تتواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف تدمير القدرات العسكرية لحزب الله وإيران، وذلك في إطار استراتيجية إسرائيلية موسعة تهدف إلى فرض حصار عسكري واقتصادي وقطع الإمدادات اللوجستية عن حزب الله، عبر ضربات جوية وبرية تستهدف مواقع حيوية على الحدود اللبنانية السورية.
وتأتي هذه العمليات في سياق محاولات إسرائيل المستمرة لتعطيل طرق إمداد الأسلحة والدعم اللوجستي لحزب الله، وأبناء الجنوب عبر سوريا وشل القدرات الاقتصادية للحزب وحاضنته في الجنوب، وفي خطوة تالية شل، وحصار لبنان بالكامل لإشعال فتنة طائفية ومذهبية تسهم في الضغط على حزب الله، وهزيمته.
ويرى المراقبون أن عملية تقطيع أوصال الممرات التي تقوم بها إسرائيل بشكل منتظم بين سوريا ولبنان، هي تطبيق لخطة حصار غزة، لتجويع الشعب اللبناني من ناحية، والسيطرة على الممرات لملاحقة قيادات وجنود حزب الله دخولاً وخروجًا من تلك الممرات من ناحية أخرى.
ويمكن رصد التحركات الإسرائيلية الخبيثة، بداية من الخميس الماضي في الآتي:
* الجيش الإسرائيلي أعلن قصف نفق تحت الأرض يمتد من سوريا إلى لبنان، في محاولة لقطع طرق إمداد حزب الله بالأسلحة.
* استهدفت الضربات مواقع بنية تحتية لخدمة المدنيين الذين يعبرون من هذا الطريق من لبنان إلى سوريا والعكس، قرب معبر المصنع الحدودي بين لبنان وسوريا.
* الغارات أسفرت عن قطع الطريق الدولي بين لبنان وسوريا، ما أدى إلى تعطيل حركة مئات الآلاف من اللاجئين، وهو ما يعني أن إسرائيل تريد أيضًا التلاعب بالنازحين الفارين من الحرب، واستخدامهم كورقة ضغط على حزب الله، وعلى الحجوم اللبنانية.
* وزير النقل اللبناني أكد أن الغارات الإسرائيلية أثرت على ممرات إنسانية رئيسية، نافيًا الادعاءات الإسرائيلية حول تهريب الأسلحة عبر المعابر اللبنانية.
* وفي إطار مخططتها كثفت إسرائيل تحركاتها العسكرية قرب الجولان المحتل، وسط مخاوف من سيطرة قوات إسرائيلية على مساحات أوسع في سوريا ولبنان.
* وتزعم إسرائيل أن توغلها في الجنوب السوري، وسيطرتها على أراض جديدة هناك، هو توغل محدود يهدف إلى تأمين الحدود وتجنب الهجمات الصاروخية قصيرة المدى.
* الخبراء يرون أن إسرائيل توسعت في استهداف البنى التحتية على الأرض وفي الجو، مما أدى إلى تعطيل هروب النازحين والمدنيين من الضربات الجوية الإسرائيلية التي تقوم بتدمير بيوتهم ومدنهم، وتلاحق أطفالهم ونساءهم وشيوخهم.
* وتكتفي القوات الروسية القريبة من المواقع المستهدفة بالمراقبة دون أي تحركات لوقف العدوان الإسرائيلي بحجة سعيها لتحييد سوريا في الصراع الإسرائيلي مع دول المنطقة، والحفاظ على نظامها السياسي هناك.
* ورغم تكثيف القوات الروسية لتواجدها في هذه المناطق إلا أنها تقوم فقط بحصار القوات والمليشيات الإيرانية الداعمة لحزب الله دون الاقتراب من القوات الإسرائيلية.
* لا يبدو أن هذه الضربات سوف تؤثر كثيرًا على الترسانة العسكرية لحزب الله، خاصة أن الحزب نجح في تخزين تلك المعدات والأسلحة في جوف الجبال ومخابئ سرية ينجح كل يوم في إظهار العشرات منها، وضرب مختلف المدن الإسرائيلية بالطائرات المسيرة والصواريخ.
