هل يمكن ضمان الأمن المائي في آسيا ؟
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
ترجمة: بدر بن خمـيـس الظّفـري -
الموضوع الرئيسي لأسبوع المياه الدولي الثالث في آسيا، الذي يُعقد في بكين من الثلاثاء إلى السبت، هو تعزيز الأمن المائي في آسيا. وباعتباره المنظم الرئيسي للاجتماع، اتخذ معهد موارد المياه وأبحاث الطاقة الكهرومائية التابع لوزارة موارد المياه في الصين، وهو معهد عالمي رائد للأبحاث المتعلقة بالمياه، خطوة في الوقت المناسب نحو تأمين موارد المياه في المنطقة.
وإذا ما قرأت أي صحيفة في أي يوم في أي مدينة آسيوية، فمن المرجح أن تجد تقريرًا واحدًا على الأقل عن قضايا تتعلق بالمياه، سواء عن فيضان المياه أو قلة المياه، أو عدم توفرها، أو قضايا تتعلق بجودة المياه، أو المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، أو الآثار البيئية. لقد أدى الانحباس الحراري العالمي إلى تعقيد إدارة المياه، وأصبحت المشكلة صعبة الحل للغاية.
غالبًا ما تدور مناقشات مطولة حول أزمات المياه الوطنية والدولية بين المتخصصين في مجال المياه وفي وسائل الإعلام. ومع ذلك، فإن جميع مشاكل المياه وحلولها تكون محلية. قد تكون هناك بعض الجوانب المشتركة، لكن ظروف مشاكل المياه وحلولها تختلف من بلد إلى آخر. في البلدان الكبيرة والمتوسطة الحجم، غالبًا ما تختلف مشاكل المياه وحلولها من جزء إلى آخر من البلاد. إن الظروف هي التي تحدد الحلول الصحيحة.
لنتأمل الصين على سبيل المثال. فمن المرجح أن تختلف مشاكل المياه التي تواجهها بكين وحلولها عن تلك التي تواجهها منطقة منغوليا الداخلية المتمتعة بالحكم الذاتي لأسباب عديدة، بما في ذلك مستويات وتركيبة السكان، والتحضر، والظروف المناخية المائية، والقدرات المالية والمؤسسية، وممارسات إدارة المياه التاريخية، والخلفيات الثقافية والاجتماعية. وعلى هذا فإن الحلول التي قد تنجح إلى حد كبير في جزء من الصين قد لا تنجح في أجزاء أخرى من البلاد.
قبل ثلاثة أو أربعة عقود من الزمان، أدرك خبراء المياه أن الحلول لا تناسب الجميع. وحتى في ذلك الوقت، لا تزال العديد من المؤسسات، سواء الوطنية أو الدولية، تقترح حلولا عالمية لمشاكل المياه، بصرف النظر عن سياقات المشاكل. وليس من المستغرب أن تكون هذه الحلول العالمية، في معظمها، فاشلة.
إن مشاكل المياه التي تواجهها كل دولة آسيوية، أو أجزاء مختلفة من دولة واحدة، هي مشاكل خاصة بها، ولا يمكن تعميمها في مجموعة واحدة من الظروف التي يمكن تطبيق حل عالمي واحد عليها. ولنتأمل هنا اليابان وجمهورية كوريا. إن إحدى القضايا المهمة المتعلقة بالمياه بالنسبة لهما تتمثل في التناقص المطّرد في أعداد السكان في العقود الأخيرة، ونتيجة لهذا تحاول هاتان الدولتان إيجاد السبل لتقليص حجم مرافق المياه، وخاصة في المراكز الحضرية المتوسطة الحجم.
على مدار التاريخ المسجل، كان لزامًا على شركات المياه أن تتوسع بشكل تدريجي مع زيادة عدد سكان البلاد. وتم تطوير نماذج الأعمال لتوفير إمدادات متزايدة من المياه لعدد متزايد من المستخدمين.
وعلى النقيض من ذلك، تشهد البلدان الآسيوية مثل بنجلاديش وبروناي والهند وإندونيسيا وماليزيا زيادة مطردة في أعداد السكان. وفي غياب سياسات استنزاف المياه، ترتفع متطلبات المياه لكافة الأغراض.
