هذا دفترٌ انقضى من كتفكِ الأيسر
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
(1)
التفَّاحة الوحيدة السَّليمة فـي المركب لا تغفر لبقية المدينة، ولا تسامح أي أحد.
(2)
مقاربةٌ مُقارَنَةٌ، ليست شقيَّة تماما وإن كان، ليست علميَّة على الإطلاق حتى وإن كان العكس صحيحا، ولا مقصودة بالضبط، فـي توارد الخواطر، وحضور المسافات، والتَّدقيق فـي الجزافـيَّات، وحكمة اللِّسان وزلَّاته:
«إن الأفكار التي نملكها، تملكنا» (إدغَر موران).
«أنا أقدر أملك الدولة، والدولة تملكني» (أبو فـيصل، المرحوم عبدالله بن زاهر).
(3)
أتَعَرَّضُ بسبب الموت لسوء فهم الأموات والأحياء معا، من البشر والقواقع كافَّة.
(4)
ذاكرة تنبعث (وطائر العنقاء نائم فـي الرَّماد إلا فـي فـيلم ألفرد هتشكك «سايكو»).
(5)
مطلوبٌ الانتباه للفعل المضارع (خاصة حين يكون بعضهم نَحْوًا للمستقبل).
(6)
كم من الخطايا، أيتها العذراء، كي أجترح الإثم والغفران؟
(7)
أتطاولُ سعفةً فـي الليل (ولا أسافر).
(8)
عليك أن تسرد الحكاية من موقع المستمع/ المُشاهد/ القارئ، وليس الراوي (ليس دومًا).
(9)
أخشاكِ يا آخر الياسمين عند الغروب.
(10)
ضائعون حتى قبل اختراع الغبار.
(11)
أحمد يجيء فـي الولادات، وأحمد يمضي فـي المصائر، ويضيء أحمد فـي كل الأوقات.
(12)
حين يصير الحرير ماء، وتذوب الرَّسائل فـي البحر، ولدى عودة المهاجرين من البحرين والكويت.
(13)
لا رائحةً بحريَّة على هذه الهديَّة المفاجئة، ولا قواقع تحت صدى خطواتكِ المتعجِّلة فـي الانصراف. إلى أين سأمضي، وأين سأهلك، إذاً؟
(14)
أدوات التَّشبيه أخبثُ، وأسوأ، وأضعفُ اختراعات اللغة (والتَّماهي أسوأ).
«أنا آخر» (آرثر رامبو).
(15)
فـي المعمعة، وفـي التَّبَطُّل، الذين جباههم ضئيلة.
(16)
لا مخمل، ولا حرير، ولا عورة، ولا عودة، ولا درَّاجة هوائيَّة فـي آخر مكان فـي مجز الصُّغرى، قبيل الوادي الجاف الذي فـيه ماء عذب.
هكذا ينبغي أن يكون شيء واحد على الأقل فـي هذا الهلاك.
(17)
الحب فطرة وغريزة، والإنسان تطوُّرٌ ارتقائي (وأنا سأكفُّ عن التَّدريبات).
(18)
لم يغادر الأعداء بيتنا مُذْ مهد الأب، وصدر الأم، وبقيَّة الأهل، والطريق إلى أقصى الحجرات: الحجرة الشَّماليَّة التي فـيها الكتب والرُّعب.
(19)
ما من عبدٍ إلا ويفقه هذا: السؤال مذلَّة، والجواب إهانة أكبر.
(20)
الكلمة لا تُسعِف، الموت لا يقدِر، والحياة تكفُّ عن الاستعارات.
(21)
الذين يتذكرون لا يستطيعون أن ينسوا. أما الذين نسوا فلا مشكلة لديهم مع النسيان.
(22)
يحتاج الإنسان إلى أوبئة أخرى أشد فتكا مما حاق بنا كي يعيد التفكر فـي أنه ليس وحده هنا.
فلنرحل من هنا بأقصى سرعة ممكنة.
(23)
يأتي على الدَّهر حينٌ من المرء: كلا، لا أريد المزيد من التجارب والحِكم. أريد أن أموت (ببساطة، فقط).
