لم يسلم الفلسطينيون فى قطاع غزة من القصف الإسرائيلى والصواريخ والقنابل والدمار الهائل، الذى لحق بهم منذ بداية العدوان الإسرائيلى العام الماضى، فأتت الأمراض لتزيد من المعاناة الإنسانية الكبرى، وتزيد الطين بلة، إذ تنتشر الأمراض بشكل كبير، بسبب تدمير المستشفيات ومراكز الخدمات الصحية ومنشآت البنية التحتية ومحطات المياه ومرافق الصرف الصحى، والازدحام الشديد فى أماكن ضيقة داخل المدارس أو مخيمات النازحين، وعدم وجود رعاية صحية، والعديد من الأسباب الأخرى، فبعد مرور سنة على العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر بشأن انتشار الأمراض فى غزة، إذ أعلنت أنه جرى الإبلاغ عن حالات متفرقة من الحصبة والنُكاف، وعن أكثر من 800 ألف حالة من التهابات الجهاز التنفسى العلوى، والعديد من حالات التهاب السحايا والتهاب الكبد والطفح الجلدى والجرب والقمل وجدرى الماء.

«الصحة العالمية»: الإبلاغ عن أمراض «الحصبة والنُكاف».. و814 ألف حالة لالتهابات الجهاز التنفسى

ووصفت الصحة العالمية الوضع الوبائى فى غزة بـ«المزرى»، وقالت مارجريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن آخر إحصائية لانتشار الأمراض فى قطاع غزة سجلت 814 ألف حالة إصابة بالتهابات الجهاز التنفسى العلوى فى ملاجئ النازحين، و451 ألفاً و800 حالة إسهال، و100 ألف حالة «قمل وجرب»، و60 ألف حالة طفح جلدى، و11 ألف حالة جدرى الماء، و780 حالة إسهال دموى، إضافة إلى 70 ألف حالة يرقان، ويُفترض أنها التهاب الكبد الوبائى «أ»، وتم اكتشافها بعد عينات إيجابية.

تسجيل عشرات الآلاف من الإصابات بالأمراض المزمنة

وأضافت «الصحة العالمية» أن نحو 350 ألف شخص يعانون من الإصابة بالأمراض المزمنة فى قطاع غزة، وهم يعانون بشكل حاد من نقص الأدوية، والتى تهدد نحو 52 ألف مصاب بالسكرى، و45 ألف مصاب بالربو، و45 ألفاً مصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية، و225 ألفاً مصابين بارتفاع ضغط الدم.

وبحسب بيانات أصدرها برنامج الصحة، التابع لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، فإنه يجرى الإبلاغ عن 800 إلى 1000 إصابة جديدة بالتهاب الكبد الوبائى أسبوعياً فى الملاجئ والمراكز التابعة لـ«الأونروا» فى جميع أنحاء قطاع غزة، وكان عدد الإصابات قبل الحرب نحو 85 حالة فقط، ووصل بعد الحرب إلى نحو 40 ألف حالة، ونتيجة نقص الأدوية والمعدات الطبية فى غزة، خاصة أقسام الغسيل الكلوى، يعانى أكثر من 1200 مريض بالفشل الكلوى من خطر الحرمان من جلساتهم، وبالتالى فإنهم يواجهون خطر الموت الحتمى، نتيجة المضاعفات الصحية الخطيرة.

