أستاذة بالقانون الدولي: الإبادة بغزة كرست حق الفلسطينيين بالمقاومة
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
عام مضى على حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، من دون أن يحرك العالم ساكنا تجاه إسرائيل التي تعتبر نفسها فوق كل القوانين، مما رسخ حقائق لن تغيب، مفادها أن للشعب الفلسطيني الحق بالمقاومة ضد إسرائيل التي تواصل ارتكاب الجرائم، وفق ما تقوله شهد الحموري أستاذة القانون الدولي في جامعة "كنت" بالمملكة المتحدة.
وشددت الحموري على أن ما لم يغب عن الجميع هو الاعتراف القانوني الصريح بغياب أي شرعية للاحتلال في فلسطين على حدود عام 1967، بإشارة إلى تأكيد محكمة العدل الدولية في 19 يوليو/تموز أن إسرائيل تنتهج سياسة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، ويجب أن تنهي وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 خلال سنة.
وأضافت "كنا نعلم هذا الشيء منذ أكثر من 75 عاما، لكن القانون الدولي أخذ كل هذه المدة للوصول إلى هذه النتيجة".
وأشارت الحموري إلى أنه بالرغم من الاعتراف بعدم قانونية الاستعمار كمبدأ أساسي يحكم العلاقات ما بين الدول في سبعينيات القرن الماضي، فإنه لم تكن هناك النية السياسية للاعتراف بتجلي الاستعمار كشكل من أشكال الاضطهاد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وقالت "بالتالي نحن أمام مهمة لكي نفتح أعين المجتمع الدولي بغية إطلاق المسميات الصحيحة على الواقع الذي نراه".
أمام العدل الدوليةوفي حديثها عن قرار محكمة العدل الدولية في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل متهمة إياها بارتكاب إبادة جماعية في غزة، قالت الحموري "عشنا لحظة قوية حين واجهنا إسرائيل لكي نتهمها بأخطر الجرائم، لنذكرها أمام العالم أنها دولة مبنية على الإبادة والاستعمار الاستيطاني".
وأكدت أن العالم لن ينسى إنكار المجتمع الدولي للجرائم الإسرائيلية المرتكبة في غزة والضفة الغربية، ولن ينسى أيضا إنكاره للقانون الدولي.
ولفتت إلى أن المجتمع الدولي قبل السرديات المبنية على فرضية "براءة الإسرائيلي وإجرام الفلسطيني"، وأغفل العنصرية التي ترتكبها إسرائيل.
حق المقاومةواستهجنت أستاذة القانون الدولي اعتبار الدول الغربية الحق في المقاومة في غزة بأنه "أعمال إرهابية"، مؤكدة أن من حق الشعوب المقاومة لتقرير مصيرها، خاصة عندما لا يفعل المجتمع الدولي أي شيء، بإشارة إلى الإبادة المستمرة في غزة جراء الصمت الدولي.
وأفادت بأن المقاومة هي عقيدة لا تغيب عن قلب أي إنسان يقع تحت الهيمنة،
كما استهجنت اعتبار المجتمع الدولي أن لإسرائيل الحق بالدفاع عن النفس قائلة إن هذا "تفسير واهٍ للقانون الدولي"، لأنه لا يوجد أسس لإسرائيل أن تدعي حقها بالدفاع عن نفسها على أرض هي تستعمرها وتحتلها.
وأكدت أن التساؤلات الأساسية ليست عن "ماذا فعل القانون الدولي لفلسطين؟" لكن ماذا فعلت فلسطين بالقانون الدولي؟ وكيف وصلت فلسطين بالقانون الدولي إلى مرحلة نرى فيها تخافت الاحتفاء بالعدالة الدولية من قبل الدول التي استقبلت برحابة الإبادة ودولة فصل عنصري، وفق وصفها.
وشددت الحموري على أنه بالرغم من وقوف كافة مبادئ القانون الدولي إلى جانب فلسطين، فما زالت معظم الدول الغربية مصرة على طغيانها وعلى تفاسيرها "اللا منطقية للقانون الدولي على حساب الشعوب المقهورة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات القانون الدولی المجتمع الدولی فی غزة
إقرأ أيضاً:
ما بين إقرارها الالتزام بالقانون الدولي ومنح نتنياهو الحصانة.. ما سر تناقض فرنسا؟
منذ صدور مذكرتي الاعتقال من قبل الجنائية الدولية، ضد كل من رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق، يوآف غالانت، أبدت عدد من الدول استعدادها لتنفيذ هذا القرار، واعتقالهم في حال وصلا أراضيها.
