41 ألفا أم ربع مليون شهيد؟.. جدل حول الحصيلة الحقيقية لضحايا العدوان على غزة
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
أطلقت طائرات الاحتلال الإسرائيلى قصفاً صاروخياً استهدف منطقة جنوبى قطاع غزة، ضمن سلسلة الجرائم الإسرائيلية، قصفت إسرائيل بهذه الضربة أحد المنازل الذى يعود لعائلة أمين أحمد، والتى أدت بدورها إلى انهيار جزء كبير من المنزل فوق رؤوس ساكنيه، خرج الفلسطينى حامد حسنين حياً جراء الضربة، كان حظه جيداً بسبب بُعد الانهيار عنه، لكنه بدأ فى مساعدة باقى أفراد أسرته للخروج، إلا واحداً، فشل فى إخراجه أو العثور على جثته.
هذه القصة ضمن عشرات احتضنها قطاع غزة منذ العدوان الإسرائيلى فى السابع من شهر أكتوبر العام الماضى، والذى يمر سنة كاملة على ذكراه، تتكرر بشكل شبه يومى مع استمرار قصف المنازل والعائلات واستهدافها فى العديد من مناطق قطاع غزة، يقول «حامد» لـ«الوطن»، إنه انتشل بعض الجثامين من أسفل المنزل المستهدف، وبعد محاولات عديدة لإخراج نجله الأكبر، عاد إلى المستشفى للعلاج واستكمل رجال الإنقاذ المهمة، لكن عودة القصف الإسرائيلى دفعتهم إلى الهرب، وفقد أمله فى العثور على ابنه حياً، وجثته ما زالت لم تخرج بعد، فوصول سيارات الإسعاف إليها عملية صعبة نتيجة تدمير البنية التحتية ووجود أطنان الركام فى الطرقات الرئيسية، وخوفاً من تجدد القصف.
فلسطينى: لم يتم تسجيل نجلى الأكبر بالقائمة ولا أستطيع الوصول إلى جثتهويضيف: «استشهد شقيقى الأصغر فى القصف الإسرائيلى فى هذه الليلة، وعدت إلى المستشفى لتلقى العلاج والاطمئنان على باقى أفراد أسرتى، وقمت بنقل جثمان شقيقى إلى المستشفى وتأكدت من وفاته، وهناك حصلوا على كل معلوماته لتسجيله ضمن شهداء العدوان الإسرائيلى»، فى هذه الحالة، لم يتم تسجيل نجل «حامد» الأكبر حتى الآن ضمن شهداء العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، رغم أنه أصبح فى عداد الشهداء، لكنه ليس رقماً فى القائمة التى تعلنها وزارة الصحة الفلسطينية بشكل يومى، والتى تخطت حاجز الـ41 ألف شهيد.
فى الأشهر الأولى من الحرب، تم حساب أعداد الشهداء بالكامل من خلال إحصاء الجثث التى وصلت إلى المستشفيات، وكانت البيانات تتضمن أسماء وأرقام هوية معظمهم، لكن مع استمرار الحرب والقصف، وقلة عدد المستشفيات والمشارح العاملة، اعتمدت الصحة الفلسطينية أساليب أخرى مثل حساب الجثث المجهولة، التى تمثل ما يقرب من ثلث إجمالى عدد الشهداء.
الحديث حول صحة أعداد الشهداء التى تعلنها وزارة الصحة الفلسطينية ازداد خلال الأشهر الأخيرة، بعد إعلان بعض المنظمات الأممية وبعض التقارير الصحفية التى أشارت إلى أن أعداد الشهداء أكبر بكثير من الملعنة، ومن الممكن أن تتخطى أضعاف المرات المعلن عنها، بسبب وجود عدد كبير من الفلسطينيين أسفل الأنقاض، كما توفى الآلاف نتيجة الأمراض المنتشرة جراء الحرب، فما حقيقة ذلك؟
التقديرات الرسمية تشير إلى عشرات الآلاف من الشهداءنشرت مجلة «لانسيت» الطبية رسالة بحث مقدمة من ثلاثة أكاديميين، فى 5 يوليو الماضى.
