الجزيرة:
2024-10-06@17:21:28 GMT

شيء عَفِن في عالمنا.. على الغرب إعادة قراءة شكسبير

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

شيء عَفِن في عالمنا.. على الغرب إعادة قراءة شكسبير

ليس لنا الحق أن نتعامل كما يتعامل المؤرخ مع الأحداث، كما الحرب التي استعرت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من السنة المنصرمة؛ لأن المؤرخ يتعامل مع الأحداث بتجرد، كمن يجس جثة هامدة.

لا يسوغ أن ننظر إلى الحرب على غزة كما لو أنها ولّت، أو أن نذهل عما يكتنفها من ألم وحسرة وغضب، ونتفكر في الآتي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ماذا قدمت واشنطن لإسرائيل خلال عام من العدوان على غزة؟list 2 of 2تأهب إسرائيلي في ذكرى "طوفان الأقصى" خشية "العمليات الاستشهادية"end of list

لا نؤرخ، بل نستبصر، ونتفكر.

. نُذكّر بشيء تأباه بعض الآذان، أن "ما قبل" 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان نموذجًا لواقع مأزوم. لمعاناة يومية للفلسطينيين، لمداهمات مستمرة على القدس، لتفتيش مُذل في المعابر، لسجناء يقبعون في الزنازن، بل يموتون ببطء، لالتفاف حول القضية الفلسطينية، وتأهب لوأدها ولما تزلْ حية.

هل نجرؤ أن نقول إن هناك "ما بعد"، كما قال صحفي في جريدة الأوبزرفر (جيسون بورك Jason Burke، اليوم الذي غيّر العالم، 29 سبتمبر/ أيلول).. هناك مزيج مما بعد، لأن العالم لم يعد كما كان، ولن يكون، وهناك الآن، وهو حاضر مستمر، من التقتيل والتهديم والتهجير.. وهناك غدٌ يكتنفه الضباب، وملبد بالغيوم.

لم يعد العالم كما كان؛ لأن هندسة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومنها الأمم المتحدة والتي أسست كي لا يتكرر ما حدث خلال الحرب، تتهاوى. والبشاعة تعود أشد ضراوة. كل ما يمكن أن يكون ضميرًا، معطّل أو مشلول. الأمم المتحدة لم تعد عاجزة فقط، بل متهمة.. الجمعية العامة، الأمين العام للأمم المتحدة، الأونروا، كلها في قفص الاتهام.

القوى الناهضة لم تحرك ساكنًا، سوى الشجب الخطابي. لا الصين ولا روسيا استطاعتا أن تُغيرا من مآل الأمور. استفردت الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، وسيغدو من العسير غدًا أن يُطل الدب الروسي، أو التنين الصيني، أو الاتحاد الأوروبي العجوز، كي يسهم أحدهم في وضع قواعد اللعبة في منطقة ملتهبة.

ستتسمّر المنطقة حتى إشعار آخر، تتأوّد على نغمات "السِلم الأميركي". الولايات المتحدة هي واضعة قواعد اللعبة، ورأس قواعد اللعبة هو الدفاع عن إسرائيل، ومدها بالسلاح، وبالخبرة، وبالمعلومة الاستخباراتية والتغطية الدبلوماسية.

تغيرت الدبلوماسية الأميركية التي كانت فجّة في وضوحها، وأضحت كيّسة في غموضها. تريد وقف النار، وتُمِد إسرائيل بالسلاح. تعبر عن انشغالها لما يحيق بالمدنيين، ولا تقوم بشيء فعلي لإيقاف الحرب. أصبحت الولايات المتحدة تتقن اللغة الأورويلية، فتقول الشيء الذي يفيد نقيضه، وتمزج بين الدبلوماسية التي ترضي كل الأطراف، علنًا، وبين الترسانة العسكرية التي لها توجه واحد ووحيد، أمن إسرائيل و"حقها" في الدفاع عن نفسها، وتحقيق "العدالة".

لا خطوطَ حمراءَ، ولا قانونَ دوليًا، يقف أمام هذا التوجه الذي ترعاه الولايات المتحدة. فصل جديد يلوح من "السلم الأميركي"، في المنطقة، يقوم على القوة، وعلى إقْبار العدل.

أوروبا خارج التغطية، لا تتكلم لغة واحدة. بريطانيا وألمانيا جزء من الجوقة الأميركية، وفرنسا تسعى أن تجد لها دورًا من دون أن تمسّ الكرة، كلاعب كرة قدمٍ شارد، يجري هنا وهناك، بغير كرة، ولو بدا منه الجهد.

