تعرف على الطوباوي ماركو من أفيانــــــو الكاهن
تاريخ النشر: 13th, August 2023 GMT
تحتفل الكنيسة الكاثوليكية اليوم بذكرى وفاة الطوباوي ماركو من أفيانــــــو الكاهن.
ولد كارلو دومينيكو كريستوفوري يوم 17 نوفمبر 1631م بمدينة أفيانـو بإيطاليا، تلقى عماده في نفس اليوم.
ذهب كارلو أولًا إلى مدرسة معلم البلدة، ثم إلى مدرسة كوريتز للرهبان اليسوعيين، فكان ذو شخصية خجولة متواضعة.
فكان يطيب له أن يبقى مخفيًا، وامعانه ونضوجه في الدراسة تحكمان ببطء العقل.
وفى 21 نوفمبر 1648م أنضم للرهبنة الفرنسيسكانية الكبوشية، وأختار اسم ماركو، حاول الشيطان أن يخمد شجاعته، هل يمكنه ببنيته النحيفة وصحته الضعيفة أن يتحمل قساوة القانون الفرنسيسكاني ؟ كان يتساءل في نفسه عن هذا باضطراب ولم يجرؤ أن يسر بأمره لمعلم المبتدئين خوفًا من أن يطردوه.
وإذا بريبة يتضح أمامه بواسطة أحد الرهبان القاسي اللهجة، فقال وكأنه يحكم عليه:" لن تصير راهبًا أبدًا لأنك لا تصلح لعمل شيء". أخيرًا فتح ماركو المسكين قلبه لأبيه معلم المبدئين، فبدد التجربة بتنبيهه وكلماته المشجعة.
وقدم ماركو نذوره في 21 نوفمبر 1649م. وسيم كاهنًا في 18 سبتمبر 1655م، فكرس نفسه على الفور للوعظ وكانت الجماهير تحتشد حول منبره، لم يكن الأب ماركو معتبرًا من الجماهير فقط، بل وفى رهبنته أيضًا.
ففي سنة 1670م عينوه رئيس دير لأول مرة. فطلب نجاته من هذا الحمل، وأرسلوه إلى مدينة بادوا. كان الدير ذا شأن كبير هناك، والعائلة الرهبانية مؤلفة من رهبان حارين في الصلاة والصوم، فارتاح ماركو كثيرًا لهذا الجو الذي يلائمه وقد تفوق على أخوته الرهبان بكرامته وأمانته في حفظ القوانين بحذافيره. وأرسلوه يعظ عن ضرورة الصوم في التامورا وهي مدينة صغيرة في مملكة نابولي، وكان عيد انتقال السيدة العذراء فرصة مناسبة لنشر الأنوار الاصطناعية والخطب النحوية المنمقة. ذلك النهار كان مخصصًا للوعاظ الكبار، ومع أن الكنيسة للراهبات فكانت ملتقى لكبار القوم وأكثرية راهبات الدير أنفسهن من الأشراف. طلبوا واعظًا من رئيس دير الكبوشيين، فعين الأب ماركو، فتكلم عن مريم كما يتكلم القديسون بحرارة سماوية وحماس خارق العادة، ففاقت عظته على كل ما سمع أو قيل في كنيسة القديس برودزيم المشهورة، والذى أعطى شهرته منها هو شفاء إحدى الراهبات هذا الدير، هذه الراهبة كانت كسيحة منذ ثلاث عشرة سنة وقد شفيت حالما أعطاها ماركو البركة بالصليب، بما أن عائلة الراهبة كانت مشهورة فكان للأعجوبة دوى كبير جدًا.
منذ هذه البرهة أصبحت حياة رجب الله سلسلة عجائب، كان يصنعها غالبًا بتلاوة بركة القديس فرنسيس للأخ لأون.
وفى مواعظه كان يشهر حربًا عوانًا ضد الخطيئة، ويعظ عن الرذائل والفضائل، عن القصاص والمجد، ليحارب عادات العصر التي كانت تقصد من الوعظ افتتان السامعين وإرضاء رغباتهم، ولهذا السبب بارك الله رسالته بنوع منظور. بالإضافة إلى شهرته المتزايدة كواعظ، زاد من شعبيته لدرجة أن الأساقفة من مختلف الدول الأوروبية بدأوا يطلبون منه الكرازة؛ أصبح الأب ماركو دي أفيانو مسافرًا لا يكل في منطقة فينيتو وفي جميع أنحاء أوروبا، مصحوبًا دائمًا بالشهرة المتزايدة لصنع المعجزات؛ أينما ذهب، تمكن من جمع حشود المحيطات، في كنائس وساحات مدن مثل أنتويرب، أوغوستا، كولون، ماينز، سالزبورغ، فورمز، للاستماع إلى خطبه التي تميل إلى الاهتداء والتكفير عن الذنب التي أدلى بها باللغة الإيطالية ببضع كلمات ألمانية. واراد الامبراطور ليوبولد أن يجعل ماركو مستشارًا له فكتب الامبراطور رسالة إلى البابا اينوشنسيوس الحادي عشر فلبى البابا طلبه بكل رضى وتواجد ماركو للعائلة الامبريالية جعله يحمل أثقل الاحمال، لقد اختلط بكل الأعمال وصارت مكانته اقوى من مكانة أي وزير أو امير، بل كان مساعد الامبراطور في العمل وبذكائه وعزمه عوض عما ينقص ليوبولد، كان يصلح أغلاطه ويضطره بل يجبره على العمل مما جعلنا نقول انه حامل أعباء كل المملكة. وشارك في كل حوادث ذلك الزمان، أجل لقد هيأ ودبر وأتم المهمات التي خرج منها خلاص المسيحية.