«لانسيت»: الوفيات غير المباشرة الناتجة عن عوامل مثل الأمراض أو الاعتداءات كالقصف تعنى ارتفاع حصيلة الشهداء 5 مرات عن التقديرات الرسميةتقدر أن الوفيات غير المباشرة، الناتجة عن عوامل مثل المرض، والوفيات المباشرة، الناتجة عن القصف الإسرائيلى، قد تعنى أن حصيلة الشهداء الحقيقية أعلى بنحو 5 مرات من التقديرات الرسمية، وربما أكثر من 186 ألف شهيد.
وقال خبراء الصحة العامة إن غزة قبل الحرب كانت تتمتع بإحصاءات سكانية قوية ونظم معلومات صحية أفضل من تلك الموجودة فى أغلب دول الشرق الأوسط، وفقاً لما نشرته «رويترز». منظمة أممية أخرى تابعة للأمم المتحدة، قالت إن الأرقام التى تقدمها وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة لأعداد الضحايا قد تكون أقل من الواقع، معللاً بذلك أن القائمة لا تشمل الضحايا الذين لم يصلوا إلى المستشفيات أو من يُحتمل وجودهم تحت الأنقاض.
«إيرووز»: نتعامل مع كل حالة على حدة ونجمع كل المصادر حولها.. ومن الصعب تحديد عدد الضحايا بدقة بسبب الحرب والعنف الإسرائيلى المستمرتواصلت «الوطن» مع بعض المنظمات الأممية للحديث حول طبيعة حساب أعداد الضحايا والاختلاف بينها وبين وزارة الصحة الفلسطينية، منها «إيرووز» البريطانية، وتعمل على رصد أثر الغارات الجوية على المجتمعات المحلية وتحديد أعداد الضحايا، وكشفت أن هناك اختلافاً بين أعداد الضحايا المعلنة لدى المنظمة ووزارة الصحة الفلسطينية، بسبب استخدام المنظمة للمصادر المفتوحة فقط، لكنهم وجدوا ارتباطاً وثيقاً بين القوائم من خلال مطابقة الأسماء التى يجدونها بشكل مستقل، مع الأسماء التى تنشرها الصحة الفلسطينية.
تقول إيميلى تراب، مديرة المنظمة، فى حديثها لـ«الوطن»: «كان هناك الكثير من الدمار الواسع الذى لحق بالقطاع الطبى والعاملين فيه، ومن المرجح أيضاً أن تكون قوائمهم أقل من العدد الحقيقى». تعتمد منظمة «إيرووز» على نفس النهج الذى تستخدمه فى حساب أعداد الضحايا منذ 10 سنوات عبر العديد من الصراعات المختلفة، يتضمن البحث عبر وسائل التواصل الاجتماعى، فعلى سبيل المثال منشور نشره شاهد على غارة جوية معينة على «فيس بوك»، أو شهادة عن أحد أفراد الأسرة قُتل فى غارة جوية نشرها أحد أفراد الأسرة، وكذلك التقارير التى جمعتها منظمات حقوق الإنسان والصحفيون، مضيفة: «نتعامل مع كل حالة على حدة، نحدد كل مرة يحدث فيها حدث انفجارى واحد من المرجح أن يقتل أو يلحق الأذى بالمدنيين، ثم نجمع كل المواد المفتوحة المصدر حول هذه الحالة، ثم نقدر الحد الأدنى لعدد المدنيين القتلى والحد الأقصى بناءً على كل هذه المصادر المفتوحة».
تقول «إيميلى» إن الحرب تغيرت وتطوّرت بمرور الوقت، لكن ما زالت نفس حوادث الإصابات الجماعية التى شهدناها فى البداية تتكرر، والتى كانت فى حد ذاتها غير مسبوقة فى طبيعة وحجم الضرر مقارنة بالصراعات السابقة.