 «الصحة الفلسطينية»: برنامج مكافحة «شلل الأطفال» يتطلب إجراءات فورية لإنهاء العدوان وإصلاح شبكات المياه والصرف

وذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن المرضى الذين أجروا عمليات زراعة كلى بحاجة ماسة إلى الأدوية التى تساعدهم على الحفاظ على عملية الزراعة، وتجنيبهم المضاعفات التى قد تعيدهم إلى أجهزة الغسيل الكلوى، وقالت إيناس حمدان، مسئول الإعلام بوكالة «الأونروا»، فى تصريحات لـ«الوطن»، إن 12 شهراً ذاق فيها سكان غزة أصناف العذاب، وعاشوا ويلات حرب قلبت حياتهم جحيماً على الأرض، وبلغ عدد النازحين أكثر من مليون و900 ألف، معظمهم يعيشون مكدسين فى مساحة ضيقة من القطاع، ويعانون من انتشار الأوبئة والأمراض المعدية، مثل التهاب الكبد الوبائى ونزلات البرد، بالإضافة إلى الأمراض الجلدية وأمراض الجهاز الهضمى، فى ظل نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، وتعذر الحصول على كميات كافية من المياه.

وأضافت «حمدان» أن معدلات انعدام الأمن الغذائى مرتفعة كذلك، نظراً لعدم السماح بتدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية الضرورية والإغلاق المستمر للمعابر، وأشارت إلى أنه رغم كل التحديات لا تزال الوكالة هى المزود الرئيسى للخدمات الصحية، حيث قدمت «الأونروا» منذ بدء الحرب 5.6 مليون استشارة طبية، من خلال مراكزها الصحية والنقاط الطبية المتنقلة، البالغ عددها قرابة 80 مركزاً، وبجهود نحو 1118 موظفاً وموظفة من الطاقم الطبى، وأكدت أن عدد المراكز الصحية يتذبذب باستمرار، بناءً على حجم الطلب وسبل الوصول الآمن.

وكذلك قال المتحدث باسم «الأونروا»، عدنان أبوحسنة، لـ«الوطن»، إن مئات الآلاف من الفلسطينيين يعانون من إصابات مرضية، سواء الإصابة بالتهاب السحايا أو الكبد الوبائى أو الالتهابات المعوية والإسهال والجرب والأمراض الجلدية والطفح الجلدى وغيرها، وأكد أن الأوضاع خطيرة لأنه لا توجد بنية تحتية، ولا توجد مياه نظيفة، ولا توجد أى أنظمة للصرف الصحى، وأضاف أن هناك جهوداً على الأرض تقوم بها الوكالة من ترحيل النفايات، إلى رش المبيدات الحشرية، وتوزيع المياه الصالحة للشرب قدر الإمكان، كما ينتشر العديد من الأمراض نتيجة الازدحام الشديد والنزوح المتكرر، وأضاف أن أماكن النزوح لا تتوفر فيها أى مقومات للحياة، وكل الظروف بها مهيأة لانتشار الأمراض، مشيراً إلى أن الإمكانيات التى تملكها الأونروا وغيرها من المنظمات الأممية قليلة فى مواجهة ما يحدث، واعتبر أن عودة ظهور مرض «شلل الأطفال» فى قطاع غزة دليل واضح على تردى الأوضاع الصحية والإنسانية، ولفت إلى أن «الصحة العالمية»، وبالتعاون مع منظمات أممية أخرى، أطلقت حملة لتطعيم مئات الآلاف من الأطفال فى جميع أنحاء القطاع، بعد أن ثبت إصابة طفل فى غزة لأول مرة منذ 28 عاماً.

وأوضح أن منظمة الصحة العالمية اكتشفت أيضاً سلالة من فيروس شلل الأطفال فى 6 عينات من مياه الصرف الصحى، تم جمعها من خان يونس ودير البلح، وهو ما أكد الحاجة إلى تطعيم شلل الأطفال، فيما أكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن برنامج مكافحة الوباء، الذى أطلقته مع الصحة العالمية واليونيسف، لن يكون كافياً ما لم تكن هناك إجراءات فورية لإنهاء العدوان الإسرائيلى، ودعت إلى إيجاد حلول جذرية لمشاكل المياه الصالحة للشرب، ووسائل النظافة الشخصية، وإصلاح شبكات الصرف الصحى، وإزالة أطنان القمامة والنفايات الصلبة المتراكمة فى أنحاء القطاع.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: عام على حرب غزة الصحة العالمیة شلل الأطفال فى قطاع غزة ألف حالة فى غزة

