غزة- في ساحة منزلها المدمر بمدينة دير البلح وسط قطاع غزة دشنت الطبيبة لبنى العزايزة خيمة طبية بمبادرة ذاتية أطلقت عليها "أنتم أهلنا" تقدم خدمات طبية مجانية للنازحين لهذه المدينة التي تؤوي زهاء مليون نسمة من سكانها والنازحين إلييها.

وهذه الخيمة واحدة من مبادرات دشنها أطباء وساهمت في تخفيف الضغط الهائل عن المرافق الحكومية والأهلية التي تتحمل العبء الأكبر من تداعيات الحرب الإسرائيلية الضارية التي تسببت بخروج غالبية المستشفيات عن الخدمة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عام على الإبادة.. استهداف إسرائيلي ممنهج للعقول الفلسطينية بغزةlist 2 of 2بعد عام على الحرب.. خسائر غزة الاقتصادية المباشرة 33 مليار دولارend of list

وترفع العزايزة من قيمة المبادرات الطوعية زمن الحروب والكوارث، من أجل الحفاظ على استمرارية الخدمات الحيوية للمواطنين في المجالات الحياتية المختلفة لحماية المجتمع من الانهيار.

الدكتورة لبنى العزايزة أقامت خيمة طبية خيرية لخدمة النازحين في دير البلح (الجزيرة) "أنتم أهلنا"

أكمل العدوان الإسرائيلي عامه الأول وقد فتك بكل مفاصل الحياة بهذا القطاع الساحلي الصغير، ومنها الصحة، وتغيرت بسببه معالم غزة الجغرافية وتركيبتها السكانية جراء حجم الدمار الهائل وسياسة التشريد والنزوح. وفقد غالبية السكان مصادر رزقهم وباتوا يعتمدون على "تكيات خيرية" للحصول على القليل من الطعام، وحرمت الحرب أكثر من 600 ألف طالبة وطالبة من مقاعد الدراسة.

وخسرت العزايزة منزلها بفعل غارة جوية، غير أنها تقول للجزيرة نت "إرادة الحياة ليست حجارة تتناثر مع ركام منازلنا، إنها من عزيمة وإيمان وحب للخير والناس، ولابد لها أن تنتصر على اليأس والقتل والهدم".

وطال الدمار كذلك عيادتها الطبية الخاصة بالمنزل نفسه، ووجدت غرفة في الطابق الأرضي أصلحتها جزئيا وأقامت بها مع أسرتها، واستغلت ساحة البيت لتقيم خيمة "أنتم أهلنا" للتخفيف عن كاهل المستشفيات التي تعاني ضغوطا هائلة جراء حالة الطوارئ الدائمة على مدار الساعة نتيجة قوافل الشهداء والجرحى والمرضى.

وحققت هذه الخيمة انتشارا واسعا، وبعدما كانت مقصد النازحين في 3 مخيمات على مقربة منها، باتت تستقبل مراجعين ومرضى من أرجاء دير البلح من النازحين ومن سكان المدينة. وتخفف وغيرها من المبادرات الطبية الضغط عن مستشفى شهداء الأقصى الحكومي الوحيد والمستشفيات الميدانية الصغيرة في المنطقة الوسطى، كما تسهل من وصول الناس للخدمات الطبية الأولية.

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي، تعرض القطاع الصحي لاستهداف إسرائيلي ممنهج تسبب بخروج 34 مستشفى و80 مركزا صحيا عن الخدمة، واستهداف 162 مؤسسة صحية و131 سيارة إسعاف.

وخصصت العزايزة يومين أسبوعيا لتنظيم زيارات ميدانية للخيام ومراكز الإيواء للوصول إلى مرضى ومسنين وحالات ليس بمقدورها الحركة لبلوغ الرعاية الطبية والعلاج.