لم يعد العالم كما كان، لأن هندسة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومنها الأمم المتحدة التي تأسست كي لا يتكرر ما حدث خلال الحرب، تتهاوى. والبشاعة تعود أشد ضراوة

الحرب تغيرت. في كل الحروب، يكون القتلى من العسكريين أكثر من المدنيين، أما في حرب غزة، فالمدنيون هم القتلى، والنساء هن الضحايا، والأطفال هم الموتى.

تجري العمليات العسكرية في بؤرة، هي غزة، ولكن لها امتدادات في أمكنة عدة، في الضفة الغربية، ثم في أماكن بعيدة، في سوريا، والأردن، والعراق، واليمن، ومحاذية كما لبنان.

وهكذا، يُقتل جنود أميركيون في الأردن بتاريخ 28 يناير/كانون الثاني، فترد الولايات المتحدة في العراق. إيران تشن درونات على إسرائيل في 13 أبريل/ نيسان ردًا على مقتل طاقمها العسكري في دمشق. ضربات جوية إسرائيلية على سوريا في 8 سبتمبر/ أيلول. هجمات بريطانية أميركية على اليمن في 4 فبراير/ شباط. قصف جوي إسرائيلي على ميناء الحُديدة باليمن. مقتل إسماعيل هنية في طهران 31 يوليو/ تموز. استحلال الضفة الغربية وتقتيل مستعر. ثم حرب سيبرانية على أجهزة البيجر، ومن فصولها، ولمّا تنتهِ، مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله.

رقعة المواجهة واسعة، والفاعلون متعددون. حرب شاملة، في أمكنة متعددة. لم تعد هناك وحدة كما وحدة مسرح: مكان معلوم، وزمن معين، واتساق معنى. المكان يتمدد، والزمن غير خطي، والحرب بلا اتساق. ليس لأن الحرب بلا معنى أصلًا، ولكن لأن الضحية يُصوّر بصفته جلادًا، والجلاد بصفته ضحية.

الحرب التي تشنها إسرائيل، هي في خطابها، من أجل الحضارة ضد البربرية. و"الحضارة"، هي قصف المنشآت المدنية، وقتل الأطفال وهدم المستشفيات. تتوارى قواعد الحرب، كما هو متواضع بشأنها، ليصبح الإرهاب جزءًا من الحرب الجديدة. وكيف نسمي قصف المدنيين بلا جريرة إن لم يكن إرهابًا؟

تم قصف الإعلام وقتل رجاله. ليس للإعلام أن يكون شاهدًا. حقق الإعلام خلال الحرب على غزة ما لم يحققه إعلام سابق، هو تصوير حرب إبادة، في الزمن صفر، وهي قيد الاعتمال. وأبى القاتل ذلك، فأُغلِق مكتب الجزيرة. ينبغي كما في العهود القديمة، أن تتم عمليات الإبادة والتطهير العرقي بعيدًا عن الأنظار؛ لكي يتم الالتفاف عليها، وتوصيفها بضحايا جانبية.

من دروس حرب غزة أن الحرب التقليدية، بجيوش مع وحداتها الثلاث: برية، وجوية، وبحرية، وبمدرعات، ومشاة، وخيالة، انتهت. النزع الأخير من الحرب التقليدية يتم في ساحة أوكرانيا، ما بين روسيا وأوكرانيا. نسخة محدثة للحرب العالمية الثانية.

أما حروب الغد، فهي صورة من حرب غزة، سيبرانية، ذكية، من جنودها الذكاء الاصطناعي الذي يتعقب الوجوه، ويعطل الرادارات. حروب الغد، لن تكون لها ساحة مواجهة، وليس لها زمن محدد، ولا جبهة واحدة. تمزج بين قواعد الحرب، وممارسات الإرهاب.

هناك غد.. ولكن من يرسمه؟ القوة؟ نكبة جديدة أسوأ من النكبة الأولى؟. حساب إسرائيل، ليس فقط الإجهاز على القضية الفلسطينية، بل القضاء على الفلسطينيين بدفعهم للرحيل. خيار نتنياهو هو أن يُحمّل الفلسطينيين مسؤولية موت المحتجزين، كي يستثمر في وضع المظلومية، ويقبض على غزة، بسلاح آخر، هو التجويع.

