جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-06@17:33:21 GMT

الشرق الأوسط "على كف عفريت"

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

الشرق الأوسط 'على كف عفريت'

 

د. أحمد بن علي العمري

 

أي صراع في العالم له أسبابه والضالعين وراؤه وحيثياته ومعطياته ومنطلقاته وربما دوافعه، ومنذ أن فازت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة في إسرائيل بالانتخابات وهي أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ الكيان الصهيوني على الإطلاق برئاسة بنيامين نتنياهو المتعطش للحروب والدماء والذي يُكوِّن مثلث الشر الخطير مع بن غفير وسوميرتش.

وبدأ هذا الثالوث يلوحون يمنة ويسرة بحثًا عن مشاكل وحروب ودماء وقد رموا بكل الاتفاقيات والالتزامات في قعر البحر، ولم يلتزموا بأي قرار دولي ولم يعبأوا بأي واجب أخلاقي ولا حتى إنساني، وبدأوا يقضمون الضفة الغربية الفلسطينية الحرة بالمستوطنات، حتى جاءهم الفرج- حسب اعتقادهم- مع "طوفان الأقصى"، فانتهزوا الفرصة ودكُّوا غزّة وسوُّها بالأرض، ولم يحسبوا للعالم أي حساب، ولا للإنسانية أي اعتبار؛ فقد دمروها بجميع فئات سكانها من رجال ونساء وأطفال وشيبان، ولكن الله أكبر من كل طاغية ومتجبر، وإنه يُمهل ولا يهمل، ففشلوا ولم ينجحوا في القضاء على المقاومة، وتحديدًا حركة حماس، ولم يستعيدوا الأسرى، حسب ما حددوا أهدافهم. وكان لا بُد عليهم أن يشغلوا جمهورهم بشيء، لينسى وعودهم، فحاروا وارتبكوا مثل الثعبان الذي ينقطع ذيله فيلوذ في كل الاتجاهات؛ فاتجهوا إلى لبنان وقد راق لهم الأمر، فبعد تفخيخ "البيجرات" وأجهزة الووكي توكي، والاغتيالات وعلى رأسها زعيم المقاومة اللبنانية السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله.

وعن الاغتيالات لا بُد لنا أن نستعرض بعض المعطيات لاغتيال حسن نصرالله، وهو رجل نتيجة لقيادته الطويلة لحزب الله بدأ يقف في المنتصف بين المقاومة والسياسة، وقد بدأ يميل قليلا إلى السياسة نسبيًا، وهو الموقف المعتدل والواقعي.. والآن ومن بعد اغتياله ماذا يضمن لإسرائيل أن الذي سوف يخلفه لا يكون أكثر شراسة منه ويواصل رفع شعار المقاومة وحدها بعيدًا عن السياسة وألاعيبها. وقد سبق ذلك اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية في قلب طهران وفي يوم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، وهو ينطبق عليه ما ينطبق على حسن نصرالله من حيث الاعتدال. وجاء من بعد هنية يحيى السنوار وهو لا يؤمن سوى بالمقاومة طريقًا للتحرير، فهل جنت على نفسها براقش؟ وهل سيأتي يوم على الكيان الصهيوني الذي يتمنى أنه لم يغتل هنية ونصر الله؟

الأيام المقبلة سوف توضِّح ذلك. لقد انتشت إسرائيل بنجاح اغتيالاتها وفرحت بالنصر، وقبلها كان نتنياهو قد عرض خارطتين في الأمم المتحدة؛ إحداهما للخير وأخرى للشر، حسب ادعائه، فبدا نتنياهو يتكلم عن الشرق الأوسط الجديد- حسب مفهومه- بكل تبجح وغرور وغطرسة وعنجهية، وكان لسان حاله يقول "أنا ربكم الأعلى". ومما زاده نشوة وتبجحًا، انضمام جدعون ساعور إلى الحكومة ليزيدها تطرفًا؛ فشعر بتعظيمٍ لم يشعر به من قبل، وبدأ يجر أمريكا إلى حرب إقليمية مع إيران، وقد تجلى له أن إيران لا تريد الحرب أو حتى تهابه!

