإيراني على ذلك.
لاحظتُ أنّ معظم - إن لم يكن كلّ - من يتهم إيران بالخيانة، غفل عمدًا أو جهلًا أنّ الوقوف مع المقاومة العربية في فلسطين ولبنان وفي كلّ مكان في الوطن العربي هو مسؤولية عربية قبل أن تكون إيرانية؛ إذ يريد مثل هؤلاء أن تحارب إيران بالنيابة عن العرب، وعندما تتعرّض لهزة ما فإنّ الكلّ يتسابق في كيل التهم لها؛ ولا يرى هؤلاء في التآمر العربي ولا في التسابق إلى دعم وحماية الكيان الصهيوني من قبل بعض العرب أيّ مشكلة، ووصل الأمر بكثيرين أن يشمتوا في استشهاد إسماعيل هنية وحسن نصر الله وقادة حزب الله، الذين عاشوا أبطالًا واستشهدوا أبطالًا، مما يوضِّح إلى أيِّ مدى وصلت أزمة الأخلاق عندهم، وكأنهم يعرفون كيف سيُختم لهم، فلا شماتة في المرض ولا في الموت.
وحقيقةً إنّ قدَر إيران مع هذه الأمة هو قدَر عجيب؛ والكلّ يتذكر كيف سلّمت الثورة الإيرانية مقر سفارة الكيان في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية فور انتصار الثورة، ولا يمكن لأيٍّ كان أن يتجاهل أنّ إيران هي التي دعمت المقاومة العربية طوال السنوات الماضية، وأمدتها بالمال والسلاح والعتاد، ودربت رجالها حتى أصبحوا يقضّون مضاجع الإسرائيليين، وأصبحت غزة - على صغرها - تقاوم تلك القوة الجبارة ببسالة لمدة عام كامل. وقد فات هؤلاء أنّ مواقف بعض الأنظمة العربية تتفق تمامًا مع الموقف الإسرائيلي تجاه المقاومة العربية؛ لذا فإنّ وجود دولة مثل إيران بتأييدها للمقاومة، يذكر هذه الأنظمة بعجزها وتخاذلها؛ فكان لا بد من تشويه سمعتها، فكان مما قيل إنّ إيران عميلة للكيان؛ وهذه لعمري سذاجة كبرى، فما الذي يمنع إيران أن تقيم علاقات طبيعية مع أمريكا ومعلنة مع الكيان؟! وإذا تأخرت إيران عن الرد على أيِّ هجوم (وهي تأخرت بالفعل) كان الاتهام المجاني لها بأنها عاجزة وجبانة، وإذا ردّت على الهجوم قيل إنّ الرد مسرحية متفق عليها سلفًا، وما الداعي لتلك «المسرحيات» التي صدّعوا بها رؤوسنا ليل نهار؟! لقد تعود العرب على التلقي فقط وعلى مشاهدة المسرحيات، لذا أصبحت لديهم جرأة في انتقاد الآخرين وكَيْلِ التهم لهم جزافًا، ولكن عندما يتعلق الأمر بداخل أوطانهم، فإنّهم يصمتون صمت القبور ولا يجرؤون على التنفس. ثم أليس العرب أحق وأولى بهذه المسرحيات من إيران؟ فالدول العربية التي طبّعت مع الكيان بغير رضا شعوبها هي الأولى أن تتجه لمسرحيات كهذه حتى تكتسب الشرعية من الشعوب الرافضة للتطبيع. وممّا أعجبني في هذا الجانب سؤالٌ طرحه الكاتب فراس أبو هلال في موقع «عربي 21»: «لماذا لا توافق دولة الاحتلال على مثل هذه المسرحية لصالح حلفاء عرب واضحي الصداقة معها، لرفع أسهمهم عند شعوبهم مثلا، وتقتصر مسرحياتها على إيران فقط؟ ومن جهة أخرى، كيف توافق دولة الاحتلال على مسرحية تكلفتها 1.3 مليار دولار - كما ذكرت صحف عبرية؟ - وما الهدف الذي يستحق مثل هذا الثمن؟».