الحرب على غزة، وفي غزة، هي هزيمة للضمير الإنساني. صرخت جحافل الطلبة في الجامعات الغربية، وارتفعت مرافعات الحقوقيين في المحاكم الدولية، ضد من هم مسؤولون عن جرائم إنسانية، لكن ذلك لم يغير واقع الحال؛ لأن الحرب مستمرةٌ، والمجرمون يصولون ويجولون. أي توصيف لهذا الذي يجري سوى أنه صورة من شريعة الغاب.

ينبغي الإقرار أن كلًا من الولايات المتحدة وإسرائيل أبانتا عن استماتة غير معهودة، للضرب عرضَ الحائط بكل الأصوات المنددة للحرب الشاجبة للتقتيل.. صمدتا إلى أن مرت العاصفة. والمحزن، والمخزي، هو الاستئناس بالموت، وبالتقتيل.. لا تحرك صور الدمار الضمائر. استأنس العالم بالموت.. أحيانًا يجد التبرير لها. هناك أماكن أخرى يجري فيها الموت، ولا يتم الحديث عنها. قمة النذالة.

لن تموت غزة، ولو كانت جريحة، ولكن الضمير العالمي هو المهدد بالموت. سيموت العدل، وسيموت الحق، وستترنح الكرامة، ولسنا في حاجة لقراءة " اللفيتان" لتوماس هوبز، لكي ندرك أنه من دون عقد اجتماعي كوني، يقضي بالالتزام بقواعد سارية، سيصبح كل شيء ممكنًا. ستموت الحياة حينذاك، سيموت الأمل، وسيموت الإبداع، وسيموت التفكير، وستغيض كل عناصر التفاعل، من تعارف واتجار، وتعاون.. هي نهاية التاريخ، لا كما تصورها فرانسيس فوكوياما، بسيادة فكر الأنوار، بل بترنح الفكرة التي حملها، والهزيمة الأخلاقية للغرب، وشيوع شِرعة الغاب.

وربما يجدر أن نُذكّر الغربيين بقراءة شكسبير، عندما كان يقول إن "هناك شيئًا عفنًا في مملكة الدانمارك، (أي عالمنا)"، كما في هاملت، وإن "العالم بلا اتساق"، كما في هاملت ثانية، وإن "الدم الذي يجري في اليهودي، هو الدم الذي يجري في كل البشر". كما الفلسطيني، تمامًا، مثلما قال شكسبير في "تاجر البندقية". الفلسطيني اليوم، كما اليهودي أمس، إنسان، يَحق له، مبدئيًا، ما يحق للإنسان، ويُحرَّم عنه، مبدئيًا، ما يُحرَّم على كل البشر.

لم تعد غزة باب الشمس، بل باب الجحيم الذي سيأتي على الأخضر واليابس، إن لم يتم تدارك الأمر، عاجلًا، لتقليل الأضرار. البشرية أمام امتحان ضمير، يتهددها أكثر مما يتهدد غزة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الولایات المتحدة على غزة ما بعد

إقرأ أيضاً:

إحصائيات صادمة.. ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟

تُعدّ فلسطين واحدة من الدول ذات أدنى معدلات الأمية عربيا وعالمياً، حيث سجل الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نسبة 2.1% بين الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر في عام 2023.

وفي الأراضي المحتلة عام 1948، بلغ معدل الأمية 3.6% بين الأفراد من الفئة العمرية ذاتها في عام 2017، وفقاً لبيانات جمعية الجليل (ركاز).

وسجلت الضفة الغربية انخفاضًا ملحوظًا في معدل الأمية، حيث تراجع من 14.1% في عام 1997 إلى 3.2% في عام 2023، بينما شهد قطاع غزة انخفاضًا من 13.7% إلى 1.9% خلال نفس الفترة، وفقًا لبيانات الإحصاء الفلسطيني.

ولكن يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي يريد تغيير هذه النسبة باستهدافه المؤسسات التعليمية وأبناء المجتمع الفلسطيني٬ مع دخول حرب الإبادة الجماعية على غزة عامها الأول بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وهربًا من نيران الاحتلال وسعيًا للأمان، فقد لجأت العديد من الأسر في غزة إلى مدارس تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بالإضافة إلى مدارس حكومية وخاصة التي كانت أهدافا لمجازر "إسرائيل".

#غزة: في اليومين الماضيين فقط، تعرضت ثلاث مدارس تابعة للأونروا للقصف في غزة. أفادت التقارير بمقتل ما لا يقل عن 21 شخصًا. كانت هذه المدارس مأوى لأكثر من 20,000 نازح. بعض المدارس تعرضت للقصف أكثر من مرة منذ بداية الحرب.