(24)
أيها المطر الذي أغرق البلاد: من أي لحدٍ من لحودك جاءت هذه السُّيول؟
(25)
أحبُّكِ فـي العين مرسومة على حقائب الرِّحلات التي على الظَّهر.
(26)
حبٌّ عظيمٌ فـي التباس ظَنِّ الابتسامة (وليس فـي حسن أو سوء النَّتائج العِبر).
(27)
انتبه لقلبك: لم يعد ذلك العصفور يقول شيئا فـي التآكل.
(28)
احذر: قتلُك بالكاد ابتدأ.
(29)
ليس كل من يبكي وينوح طيرًا (سيتصرَّف الليل وأشجان السِّنين بالشُّعراء).
(30)
الكتابة توثيقٌ باهتٌ، ومشبوهٌ، وضعيفٌ، ومسكينٌ (وإن لم تُصَدِّق هذا فعليك بالمزيد من الكتابة والكوابيس).
(31)
لم يعودوا قادرين إلا على الموت (موتهم، فحسب).
(32)
يرشده أبوه إلى الهاوية، ولا تستقيل أمُّه من النُّخْط (وهو هنا، وهو هناك).
(33)
لا خير يُرجى من موت لا يوصَل إليه إلا بعد تَخَفُّفٍ منهجيٍّ صارم، وعنيد، وطويل.
ولهذا أنا خائف جدًا من الموت (بسبب كل ذلك التقصير، فـي هذه الليلة تحديدًا).
(34)
أكتب فـي كل يوم كلمة واحدة فقط (وأَقطع حبل سر القمر فـي كل ليلة).
(35)
ليس الزَّمن، وليس المقدور، وليس الخبز، ولا اللُّعاب، ولا الزَّبيب.
(36)
لم يعد قاسيًا أن ليس له أُم. القسوة الأكبر هي أن للأم بناتًا وأبناء آخرين.
(37)
لا أستطيع أن أموت هنا، بل سأُنْحَرُ هناك (كلُّهم ماتوا هنا بسبب اكتظاظٍ شديد، وترَدُّدٍ هائل، وعجزٍ فـي الوفرة).
(38)
فـي صالات الضيوف، والموائد فـي ارتكابات الغداء وحماقات العشاء، وبروتوكولات الغيبة والنَّميمة فـي مجالس العزاء، فـيما هو أصغر بكثير من الرَّذيلة والإنسان.
(39)
يقول السَّائح: بلادهم جميلة ومُطَرَّزةٌ بالحصون، والقلاع، وأبراج المراقبة، والأسوار.
يقول التَّاريخ: كلّها استُخدِم فـي صدِّ هجمات بعضهم على بعضهم الآخر.
(40)
اقتصدتم فـي تقدير حجم اللَّحد (تزجُّون الهالك زجًّا وجُرْمُه أطولُ من الحفرة التي اقترحتم)، فبالِغوا فـي رشِّ الماء على وجوهكم وقلوبكم بعد غبار الدَّفن، وقبل أن يرحل القبرُ إلى قبرٍ آخر.
(41)
أتفتقدون الحنان؟
لا، أنا لا أفتقده (ولهذا أواظب على القبور، وتواظب القبور -- فرديَّة وجماعيَّة، معلومة ومجهولة -- عليَّ).
(42)
كلما راحت القافلة بالنَّظرات (أيتها الظَّاعنة الأبديَّة).
(43)
يُقَتِّرُ بيت المال على التَّاريخ، ويبخل التَّاريخ على المؤمنين.
(44)
لا أساويكِ بالجوهر، ولا أقرنكِ بالجرح، وأثق بك أكثر فـي المِلح.
(45)
يُحْرَجُ القاتل، ولا يتحرَّج الشُّهود.
(46)
يا مريم: فـي كل ليلة ألتقي بأسوأ ما فـي الحليب.
(47)
ما من عِلَّة أكبر من الحدس، وما من مَلَكَةٍ أعظم من الحدس.