وعلى هذا فإن مشاكل المياه التي تواجهها اليابان وجمهورية كوريا وحلولها لابد وأن تكون مختلفة تماما عن تلك التي تواجهها بنجلاديش أو الهند أو إندونيسيا. ومع دخولنا الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين، فمن غير الممكن أن نجد حلا شاملا لمشاكل المياه التي تواجهها بلدان آسيوية مختلفة.
وفي هذا السياق، شهدت سياسات وممارسات إدارة المياه في الصين في فترة ما بعد عام 2000 تغيرا ملحوظا حتى عام 2000 تقريبا، وكانت إدارة المياه في الصين مماثلة لتلك المتبعة في معظم البلدان النامية الأخرى في آسيا.
ولكن التطورات التي حدثت منذ عام 2000 أدت إلى تحسين ممارسات إدارة المياه في الصين بشكل جذري. على سبيل المثال، في الفترة التي أعقبت عام 2000، ركز كبار صناع القرار والسياسات في الصين، على النقيض من نظرائهم في العديد من البلدان النامية (وبعض البلدان المتقدمة)، على معالجة القضايا المتعلقة بالمياه.
لقد حرص الرئيس شي جين بينغ باستمرار على تسليط الضوء على أهمية القضايا المتعلقة بالمياه والبيئة وسبل معالجتها. ويمكن رؤية هذا الاهتمام في كتاب «حوكمة المياه في الصين - وجهات نظر شي جين بينج» الذي نشرته وزارة الموارد المائية في وقت سابق من هذا العام.
إن أحد الجوانب المهمة في تفكير الرئيس شي هو أن سياسات وحلول التنمية يجب أن تتمتع بخصائص صينية فريدة. وهذا يشمل مشاكل المياه وحلولها. ويجب أن تكون ممارسات إدارة المياه مناسبة بشكل مثالي لثقافة الصين وظروفها الحقيقية ومتطلبات التنمية. ومن بين العديد من ممارسات إدارة المياه الجديدة التي صاغتها الصين ونفذتها في السنوات الأخيرة مدن الإسفنج، ومسؤولو الأنهار، والنماذج الرقمية، وإحياء «الأنهار الرئيسية التاريخية» في الصين، وتحسين جودة المياه.
وكنتيجة مباشرة للاهتمام السياسي المستمر على أعلى المستويات بالمياه، تحسنت ممارسات إدارة المياه في الصين بشكل جذري على مدى العقدين الماضيين. ولذلك نجحت البلاد في تحسين ممارسات إدارة المياه لديها من كونها مماثلة لبلد نامٍ متوسط إلى أن أصبحت واحدة من أكثر البلدان ابتكارًا وفعاليةً في العالم.
إن أسبوع المياه الدولي الثالث في آسيا يتيح للمشاركين فيه من بلدان آسيوية أخرى فرصة للتفكير في الأسباب التي أدت إلى تحسن إدارة المياه في الصين بشكل ملحوظ على مدى العقدين الماضيين. إن مشاكل المياه في آسيا قابلة للحل، شريطة استيفاء شرطين مهمين. أولا، لابد أن تحظى قضايا المياه باهتمام قوي ومستمر من جانب القيادات الوطنيّة. وثانيا، لابد أن تعمل كل دولة على تطوير حلول تعكس احتياجاتها الوطنية الخاصّة. وإذا تمكنت البلدان الآسيوية من استيفاء هذين الشرطين، فسوف تتمكن من معالجة مشاكل المياه في القارة خلال العقدين المقبلين.
أسيت ك. بيسواس أستاذ زائر في جامعة جلاسكو بالمملكة المتحدة، ومدير إدارة المياه الدولية في سنغافورة، والرئيس التنفيذي لمركز العالم الثالث لإدارة المياه في المكسيك.
سيسيليا تورتاجادا أستاذة في كلية الاستدامة الاجتماعية والبيئية في جامعة جلاسكو بالمملكة المتحدة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المتعلقة بالمیاه فی آسیا عام 2000
إقرأ أيضاً:
مظاهرة في طرطوس تطالب «بفرض الأمن» وبيان هام من «الشرع» بخصوص «قسد»
تظاهر العشرات من أهالي مدينة طرطوس ضد حوادث السطو المسلح التي كثرت في الأيام الأخيرة، مطالبين إدارة العمليات العسكرية “بفرض الأمن ومنع التصرفات الفردية وتجاوز القانون”.
