"7 أكتوبر".. حين صرخ الأقصى بصوت المقاومة
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
د. سالم بن عبدالله العامري
في الساعات الأولى من فجر 7 أكتوبر 2023، دوَّى صوت المقاومة في سماء فلسطين، معلنًا عن ميلاد يوما لم يكن كسائر الأيام، يومًا استثنائيًا أعاد إحياء روح النضال في قلوب أمة أبت أن تُهزم، ورفضت أن تنحني تحت وطأة الظلم والقهر والاستبداد، يومٌ أضاء سماء فلسطين، وحمل اسمًا بات يُردَّد في كل أرجاء الأرض "طوفان الأقصى".
كان ذلك الطوفان صرخة في وجه العالم بأسره: "هنا فلسطين، وهنا الأقصى، وهنا شعب لا يركع!" كان أكثر من مجرد عملية عسكرية؛ كان نداءً للحرية، نداءً لكل ذرة رمل في فلسطين، لكل قطرة دم سالت دفاعًا عن الأرض والحق، كان صرخة حق في وجه الظلم، وانفجارًا للقوة الفلسطينية المكبوتة عبر عقود من الاحتلال والقهر كان تجسيدًا لعقود من الصمود والصبر حمل معه أمل الملايين من الفلسطينيين والعرب والمسلمين في أن النصر قادم لا محالة. كان ضربة موجعة للاحتلال، ولكنه كان قبل ذلك ضربة لأوهام من يظن أن القضية الفلسطينية ستخفت أو ستُنسى.
في فجر ذلك اليوم النابض بروح الأمل والحياة، انطلقت عملية غيرت معادلات التاريخ، وأعادت إلى الأذهان حقيقة أن النضال من أجل الحرية لا يتوقف، وأن الشعب الفلسطيني لم ولن ينكسر مهما عظمت التحديات.. انطلقت شرارة الكفاح كالعاصفة التي لا تُرد ولا تُقاوم انطلقت كالسهم تخترق الأسوار وتكسر الحواجز والحدود، مستمدة قوتها من الإرث التاريخي الذي جعل من فلسطين رمزًا للصمود والعزة والإباء، استمدت جذورها من عقود طويلة من النضال ضد الاحتلال، ومن أجيال تربت على أنَّ الحرية ليست منحة بل حقٌ يُنتزع، تجلّت صور الشجاعة والتضحية رأينا فيها أبطالًا تحركهم عقيدتهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم اختاروا أن يكتبوا بدمائهم الطاهرة فصلًا جديدًا من المقاومة.
كان الطوفان رسالةً صريحة للعالم بأسره: "لا ظلم يستمر، ولا قيدٌ يظل بلا كسر، ولا احتلال يدوم للأبد" وأن ما يؤخذ بالقوة، لا يُسترد إلا بالقوة، وأن الحق لا يموت مهما تكالبت عليه قوى الظلم.. هل يمكن لأحد أن يتخيل ما معنى أن تشن عملية بهذا الحجم من غزة، ذلك الشريط الضيق المحاصر منذ سنوات؟ غزة، التي لا تتجاوز مساحتها القليل، أصبحت عنوانًا كبيراً للقوة والعزة والكرامة. في هذا اليوم، كانت المقاومة ترسل رسالة واضحة: "نحن هنا لنبقى، نحن هنا لننتصر" "الكرامة الفلسطينية عصية على الانكسار".