(48)
سأموت (غالبًا، بسبب الخديعة والإخلاص معا).
(49)
نحن أيضا نمضي فـي هذا الطريق حتى وإن لم نَدْرِ شيئا عن العالم أو عنَّا (كمن يشاهد فـيلم «سحر البورجوازيَّة الخَفِي» للويس بونويل).
(50)
هذا دفترٌ انقضى من كتفكِ الأيسر.
عبدالله حبيب كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فـی کل
إقرأ أيضاً:
صحافيو غزة في مواجهة القتل المتواصل... العمل على حافة الموت
مع عودة الجيش الإسرائيلي إلى عملياته العسكرية في غزة، عاد مشهد استهداف الصحافيين والمراسلين الفلسطينيين، حيث قتل مراسلان في جنوب القطاع وشماله، ليبلغ عدد الضحايا من الأعلاميين هناك 203 بحسب مكتب الإعلام الحكومي. ومع استمرار الحرب، يبدو أن الخطر المحدق بحياة الصحافيين في غزة يزداد.
بفارق ساعة واحدة، اليوم الاثنين، قُتل صحافيان فلسطينيان في قطاع غزة بنيران الجيش الإسرائيلي. الأول هو مراسل قناة "فلسطين اليوم" محمود منصور، الذي قضى إثر قصف منزل في منطقة البطن السمين غربي خانيونس جنوب غزة. أمّا الثاني فهو مراسل قناة الجزيرة في شمال القطاع حسام شبات، وقد قتل جراء غارة جوية إسرائيلية استهدفت سيارته في شارع صلاح الدين شمالي غزة. وتداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي، منشورا لحسام ينعي فيه زميله قبل أن يُقتل هو الآخر بنيران إسرائيلية.
وبعد أيام من عودة العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى قطاع غزة، ارتفعت حصيلة القتلى من الصحافيين منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر إلى 208، كما تجاوز العدد الإجمالي للقتلى بنيران الجيش الإسرائيلي 50 ألفا بينما بلغ عدد المصابين نحو 114 ألفا، بحسب مكتب الإعلام الحكومي.
عاد الصحافيون في القطاع إلى ارتداء السترات والخوذ الواقية، بعدما ارتاحوا من أثقالها لأسابيع خلال فترة وقف إطلاق النار الهش. ومنذ عام 2007 تمنع السلطات الإسرائيلية إدخال معدات السلامة والأمن الخاصة بالصحافيين.
وبحسب منظمة "مراسلون بلا حدود" لا تزال الدولة العبرية تمنع دخول الإعلاميين الأجانب لتغطية الأحداث والتطورات العسكرية والإنسانية في غزة، كما تمنعُ الصحافيين الفلسطينيين المنفيين من العودة إلى القطاع. وتشير المنظمة إلى "مقتل ما لا يقل عن 180 من الإعلاميين على يد الجيش الإسرائيلي في غضون 15 شهراً من الحرب، من بينهم 42 على الأقل لقوا حتفهم أثناء قيامهم بعملهم".
Relatedوزارة الصحة: حصيلة قتلى الحرب الإسرائيلية في غزة تتجاوز 50 ألفًاالكابينيت الإسرائيلي يصادق على إنشاء إدارة خاصة لـ"الهجرة الطوعية" من غزة إلى دول ثالثةكايا كالاس تزور إسرائيل للاستفسار عن عودة الحرب على غزةخطر الموت في أي لحظةيعمل الصحافي يوسف فارس مراسلا في قطاع غزة منذ أكثر من 15 عاما. في حديث لـ"يورونيوز" يصف وضع الصحافيين في غزة بالـ"خطير جدا على حياتهم"، ويشرح كيف "تعرض العاملون في المراسلة الميدانية والمؤثرون منهم، لتهديدات إسرائيلية مباشرة من الجيش الإسرائيلي عبر وصفهم بأنهم عناصر منتمية إلى الفصائل المسلحة وليسوا صحافيين". أما التهديدات غير المباشرة التي يتعرض لها معظم الإعلاميين في غزة، فتبرز عبر "التحريض عليهم من قبل إسرائيليين عبر مجموعات تلغرام تدعو غلى قتلهم". واقع ميداني يمنع الحركة الطبيعية للصحافيين لأداء مهامهم، خصوصا وأنهم "يفقدون الشعور بالأمان ويعيشون دائمًا تحت خطر التهديد بالقتل دائما".