إقرأ أيضاً:

انهيار تام للهدنة.. ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 326 بسبب الغارات الإسرائيلية الكثيفة

عواصم - الوكالات

قالت السلطات الصحية الفلسطينية إن 326 شخصا استشهدوا في غارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة اليوم الثلاثاء، مما يهدد بحدوث انهيار تام لوقف إطلاق النار المتماسك منذ شهرين وسط توعد إسرائيل باستخدام القوة لتحرير رهائنها الذين لا يزالون محتجزين في القطاع.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أصدر تعليمات للجيش باتخاذ "إجراء قوي" ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة ردا على رفض الحركة إطلاق سراح الرهائن ورفضها كل مقترحات وقف إطلاق النار.

وذكر مكتب نتنياهو في بيان "ستتحرك إسرائيل، من الآن فصاعدا، لمواجهة حماس بقوة عسكرية متزايدة".

وورد في بيان أن الجيش الإسرائيلي أصدر أوامر بإخلاء عدد من الأحياء في قطاع غزة عقب هجمات كثيفة.

بينما أصدرت حماس بيانا اتهمت فيه إسرائيل بخرق وقف إطلاق النار، مما يجعل مصير 59 رهينة لا يزالون في غزة مجهولا.

ويأتي تجدد الضغط الإسرائيلي المكثف على حماس في وقت يشتعل فيه التوتر في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، حيث امتدت حرب غزة إلى لبنان واليمن والعراق.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الاثنين إنه سيحمّل إيران مسؤولية أي هجمات أخرى على حركة الملاحة الدولية والتي تنفذها جماعة الحوثي اليمنية، فيما وسعت إدارته الهجمات في اليمن، وهي أكبر عملية عسكرية أمريكية في المنطقة منذ عودته إلى البيت الأبيض.

وذكرت تقارير أن غارات استهدفت مواقع متعددة. وقال مسؤولون في وزارة الصحة الفلسطينية إن عددا كبيرا من القتلى أطفال.

وأكد الجيش الإسرائيلي، الذي قال إنه قصف عشرات الأهداف، أن الضربات ستستمر ما دام ذلك ضروريا وستتجاوز نطاق الغارات الجوية، مما يزيد من احتمالات استئناف القوات البرية الإسرائيلية القتال.

وهذه الهجمات أوسع نطاقا بكثير من سلسلة الغارات الجوية التي قال الجيش الإسرائيلي إنه نفذها على أفراد أو مجموعات صغيرة ممن يشتبه بأنهم مسلحون، وتأتي بعد فشل جهود مستمرة منذ أسابيع بهدف تمديد اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه في 19 يناير .

وأضعفت إسرائيل حماس وحليفتها اللبنانية جماعة حزب الله، إذ قتلت قادتهما مع شنها هجمات على الحوثيين، وكلها أعضاء فيما يسمى "محور المقاومة" الإيراني المناهض للمصالح الأمريكية والإسرائيلية.

وذكرت مصادر بحماس وأقارب أن من بين القتلى القيادي في الحركة محمد الجماصي عضو المكتب السياسي وأفرادا من عائلته، بينهم أحفاده، الذين كانوا في منزله بمدينة غزة عندما تعرض لغارة جوية. وفي المجمل، قُتل ما لا يقل عن خمسة من كبار مسؤولي حماس إلى جانب أفراد من عائلاتهم.

وفي المستشفيات التي عانت من قصف على مدى 15 شهرا، تسنت مشاهدة أكوام من الجثث ملفوفة بأغطية بلاستيكية بيضاء ملطخة بالدماء.

وأحضرت سيارات خاصة بعض الأشخاص إلى المستشفيات المكدسة.

وقالت السلطات على نحو منفصل إن 16 فردا من عائلة واحدة قتلوا في رفح.

وقال متحدث باسم وزارة الصحة في غزة إن عدد القتلى ارتفع إلى 326.