و في عام 1683 عهد البابا إنوسنت الحادي عشر إلى ماركو بمهمة دبلوماسية حساسة للغاية وهي إعادة توحيد الأمم المسيحية لحماية البلاد. قد أتى الأتراك بقيادة محمد الرابع لينتقم من أوروبا على رأس جيش مؤلف من ثلاث مئة ألف جندي وهو يطمح بالوصول إلى روما ليجعل من مذبح القديس بطرس في الفاتيكان معلفًا لحصانه.
وبسبب انقسام الحلفاء وصل الأتراك إلى بلغراد وفيينا، في غضون ذلك، نجح الأب ماركو في مهمته لتوحيد القوى المسيحية وتجاوز الخلافات القائمة داخلها.
كان حضور الأب ماركو ضروريًا لا لإعطاء المشورات والتنبيهات فقط بل خصوصًا لإلقاء السلام والاتحاد بين الأمراء. فأقام ماركو قداسات وصلوات كثيرة من أجل حماية البلاد، فامتطى ماركو حصان الحرب وراح يجتاز الصفوف إلى الأماكن حيث القتال أشد احتدامًا، والصليب دائمًا في يده، وهو لا ينقطع عن الصلاة وعن التشجيع وعن البركة ويردد صراخ الانتصار هذا:" هوذا صليب الرب فانهزموا يا صفوف الأعداء، فرفرف الصليب على كل المخيمات وأنصاب المدينة، وبعد نهاية القتال انفرد ماركو في غرفته ليقدم الشكر لله على حماية البلاد.
وفى سنة 1689م بعد أن أتم ماركو خدمته للجيوش المسيحية، عاد إلى حياته الرسولية، فكان يعظ وشدد إيمان الشعب ويسند كلامه بعجائب لامعة عديدة.
ولما قضى ماركو رسالته وحياته في القداسة مرض وتناول المسحة الأخيرة والقربان القدس ونال بركة الحبر الأعظم فمنحه إياها السفير البابوي، وفى 13 أغسطس أنطلق في سلام المسيح بحضور الإمبراطور والإمبراطورة، في 29 أبريل 1703م أمر الإمبراطور بنقل جسد ماركو قرب المقبرة الملكية، ولم يعد ماركو منفصلًا عن هؤلاء الأشخاص المشهورين إلا بجدار صغير.
بعد عملية تطويب طويلة، أقام البابا القديس يوحنا بولس الثاني بتطويب ماركو دافيانو في 27 أبريل 2003م.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط
إقرأ أيضاً:
خميس الأسرار.. ذكرى العشاء الأخير ومسيرة الخلاص مع المسيح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أحيا الأب أنطونيوس مقار إبراهيم، راعي الأقباط الكاثوليك في لبنان، اليوم خميس الأسرار، بكلمة روحية مؤثرة دعا فيها إلى التأمل العميق في أسرار هذا اليوم العظيم، الذي يختزل في طياته معاني الفداء والحب الإلهي والتواضع.
وقال الأب أنطونيوس: “في مثل هذا اليوم العظيم، خميس الأسرار، نتذكر الليلة الأخيرة في حياة يسوع الأرضية، حيث صُنع التاريخ الخلاصي الذي أعدّه الله عبر مسيرة طويلة مع شعبه، والتي بلغت ذروتها في العشاء الأخير، وغسل الأرجل، وتأسيس سرّي الإفخارستيا والكهنوت”.
وأضاف: “علينا أن نحتفل بهذه الذكرى لا فقط في يومها، بل في كل مرة نُقيم فيها ذبيحة العهد، لأن الحياة الأبدية التي منحنا إياها المسيح يجب أن تبقى هدفنا الأول والأخير”.
تواضع المسيح
وشدد الأب أنطونيوس على أهمية استذكار تواضع المسيح الذي غسل أرجل تلاميذه قائلاً لهم: “كما فعلت أنا بكم، افعلوا أنتم أيضًا بعضكم ببعض”، مشيرًا إلى أن هذا العمل البسيط يحمل في عمقه دعوة إلهية للعيش بمحبة وتواضع.
كما تطرق في كلمته إلى خيانة يهوذا وإنكار بطرس، مشيرًا إلى الفرق بين الاستسلام لليأس وبين التوبة والعودة إلى حضن المسيح، قائلاً: “إنّ دموع بطرس التي رافقت اعترافه بحبه للمسيح، حملت معنى التوبة الحقيقية، وجعلته شريكًا في حمل رسالة الخلاص”.
ودعا الأب أنطونيوس إلى التأمل في مسيرة يسوع من بستان الزيتون إلى الجلجلة، ومن الصليب إلى القبر، وصولًا إلى القيامة المجيدة، قائلاً: “هكذا حياتنا نحن أيضًا، مسيرة من الألم والرجاء، تبدأ في مذود التواضع وتنتهي بقيامة المجد، إذا تمسّكنا بكلمته وسهرنا معه”.
وختم بالقول: “خميس العهد، خميس الأسرار، هو تذكار تأسيس الكهنوت وغسل الأرجل. ليكن هذا اليوم مطبوعًا في قلوبنا ومسيرتنا، لنستحق في النهاية سماع صوته يقول لنا: تعالوا إليّ يا مباركي أبي، رثوا الملك المعد لكم”.
ودعا في الختام إلى الصلاة من أجل بعضنا البعض، شاكرًا الله على نعمة المشاركة في هذا السر العظيم.