إلا أن هناك دول اتّسم موقفها تجاه مذكرتي الاعتقال بالغموض، ومنها فرنسا، وذلك لتضارب تصريحات مسؤوليها؛ حيث قال المتحدث باسم خارجيتها، كريستوف لوموان، إن: "بلاده أخذت علم بقرار المحكمة وهو ليس حكما، بل هو صبغ الاتهام بالطابع الرسمي".
وأكّد لوموان: "التزام فرنسا باستقلالية الجنائية الدولية وفقا لنظام روما الأساسي، وذلك تماشياً مع التزامها الطويل الأمد بدعم العدالة الدولية"، إلا أنه لم يشر إلى أن فرنسا سوف تعتقل نتنياهو أم لا في حال وصل باريس.
وأصدرت الخارجية الفرنسية، لاحقا، بيان آخر قالت فيه، إنه "رغم أن فرنسا ستفي بالتزاماتها الدولية، بما في ذلك التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه لا يمكن أن يُطلب منها بموجب هذا التعاون أن تتصرف بطريقة غير متوافقة مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحصانات الدول غير الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية".
ووفقا للبيان ذاته، فإن: "مثل هذه الحصانات تنطبق على رئيس الوزراء نتنياهو والوزراء المعنيين الآخرين وسيتم أخذها في الاعتبار"، الأمر الذي زاد من غموض موقف فرنسا، حيث لم تشر البيانات إلى نيّة فرنسا في اعتقالهما أم لا.
موقف سياسي
وأثار حديث الخارجية الفرنسية بخصوص حصانات الدول غير الأعضاء بالجنائية الدولية، بعد أن أكدت التزامها بقرارات الجنائية الدولية، جُملة من التساؤلات عن سبب هذا التغيير في الموقف.
المحلل الفرنسي، جوليان روبن، يعتقد أن: "هذا التحول في الموقف بشأن مذكرة التوقيف يرتبط ارتباطاً مباشراً بوقف إطلاق النار في لبنان".
وتابع روبن، في حديث خاص لـ"عربي21"، "أعتقد أن هذا أحد التنازلات التي قدمتها السلطات الفرنسية للبقاء جزءاً من عملية وقف إطلاق النار، حيث كان من المقرر في البداية استبعاد فرنسا من هذا الاتفاق".
من جهته قال المحلل السياسي، حسام شاكر، حول الحصانة، إن "الموقف صدر من الخارجية الفرنسية، وليس من الحكومة، وكل الأطراف ذات الصلة في فرنسا، وهو بمثابة موقف سياسي يفتقد إلى أي أرضية قانونية حقيقية".
وأوضح شاكر لـ"عربي21"، أن "هذا الموقف السياسي يمنح الانطباع بأن باريس لن تتعاون مع الجنائية الدولية، رغم أنها مُلزمة وفقا لميثاق نظام روما والأنظمة القضائية ذات الصلة بتنفيذ أمر الاعتقال، لو أن نتنياهو أو أي شخص أخر موجود على الأراضي الفرنسية".
ويرى أن "حديث الخارجية الفرنسية هو موقف سياسي لا أساس قانوني له، حتى وإن حاول إعطاء انطباع بأن الأمر يتعلق فقط بحصانة الدول، وبالطبع الموقف الفرنسي متناقض، ففي البداية موقف فرنسا كان واضحا من هذا الأمر بأنها مسألة قضائية وأنها ستتعامل مع المحكمة، ومن جهة أخرى تتحدث عن حصانات الدول التي لم توقع ميثاق روما".
وأوضح شاكر أنه فيما يخص حصانة الدول "فإن فرنسا لم تقم به في قضايا أخرى مست زعماء وقادة دول لم تكن موقعة على ميثاق روما، ومنهم الرئيس بوتين والرئيس عمر البشير، كذلك في قضايا منظورة ضد بشار الأسد في القضاء الفرنسي في هذا الشأن".
وأضاف: "فرنسا وتحديدا الخارجية هنا تحاول أن تتذاكى في إخراج موقف سياسي يفتقد لأي أرضية قانونية حقيقية، لكن هنا لابد أن نلحظ بأن الأمر لم يخرج عن سياق عام معروف، وهو انحياز واضح للجانب الإسرائيلي منذ بداية حرب الإبادة الجارية في قطاع غزة منذ سنة".
ما علاقة اتفاق لبنان؟
صحيفة "لوموند" الفرنسية، قالت في تقرير لها، إن "المحكمة الجنائية الدولية تعرضت لضربة قاسية من قبل إحدى الدول المؤسسة لها، والتي تفتخر أيضًا بأنها: موطن حقوق الإنسان".