وبدأت خيمتها، التي يعمل بها بشكل طوعي ممرضتان وممرض، بخدمات تخصصية للأمهات والحوامل، غير أن العزايزة تعتبرها "مستشفى مصغرا" وقد اتسعت دائرة الخدمات التي تقدمها لتشمل التمريض وغيار الجروح، وخدمات طبية أولية.

معلمون دشنوا خياما تعليمية لتعويض طلبة غزة عن فشل الموسم الدراسي جراء الحرب (الجزيرة) مبادرات تعليمية

وكمدربة صحية معتمدة ومتخصصة بالمواليد، تعقد العزايزة -وهي أم 3 أطفال- ورشات طبية تثقيفية لزيادة وعي المرأة بصحتها الجسدية والنفسية، وكيفية تعامل الحامل أو المرضعة مع جنينها ورضيعها للحفاظ على صحتهما معا، خاصة في ظل الواقع المتردي الذي فرضته الحرب الضارية والحصار الخانق.

من جهة ثانية، تبرز مبادرات تعليمية انتشرت على نطاق واسع، يقول أصحابها إن الهدف منها الحفاظ على علاقة الطلبة مع التعليم بعد فشل الموسم الدراسي وغيابهم الطويل عن مقاعد الدراسة بالمدارس التي تحولت لمراكز إيواء.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي، فإن الحرب تسببت باستشهاد أكثر من 750 معلما ومعلمة وموظفا في سلك التعليم، و115 من العلماء وأساتذة الجامعات، وتدمير 123 مدرسة وجامعة كليا، و335 جامعة ومدرسة بشكل جزئي.

وبادرت الدكتورة فداء الزيناتي، وهي معلمة نازحة من شمال القطاع، بافتتاح "مدرسة من الخيام" في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، أطلقت عليها "المدرسة الهاشمية" تيمنا بـ"غزة هاشم".

وتتألف من 6 خيام وتدرّس 360 طالبا وطالبة بنظام الفترتين صباحية للطلبة من الصف الأول حتى الثالث ابتدائي، ومسائية للصفوف من الرابع ابتدائي حتى التاسع إعدادي، ويتم تدريس المنهاج الفلسطيني كاملا، إضافة إلى أنشطة التفريغ النفسي.

مدرسة من الخيام في منطقة المواصي بخان يونس (الجزيرة)

وتقول الزيناتي -للجزيرة نت- إن إدارة المدرسة كانت حريصة على المزج بين التعليم والتفريغ النفسي، خاصة بعد فترة الانقطاع الطويلة عن الدراسة، والضغوط الهائلة التي يتعرض لها الأطفال جراء الأحداث اليومية المفزعة الناجمة عن الحرب.

وتعمل في المدرسة معلمات متطوعات، ووفقا للزيناتي -وهي معلمة بالمدارس الحكومية منذ 14 عاما- فإن الهدف الرئيسي للمدرسة "حماية أجيالنا الصغيرة من الضياع وإنقاذهم من شبح الجهل". وتضيف أن انتظام الطلبة بالمدرسة ساهم في تحسن مستوى الكتابة والقراءة لديهم، علاوة على تعديل "سلوكيات سلبية اكتسبوها خلال الحرب والنزوح".

ويمكن للمدرسة -برأيها- أن تحقق نجاحات أكبر لو توفرت لها بعض الاحتياجات كالمراحيض والأدوات التعليمية المساعدة ومقاعد وخيام لاستيعاب المزيد من الطلبة، ودخل مادي للمعلمات لإعالة أسرهن ومساعدتهن على مواجهة ظروف الحياة القاسية.