تؤكد مديرة «إيرووز» أن القوائم الحديثة التى أصدرتها «الصحة» الفلسطينية، هى دقيقة بشكل كبير عن التى كانت منذ بضعة أشهر، كما أنه من الصعب أيضاً تحديد الضحايا بدقة بسبب الحرب والعنف المستمر من القوات الإسرائيلية: «فى الحرب من الصعب أن نثق فى أى شىء، فالمعلومات معقدة ومتنازع عليها؛ ولكن هذا هو السبب وراء قيامنا بهذا العمل أيضاً، نحاول فهم هذه المعلومات حتى يتمكن الجميع من الجمهور وأعضاء حقوق الإنسان والسياسيين ووسائل الإعلام الأخرى من معرفة ما يجب الوثوق به وما لا يجب الوثوق به».
بالنسبة إلى الضحايا أسفل الأنقاض، تقول «إيميلى» إن حسابهم يتم أيضاً عن طريق الشهادات والتقارير، فعلى سبيل المثال، قد يتم القبض على سيدة فى تقرير صحفى تقول فيه إن طفلها تحت الأنقاض، فتقوم المنظمة بتسجيل ذلك، كما أكدت أن السلطات الفلسطينية تحاول تحديد أعداد المفقودين بشكل عام ولكن ذلك يمثل تحدياً بالتأكيد.
بدورها تواصلت «الوطن» مع منظمة الصحة العالمية، للوصول إلى حقيقة اللبس بشأن أعداد الشهداء فى قطاع غزة، وقالت إن لديها تعاوناً طويل الأمد مع وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة، وتشهد أن وزارة الصحة لديها قدرة جيدة فى جمع البيانات وتحليلها وأن تقاريرها السابقة اعتبرت موثوقة ومتطورة.
لكن «الصحة العالمية» أكدت أن الأرقام الحقيقية بالفعل أعلى من المعلنة وذلك بسبب أن أرقام وزارة الصحة عن الوفيات والإصابات لا تشمل أولئك الذين لم يصلوا إلى المستشفيات أو عدة آلاف من الأشخاص الذين فقدوا تحت الأنقاض، لكن التناقض فى الأرقام، وفقاً للمنظمة، لن يغير من مستوى المعاناة والاحتياجات الإنسانية المتزايدة فى قطاع غزة.
وأكدت «الصحة العالمية»، فى ردها حول استفسارات «الوطن»، بشأن أعداد الشهداء فى غزة، أن البيانات المعلنة من مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع لها منذ عام 2008 وحتى السابع من أكتوبر العام الماضى، تظهر بوضوح أن عدد المدنيين الذين قتلوا ارتفع، مع ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال والنساء، مقارنة بالأرقام التراكمية من الصراعات السابقة التى أثرت على قطاع غزة.
وكشفت فرق منظمة الصحة العالمية على الأرض، عن الاحتياجات الصحية الحرجة والإجراءات العاجلة اللازمة على الأرض، وهذا يستند إلى بيانات أعدتها منظمة الصحة العالمية وخطة الاستجابة التشغيلية الخاصة بها، وأوضحت «الصحة العالمية» أنه خلف أرقام الضحايا هناك العاملون فى مجال الصحة، والمرضى، والأمهات، والآباء، والبنات والأبناء، والأطفال، الذين قتلوا بشكل مأساوى وأصيبوا بجروح خطيرة فى الصراع الإسرائيلى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: عام على حرب غزة وزارة الصحة الفلسطینیة الصحة العالمیة أعداد الشهداء أعداد الضحایا قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
سياسة الأرض المحروقة.. تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة وسط مواقف متباينة
في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي يتواصل منذ 7 أكتوبر 2023، أسفرت الهجمات الأخيرة على مدينة غزة وبلدتي خانيونس وبيت لاهيا عن سقوط عدد من الشهداء الفلسطينيين بالإضافة إلى إصابة آخرين، مما يضاعف معاناة سكان القطاع المحاصر.
وتزايدت الحصيلة اليومية للضحايا وسط حرب إبادة جماعية مستمرة، بعد أن استأنفت إسرائيل هجماتها في 18 مارس 2025 عقب تنصلها من اتفاق وقف إطلاق النار.
في صباح يوم الأحد 13 أبريل 2025، استهدف القصف الإسرائيلي منزلًا في بلدة خزاعة شرق خانيونس جنوبي قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد خمسة فلسطينيين.