ويمكن تقسيم الصحافيين في غزة إلى عدّة فئات: الفئة الأولى تمارس عملها رغم كل المخاطر والتهديدات "إذ أنهم يعلمون ثمن خيارهم المهني" وفق فارس. أما الفئة الثانية فهم صحافيون اضطروا لوقف عملهم نتيجة خطورة الأوضاع، والثالثة تضم إعلاميين غادروا القطاع.
وينقل صحافيون من غزة أنّ تحركاتهم من أكثر من عام باتت محصورة جدا في أماكن الأحداث بالقطاع، خصوصا وأن القصف يمنعهم من التحرك ميدانيا، كما "أن تعاونهم مع الدفاع المدني والإسعاف للوصول إلى مناطق القصف لم يعد موجودا، بعدما تعرضت الطواقم الإنسانية للتهديد والقصف بسبب نقل الصحافيين" وفق ما يؤكد فارس لـ"يورونيوز".
معاناة لوجستيةويعاني الصحافيون في غزة من أزمة متواصلة في الاتصالات والانترنت، إلى درجة تفرض عليهم أحيانا التوجه سيرا على الأقدام لمسافات طويلة تحت خطر القصف، من أجل التأكد شخصيا من معلومة معينة قبل نشرها حين يسمح وضع الاتصالات بذلك. كذلك يواجه المراسلون مشكلة ضعف الانترنت حيث يستغرق تحميل مواد بحجم صغير جدا وقتا طويلا. لكن ذلك يبقى أهون مقارنةً بخطر الموت الذي يتعرضون له في كل لحظة، حتى في بيوتهم، إذ أنّ قسمًا كبيرا من الصحافيين القتلى في غزة قضوا خلال وجودهم في بيوتهم التي تعرضت للقصف.
أخطر مكان في العالمويشير تقرير نشره"الاتحاد الدولي للصحافيين" إلى أنّ عام 2024 كان "سنة دموية بشكل خاص" حيث قُتل خلالها 104 صحافيين حول العالم، أكثر من نصفهم في قطاع غزة ولبنان. كما يشير التقرير إلى مقتل 4 صحافيين إسرائيليين خلال هجوم حماس على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول أكتوبر 2023.
وفي أيار /مايو 2024 منحت منظمةاليونيسكو التابعة للأمم المتحدة جائزتها السنوية لحرية الصحافة/غييرمو للصحافيين الفلسطينيين الذين يغطون أحداث غزة. وقد جرى ذلك بناء على توصية هيئة تحكيم دولية.
لم تتوقف حتى اليوم تقارير المنظمات الحقوقية والصحافية الدولية عن سوء أوضاع الإعلاميين في غزة بسبب الحرب المستمرة، حيث صنّف مختلفالمنظماتالقطاع المحاصر بالمكان "الأكثر دموية للصحفيين على وجه الأرض"، ووصفت منظمات أخرى غزة بأنها " أخطر المناطق في تاريخ الصحافة". ولعلّ ذلك ما يفسّر المشهد المستمر لمقتل الصحافيين بنيران القوات الإسرائيلية، وتحويلهم إلى المأساة نفسها بدلًا من أن يكونوا الصوت الذي ينقلها للعالم.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية نتنياهو دمية بيد قطر؟ هكذا يراه متظاهرون خارج محكمة مثل أمامها في تل أبيب دمار هائل وقتلى في استهداف إسرائيلي مباشر لأكبر المرافق الطبية بجنوب غزة "العنف يغذي العنف".. كالاس تحذر من خطر التصعيد وتدعو لاستئناف المفاوضات المتعثرة مراسلون بلا حدودقطاع غزةإسرائيلخان يونس