ومن ضمن ما يردده أصحاب نظرية المسرحية، أنّ الصواريخ الإيرانية لم تحقق شيئًا، متأثرين بتغريدة لإحدى الفضائيات العربية في أبريل الماضي بأنّ الصواريخ الإيرانية أصابت «مدجنة» فقتلت عددًا من الدجاج. لكن هؤلاء لم يقرأوا ما كتبته صحيفة «ميليتيري ووتش ماجازين» الأمريكية في الأول من أكتوبر الحالي، بأنّ الضربات الصاروخية الإيرانية استهدفت قاعدة «نيفاتيم» الجوية التي تستضيف سربين من مقاتلات الجيل الخامس من طراز إف - 35، ناشرة لقطات من الكيان يظهر تأثير عشرات الصواريخ البالستية التي فشل الدفاع الجوي الإسرائيلية في إسقاطها، مع تأثر بعض الأهداف بما في ذلك مقر وكالة الاستخبارات «الموساد»، الواقع في تل أبيب والذي دمره الهجوم. وتذكر الصحيفة أنّ «التقارير تشير إلى أنّ الجزء الأكبر من طائرات إف - 35، دُمِّر في الهجوم»؛ كما أنّ هؤلاء لم يقرأوا ما نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية من أنّ النتائج تشير إلى أنّ طهران «نجحت بصورة أكبر في التهرب من الدفاعات الإسرائيلية، مقارنةً بما كان الأمر عليه في أبريل الماضي». ولدى تناوله ما حققته «الوعد الصادق 2»، أكد جيفري لويس وهو مدير «برنامج منع الانتشار النووي في شرقي آسيا»، في معهد «ميدلبري» للدراسات الدولية في كاليفورنيا، إحصاء 32 ضربة على قاعدة «نيفاتيم» وحدها، فيما أكد يوسي ميلمان الخبير الأمني والاستخباري الإسرائيلي تعليقًا على صور نشرتها وكالة «أسوشييتد برس» الأمريكية تُظهر أضرارًا لحقت بـ«نيفاتيم»، أنّ «الأضرار أكبر كثيرًا مما أعلنه الجيش في القاعدة الأهم لسلاح الجو، كما هو واضح».
السؤال الذي يجب أن يُطرح: هل كلّ فئات الشعب الإيراني راضية عن التضحيات التي تقدّمها الحكومة الإيرانية لصالح المقاومة العربية بشقيها الفلسطيني واللبناني، وبشقيها السني والشيعي؟! هناك تيار قوي داخل إيران، ومن مسؤولين كبار أيضًا، يرون أنّ الاهتمام بالداخل الإيراني أولى من الاهتمام بالمقاومة العربية؛ بل إنّ هناك تيارًا يرى ضرورة إقامة علاقات طبيعية مع أمريكا والغرب وإسرائيل؛ وهو تيار ليس له صوت ولا نفوذ الآن، ولكن مع مرور الأيام وتغيّر الأحوال قد يكون مؤثرًا؛ وبالتأكيد فإنّ الحكومات الإيرانية المتعاقبة تعلم تمامًا حدود الأمن القومي الإيراني أين يبدأ وأين ينتهي؟ لذا استطاعت إيران أن تقيم علاقات قوية مع أطراف عربية مؤثرة، مثل المقاومة في كلٍّ من فلسطين ولبنان والعراق واليمن؛ وعندما يجدّ الجدّ فإنّ إيران لا تحتاج إلى إقامة تحالفات عسكرية تحت مسميات وهمية، أخذت من العواصف كلّ أسمائها ولم يبق منها شيء للاستهلاك، كما يفعل البعض.
السؤال السابق يقودنا إلى سؤال آخر له علاقة به: لو فرضنا أنّ إيران تخلت عن المقاومة وأقامت علاقات طبيعية مع أمريكا ومع الكيان الصهيوني، (ولا يوجد ما يمنع ذلك) فأين ستكون الدول العربية وخاصة الخليجية؟ لو أرادت إيران أن تعود إلى عهدها السابق كشرطي للخليج، فالأمر سهل جدًا؛ فما عليها إلا أن تغيِّر من سياستها، وعندها ستصاب دول المنطقة بالزكام بمجرد كحّة في طهران، أليس منا رجل رشيد؟!