* وهكذا يتضح أن إسرائيل بضربها الممرات السورية اللبنانية تسعى إلى فرض حصار أمني وعسكري واقتصادي وقطع جميع الإمدادات عن الحزب والجنوب وكل لبنان لإجباره على التسليم بمطالبها كخطوة أولى، وحل الحزب وإبعاده عن لبنان كخطوة ثانية، وتغيير كل النظام في لبنان كخطوة ثالثة.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: لحزب الله حزب الله
إقرأ أيضاً:
ما بين تحدى الهيمنة الأمريكية وتعزيز أمن الممرات البحرية
بقلم: د. حامد محمود
كاتب متخصص فى الشئون الاقليمية والدولية
القاهرة (زمان التركية)- رسائل عدة تبعثها مناورات ” الحزام الأمني البحري 2025″ التى انطلقت قبل أيام بمشاركة القوات البحرية لإيران وروسيا والصين، وهي مناورات عسكرية قبالة السواحل في جنوب غرب إيران حيث تشارك سفن قتالية وداعمة للقوات البحرية الصينية والروسية، وسفن الجيش الإيراني وبحرية الحرس الثوري التى تشارك ايضا في هذه المناورات .
وتهدف المناورات إلى “تعزيز الأمن في المنطقة وتوسيع التعاون المتعدد الأطراف بين الدول المشاركة” وذلك حسبما هو معلن.
وعلى الرغم من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إنه غير قلق على الإطلاق بشأن المناورات العسكرية المزمعة بين روسيا والصين وإيران.
إلا أن هناك العديد من الأهداف والرسائل من وراء اجراء هذه المناورات: أولها تعزيز التعاون المشترك بين الدول الثلاثة حيث أجرت من قبل مناورات مشتركة في المنطقة خلال السنوات الماضية انطلاقاً من رغبتها المشتركة في مواجهة ما تصفه بالتهديدات لامن دولها.
ثانيها الرغبة فى تحدى الهيمنة الامريكية الامريكية فى منطقة الشرق الاوسط عامة ومنطقة الخليج العربى وشمال المحيط الهندى بشكل خاص.
ثالثا رغبة ايران فى إظهار قواتها البحرية والسيطرة على منطقة مركزية للتجارة والإمدادات العالمية فعلاوة على المناورات الجوية والبرية التي دأبت عليها، بدأت إيران مناورات بحرية مشتركة مع كل من الصين وروسيا على مساحة 17 ألف كيلومتر مربع (6600 ميل مربع) شمالي المحيط الهندي وخليج عمان.
وعلى وقع التوتر المتصاعد في البحر الأحمر وبحر العرب، أعلن المتحدث الإيراني باسم المناورات المعروفة بـ”حزام الأمن البحري 2025″ أن النسخة الخامسه منها ترمي إلى ضمان الأمن بالمنطقة وتوسيع التعاون مع الحلفاء، وأوضح أنها تهدف إلى تعزيز التجارة الدولية ومكافحة القرصنة والإرهاب البحري وتبادل المعلومات في مجال الإنقاذ، فضلا عن ان التدريبات ستشمل التعاون المشترك على إنقاذ السفن من الحرائق والاختطاف والرماية على أهداف محددة وإطلاق نار ليلي على أهداف جوية.
ورغم أن الدول الثلاث سبق ونفذت -منذ 2019- مناورات بحرية مشتركة في المحيطين الهندي والأطلسي وبحر عُمان، يرى مراقبون في إيران أن التدريبات الجارية التي تأتي في ظل توترات إقليمية بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، تكاد تكون مختلفة عن المناورات السابقة.
منطقة المثلث الذهبىومن المهم الاشارة الى أن منطقة المناورات اختيرت بعناية لتتوسط ثالوث المضايق الذهبية هرمز وباب المندب وملقا، مما يزيد من أهمية الحزام الأمني التي تشكله شمالي المحيط الهندي لضمان مرور السفن التجارية ولاسيما تدفق الطاقة العالمية.