إنَّ ذكرى 7 أكتوبر ليست مجرد ذكرى لمعركة؛ بل تذكيرٌ حيٌ بأنَّ النضال مستمر، وأنَّ الأقصى سيبقى قلب القضية، لن يهدأ للفلسطينيين والمسلمين بالٌ حتى يتحرر من قيوده.. هذه الذكرى تلهم الأحرار والشرفاء لمواصلة النضال وشحذ الهمم من أجل الحرية والكرامة، وأن الحق لا يموت، وأنَّ الشعوب الحية مهما تكالبت عليها الصعاب ستجد دائمًا السبيل لاستعادة كرامتها وحريتها. لم تكن عملية طوفان الأقصى فقط ضربة عسكرية، بل كانت انتفاضة جديدة للكرامة، وصحوة ضمير لشعوب الأرض، لتدرك أن هذا الاحتلال الذي طال أمده سيزول، وأن الشعب الفلسطيني سيستعيد حقوقه مهما طال به الزمن، لقد كانت عملية طوفان الأقصى تجسيدًا لإرادة شعب لا يقبل الانكسار، لقد أعادت هذه العملية رسم الخارطة السياسية والعسكرية للصراع، وأظهرت أن المعادلة التقليدية بين قوة الاحتلال وقوة المقاومة لم تعد قائمة بنفس الشروط السابقة.
ختامًا.. إنَّ السابع من أكتوبر ليس مجرد تاريخ يُضاف إلى كتب التاريخ، بل هو ملحمة حية تُذكرنا بأن الطوفان مستمر، وأن إرادة الشعوب أقوى من أي قوة، وأن العزيمة أقوى من السلاح، والحق أبلغ من الرصاص، وأن الطريق نحو الحرية قد يكون طويلاً، ولكنه لا يمكن أن يُقطع إلا بالوحدة والصمود. إنها دعوة لنا جميعًا لنقف مع الحق، وأن نكون جزءًا من هذا الطوفان الذي لن يتوقف، وهذا الصوت الذي لن ينقطع حتى تتحقق العدالة، فهل سنكون مستعدين للوقوف مع الأقصى وأهله؟
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دلالات رسائل المقاومة خلال عملية تسليم الأسرى.. ساعة وقطعة ذهبية وعتاد
حملت عملية تسليم الدفعة السادسة من أسرى الاحتلال الإسرائيلي لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة العديد من الرسائل الواضحة التي تنوعت منذ بدء تنفيذ الصفقة، وركزت هذه المرة على رفض التهجير وعرض القوة والتذكير بانطلاق عملية طوفان الأقصى والعديد من الرسائل الأخرى.
وسلمت كتائب القسام وسرايا القدس السبت، ثلاثة أسرى إسرائيليين لمنظمة الصليب الأحمر الدولية، ضمن الدفعة السادسة من تبادل الأسرى بين المقاومة في غزة والاحتلال، وهم: ساشا ألكسندر تروبنوف، وساغي ديكل حن، ويائير هورن، في مدينة خانيونس، على أن يفرج الاحتلال عن 369 أسيرا فلسطينيا في وقت لاحق اليوم.
منصة التسليم
وحملت المنصة التي يجرى فوقها التوقيع على محاضر الاستلام وإذن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين من قبل كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، العديد من هذه الرسائل، وجاء على الجزء الرئيسي منها عبارة "نحن الجنود يا قدس فاشهدي" باللغات العربية والعبرية والإنجليزية.
فصــائل المقــاومة ترفض مخططات التهجير من أعلى منصة تسليم الـ3 أسرى المتفق الإفراج عنهم اليوم السبت ضمن صفقة تبادل الأسرى pic.twitter.com/fhdPYeUY2m — عربي21 (@Arabi21News) February 15, 2025
وتضمنت اللوحة الرئيسية الكبيرة من تحت هذا الشعار صورة لمدينة القدس والمسجد الأقصى، ومن أسفله بعض الأشخاص الذين يحملون أعلام الأردن واليمن وفلسطين ولبنان ومصر والجزائر والسعودية.
وفي هذه الصورة جرى الجمع بين عناصر المقاومة والشعب الفلسطيني، في إشارة من كتائب القسام إلى الحاضنة الشعبية التي تحظى بها المقاومة وهي التي تظهر دائما خلال عمليات التسليم.
وفي الجهة اليمنى من المنصة جرى وضع صور لثمانية من أبرز قادة المقاومة الذين استشهدوا خلال الحرب وهم: قائد كتائب القسام محمد الضيف، وقائد لواء خانيونس رافع سلامة، ونائب ركن الاستخبارات شادي بارود، وقائد الكتيبة الغربية للواء خانيونس، تيسير المباشر، وهي الكتيبة التي اقتحمت موقع "ريعيم" في انطلاق عملية طوفان الأقصى.