والسؤال السابق يأخذنا إلى سؤال آخر: ماذا - فرضًا - لو تخلت إيران عن محور المقاومة؟! ألا تحمي هذه المقاومة الأنظمة العربية حاليًّا من السقوط؟ إذا كان الكيان الصهيوني استطاع أن يستبيح الأمة العربية الآن رغم وجود المقاومة، فكيف سيكون الحال بغيابها؟!
إني من المؤمنين بحقّ إيران في الرد القوي ضد الانتهاكات والاختراقات الإسرائيلية ضدها؛ وكنتُ أرى أن يكون الرد من جنس العمل، وكم تأسفتُ - كما تأسف غيري - لتأخر الرد، لأنّ ذلك التأخر أعطى الفرصة للكيان الصهيوني أن يتمادى في غيِّه وجبروته؛ ولكن الرد الأخير أثلج صدور الكثيرين، ويكفي تلك الفرحة التي انطلقت من أبناء غزة؛ فقد أثبتت إيران أنها قوة إقليمية لا يستهان بها، وهذا ما أغاظ بعض الدول العربية التي تتبنى سياسة الخضوع لواشنطن.
لا يمكن أن نتجاهل أنّ الكيان الصهيوني استطاع أن يخترق إيران وحزب الله، فهذه حقيقة مؤلمة، ولكن يبقى أنّ قدَر إيران أن تدافع عن العرب، وأن تتحمل ما يأتيها من بعضهم؛ فالعرب - باستثناء الفئة المقاومة منهم - تجرّعوا الهزيمة حتى الثمالة، ورضعوا الخنوع بسبب سياسة القمع ضدهم، فأصبحوا - كما وُصفوا غير مرة - في دكة الاحتياط متفرجين، ويعتقدون أنّ كلّ صيحة عليهم، وأنّ الحياة كلها مسرحيات في مسرحيات فقط، وأنهم شعب الله المختار، فصارت الحقيقة تؤلمهم، ولم يروا تقصير بلدانهم، وإنما رموا كلّ شيء في رقبة إيران، مرة باسم المذهبية ومرة باسم العمالة ومرة باسم التمثيل، أما هم فمبرؤون من كلّ عيب ونقص، ولا يهمهم حتى لو أبيد أهل غزة ولبنان كلهم، متجاهلين أنّ ذلك لن يمنع أن يأتي الدور عليهم واحدًا تلو الآخر. وعبر التاريخ ما اعتقد شعب ما أنه مختار من الله إلا كان ذلك إيذانًا بسقوطه.
زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المقاومة العربیة الکیان الصهیونی إیران أن
إقرأ أيضاً:
سوريا تتحرك لقطع آخر شبكات تهريب إيران
بعد الإطاحة بالأسد، دأب حكام سوريا الجدد على سحق "الجسر البري" الذي استخدمته إيران لبسط نفوذها الإقليمي من خلال تسليح حزب الله وحلفائه الآخرين.
تستهدف قوات الحكومة السورية طرق التهريب على طول الحدود الممتدة لـ 233 ميلا مع لبنان، وهي طرق حيوية لإيران والميليشيات المتحالفة معها لنقل الأسلحة والأموال والمخدرات.
ويأتي انهيار شبكة التهريب في أعقاب الإطاحة بنظام بشار الأسد، مما قلل بشكل كبير من نفوذ إيران الإقليمي.
ففي الأسابيع الأخيرة، سعت قوات الحكومة السورية إلى خنق طرق التهريب التي تعبر الحدود الوعرة مع لبنان. تُعدّ هذه الطرق آخر ما تبقى من "الجسر البري" - وهي شبكة تمتد عبر الأراضي السورية - التي استخدمتها إيران والميليشيات المتحالفة معها لنقل الأسلحة، والأموال، والمخدرات، والوقود.
وقد ساهمت هذه الطرق في دعم حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، ومثّلت دعما حيويا لحليف النظام القوي، حزب الله اللبناني، بما في ذلك في مواجهته مع إسرائيل.
