نساء في بلاد المغامرات والخلوات!
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
يشكّلُ الشتاء علامة فارقة لمُحبي سياحة المغامرات، تلك التجارب التي يمكن أن تسرقنا من عالمنا الإسمنتي إلى جبال يحفُّها نشيد الجمال المُذهل، تحملنا إلى عالم الكهوف الغامضة، أو تأخذنا فـي نزهة سرية إلى عمق أوديتها المتدفقة، كما تشكّل إشارة لأولئك المُغرمين بنصب عدّة التخييم فوق نعومة الرمل أو جوار الشواطئ المُفعمة بأصوات الطبيعة الحية والتي لا تهدأ بين مد وجزر.
هناك حيث يتمكن أحدنا من مراقبة تغيُّر ألوان السماء فـي لحظتين فارقتين كالشروق والغروب، حيث يتسللُ أحدنا من ضجيج العالم الخارجي إلى ألفة حميمية برفقة الذات المنفلتة من لهاث الحياة اللامحدود، فالإنسان المستنزف بالأخبار الرديئة، يهفو لخلوة مع الطبيعة يلتقط فـيها لهاث أنفاسه المبعثرة.
بدأت علاقتي بسياحة المغامرات مُتأخرة، كان مُحرضها الأساسي الهروب من الجو الكابوسي الذي فرضه علينا وباء «كورونا»، فوجدتُ العديد من الفتيات والنساء ممن يتشاركن معي هذا الاهتمام. ولكن لطالما كان لديّ خوف من قدرة الفرق النسائية على المضيّ بنا إلى الأماكن الأكثر وعورة، إذ تُصاب بعض الفتيات فـي المرّات الأولى بالهلع، فلا تستطيع تقدير إمكانياتها المتواضعة إزاء قسوة الطبيعة وحدتها، فلا تدرك -على نحو دقيق- المشقة التي تنتظرها فـي الالتواءات المجهولة!
وإن بدا من المُطمئن فرض شروط على الشركات المُسجلة تحت اسم نشاط المغامرات، وإلزامها بالتدريب، إلا أنّ بعض الفرق تتحايل على الأمر، تهرُّبًا من دفع المبالغ التي يفرضها الحصول على ترخيص، أو استجابة لنوايا الكسب السهل والسريع عن طريق فتح صفحة فـي حسابات السوشال ميديا. ولستُ على يقين بأنّ احتياطات السلامة تحملُ على محمل الجد من قبل الجميع، لا سيما وأنّ بعض الأماكن يسودها انقطاع فـي خدمات شبكات الاتصال!
فكيف نستطيع أن نعرف إن كان الفريق يمتلك صلاحيات لعمله أم لا؟ وكيف نتأكد من أنّنا كمشاركين محميون من المخاطر المُحدقة بنا؟ ماذا عن توفر سترات النجاة، القدرة على القيام بالإسعافات الأولية، والقدرة على التصرف فـي الظروف الخطرة؟ وتتبُّع تغيُّر حالة الطقس، والتماس مع أهالي القرى الذين يعرفون مجرى أوديتهم وخطورتها؟
بمناسبة اقتراب يوم المرأة 17 أكتوبر، أرى من الأهمية بمكان الالتفات لهذا القطاع الذي يستطيع أن يفتح بيوت العديد من النساء، ويوفر لهن فرص عمل حقيقية، فلماذا لا يُنظر بجدية فـي موضوع القروض الميسرة لهن؟ فأدوات سياحة المغامرات مُكلفة للغاية، وينبغي التأكد من صيانتها وتغييرها من عام لآخر. لماذا لا يتم تدريب النساء «قائدات الفرق» الجادات، من قبل وزارة الدفاع بشكل مجاني، أو الاستعانة بالخبرات العالمية والعربية فـي هذا المجال؟ لماذا لا تجهز البنية الأساسية من قبيل وضع «العلامات» للمسارات، وتوفـير دورات مياه متنقلة، وتهيئة الطرق الوعرة، فأغلب الجهود فـي هذا القطاع قامت بأيدي الشباب؟
عمل منصة موحدة وفاعلة تجمع الشركات المرخصة، والتي تقدم معلومات كافـية للزائرين عن الفرق ومساراتها، قد يحرض شكلا من التنافسية الإيجابية. كما أنّ سن معايير المراقبة الصارمة، وإعداد استبيان يُحدد فـيه المشارك مستوى لياقته وأمراضه إن وجدت، قد يغدو مفـيدًا قبل أن يزجّ أحدنا بنفسه إلى التهلكة!