نعم.. أمريكا التي تصرح بأنها تُعارض إسرائيل في كل توجهاتها، لكن عندما تُنفِّذ إسرائيل تؤيد وتبارك، فهل هذه لعبة علينا؟ وهل هي ضحك على الذقون؟

وعلى الطرف الآخر، أوهمت أمريكا الضعيفة أمام إسرائيل والتي تحسب لأجل الانتخابات ولا تعرف ماذا تفعل وكيف تتصرف! أوهمت أمريكا إيران وخدعتها بأنها سوف تضغط على إسرائيل وتوقف الحرب في غزّة، وتنسحب منها وطلبت منها عدم الرد على اغتيال هنية أو على الأقل تأخيره والكل يعلم أن الأسلحة والمعدات والذخائر والتجهيزات التي تضرب بها إسرائيل هي أمريكية وأوروبية، وقد أعلنت أمريكا وأوروبا مرارًا وتكرارًا أنها تقف إلى جانب إسرائيل سرًا وعلانية!

لقد تبطر نتنياهو وتجبر فإذا به يضرب غزّة ولبنان وسوريا في ليلة واحدة، وكان الليلة التي سبقتها قد ضرب الحديدة في اليمن.

فإذا بايران التي لم تحتمل المزيد تضرب وبشكل مفاجئ أغلب المدن الإسرائلية بما يقارب من 200 صاروخ في 15 دقيقة؛ منها الفرط صوتية التي لا تُرد ولا تُصد، فارتجت إسرائيل رجًا ووجهت الحكومة؛ بل ومنعت كل وسائل الإعلام بما فيها الوسائل الاجتماعية من النشر بقصد التكتم؛ حيث أخذتها العزة بالإثم، لكن هناك من شاهد وصور ووضح الزلزال الذي حدث وظهر نتنياهو شاحب الوجه مرتبكًا بكلمة تُناقض نفسها بنفسها. وقال إن الهجوم الإيراني فشل، لكنه قال في آخر كلامه إن إيران ارتكبت خطأً كبيرًا وسوف تدفع الثمن… فكيف ذلك.. فإذا كان الهجوم فاشلًا فهل يستحق الرد؟ ثم إن كان هجوم إيران خطأً كبيرًا من طهران يستحق الرد فلماذا هذا إن لم يكن ارتباك وسوء تقدير وقليل من الفهم السياسي والمعنوي.

ثم في اليوم التالي حاولوا الدخول بريًا إلى لبنان؛ ففشلوا ورجعوا بضباطهم وجنودهم في التوابيت، وهذا في حد ذاته غباء وعنجهية إسرائلية غير مدروسة.

هكذا يجر المتطرفون الصهاينة إيران وأمريكا على السواء إلى حرب إقليمية، أمريكا التي نقلت أساطيلها وبوارجها وكل قواها إلى المنطقة، إضافة لتواجد ما يزيد عن 42 ألفًا من جنودها، فما السيناريو المحتمل في قادم الوقت (والذي نرجو أن لا يحدث)؟ لكن الوقائع تقول إنّ إسرائيل سوف ترد برد أكبر وبعدها ترد إيران برد أكبر وأشد؛ فتشتعل الحرب، وإذا اندلعت الحرب ستكون حربًا شاملة، ولن تكون إقليمية وحسب، والمؤكد أن أمريكا سوف  تجعلها حربًا عالمية  وضارية، لأنها سوف تحارب مع إسرائيل وربما تنضم فرنسا وبريطانيا وألمانيا، وحينها سوف تتدخل الصين التي ضايقتها أمريكا كثيرًا في الآونة الأخيرة، وكذلك كوريا الشمالية ستنضم إلى صف إيران وربما تنضم روسيا لوجستيًا؛ حيث إنها مشغولة بالحرب مع أوكرانيا، وربما تضرب بعض نواحي أوروبا؛ حيث بلغ السيل الزبى، وهذه هي الحرب الشاملة؛ بل ستكون الحرب العالمية الثالثة، إن لم تكن نهاية العالم لا سمح الله.

بالتأكيد سنكون نحن سكان الإقليم الأبرياء المتضررين ونحن الضحية شئنا أم أبينا؛ لأن الحرب ستدور رحاها في منطقتنا، وسيكون الشرق الأوسط ساحة واسعة للمعركة.

