الوطن:
2025-02-08@18:54:04 GMT

محمد علي حسن يكتب: على هذه الأرض ما يستحق الصمود

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

محمد علي حسن يكتب: على هذه الأرض ما يستحق الصمود

تخيل أنك تعيش حياة بائسة فى مدينة أشباح، لا صوت يعلو فيها على أصوات الطائرات الحربية والقصف، أن تكون إنساناً يجهل مصيره، تلامس الموت فى كل لحظة، سئمت من إحصاء الموتى من الأحباء والأقارب، يمر أمام عينيك شريط ذكريات لمواقف جمعتك مع صاحب الجثمان أو ما تبقى منه، ويجول سؤال واحد فى خاطرك: «من سيتذكرنى حين أموت قصفاً أو جوعاً؟»، تبحث عن مأوى لزوجتك وأبنائك، تنبش بين الأنقاض بحثاً عن صورة لوالدك، لوالدتك، أو جثة جارك المفقود.

. تخيلت؟، هناك بالفعل نحو 2.2 مليون فلسطينى فى قطاع غزة يمرون بأفظع من ذلك طيلة 365 يوماً، لكنهم ما زالوا صامدين. لن أتحدث عن مقاطع الفيديو والصور فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى التى تبرز المأساة التى يعيشها أهالى القطاع، لكن الأرقام التى نتابعها يومياً «صادمة»، من الشهداء والجرحى والغارات الجوية والقصف والاعتقالات وتدمير المبانى، ورغم ذلك يتنقل سكان غزة باستمرار من أماكن قيل لهم إنها آمنة، ويعيشون فى خطر دائم، يصنعون الخيام بما يجدونه من أكياس بلاستيكية وخشب، ويعيشون على وجبة واحدة فى اليوم، هذا إن كانوا محظوظين ووجدوها بالفعل، صور كثيرة تعبر عن هذا الوضع اللا إنسانى الذى يمر به القطاع، فمئات الأطفال يركضون نحو عربة واحدة تجلب الطعام، ومئات الأمهات يحملن الماء فى أوعية، وعلى أكتافهن فلذات الأكباد الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم الأربع سنوات، والآباء -الذين ما زالوا على قيد الحياة- يقطعون الخشب لاستخدامه فى إشعال النار، إما للإضاءة ليلاً أو التدفئة.

المآسى فى قطاع غزة لا تنتهى، فالحرب الإسرائيلية تستمر فى استنزاف السكان ليصل عدد الشهداء إلى أكثر من 42 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما أصبحت الغالبية العظمى من السكان نازحين محاصرين فى عشرة بالمائة فقط من مساحته، لقد تغيرت نظرة الأطفال للحياة، حيث تأكدوا أن الحرب تمحو عائلات بأكملها من السجل المدنى، وأصبحت أمنيتهم الوحيدة العودة إلى منازلهم، حين تعود الحياة إلى طبيعتها، ولكن هناك عدة أسئلة تفرض نفسها: هل سيعود هؤلاء الأطفال إلى طبيعتهم؟، هل سيشبون أسوياء نفسياً؟، فكم من طفل فقد أمه أو أباه أو كليهما، وكم من شاب رياضى فقد أحد أطرافه وأُجبر ألا يمارس شيئاً قد يكون الوحيد الذى أحبّه فى حياته وحلم أن يصير بطلاً فيه، ولمَ لا فهو إنسان له أحلام وطموحات، وتلك أبسط حقوقه، وكيف لطفل يرى أمام عينيه يومياً عائلات أصبحت مجرد تاريخ ويسعى لتكوين أسرة حينما يصير شاباً، حال ترك الاحتلال له يكمل حياته فى أمان ولم يصبح تاريخاً هو الآخر؟.

