الوطن:
2024-10-06@20:34:44 GMT

محمد علي حسن يكتب: على هذه الأرض ما يستحق الصمود

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

محمد علي حسن يكتب: على هذه الأرض ما يستحق الصمود

تخيل أنك تعيش حياة بائسة فى مدينة أشباح، لا صوت يعلو فيها على أصوات الطائرات الحربية والقصف، أن تكون إنساناً يجهل مصيره، تلامس الموت فى كل لحظة، سئمت من إحصاء الموتى من الأحباء والأقارب، يمر أمام عينيك شريط ذكريات لمواقف جمعتك مع صاحب الجثمان أو ما تبقى منه، ويجول سؤال واحد فى خاطرك: «من سيتذكرنى حين أموت قصفاً أو جوعاً؟»، تبحث عن مأوى لزوجتك وأبنائك، تنبش بين الأنقاض بحثاً عن صورة لوالدك، لوالدتك، أو جثة جارك المفقود.

. تخيلت؟، هناك بالفعل نحو 2.2 مليون فلسطينى فى قطاع غزة يمرون بأفظع من ذلك طيلة 365 يوماً، لكنهم ما زالوا صامدين. لن أتحدث عن مقاطع الفيديو والصور فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى التى تبرز المأساة التى يعيشها أهالى القطاع، لكن الأرقام التى نتابعها يومياً «صادمة»، من الشهداء والجرحى والغارات الجوية والقصف والاعتقالات وتدمير المبانى، ورغم ذلك يتنقل سكان غزة باستمرار من أماكن قيل لهم إنها آمنة، ويعيشون فى خطر دائم، يصنعون الخيام بما يجدونه من أكياس بلاستيكية وخشب، ويعيشون على وجبة واحدة فى اليوم، هذا إن كانوا محظوظين ووجدوها بالفعل، صور كثيرة تعبر عن هذا الوضع اللا إنسانى الذى يمر به القطاع، فمئات الأطفال يركضون نحو عربة واحدة تجلب الطعام، ومئات الأمهات يحملن الماء فى أوعية، وعلى أكتافهن فلذات الأكباد الذين لا تتجاوز أعمار بعضهم الأربع سنوات، والآباء -الذين ما زالوا على قيد الحياة- يقطعون الخشب لاستخدامه فى إشعال النار، إما للإضاءة ليلاً أو التدفئة.

المآسى فى قطاع غزة لا تنتهى، فالحرب الإسرائيلية تستمر فى استنزاف السكان ليصل عدد الشهداء إلى أكثر من 42 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما أصبحت الغالبية العظمى من السكان نازحين محاصرين فى عشرة بالمائة فقط من مساحته، لقد تغيرت نظرة الأطفال للحياة، حيث تأكدوا أن الحرب تمحو عائلات بأكملها من السجل المدنى، وأصبحت أمنيتهم الوحيدة العودة إلى منازلهم، حين تعود الحياة إلى طبيعتها، ولكن هناك عدة أسئلة تفرض نفسها: هل سيعود هؤلاء الأطفال إلى طبيعتهم؟، هل سيشبون أسوياء نفسياً؟، فكم من طفل فقد أمه أو أباه أو كليهما، وكم من شاب رياضى فقد أحد أطرافه وأُجبر ألا يمارس شيئاً قد يكون الوحيد الذى أحبّه فى حياته وحلم أن يصير بطلاً فيه، ولمَ لا فهو إنسان له أحلام وطموحات، وتلك أبسط حقوقه، وكيف لطفل يرى أمام عينيه يومياً عائلات أصبحت مجرد تاريخ ويسعى لتكوين أسرة حينما يصير شاباً، حال ترك الاحتلال له يكمل حياته فى أمان ولم يصبح تاريخاً هو الآخر؟.