أكثر من 140 مدرسة تابعة للأونروا تعرضت للهجوم منذ 7 أكتوبر،… https://t.co/SdEglTm6NH pic.twitter.com/T0z56ZYTXg — الأونروا (@UNRWAarabic) October 3, 2024
إحصائيات صادمةخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعرضت جميع المدارس والجامعات في القطاع لاستهداف مباشر، حيث تم تدمير 123 مدرسة وجامعة بالكامل، وتضررت 335 جزئيًا، بالإضافة إلى استشهاد أكثر من 11 ألف طالب و750 معلماً ومعلمة، و100 أستاذ جامعي، وفقًا لآخر بيانات مكتب الإعلام الحكومي.

أما في الضفة وبحسب تقرير صادر في آب/ أغسطس الماضي عن مجموعة التعليم الدولية، وهي آلية تنسيقية تضم منظمات ووكالات تسعى لتلبية احتياجات التعليم أثناء الأزمات الإنسانية، فإن التحديات في الضفة الغربية المحتلة تشمل "استهداف المعلمين والطلاب بالعنف، والعمليات العسكرية الإسرائيلية والغارات على المدارس والمناطق المحيطة بها، وعنف المستوطنين، وتدمير المرافق التعليمية، والقيود على الحركة، والعوائق البيروقراطية".

وفي قطاع غزة، حرمت الحرب 625 ألف طفل في سن الدراسة من عام دراسي كامل بسبب الدمار الواسع الذي لحق بالمدارس والمنشآت التعليمية الأخرى، بحسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف.

وقد تعرض حوالي 93% من مدارس القطاع البالغ عددها 564 لأضرار جسيمة، حيث يتطلب 84.6% منها إعادة بناء كاملة، وفقًا للتقرير.

وأشار التقرير إلى أن تأثير الحرب المستمرة كان كارثيًا، حيث لم يتمكن 39 ألف طالب على الأقل من أداء امتحانات التوجيهي، وهي امتحانات الثانوية العامة التي تُعتبر حاسمة للانتقال إلى التعليم الجامعي. وواجه أكثر من 21 ألف معلم صعوبة في العمل بسبب انعدام الأمن ونقص الأماكن التعليمية الآمنة.

ويُبرز التقرير أيضًا أن جميع أطفال غزة، الذين يبلغ عددهم 1.2 مليون طفل، يحتاجون إلى دعم عاجل في مجالات الصحة النفسية، بالإضافة إلى الدعم النفسي الاجتماعي، نظرًا للأثر العميق الذي تركته الحرب على حياتهم.

المدارس.. أهداف مشروعة!
بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني٬ فإنه في العام الدراسي 2022-2023، كان هناك 796 مدرسة في قطاع غزة، تتوزع بين 442 مدرسة حكومية و284 مدرسة تابعة لوكالة الغوث و70 مدرسة خاصة.

وبلغ عدد الأبنية المدرسية في القطاع خلال نفس العام 550 مبنى، تشمل 303 مبانٍ حكومية و182 مبنى تابعاً لوكالة الغوث و65 مبنى خاصاً. وتعكس هذه الأرقام الحاجة الملحة إلى تعزيز التعليم في غزة، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تؤثر سلباً على النظام التعليمي.

#غزة| مجزرة جديدة ضد نازحين فلسطينيين يرتكبها الجيش الإسرائيلي في إحدى مدارس الإيواء وسط مدينة غزة، مخلفًا ما لا يقل عن 100 قتيل.

لا شيء يبرر استهداف المدارس وقتل المدنيين! pic.twitter.com/rV4tqJOlxL — المرصد الأورومتوسطي (@EuroMedHRAr) August 10, 2024
وقبل الحرب، واجهت مدارس قطاع غزة تحديات كبيرة في استيعاب أعداد الطلاب المتزايدة، خاصة في المناطق الشرقية، ما أدى إلى اعتماد نظام الفترتين الصباحية والمسائية في بعض المدارس لتلبية هذا الطلب.

ووفقا لوكالة "الأونروا"٬ فإن أكثر من 600 ألف طفل في قطاع غزة يعانون من صدمات نفسية حادة ويحرمون من التعليم، حيث تحولت مدارسهم إلى مراكز إيواء مزدحمة بالنازحين وغير صالحة للتدريس.