وتابع التقرير الذي ترجمته "عربي21": "أصدرت فرنسا بيانًا غامضًا يقوض سلطة هذه الهيئة القضائية ومذكرة الاعتقال التي أصدرها قضاتها ضد بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق الحرب على غزة".
وقالت الصحيفة إنه "وفقًا لمصادر متطابقة، كان الهدف من هذا البيان تجنب قطع العلاقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي طعن في دور الوسيط الذي تطالب به باريس في البحث عن وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بشق الأنفس في لبنان، والذي أعلن عنه مساء الثلاثاء جو بايدن إيمانويل ماكرون".
وأوضحت الصحيفة أن: "الخارجية الفرنسية أصدرت توضيحا بأنه: لا يمكن إلزام دولة بالتصرف بشكل يتعارض مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بحصانات الدول غير الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية".
وترى أن: "هذا التوضيح المزعوم بمثابة صاعقة، حيث جاء على خلفية التوترات المتكررة بين الحكومتين الفرنسية والإسرائيلية، بعد أسابيع من المفاوضات لتأمين وقف إطلاق النار في لبنان، لدرجة أن نتنياهو، وفقًا لمصدر رفيع المستوى، طلب من الرئيس الفرنسي عبر الهاتف، يوم الجمعة، التحدث ضد قرار المحكمة".
وأردفت أن: "نتنياهو كان مصرا للغاية وكرر التهديد الذي أطلقه في الأشهر الأخيرة: بتحدي جهود الوساطة الفرنسية في لبنان، واستبعادها من اللجنة المشرفة على وقف إطلاق النار المحتمل، على عكس نصيحة بيروت وواشنطن، اللتين أصرّتا بدلا من ذلك على إبقاء باريس".
إدانة أممية
بدورها، رفضت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، الخميس، الادعاءات الفرنسية بأن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يمكن أن يستفيد من الحصانة في القانون الدولي.
ولفتت ألبنايز إلى أن: "هذه الحصانة لا أساس قانوني لها، وإن مثل هذا الوضع غير ممكن بحسب ادعاءات فرنسا"، مشيرة إلى أنه: "تم حل هذا الوضع في قضية عمر البشير".
وأكدت ألبانيز، أنّ: "منع تنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية سيكون انتهاكا للمادة 70 من نظام روما الأساسي".
وأشارت إلى ما وصفته بـ"النهج المتناقض"، وهو الذي تتبعه فرنسا تجاه أوامر اعتقال نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مردفة أن هذا الوضع: "كيل بمكيالين".
هل يتم الاعتقال
حديث الخارجية الفرنسية عن حصانة الزعماء، أثار أيضا تساؤلات عدّة، حول ما إذا كانت الحكومة الفرنسية سوف تضغط على القضاء الفرنسي لمنع تنفيذ مذكرة الاعتقال ضد نتنياهو في حال زيارته باريس.
المحلل السياسي، حسام شاكر قال، إن: "بيان الخارجية الفرنسية ليس قرار حصانة حكومي ولكنه صدر كموقف إعلان سياسي منها وعلى ما يبدو بناء على إملاءات إسرائيلية معينة".
وتابع، "الآن كيف ستتصرف فرنسا لو زارها نتنياهو؟ هذا سيبقى في حكم ما سيقع، لكن المؤكد أن مذكرتي الاعتقال مثّلت إحراجا كبيرا للحلفاء الأوروبيين والمقربين من الجانب الإسرائيلي، بمن فيهم فرنسا"، فيما استفسر، "هل سيقيد فرص اللقاء والزيارات المتبادلة مع قادة الاحتلال الإسرائيلي؟".
وحول التصرف الفرنسي في حال زار نتنياهو أو غالانت، باريس، هل سيتم اعتقالهما أم لا؟، قال شاكر: "ستحاول فرنسا منع الزيارة أساسا، وسوف تبلغ الجانب الإسرائيلي أنها والدول الأخرى لا تستطيع أن تضمن عدم اعتقالهما إن حصلت الزيارة".
وأضاف: "أما إذا كانت هناك نية لتحدي قرار المحكمة الجنائية الدولية وعدم تنفيذ أمر الاعتقال، فإن هذا سيسقط العدالة الدولية، وسيكون تنصلا من التزامات هذه الدول أمام المحكمة ونظام روما الموقعة عليه، وهذا سيكون له تبعات سياسية وإعلامية، وسيمثل مشكلة لهذه الدول في مستوى رصيدها من الإلتزامات الحقوقية".