وضمت الصورة أيضا قائد كتيبة الملفات مدحت المباشر، وأحد مؤسسي دائرة التصنيع العسكري بالقسام محمد رضوان، إضافة إلى الأسير المحرر في صفقة وفاء الأحرار مصطفى الأسطل، ومسؤول سلاح الطيران المسير سامر أبو دقة.
لأول مرة.. كتائب القســـام ترفع صور عدد من قادتها الذين استشـــهدوا خلال الحرب على منصة الإفراج عن أسرى الاحتلال، وهم: قائد هيئة أركان القــسام الشــهيد محمد الضيف. قائد لواء خانيونس الشـــهيد رافع سلامة. نائب ركن الاستخبارات الشـــهيد شادي بارود. pic.twitter.com/Pa7sOLzB13 — Tufan_Alaqsa طوفان الأقصى (@Tufan_ALaqssa) February 15, 2025
وعلى الجهة اليسرى جرى الرد على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي هدد بفتح الجحيم على قطاع غزة ما لم يتم تسليم جميع الأسرى الإسرائيليين اليوم السبت، وقال إنه سيعمل على السيطرة على قطاع غزة وتهجير أهله إلى أماكن أخرى.
وجاء رد كتائب القسام بعبارة "لا هجرة إلا إلى القدس" وذلك أيضا باللغات الثلاث، ومن أسفل هذه العبارة يجلس شخص ملثم على مقعد وثير داخل بيت مدمر وأحد الجدران المحطمة يظهر من خلفه مسجد قبة الصخرة.
وهذا المشهد يحاكي حقيقة الصورة الأخيرة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار قبيل استشهاده في مدينة رفح بعد اشتباك مع جيش الاحتلال.
فصــائل المقــاومة ترفض مخططات التهجير من أعلى منصة تسليم الـ3 أسرى المتفق الإفراج عنهم اليوم السبت ضمن صفقة تبادل الأسرى pic.twitter.com/fhdPYeUY2m — عربي21 (@Arabi21News) February 15, 2025
ووضعت كتائب القسام أيضا لوحة إضافية عرضت فيها صورا من انطلاق عملية عملية طوفان الأقصى، مع عبارة "عبرنا مثل خيط الشمس"، وهي التي تم تنفيذها مع أولى لحظات شروق الشمس.
أسلحة إسرائيلية
وحمل العديد من عناصر كتائب القسام أسلحة إسرائيلية من نوع "تافور - IMI Tavor TAR-21"، وهي بندقية هجومية إسرائيلية متعددة الاستعمالات تعتبر من الأفضل في العالم.
واستخدمت هذه البندقية في حروب عمليات اجتياح الضفة الغربية عام 2001، وحرب لبنان الثانية، وتكرار تصاعد العدوان على قطاع غزة منذ عام 2008، وفي الصراع المسلح في كولومبيا وجنوب أوستيا، وغيرها من الأماكن.
ويبلغ معدل إطلاق النار بالبندقية من 750 إلى 900 طلقة في الدقيقة، بينما يبلغ مدى الرماية الفعالة نحو 500 متر.
”مقاتلون من كتائب القسام يحملون أسلحة اغتنمت من جيش الاحتلال في يوم العبور إلى مستوطنات "غلاف غزة" بالسابع من أكتوبر” pic.twitter.com/nyZEA9fSQ3 — سُلطــان الســالم???? (@__55gx) February 15, 2025
وبحسب تقارير إخبارية إسرائيلية، يُرجَّح أن كتائب القسام استولت على هذه الأسلحة خلال هجومها يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023.
وتستخدم جميع وحدات المشاة والقوات الخاصة في جيش الاحتلال الإسرائيلي بندقية "تافور" كبندقية هجومية رئيسية وفقا للشركة المصنعة.