التكيات الخيرية ساعدت الغزيين على مواجهة سياسة التجويع والتعطيش الإسرائيلية (الجزيرة) قيمة التطوع

ولمواجهة سياسة التجويع التي مارسها الاحتلال، انتشرت "تكيات خيرية" لتوزيع الطعام بالمجان على النازحين والمحتاجين. ومثلت المصدر الوحيد للتزود بالطعام اليومي لمئات آلاف الأسر التي فقدت معيلها أو مصدر رزقها ولم تعد قادرة على توفير طعامها واحتياجاتها اليومية الأساسية، في ظل شح السلع والمواد الغذائية، وارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

وكان للأطفال نصيب وافر من المبادرات والفعاليات الترفيهية الثابتة والمتنقلة لمساعدتهم على التخلص من ضغوط الحرب، باعتبارهم الفئة الأكثر هشاشة واحتياجا، وقد استشهد الآلاف منهم وتيتم آلاف آخرون، وأتت الحرب على مدارسهم وملاعبهم ومتنزهاتهم.

ويعلي الناشط المجتمعي الداعية نادر أبو شرخ من قيمة العمل الطوعي والمبادرات الخيرية زمن الحرب، ويقول -للجزيرة نت- إن لمثل هذه الأعمال آثارا كبيرة تنعكس على المتطوع ومجتمعه و"الدين الإسلامي حث على ذلك، وفيه ثواب وأجر عظيم، وسعادة وراحة نفسية".

والعمل الطوعي، بحسب أبو شرخ، هو تقديم العون والمساعدة للآخرين ممن هم بحاجة لذلك، ويكون بدوافع ذاتية من المتطوع وبدون أي ضغوط أو بحث عن أجر أو شهرة، وإنما ينبع من رغبة في الأجر والإيمان بقيمة العمل مهما كان مجاله تعليميا أو صحيا أو إغاثيا أو ترفيهيا مما يخدم المجتمع.

ويؤكد أن للمبادرات الخيرية فوائد كثيرة، أبرزها أنها تزيد من ترابط المجتمع، خاصة أوقات الأزمات والكوارث، مثلما هو الحال في غزة التي تتعرض لحرب دموية ومدمرة وحصار خانق و"بسبب ذلك زادت حاجة الغزيين لمن يمد لهم يد العون ويساعدهم على الصمود ومجابهة المخاطر والتحديات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات

إقرأ أيضاً:

بيراميدز يحافظ على «التقاليد الأفريقية» والأهلي يُخالفها!


عمرو عبيد (القاهرة)

أخبار ذات صلة السيسي: مصر تقف سداً منيعاً أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية بيراميدز إلى «نهائي تاريخي» في «أبطال أفريقيا»