أحلام بسيطة حطمتها غطرسة الاحتلال، فمئات الآلاف من الأطفال لم يذهبوا إلى مدارسهم منذ عام، ومئات الآلاف من الطلاب دُمرت جامعاتهم ومعاهدهم كلياً أو جزئياً جرَّاء القصف المتعمد، أما عن المستشفيات والعيادات فتعرضت للاعتداء، وخرجت عن الخدمة، لكن الإرادة البشرية كانت أقوى من آلة الحرب، ورغم نيران قصف الاحتلال الإسرائيلى ومعاناة النزوح فى خيام التهجير، وتعدد أوجه المعاناة والقهر فى القطاع الفلسطينى، تمثلت إحداها فى النساء الحوامل اللاتى، وفق تقديرات وزارة الصحة فى غزة، هناك ما بين 60 ألف سيدة حامل فى غزة يُحرمن من الرعاية والمتابعة الصحية، ما يعرضهن ومواليدهن للخطر الشديد، ما جعل أطقم الأطباء والتمريض يقومون بعمليات الولادة بطرق بدائية وفى أوقات كثيرة فى الظلام وتحت القصف، فالصرخة التى تخرج من الطفل حين ولادته فى غزة تكون بمثابة إعلان عن صامد جديد على هذه الأرض.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عام على حرب غزة

إقرأ أيضاً:

«غزة والضفة» لفلسطين.. رفض دولي لـ«التهجير» (ملف خاص)

وسط ترقب عالمى للتهدئة فى الشرق الأوسط ووقف إطلاق النار فى قطاع غزة، وفرحة الأهالى بالعودة إلى ديارهم شمال القطاع، وتمسكهم بالأرض، فى مشاهد العودة التى تناقلتها وسائل الإعلام العالمية بعد أكثر من عام ونصف على الحرب التى شنها الاحتلال الإسرائيلى وتسببت فى سقوط نحو 48 ألف شهيد و112 ألف مصاب، خرج الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، فى مؤتمر صحفى مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلى، مساء أمس، ليقول إن الولايات المتحدة ستسيطر على غزة، وهناك إمكانية لإرسال قوات إلى هناك، ونقل الفلسطينيين إلى دول مجاورة، مع إعادة تطوير المنطقة، حيث لا يوجد أمام الفلسطينيين بديل سوى مغادرة غزة بشكل دائم، زاعماً أنه يريد تحويل الدمار فى غزة، الذى خلفته حرب إسرائيل على «حماس»، إلى مكان آمن يشبه ريفييرا الشرق الأوسط.

المشروع الأمريكى الإسرائيلى لتهجير الفلسطينيين لاقى رفضاً واستنكاراً على جميع المستويات، من أمريكا نفسها، إلى العديد من دول العالم الكبرى، وصولاً إلى الرفض الفلسطينى، والإجماع العربى على أنه لا سلام ولا استقرار فى الشرق الأوسط إلا بحل عادل للقضية الفلسطينية، يستند لإقامة الدولة المستقلة، ورفض التهجير.

مقالات مشابهة

  • تحقيق يكشف استخدام الاحتلال القصف العشوائي والخنق عند نقص المعلومات الاستخبارية في غزة
  • القسام تكشف أسماء الشهداء من قادة المنطقة الوسطى في القطاع
  • باحثة: هناك وعي مصري كبير بالمخطط الأمريكي الإسرائيلي لتهجير الفلسطينيين
  • القسام تكشف أسماء الشهداء من قادة المنطقة الوسطى في القطاع (شاهد)
  • بركات : سموحة يستحق ضربة جزاء أمام بيراميدز
  • الأزهر عن خطة تهجير الفلسطينيين..من اقترحوها لا يدركون معنى الأرض
  • حماس تُعلن أسماء المُحتجزين الذين ستفرج عنهم غداً
  • «مش هنسيب أرضنا».. عائلة «الكحلوت»: هنعمَّر بيتنا في غزة من جديد
  • عادل عزام يكتب: «يا كولر ارفع إيدك.. شعب مصر هو سيدك»
  • «غزة والضفة» لفلسطين.. رفض دولي لـ«التهجير» (ملف خاص)