وجرى أيضا استعراض بنادق "إم 60"، وهي رشاشات استخدمتها "إسرائيل" في حرب غزة الأخيرة، في رسائل باتت اعتيادية في عمليات التبادل.
والبندقية هي مدفع رشاش آلي عيار 7.62 ملم، يرمي 600 طلقة في الدقيقة، ويحمل خزان السلاح ما بين 200 و1000 رصاصة، ويتم تبريد السلاح عن طريق الهواء.
وقبل ذلك، وأثناء الاستعدادات لعملية التسليم وصلت إلى الموقع في خانيونس عناصر نخبوية من المقاومة وهم يرتدون أزياء شبيهة بالزي العسكري الإسرائيلي.
تغطية صحفية | كلمات مقاتل من كتائب القســـام يرتدي لباس جيش الاحتلال ويحمل بندقية تم اغتنامها في السابع من أكتوبر. pic.twitter.com/w39FbiUE2N — Abo Rashwan (@mido581986) February 15, 2025
"نقوط المولود"
وقدمت كتائب القسام للأسير الأمريكي الجنسية، ساغي ديكل حن، قطعة ذهبية كهدية من أجل ابنته التي ولدت بعد 4 أشهر من أسره في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وتقديم الهدية بمناسبة المولود الجديد هي عادة فلسطينية عربية بتقديم هدية من ذهب أو نقد لعائلة الطفل، وتسمى في قطاع غزة بـ"النقوط".
كتــائب القســام تقدم للأسير الأميركي الجنسية "ساغي ديكل حن" قطعة ذهبية كهدية من أجل ابنته التي ولدت بعد 4 أشهر من أسره pic.twitter.com/5qV8z5RGqo — عربي21 (@Arabi21News) February 15, 2025
والجمعة، كشف مسؤول أمريكي كبير أن الرئيس الأمريكي يريد لفتة وتكريما له من حركة حماس بإطلاقها سراح 6 إسرائيليين يحملون الجنسية الأمريكية.
وقال المسؤول الأمريكي، في تصريح لـ "القناة 13" إن الإدارة الأمريكية "تتابع عن كثب تطورات ملف الرهائن، معربة عن أملها في أن يشهد هذا الملف انفراجة قريبة، ونحن على اتصال مستمر مع جميع الأطراف المعنية، ونتوقع أن يكون هناك تحرك إيجابي في ما يتعلق بالمواطنين الأمريكيين المحتجزين في غزة".
الوقت ينفد
وشهدت منصة تسليم الأسرى الإسرائيليين وجود درع عليه ساعة رملية ترمز إلى نفاد الوقت، في إشارة إلی الرسائل المتكررة التي أطلقتها المقاومة قبل التوصل إلى صفقة التبادل ووقف إطلاق النار في العديد من المقاطع المصورة التي نشرتها كتائب القسام.
وكتبت المقاومة الفلسطينية تحت الساعة الرملية عبارة "الوقت ينفد" وعليها صورة "عيناڤ تسنجاوكر" وهي إحدی أبرز ناشطات عائلات الأسری الإسرائيليين ووالدة الأسير "متان" لدى المقاومة.
المقــاومة تسلم أسيرًا من المفرج عنهم ساعة رملية عليها صورة الأسير متان تسانجاوكر إلى والدته المتحدثة باسم عوائل الأسرى الإسرائيليين???? pic.twitter.com/NB7CNziYAr — عربي21 (@Arabi21News) February 15, 2025
ومؤخرًا، استجابت كتائب القسام لطلب زوجة أسير إسرائيلي لديها بنشر مقطع فيديو لزوجها للاطمئنان عليه، وبالفعل نشرت المقطع عبر تطبيق "تليغرام"، وكان يتضمن العبارة "الوقت ينفد" بثلاث باللغات الثلاث.
وفي خلفية الفيديو، تظهر ساعة رملية، ما يشير إلى أن الوقت يمضي بسرعة، في تلميح إلى وضع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى "القسام".