لدى الدفاع المدني تطبيق خاص بالشركات التي تمارس هذا النوع من الأنشطة، يُسجل بواسطته الفريق الوجهة وعدد الأفراد والمدّة، حتى يسهل التعامل فـي الحالات الطارئة، وهي فكرة فـي غاية الأهمية، ولكن هل تلتزم جميع الفرق بتنفـيذها؟
الجانب الآخر الأكثر أهمية هو الاشتغال على نظرة المجتمع القاصرة تجاه هذا النوع من الأنشطة، فالمرأة تكابد الكثير من الضغوط الحياتية، ويمكن لهذه الرياضة أن تساعد على تحسن صحتها النفسية والجسدية بصورة لافتة، فالمغامرة ترينا الجانب الخفـي منا، وتجعلنا نتبصر فـي عظمة الكون.
رسم السياسات الجادة لتنمية قطاع حيوي كهذا، لا سيما فـي ظل ما تتمتع به عُمان من أمن واستقرار، وامتداد جغرافـي شديد الثراء والتنوع، يمكن أن يُنشط السياحة الداخلية ويجذب أنظار العالم إلينا، لتتحول عُمان إلى بلد المغامرات أو الخلوات التي يسودها التأمل والانكفاء.. يمكن أن يجلب المتعة والترفـيه ويُعالج شقاء الأرواح المُتعبة.
هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الصحة العالمية: 75% من بعثات الأمم المتحدة تُمنع من دخول غزة
الثورة نت/..
أطلقت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، تحذيرًا جديدًا بشأن الوضع الإنساني المتدهور في قطاع غزة، جراء استمرار العدوان الصهيوني على القطاع.
وبحسب موقع (فلسطين أون لاين)، أوضح المدير العام للمنظمة د. تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في مؤتمر صحافي، أن الحصار الشامل الذي تفرضه إسرائيل منذ الثاني من مارس الماضي يمنع دخول الغذاء والدواء، ويعوق بشكل خطير عمل الفرق الإنسانية والطبية.
ولفت الى أن 75% من بعثات الأمم المتحدة تواجه المنع أو العرقلة عند محاولة الدخول إلى القطاع، بسبب الحصار والهجمات الصهيونية.
وقال غيبريسوس: “هذا الحصار يحكم الخناق على السكان المدنيين، ويترك آلاف الأسر تعاني من الجوع وسوء التغذية، مع انعدام المياه النظيفة والمأوى والرعاية الصحية، مما يفاقم خطر الإصابة بالأمراض والوفاة”.
وكشف غيبريسوس أيضًا عن استمرار الهجمات المباشرة على النظام الصحي، مشيرًا إلى ارتقاء أكثر من 400 عامل في المجال الإنساني منذ اندلاع الحرب في السابع في أكتوبر 2023.
كما ذكر أن قافلة طبية تابعة للمنظمة تعرضت لهجوم من قبل الجيش الإسرائيلي في 23 مارس، ما أسفر عن استشهاد 15 من الكوادر الصحية والإغاثية.
وجدد المدير العام للمنظمة دعوته إلى رفع الحصار فورًا عن دخول المساعدات الإنسانية،- تأمين وصول الفرق الطبية دون عوائق إلى كافة مناطق غزة.