أحلام بسيطة حطمتها غطرسة الاحتلال، فمئات الآلاف من الأطفال لم يذهبوا إلى مدارسهم منذ عام، ومئات الآلاف من الطلاب دُمرت جامعاتهم ومعاهدهم كلياً أو جزئياً جرَّاء القصف المتعمد، أما عن المستشفيات والعيادات فتعرضت للاعتداء، وخرجت عن الخدمة، لكن الإرادة البشرية كانت أقوى من آلة الحرب، ورغم نيران قصف الاحتلال الإسرائيلى ومعاناة النزوح فى خيام التهجير، وتعدد أوجه المعاناة والقهر فى القطاع الفلسطينى، تمثلت إحداها فى النساء الحوامل اللاتى، وفق تقديرات وزارة الصحة فى غزة، هناك ما بين 60 ألف سيدة حامل فى غزة يُحرمن من الرعاية والمتابعة الصحية، ما يعرضهن ومواليدهن للخطر الشديد، ما جعل أطقم الأطباء والتمريض يقومون بعمليات الولادة بطرق بدائية وفى أوقات كثيرة فى الظلام وتحت القصف، فالصرخة التى تخرج من الطفل حين ولادته فى غزة تكون بمثابة إعلان عن صامد جديد على هذه الأرض.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عام على حرب غزة

إقرأ أيضاً:

د. منجي علي بدر يكتب: الذكرى 51 لنصر أكتوبر العظيم

انقضى واحد وخمسون عاماً على انتصار الجيش المصرى فى حرب أكتوبر 1973، وهى حرب العزة والكرامة التى استعادت فيها مصر أرضها وانتصرت على إسرائيل وقضت على أسطورة الجيش الذى لا يُقهر. وعلى الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على هذه الحرب، فإن ذكراها العطرة ستبقى عيداً لكل المصريين والعرب تخليداً لقوة إرادتهم وصلابتهم، ولكفاءة قواتهم المسلحة وقدرة المصريين القتالية المتميزة والتى سطرت ملحمةً وطنيةً خالدة فى حفظ تراب هذا الوطن، كما ستظل هذه الحرب تذكرنا دوماً بيوم رفع فيه المصريون رؤوسهم أمام العالم فى واحدة من أقوى وأشرس الحروب التى خاضتها مصر ضد العدو الإسرائيلى وتعد حرب أكتوبر أكبر حرب بعد الحرب العالمية الثانية، فقد قلبت موازين القوى وكيفية إدارة معارك الأسلحة المشتركة، وغيرت الكثير من العقائد والنظريات لدى العسكريين، وخبراء الاستراتيجيات فى العالم.إن حرب أكتوبر 1973 شملت 64 معركة، انتصرت القوات المصرية نصراً مطلقاً فى 51 معركة واستولت فيها على مساحة أرض كان الجيش الإسرائيلى يحتلها يوم 5 أكتوبر 73 بامتداد 168 كم وبعمق 15 كم وكان عليها 31 نقطة عسكرية إسرائيلية حصينة.وما لا شك فيه أن الأداء البطولى للقوات المسلحة فى حرب أكتوبر، وما برز للعالم كله من فعالية الجندى المصرى وجسارته، والتخطيط العلمى الدقيق الذى سبق الحرب، قد أدى إلى تغيير ملموس فى تقييم الشخصية المصرية لدى العديد من الكتاب والمفكرين وأدى ذلك إلى الحديث عن إيجابيات الشخصية المصرية بعد أن طالتها سهام النقد الجارحة.لقد كان نصر أكتوبر العظيم درساً وطنياً خالداً أثبت أن الأمة المصرية قادرة دوماً على استعادة حقوقها، وفرض احترامها على الآخرين، وأن الحق الذى يستند إلى قوة تعلو كلمته ولا بد أن ينتصر، وأن الشعب المصرى لا يفرط فى أرضه وقادر على حمايتها فى كل الأوقات والمواقف والظروف، فتحيةً إلى جيل أكتوبر العظيم الذى حقق النصر، وأعاد للعسكرية المصرية الكبرياء والشموخ، وتحية إلى كل أب مصرى وأم مصرية غرست فى أبنائها عقيدة راسخة وهى أن الأرض لا يمكن التنازل عنها مهما كان الثمن.

ونعرض بإيجاز أهم النتائج السياسية والاقتصادية لنصر أكتوبر العظيم:- النتائج السياسية للحرب: وضوح تأثير التضامن العربى حيث انعكس ذلك على المجال الاقتصادى والعسكرى بدرجات متفاوتة وكان أبرزها استخدام النفط العربى كسلاح فى تلك الحرب وإعادة العلاقات بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، وعلى الجانب الآخر فقد الاتحاد السوفيتى وضعه المميز فى مصر، مع زيادة وتنوع العلاقات مع الجانب الأمريكى، والانفتاح النسبى للحياة السياسية فى مصر.