وفي رفح، استهدفت قوات الاحتلال مراكب الصيادين الفلسطينيين في مواصي المدينة، ما أسفر عن إصابة صياد. كما تعرضت بلدة دير البلح لغارتين جويتين أسفرتا عن تدمير مقر بلدية المنطقة بالكامل، وتسببتا في أضرار مادية كبيرة في المناطق المجاورة.
وأكدت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" في تقريرها أن غارة إسرائيلية استهدفت خيمة تأوي نازحين في منطقة أصداء شمال غرب خانيونس، أسفرت عن استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين. بالإضافة إلى استشهاد شاب جراء انفجار جسم من مخلفات الاحتلال في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، في حين استشهد آخر في حي الشجاعية شرق غزة إثر قصف إسرائيلي.
حصيلة الشهداء والإصاباتأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن حصيلة الشهداء جراء العدوان الإسرائيلي ارتفعت إلى 50,944 شهيدًا و116,156 مصابًا منذ بداية العدوان في أكتوبر 2023. وأضافت الوزارة في تقريرها الإحصائي اليومي أن الهجوم الأخير أسفر عن وصول 11 شهيدًا و111 إصابة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
كما بيّنت أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 مارس 2025، بلغت 1,574 شهيدًا و4,115 إصابة.
التهديدات الإسرائيليةفي إطار التصعيد المستمر ضد القطاع، هدد وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في منشور على منصة "إكس"، بجعل قطاع غزة "أصغر وأكثر عزلة".
وأوضح كاتس أن قوات الجيش الإسرائيلي سيطرت على محور موراج الذي يقسم غزة من الشرق إلى الغرب، ما يؤدي إلى تحويل مناطق كبيرة في القطاع إلى "مناطق أمنية" تحت السيطرة الإسرائيلية.
وادعى كاتس أن هذه العمليات العسكرية تأتي ضمن إستراتيجية تهدف إلى الضغط على حركة حماس لإجبارها على قبول صفقة للإفراج عن الأسرى.
حماس: "لن يعود الأسرى بالضغط العسكري"من جهتها، أكدت حركة "حماس" في بيان مقتضب أن أسرى الاحتلال الإسرائيلي لدى المقاومة في قطاع غزة لن يعودوا عبر التصعيد العسكري.
وأشارت الحركة إلى أن التصعيد الإسرائيلي ضد المدنيين هو "رسائل دموية إجرامية" للضغط على المقاومة، بالتزامن مع تحركات الوساطات المصرية والقطرية، والحديث عن مقترحات جديدة للتوصل إلى هدنة أو صفقة تبادل أسرى.
وتابعت الحركة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وحكومته لن يحققوا تقدمًا في ملف الأسرى دون التوصل إلى صفقة تبادل. وأكدت أن الأسرى لن يعودوا إلا بالقرار الذي يرفض نتنياهو اتخاذه.
الوفد الحمساوي في القاهرةأعلنت حركة حماس مساء السبت 12 أبريل 2025، عن توجيه وفد برئاسة القيادي خليل الحية إلى العاصمة المصرية القاهرة، تلبية لدعوة من الحكومة المصرية.
وأوضحت الحركة أن الوفد سيجتمع مع الوسطاء من قطر ومصر لمتابعة جهود التوصل إلى اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. كما جاء الوفد لمواصلة الجهود للضغط من أجل التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال.
استمرار العدوان في ظل المواقف المتباينةيواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في تصاعد مستمر، ومع تزايد أعداد الشهداء والجرحى، يتأزم الوضع الإنساني في القطاع بشكل غير مسبوق.
ومع استمرار سياسة الأرض المحروقة، التي تتبعها إسرائيل، لا تبدو المواقف الدولية المتبناة تجاه هذا العدوان حاسمة. بينما تتواصل محاولات حماس لإيجاد حل عبر الدبلوماسية والوساطات، تظل الحرب مفتوحة على جميع الاحتمالات، وتبقى نتائجها مرهونة بمواقف الأطراف المختلفة على الساحة الدولية والإقليمية.