ويزيد من أهمية المناورات الجارية كونها تأتي متزامنة مع الحرب الإسرائيلية المتواصلة على غزة وتداعياتها على “غطرسة” التحالف الأميركي البريطاني في مياه البحر الأحمر والمحيط الهندي والمياه الإقليمية.
بالاضافة إلى أن المناورات الثلاثية تبعث رسالة للجهات المعنية أن الأطراف الشرقية المشاركة فيها عازمة على ضمان المضايق الإستراتيجية في المنطقة دون الدول الغربية.
ولعل الرسالة الرئيسة لهذه المناورات أنها تجدد سياسة الدول المشاركة فيها بعدم قبولها أي تغييرات جيوإستراتيجية وجيوسياسية في المحيط الهندي، لا سيما المناطق البحرية التي تقع شماله وغربه.
ويعتقد أن حزام الأمن البحري يثبت لدول المنطقة تفوق الأمن الإقليمي على نظيره المستورد من القوى الغربية، ولذلك فمن المهم توسعة التعاون العسكري المشترك ومشاركة الدول المطلة على أعالي البحار والمحيط الهندي في التحالف الشرقي الصاعد والتعاون معه لضمان الأمن البحري الإقليمي وسلامة النشاط الاقتصادي هناك.
وفى التحليل النهائى..فان المناورات والإصرار على تنفيذها في نطاقها الجغرافي وحيزها الزماني المعتاد يثبت عزم الدول المشاركة فيها على مواجهة الحضور العسكري الغربي في المنطقة.
ومع تحدى جماعة الحوثي للهيمنة البحرية للقوى الغربية في البحر الأحمر بما يتناسب وسياسات الدول المشاركة في مناورات حزام الأمن البحري 2024، لطالما تنظر الولايات المتحدة إلى هذه الدول كونها تمثل تهديدا لأمنها القومي وبذلت ما بوسعها لفرض العقوبات والتضييق على القوى الشرقية بما يبرر إظهارها القوة على تنفيذ رد مشترك ومواجهة الهيمنة البحرية الغربية.
مرحلة جديدة من التعاون الامنى البحرى للقوي الثلاث
كما أن من شأن المناورات الجارية أن تؤسس لمرحلة جديدة تتراجع فيها الهيمنة البحرية الغربية في الشرق الأوسط وشرق آسيا، مؤكدا أنه فضلا عن إيران والصين كونهما دولتين إقليميتين، فإن الحضور العسكري الغربي في المنطقة يشكل خطا أحمر لروسيا التي تجرعت الأمرين بسبب السياسات الغربية التي لم تسمح يوما بحضور موسكو -رغم قربها لأوروبا- في إطار النظام العالمي الغربي.
فالحضور العسكري الروسي في المحيط الهندي والمياه الإقليمية تحديا للهيمنة البحرية الغربية وتجاوزا للخطوط الأميركية الحمراء، مؤكدا أن سلسلة مناورات حزام الأمن البحري ليست سوى بداية لسياسة إستراتيجية طويلة المدى تهدف لمواجهة الحضور الأميركي في المنطقة وتقويضه.
ولذلك فمن المهم تحديث إستراتيجياتها العلياء وفق المستجدات السياسية في المنطقة واستغلال مبادرة الحزام والطريق وممر شمال-جنوب الدولي لتعزيز التعاون السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي بينهما في إطار خارطة الطريق الرامية إلى تقويض الهيمنة الغربية.
وخاصة أن الموقع الجيوإستراتيجي الذي تتمتع به كل من إيران وروسيا والصين، بإمكانه أن يسهم في تحويل التعاون العسكري الراهن بينها إلى تحالف عسكري إستراتيجي.
Tags: ايرانتحدى الهيمنة الأمريكيةتعزيز أمن الممرات البحريةروسيامناورات الحزام الأمني البحري