اليوم، اختلف الوضع جذريا بعد أن تمت الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر، مما شكّل انتكاسة كبيرة لقوة إيران الإقليمية، وعزلها إلى حد كبير عن حزب الله.
من مراكز التهريب الحدودية، مثل حوش السيد علي، التي كانت لا تزال مشتعلة جراء الاشتباكات، إلى قواعد الميليشيات الشيعية المهجورة في مدينتي القصير وتدمر اللتين مزقتهما الحرب شرقا، أصبحت نقاط العبور التي استخدمتها إيران ووكلاؤها في السابق في حالة يرثى لها.
وقد كشفت رحلة صحفية حديثة قام بها صحفيو صحيفة واشنطن بوست إلى هذه النقاط الحيوية في شبكة التهريب عن أدلة وافرة على خروج متسرع.
مع تقويض نفوذها الإقليمي، بدأت إيران الآن تتطلع إلى ما وراء حلفائها التقليديين، بما في ذلك الجماعات السنية المتطرفة، في محاولة للحفاظ على خطوط الإمداد وزعزعة استقرار الحكومة الجديدة، برئاسة أحمد الشرع، وفقا لتحذيرات مسؤولين أمنيين في أوروبا والمنطقة. وهذا من بين التحديات العديدة التي يواجهها الشرع في محاولته مواجهة تدخل القوى الخارجية المتنافسة وتوحيد سوريا.
الاشتباكات والصراعات
بعد أن تعرّض حزب الله لقصف إسرائيلي في لبنان الخريف الماضي، لا يزال الحزب يسعى جاهدا لتجديد مخزوناته من الأسلحة وجمع الأموال لتعويض مؤيديه التقليديين في بيروت وجنوب لبنان الذين فقدوا ممتلكاتهم في الصراع.
وقعت اشتباكات مؤخرا بين القوات السورية والعشائر المحلية المتحالفة مع حزب الله، وتحولت إلى اشتباكات دامية مما أسفر عن مقتل 3 جنود سوريين، وردّت القوات السورية بدخول قرية حوش السيد علي، التي قالوا إنها كانت قاعدة لعمليات ضد قواتهم. أرسلوا آلاف التعزيزات إلى المنطقة - معظمها من محافظة إدلب شمال سوريا، وعززت القوات السورية وجودها في المناطق الحدودية لقطع طرق التهريب ومكافحته والحفاظ على السيطرة.
كما انخرط الجيش اللبناني في الصراع، مما أدى إلى تعقيد الوضع الأمني. وأعلن الجيش اللبناني أيضا تدخله ردا على قصف داخل أراضيه. ونفى حزب الله مشاركته.
عمليات حزب الله
أصبحت المنطقة المحيطة بالحدود اللبنانية مركزا حيويا لحزب الله على مدار الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاما، ومركزا لتصنيع المخدرات وبوابة لنقل الأسلحة والعناصر.
وخلال عملياتها في القرى الحدودية، اكتشفت قوات الحكومة السورية 15 مصنعا لتصنيع الكبتاغون، وهو مخدر شبيه بالأمفيتامين، استفاد من بيعه كلٌّ من نظام الأسد وحزب الله. وقدّر مسؤولو الأمن المحليون قيمة هذه التجارة بعشرات الملايين من الدولارات.
في مدينة القصير، على بُعد 6 أميال فقط من الحدود اللبنانية، تحولت المنطقة الصناعية بأكملها إلى موقع تخزين أسلحة ضخم، يغطي مساحة تقارب 50 ملعب كرة قدم. وقد أدت الغارات الجوية الإسرائيلية إلى تحطيم أبواب نوافذ المباني، وشوهدت صناديق الذخائر.
وقال سامر أبو قاسم، رئيس الأمن العام في القصير، مشيرا إلى صناديق خشبية كبيرة: "هذه صواريخ إيرانية". وتناثرت بقايا ذخائر أخرى على الأرض. وأضاف: "كان هذا منشأة مركزية لهم. جميع هذه المتاجر كانت مخازن أسلحة".