والسؤال: هل هناك من منبه أو منتبه للخطر المحدق؟ وهل يسمح العالم للذين يعرفون بأنهم جيش له دولة أن يتحكموا بمقدرات العالم؛ بل وتدميره لأهواء شخصية متطرفة؟ أم أن هذا قدرنا بلا حول ولا قوة منا.

هذا ما أوصلنا إليه تفرقنا وانقسامنا وضعفنا وانهزامنا وحتى ثرثرتنا.

حمى الله العباد والبلاد في الشرق الأوسط من كل شر ومكروه.

وأخيرًا.. لا يفوتني أن أشيد وأفتخر بكل شموخ وعزة وكرامة بموقف بلادي سلطانًا وحكومة وشعبًا، وهو موقف ملتزم وواقعي ومنطقي وعقلاني.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. إيران تعرض الصواريخ التي قصفت إسرائيل وخامنئي: ما قمنا به الحدّ الأدنى من العقاب

نشرت وكالة تسنيم الإيرانية مشاهد قالت إنها “من تحضير الصواريخ الإيرانية التي استخدمت في ضرب مواقع إسرائيلية في الأول من أكتوبر الجاري، خلال عملية أطلقت عليها طهران اسم “الوعد الصادق 2″، وذلك وبالتزامن مع كلمة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بصلاة الجمعة.

وأظهر مقطع الفيديو، “عناصر بالحرس الثوري يقومون بإعداد الصورايخ، ويضعون اللمسات الأخيرة عليها قبيل انطلاقها بالشاحنات المخصصة إلى مكان إطلاقها، وقد كتب على أحدى الصواريخ، باللغة العربية آية قرآنية: “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”.

في السياق، أمّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في خطوة نادرة له، صلاة الجمعة، مسجد الإمام الخميني في طهران، بحضور الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وعدد من المسؤولين الإيرانيين وحشد كبير من الإيرانيين، حيث ستقام مراسم تأبين للأمين العام لحزب الله “حسن نصرالله”.

وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، اليوم الجمعة، “إن ما قامت به القوات المسلحة الإيرانية هو الحد الأدنى من العقاب مقابل الجرائم الإسرائيلية”.

واعتبر خامنئي أن “خطوة القوات المسلحة الإيرانية في مساندة غزة قبل أيام قانونية وتحظى بالشرعية الكاملة”.

 وقال خامنئي إن “العدو واحد وأساليبه في مختلف البلدان ربما تختلف” ، مشيرا إلى أن “أعداء الأمة الإسلامية هم أعداء فلسطين ولبنان والعراق ومصر وسوريا واليمن”.

واعتبر أنه “اليوم الأمة الإسلامية أصبحت واعية وبإمكانها أن تتغلب على هذه الخطط لأعداء المسلمين”، لافتا إلى أن “الشعوب إذا أرادت أن لا تبتلى بالحصار يجب أن يفتحوا عيونهم ويكونوا واعين”.

وشدد المرشد الإيراني على أنه “كل شعب لديه الحق ويمتلك الحق أن يدافع عن سيادته ووحدته وأرضه أمام المحتلين وأمام الغاصبين”، مشيرا إلى أن “الشعب الفلسطيني يمتلك كامل الحق أن يقف في وجه هؤلاء المحتلين”.

وقال خامنئي إن “الذين يساعدون الشعب الفلسطيني يقومون بواجبهم الديني ولا أحد يمكنه أن يحتج لماذا أنتم تدافعون عن غزة”، وأضاف: “الدفاع المستميت للشعب اللبناني عن الشعب الفلسطيني هو شرعي وقانوني ولا يحق لأي أحد ينتقد دفاعهم الإسنادي عن غزة”.

واعتبر أن “طوفان الأقصى هي حركة منطقية وصحيحة وهي من حق الشعب الفلسطيني”.

وفي شأن الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل، قال خامنئي: “نحن في أداء هذا الواجب لن نتأخر ولن نقوم بالإنفعال ولن نتسرع ولن نقصر”، مشددا على أن “العملية الإيرانية الأخيرة أيضا شرعية وقانونية”.