نجح بيراميدز المصري في التأهل إلى نهائي دوري أبطال أفريقيا، للمرة الأولى في تاريخه، ليواجه صن داونز الجنوب أفريقي، وخلال نصف النهائي، حافظ بيراميدز على «التقاليد الأفريقية»، التي تقضي غالباً بتأهل الفريق الذي يتعادل سلبياً خارج ملعبه، في مباراة الذهاب بالدور نصف النهائي، بينما خالف مواطنه الأهلي تلك العادات، بعدما فشل في الفوز على صن داونز إياباً، واكتفى بالتعادل 1-1 في عقر داره.
وشهدت النسخة الحالية من دوري الأبطال الأفريقي، انتهاء مباراتي الذهاب في نصف النهائي بتعادلين سلبيين، للمرة الأولى في تاريخ البطولة، بمختلف أنظمتها ومسمياتها، بل إنه خلال 61 عاماً، خرجت 15 مباراة فقط في ذهاب نصف النهائي بنتيجة 0-0، وبالتأكيد يُستثنى من ذلك 4 بطولات فقط، بين 1997 و2000، التي أقيمت البطولة فيها بنظام مختلف لم يشهد إقامة نصف النهائي، وهو ما يعني أن التعادل السلبي في واحدة من مباريات الذهاب بتلك المرحلة لم يعرف طريقه إليها، إلا في ربع عدد تلك البطولات عبر التاريخ.
وفي 15 مباراة، منها مواجهتا الذهاب في النسخة الجارية، نجح الفريق الذي يتعادل خارج ملعبه بنتيجة 0-0، في الفوز بلقاء الإياب والتأهل للمباراة النهائية، في 9 مرات، بنسبة 60%، وهو ما سار على نهجه بيراميدز، بعد تجاوزه أورلاندو بايرتس، بينما أخفق الأهلي، ليدخل ضمن نسبة الـ 40%، التي تعني فشل الفريق استغلال تعادله السلبي خارج الديار ذهاباً.
الغريب أن الأهلي نفسه يعد «النموذج الأبرز» في هذا الأمر، حيث كرر حصوله على بطاقة بلوغ النهائي بعد التعادل 0-0 خارج الديار في ذهاب نصف النهائي، 4 مرات، وهو ما يُمثّل نسبة 44.4% من إجمالي عدد تلك المرات عبر تاريخ البطولة، وجاء ذلك بداية من موسم 1983، عندما فاز 2-0 إياباً على حساب نكانا ريد ديفلز الزامبي، ثم في نُسختي 2007 و2008 بعد الفوز 1-0 على الاتحاد الليبي وإنييمبا النيجيري، توالياً، وأخيراً في الموسم الماضي، بعد تعادله سلبياً ثم فوزه 3-0 على مازيمبي الكونغولي.
وكانت بداية تلك «التقاليد الأفريقية» قد انطلقت في عام 1970، عندما تعادل أشانتي كوتوكو خارج الديار سلبياً مع الإسماعيلي المصري، قبل أن يفوز الفريق الغاني في الإياب 2-0، وعاد الأهلي ليؤكدها في نسخة 1983، وفي 4 مرات متتالية ببطولات 2006 و2007 و2008 ثم 2012، تكرر الأمر مع الصفاقسي التونسي على حساب أورلاندو بايرتس الجنوب أفريقي، ثم مرتين متتاليتين للأهلي، قبل تجاوز الترجي التونسي مازيمبي الكونغولي عام 2012، وجميعها انتهت بالتعادل 0-0 ثم الفوز 1-0، وفي عام 2017، جاء الدور على الوداد المغربي ليتعادل سلبياً ذهاباً مع اتحاد العاصمة الجزائري، قبل الفوز في الإياب 3-1، مكرراً نفس المشهد للمرة الثامنة، قبل أن يزيدها بيراميدز إلى «التاسعة» في الموسم الجاري.
والطريف أن كانون ياوندي الكاميروني، أحد «الأباطرة القدامى»، كسر تلك القاعدة مرتين مبكرتين في بطولتي 1978 و1980، قبل التتويج باللقب في كل مرة، لكنها لم تستمر طويلاً أو بصورة متعاقبة، حتى عادت للظهور مع الوداد على حساب صن داونز في موسم 2022-2023، قبل أن يرد الفريق الجنوب أفريقي بنفسه هذه المرة، ويذيق الأهلي من الكأس نفسها.

مقالات مشابهة

  • بيراميدز يحافظ على «التقاليد الأفريقية» والأهلي يُخالفها!
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • العمى والسرطان| كيف يؤثر غاز الخردل على الصحة؟.. وطريقة استخدامه في الحروب
  • أرقام تكشف.. كم بلغ عدد قتلى إسرائيل في عام من الحرب على غزة ولبنان؟
  • شاهد | مجموعة الأزمات الدولية: الحرب الأمريكية على اليمن امتداد للحرب على غزة
  • بيان بمناسبة الذكرى الـ 20 لرحيل الأستاذ الخاتم عدلان
  • وفاة أربعة أشخاص وإصابة خمسة آخرين جراء انفجار لغم من مخلفات الحرب في ‏منبج شرقي حلب ‏
  • فاجنكنيشت: يجب دعوة الروس للمشاركة في إحياء الذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية
  • علاجك بالمجان وأنت في مكانك!.. قافلة طبية بقرية في المنيا تشمل كافة التخصصات الطبية
  • الرئيس الفلسطيني: 40 ألف طفل فقدوا والديهم أو أحدهما جراء الحرب