وفي واشنطن، قال متحدث باسم البيت الأبيض إن إسرائيل تشاورت مع الإدارة الأمريكية قبل تنفيذ الضربات.

وذكر المتحدث برايان هيوز "كان بإمكان حماس إطلاق سراح الرهائن لتمديد وقف إطلاق النار ولكنها اختارت الرفض والحرب".

وفي غزة قصفت دبابات إسرائيلية مناطق في رفح، مما أجبر عددا كبيرا من الأسر على مغادرة منازلها والتوجه شمالا إلى خان يونس، وذلك بعد عودتهم إلى مناطقهم عقب بدء وقف إطلاق النار.

وكانت فرق تفاوض من إسرائيل وحماس في الدوحة حيث يسعى وسطاء من مصر وقطر إلى تقريب وجهات النظر بين الجانبين بعد انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، والتي شهدت إعادة الحركة الفلسطينية 33 من الرهائن الإسرائيليين وخمسة تايلانديين مقابل نحو 2000 سجين فلسطيني.

وضغطت إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة من أجل إعادة باقي الرهائن المحتجزين في غزة، وعددهم 59، مقابل هدنة أطول أمدا تُوقف القتال لما بعد شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي في أبريل.

ومع ذلك، أصرت حماس على الانتقال إلى المفاوضات لإنهاء الحرب بشكل دائم وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من غزة وفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الأصلي.

وتبادل الطرفان الاتهامات بعدم احترام بنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في يناير، وشهدت المرحلة الأولى عثرات عديدة، لكن الطرفين تجنبا العودة الكاملة للقتال حتى الآن.

ولم يقدم الجيش تفاصيل عن الغارات التي نفذها في الساعات الأولى من صباح اليوم، لكن السلطات الصحية الفلسطينية وشهودا تواصلت معهم رويترز أفادوا بوقوع أضرار في مناطق عديدة من غزة حيث يعيش مئات الآلاف في ملاجئ مؤقتة أو مبان مدمرة.

ويُعاني قطاع غزة حاليا من دمار واسع بعد قتال على مدى 15 شهرا اندلع في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 عندما شن آلاف المسلحين بقيادة حماس هجوما على بلدات إسرائيلية في غلاف غزة. وتشير إحصاءات إسرائيلية إلى أن الهجوم أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة ونقلهم إلى غزة.

أما الحملة الإسرائيلية التي أعقبت الهجوم، فتقول السلطات الصحية الفلسطينية إنها تسببت في مقتل أكثر من 48 ألف شخص وتدمير جزء كبير من المساكن والبنية التحتية في القطاع، بما في ذلك منظومة المستشفيات.

مقالات مشابهة

  • انهيار تام للهدنة.. ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 326 بسبب الغارات الإسرائيلية الكثيفة
  • الصحة تبحث ترشيد استهلاك المنتجات المحلاة بالسكر للحد من الأمراض المزمنة
  • بعد استئناف القصف.. «صحة غزة»: حالة القطاع شديدة السوء ونطالب المجتمع الدولي بتدخل سريع
  • «الصحة العالمية» تحث الولايات المتحدة على إعادة النظر في خفض التمويل
  • كارت متابعة وعلاج مجاني.. تفاصيل مبادرة فحص طلاب المدارس للكشف عن الأمراض
  • بري بحث الأوضاع العامة والتغطية الصحية الشاملة مع وفود نيابية
  • أحمد موسى: الأوضاع في لبنان تشهد حالة من عدم الاستقرار
  • تأجج مخاوف انهيار "هدنة غزة" مع استشهاد 9 في بيت لاهيا
  • غضب عارم داخل الكونجرس بسبب هجمة ترامب على قطاع الصحة والضمان الاجتماعي
  • بسبب مصرف تلا.. أسراب الناموس تهاجم قرية شبرا النملة بطنطا والأهالي تستغيث بالمحافظ