وقال خامنئي، “ارتأيت أن يكون تكريم أخي وعزيزي ومبعث افتخاري والشخصية المحبوبة في العالم الإسلامي واللسان البليغ لشعوب المنطقة ودرة لبنان الساطعة سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه في صلاة جمعة طهران”، وأضاف: “نحن جميعا مصابون ومكلومون بمصاب السيد العزيز وإنه لفقدان كبير أفجعنا بكل معنى الكلمة”.

وقال خامنئي إن”نصرالله” كان للمناضلين على طريق الحق سندا ومشجعا وكان اللسان البليغ للمظلومين والمدافع الشجاع عنهم والراية الرفيعة للمقاومة في وجه الشياطين الجائرين والناهبين. لقد غادرنا السيد حسن نصر الله بجسده لكنه شخصيته الحقيقة روحه ونهجه وصوته الصادح ستبقى حاضرة فينا أبدا”.

ولفت إلى أن “العدو الجبان عجز عن توجيه ضربة للبنية المتماسكة لحماس وحزب الله والجهاد الاسلامي وغيرها من الحركات المجاهدة في سبيل الله فعمد إلى التظاهر بالنصر من خلال الاغتيالات والتدمير والقصف وقصف المدنيين، وما ما نتج عن هذا السلوك هو تراكم الغضب وتصاعد دوافع المقاومة وظهور المزيد من الرجال والقادة والمضحين وتضيق الخناق على العدو”.

واعتبر المرشد الإيراني أن “حزب الله والسيد الشهيد بدفاعهم عن غزة وجهادهم من أجل الأقصى وإنزالهم الضربة بالكيان الغاصب والظالم قد خطو خطوةً في سبيل خدمة مصيريا للمنطقة بأكملها”، وأضاف: “كل ضربة تنزل بهذا الكيان إنما هي خدمة للمنطقة بأجمعها بل لكل الإنسانية”.

وقال خامنئ: “العدو هو نفسه، وغرفة القيادة هي نفسها، وهم يتلقون الأوامر.. عدو الشعب الإيراني هو نفس عدو الأمة العراقية، نفس عدو الأمة اللبنانية، نفس عدو الأمة المصرية، عدونا جميعا هو نفسه.. ولا ينبغي للمسلمين اليوم أن يكونوا مهملين بعد الآن”.

وقال: “يجب أن نربط حزام الدفاع والاستقلال في كل بلاد الإسلام من أفغانستان إلى اليمن، فإذا استراح العدو من بلد فإنه يتجه إلى بلد آخر، لا ينبغي للأمم أن تسمح بذلك إذا هاجم العدو دولة ما، فيجب على جميع الدول دعم تلك الدولة، لقد أهملنا ذلك لسنوات ورأينا النتائج، واليوم لا ينبغي أن نهمله بعد الآن”.

هذا وشن الحرس الثوري الإيراني، يوم 1 أكتوبر، هجوما بالصواريخ، على إسرائيل، ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس “اسماعيل هنية” والأمين العام لحزب الله “حسن نصرالله”.

مقالات مشابهة

  • الإعلان عن الفائزين بجوائز الطهي العالمية.. تعرف على المطاعم التي أثبتت جدارتها في الشرق الأوسط
  • الكشف عن الاسباب الخفية التي أجبرت إيران للتخلي عن صبرها الاستراتيجي والرد بهجوم صاروخي مفاجئ على إسرائيل
  • الشرق الأوسط الجديد: كيف يعيد الغرب تشكيل الإسلام السياسي من السودان إلى إيران؟
  • رد وشيك على إيران.. قائد القيادة المركزية الأمريكية يصل إسرائيل
  • هل يشهد الشرق الأوسط حربا شاملة؟.. جوتيريش يحذر من التصعيد.. ومركز بحثي بباريس: لا خيار أمام إسرائيل سوى الرد على إيران
  • بوريل يحذر من دخول روسيا ودول أخرى في صراع الشرق الأوسط إذا دمرت إسرائيل منشآت إيران النووية
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • بالفيديو.. إيران تعرض الصواريخ التي قصفت إسرائيل وخامنئي: ما قمنا به الحدّ الأدنى من العقاب
  • عضو مجلس الشرق الأوسط للسياسات: إسرائيل تبحث عن مكاسب وهمية في لبنان