وفي تصريحه عبر منصة "إكس"، قال فيليب لازاريني، مفوض الأونروا في 2 أيلول/ سبتمبر الماضي: "إن أكثر من 70% من مدارسنا في غزة تعرضت للتدمير أو الضرر، والغالبية منها أصبحت ملاجئ مكتظة بمئات الآلاف من الأسر النازحة، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام التعليمي".

كما أنه تم استخدام 70 مبنًى مدرسيا حكوميا و145 مبنًى مدرسيا تابعا لوكالة الغوث كأماكن إيواء للنازحين في قطاع غزة، ما يعكس التأثير الكبير للأزمة على النظام التعليمي. وهذا التحول أدى إلى تعطيل العملية التعليمية في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها النازحون.

ووفقاً لتوثيقات "المكتب الإعلامي الحكومي" و"الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني"، استهدفت قوات الاحتلال 172 مركز إيواء منذ بداية الحرب، بما في ذلك 152 مدرسة تابعة للأونروا ومدارس حكومية وخاصة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 1040 نازحاً كانوا داخل هذه المراكز.

تشير التقديرات المحلية والدولية إلى أن الحرب أدت إلى نزوح نحو مليوني فلسطيني، ما يمثل 90% من سكان قطاع غزة الذين يبلغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة. وقد لجأ مئات الآلاف من النازحين إلى المدارس، التي تحولت إلى مراكز إيواء مكتظة، تفتقر إلى الخدمات الأساسية وتنتشر فيها الأمراض.

ومع استمرار القصف الذي تسبب في تدمير عدد كبير من المدارس، تبرز تساؤلات هامة حول قدرة المدارس على استيعاب الطلاب بعد انتهاء الحرب، وكيف سيتمكن النظام التعليمي من التعافي بعد هذا الدمار، وما هي الخطط لتعويض الفاقد التعليمي للطلاب والمعلمين.. هذه التساؤلات توضح الحاجة الملحة لاستراتيجيات فعالة لدعم التعليم في غزة وسط هذه التحديات الصعبة.

أين إعلان المدارس الآمنة؟
يذكر أنه في عام 2015، صادقت فلسطين على إعلان المدارس الآمنة في العاصمة النرويجية أوسلو، بالتعاون مع 110 دول أخرى. يمثل هذا الإعلان التزامًا سياسيًا يهدف إلى توفير حماية أفضل للطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات أثناء النزاعات المسلحة. كما يسعى إلى دعم استمرارية التعليم خلال الحروب، ووضع إجراءات ملموسة لمنع الاستخدام العسكري للمؤسسات التعليمية.

وتتعهد الدول الموقعة على هذا الإعلان باتخاذ خطوات فعّالة، تشمل تقديم المساعدة لضحايا الهجمات، والتحقيق في مزاعم انتهاكات القوانين الوطنية والدولية وملاحقة مرتكبيها عند الاقتضاء. وتلتزم هذه الدول ببذل جهود لضمان التعليم بأمان خلال النزاعات المسلحة وتعزيز تلك الجهود.

الجامعات.. أول ما تم استهدافه
كما حُرم طلبة الجامعات في غزة من حقهم في التعليم على مدار السنة الماضية، ما أثر بشكل كبير على مستقبلهم الأكاديمي والمهني.

تخرج منها ثُلة من العلماء والأطباء والمهندسين .. الاحتلال يحول الجامعة الإسلامية في غزة إلى كومة من الركام pic.twitter.com/fFKWuoj0Vz — Tufan_Alaqsa طوفان الأقصى (@Tufan_ALaqssa) October 4, 2024 رداً على موقف الأزهر من مجازر الاحتلال الإسرائيلي ضد أهالي غزة، قوات الاحتلال تدمر جامعة الأزهر في القطاع.
جامعات، معاهد، مدارس، مؤسسات تربوية، كلها تحت القصف.
الجميع مستهدف، مع قرابة عشرة آلاف قتلتهم آلة الحرب الإسرائيلية.
وما يزال الغرب يمتنع عن الدعوة لوقف إطلاق النار pic.twitter.com/WboBBusOlK — د. محمد جميح (@MJumeh) November 4, 2023
يذكر أن فلسطين تضم 51 جامعة وكلية مجتمع، بإجمالي عدد طلبة بلغ حوالي 226 ألف في عام 2023. من بينها، تقع 18 جامعة وكلية في قطاع غزة، تخدم نحو 87 ألف طالب.