أهم المكاسب الاقتصادية التى حققها نصر أكتوبر المجيد:

إن نصر أكتوبر هو نتيجة عمل إبداعى بين الإدارة العبقرية والعمل العسكرى العظيم وعلم تم تطبيقه لخدمة أهداف المعركة واقتصاد وطنى كافح بأقل الإمكانيات، وتتمثل أهم المكاسب الاقتصادية فى عودة عائدات البترول الموجودة فى البحر الأحمر وسيناء وحصول مصر على إيراداتها مرة أخرى منذ الانسحاب الإسرائيلى من سيناء، وزيادة عائدات السياحة بالإضافة إلى الاستقرار السياسى واهتمام الدولة بالسياحة، خصوصاً فى جنوب سيناء، واسترداد الموانئ البحرية وانتعاش حركة التجارة الداخلية والخارجية إلى جانب انتعاش حركة الصيد نتيجة استرداد السواحل المصرية، وتطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى عام 1974، وإعادة افتتاح قناة السويس عام 1975 للملاحة الدولية وعودة عائدات قناة السويس للدولة المصرية إذ سجلت عائدات قناة السويس حوالى 10 مليارات دولار عام 2023 وفتح الأبواب أمام مشروعات استثمارية جديدة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وتنوع الاقتصاد المصرى وثباته أمام الضغوط الدولية.كما تمت إعادة توطين وتنمية مدن القناة وسيناء بجانب تشجيع الاستثمارات الأجنبية والصناعات الوطنية وفتح فرص أمام بناء مدن جديدة، وبانتهاء حرب أكتوبر حافظت مصر على الموارد البشرية.

وتمثل حرب أكتوبر 1973 ملحمة شعب تراكمت لديه قيم خالدة مكّنته من إطلاق قدرات بلا حدود، أبهرت العالم، وأثبتت أن الشخصية المصرية صلبة وقتما يتوقع الجميع لها الانكسار، كما تمثل الشخصية المصرية جوهر التحول والعودة بمصر لمكانتها الريادية بين الأمم، وأن التحولات التى أفرزتها حرب أكتوبر فى سياسة مصر الخارجية قد تحولت مع الوقت إلى ثوابت ومتغيرات رئيسية لا تحيد عنها مؤسسات الدولة بهدف تحقيق المصالح المصرية، ومراعية للقوانين والقواعد التى صاغتها الشرعية الدولية، ما يمكّن متخذ القرار من صناعة القرار الرشيد فى التوقيت المناسب وبما يعلى من المصلحة الوطنية للدولة المصرية.وتستمر مسيرة عطاء الشعب المصرى بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتزداد معها الطموحات والآمال والتحديات، وأصبحت ثورة 30 يونيو علامة فارقة فى تاريخ مصر الحديث، وعنصراً من عناصر بعث الهوية المصرية وتطورها، وباقة أكسجين أسعفت الأمة المصرية فى القضاء على مسلسل الفوضى بنشر المشاعر الوطنية، وإيماناً بمجد ماضيهم وعراقة تاريخهم وحضارتهم وأمل كبير فى مستقبلهم اعتماداً على أسس ثابتة اقتصادياً ومجتمعياً.

مقالات مشابهة

  • «محمد» الفلسطيني المرتجف.. مأساة تجسد معاناة الأطفال
  • وثقوا العدوان على القطاع.. صحفيون فلسطينيون: «الموت يلاحقنا.. وسنفضح الاحتلال»
  • عام على حرب غزة وما زال النزيف مستمرا (ملف)
  • خالد ميري يكتب: إنهم يقتلون الأطفال
  • د. منجي علي بدر يكتب: الذكرى 51 لنصر أكتوبر العظيم
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هناك أرض تكفي للجميع
  • حرب أكتوبر.. «نَصْرٌ اللَّهِ الْمُبِينُ»
  • احتفالية ذكرى انتصارات أكتوبر لمواهب كورال الأطفال بأوبرا دمنهور
  • مواهب كورال الأطفال وذوي القدرات الخاصة في أوبرا دمنهور