استُخدم مبنى قريب، كان مدرسة في السابق، كقاعدة تدريب لحزب الله. وتناثرت كرات الطلاء الناتجة عن التدريبات في الفناء. ورُميت طائرات مسيرة، كانت ملقاة في درج، فوق صناديق الذخائر.
وأتاحت وسائل تعليمية تُركت على عجل لمحة عن أسلوب حزب الله التربوي، بما في ذلك كيفية إعداد المقاتلين لخطط المعارك.
قال سكان محليون إنه مع تقدم المسلحين العام الماضي من شمال سوريا، حزم مسلحو حزب الله الذين تجمعوا في المدينة أمتعتهم وغادروا دون قتال.
وقال أحمد عبد الحكيم عمار، رئيس الأمن في القصير ومحيطها: "لقد كانت خسارة فادحة لهم". بالنسبة لحزب الله، أصبحت المنطقة بمثابة "هرمل ثانية"، في إشارة إلى معقله في سهل البقاع اللبناني.
مخزونات الأسلحة في سوريا
في الأثناء، كانت عناصر من شبكة إيران في سوريا لا تزال نشطة، وخاصة تلك المرتبطة بحزب الله. واعترضت الحكومة السورية الجديدة أكثر من 12 شحنة متجهة إلى لبنان.
وقد أسفرت إحدى هذه الغارات، التي أعلنت عنها وزارة الداخلية السورية في يناير، عن العثور على صناديق طائرات مسيرة مخبأة في شاحنة محملة بأعلاف الحيوانات.
وحاول حزب الله نقل مخزون ضخم في سوريا إلى خارجها، ويعمل الحزب مع الشبكات السورية لإخراجه.
وللقيام بذلك، يجب على حزب الله تفادي الغارات الجوية الإسرائيلية. وقد دُمّر الجسر الذي يربط حوش السيد علي بلبنان - أحد خطوط الإمداد الرئيسية لحزب الله - في غارة جوية خلال حرب إسرائيل مع حزب الله، وواصلت إسرائيل قصف المخزونات في سوريا.
النفوذ الإيراني
إلى جانب جهود التهريب، اتهم مسؤولون سوريون إيران أيضا بالسعي إلى زعزعة استقرار الحكومة الجديدة، بما في ذلك المساعدة في تأجيج العنف الأخير على طول الساحل، عندما تحولت الهجمات المنسقة التي شنها الموالون للأسد على قوات الأمن السورية إلى عنف طائفي.
ولم يقدم المسؤولون السوريون تفاصيل تدعم مزاعمهم، وصرح مسؤولان أمنيان أوروبيان بأنه لا يوجد دليل على دور إيراني مباشر في الهجمات المنسقة ضد القوات السورية.
لكن المسؤولين الأوروبيين قالوا إن إيران كانت تحاول بدلا من ذلك إثارة الاضطرابات من خلال حشد المتطرفين السنة، بمن فيهم المسلحون التابعون لتنظيم داعش، ضد الحكومة السورية الجديدة.
وقال أحد المسؤولين: "نرى تورطا إيرانيا هناك". ولم يتطرق المسؤولان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة مسائل أمنية حساسة.
دعم الميليشيات
في تدمر، موطن الآثار الآسرة لإحدى أهم مدن العالم القديم، ساعد سقوط نظام الأسد في الكشف عن حجم الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا. "الموت لأميركا"، كُتبت هذه العبارة على جانب فندق سابق كان يُستخدم لإيواء مئات المقاتلين من لواء الفاطميون، وهي ميليشيا من الشيعة الأفغان نُشرت لتعزيز المصالح الإيرانية في سوريا.
وقال جنود في تدمر إن المدينة، الواقعة على مفترق طرق صحراوي استراتيجي، أصبحت في الأساس مجمعا عسكريا ضخما. واليوم، انتهت قوات الأمن من تطهير المدينة وما حولها من أفخاخ متفجرة وألغام، لكن قبضتها تبدو واهية.
قال زاهر السليم، 40 عاما، وهو متطوع في المجلس المدني المحلي: "سيطرة الدولة معدومة".