واندلعت مظاهرات مساء أمس، في طرطوس، استنكارا لما تطلق عليه إدارة العمليات العسكرية بـ”التصرفات الفردية” والتي كان آخرها سطو مسلح على منزل التاجر “سنان درغام” نهارا وسرقة ممتلكاته”، وتكاتف أهل طرطوس وأدى تعاونهم مع عناصر إدارة العمليات العسكرية إلى إلقاء القبض على الفاعلين”.
والتقى قائد شرطة محافظة طرطوس جمعة علي يوسف، بالأهالي، وأكد لهم أن “الفاعلين سينالون عقابهم وستتم محاكمتهم وفقا للقانون وإعادة المسروقات إلى أصحابها، كما تعهد بتغيير جذري في أمان مدينة طرطوس مع قدوم السبت القادم|، وشدد على “القيام بكل ما من شأنه الحد من هذه الحوادث ومنعها للحفاظ على أمن المواطنين وممتلكاتهم”.
كما أصدر قائد شرطة محافظة طرطوس بيانا جاء فيه: “إدارة العمليات العسكرية لا تقوم بمداهمة المنازل وتفتيشها، نرجو من اهالي محافظة طرطوس أن لا يستجيبوا لأي جهة تدعي تفتيش المنازل، وأن عليهم في هذه الحالة التواصل بشكل مباشر مع الإدارة والتبليغ عن هذه الحالات كي تتم معالجتها”.
وأصدر بعض وجهاء قرى في الساحل السوري أمس بيانا، بخصوص التجاوزات التي تحصل مؤخرا في مدن وأرياف الساحل، دعوا فيه القيادة السورية الجديدة “لتحمل مسؤولياتها ووقف التجاوزات، مؤكدين عدم السماح بأي تجاوزات كانت صغيرة أم كبيرة سواء كانت في المدن أو في الأرياف بالتنسيق والتفاعل مع الجهات المعنية”.
اندلعت مظاهرات في طرطوس احتجاجًا على سلطة أمر الواقع. pic.twitter.com/APRAxV2mLj
— محمد هويدي (@MohammedHawaidi) December 18, 2024مصادر محلية في #طرطوس: مظاهرات شعبية في مدينة طرطوس مساء الأربعاء استنكاراً لتكرار حالات السطو المسلح على منازل الأهالي وسرقة ممتلكاتهم، والتي كان آخرها ظهر اليوم، حيث حضرت الإدارة العسكرية إلى مواقع التظاهرات.. pic.twitter.com/EQ3baXw5ye
— أخبار سوريا الوطن Syrian (@SyriawatanNews) December 18, 2024بيان هام من «الشرع» بخصوص «قوات سوريا الديمقراطية»
وجه قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا، أحمد الشرع “الجولاني”، تحذيرا لـ”قوات سوريا الديمقراطية”، مؤكدا على وجوب “الانسحاب أو العملية العسكرية التي لن تبقي منهم أحدا”.
وأوضح الشرع، مخاطبا “قوات سوريا الديمقراطية”، قائلا: “هنالك حلان فقط لا ثالث لهما الانسحاب أو العملية العسكرية التي لن تبقي منكم أحدا”.
وأعلن قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، في وقت سابق، “الاستعداد لتقديم مقترح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في كوباني (عين العرب)، مع إعادة توزيع القوات الأمنية تحت إشراف وتواجد أمريكي”.
كما أكد ممثل الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا عبد الكريم عمر، أن “استمرار هجمات تركيا والقوات الموالية لها ضد إقليم شمال وشرق سوريا قد يؤدي لفرار آلاف الدواعش من مراكز الاحتجاز”.
وكان تعهد “الشرع”، في وقت سابق، بأن يتم حل الفصائل المسلحة، كما أكد أنه “يجب أن تحضر عقلية الدولة لا عقلية المعارضة وسيتم حل الفصائل ولن يكون هناك سلاح خارج سلطة الدولة السورية”.
آخر تحديث: 19 ديسمبر 2024 - 15:36