ولعبت هذه المؤسسات دورًا محوريًا في تعزيز الثقافة والقيم الوطنية الفلسطينية، وأسهمت بفعالية في رفع مستوى الوعي الوطني. يُعد التعليم العالي في فلسطين ركيزة أساسية للبقاء والنضال من أجل الحرية.

الجامعة الإسلامية.. عقل غزة
في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، استهدفت الطائرات الحربية الجامعة الإسلامية بعدة غارات، ما أسفر عن تدمير عدد كبير من مبانيها. وفي غضون شهر، قامت القوات البرية الإسرائيلية، مدعومة بالدبابات والجرافات، باجتياح المناطق الغربية من مدينة غزة، ما ألحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية وأصاب العديد من المنشآت التعليمية في المنطقة، بما في ذلك وزارة التربية والتعليم وأربع جامعات أخرى.

تغطية صحفية: "سلاح الجو التابع لجيش الاحـ ـتلال يستهدف مبنى في الجامعة الإسلامية في غزة" pic.twitter.com/9KE7cXJvbY — القسطل الإخباري (@AlQastalps) January 18, 2024
وتعرضت بعض المباني الجامعية للحرق، في حين دُمّرت أخرى بالكامل، ما أدى إلى تعميق الأزمة التعليمية في القطاع.

وتتمتع الجامعة الإسلامية في غزة بسمعة أكاديمية مرموقة على المستويين المحلي والدولي، حيث أسست على مدار أكثر من أربعة عقود علاقات أكاديمية مع العديد من الجامعات والمنظمات العالمية بهدف التعاون في الأبحاث المشتركة، تنظيم المؤتمرات، وتبادل الأساتذة والطلاب.

وقد تخرج من الجامعة آلاف الطلاب الذين يشغلون الآن مناصب هامة في مؤسسات محلية ودولية متنوعة.

وتضم الجامعة الإسلامية إحدى عشرة كلية، وبلغ عدد طلابها قبل الإبادة الجماعية حوالي 17 ألف طالب، منهم 63% طالبات. ووفرت الجامعة بيئة تعليمية متقدمة تشمل تقنيات حديثة مثل مختبرات الحاسوب، التعليم الإلكتروني عبر برنامج "مودل"، ومؤتمرات الفيديو، بالإضافة إلى مرافق متطورة مثل: المكتبات، الحدائق، الصالات الرياضية، والملاعب.

وقدمت الجامعة دعماً شاملاً للطلاب من ذوي الإعاقة الجسدية والبصرية والسمعية عبر منح دراسية ومساعدات خاصة من مكتب مختص بتلبية احتياجاتهم.

لن نفقد الأمل.. إلى الخيمة من جديد
وفي ظل هذه الأجواء برزت مبادرات أهلية تطوعية لتعويض الأطفال عن خسائرهم التعليمية. من أبرز هذه المبادرات إنشاء مدرسة داخل مخيم نازحين في خانيونس جنوب القطاع، حيث تضم مئات الأطفال.

وفي غزة هنالك إدراك لطول أمد الحرب ومن أجل انقاذ الأجيال القادمة هنالك إصرار على تعليمهم رغم انعدام الإمكانيات.

مدرسة التحدي في مواصي خانيونس تجربة تستحق الدعم والمساندة.

مثل هذه التجارب هي جزء لا يتجزأ من المعركة،... pic.twitter.com/L8cf1aHlXc — yaseenizeddeen (@yaseenizeddeen) September 30, 2024
تحولت خيمة كبيرة داخل مركز إيواء في منطقة "المواصي" في غرب خانيونس إلى مدرسة تطوعية، تهدف إلى تعليم الأطفال المنهج الفلسطيني وتخفيف الضغط النفسي الناجم عن الحرب من خلال الأنشطة الترفيهية. ومع تزايد الدمار والنزوح، أصبحت مدارس غزة مراكز إيواء، ما أدى إلى تعقيد الوضع التعليمي بشكل أكبر.

مقالات مشابهة

  • إحصائيات صادمة.. ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟
  • ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟
  • الذكرى 75 للعلاقات الكورية الصينية: ما الذي يخبئه المستقبل؟
  • الشرق الأوسط الجديد: كيف يعيد الغرب تشكيل الإسلام السياسي من السودان إلى إيران؟
  • إسرائيل ربما تتورط في لبنان.. قراءة عالمية عن الحرب مع حزب الله
  • صحيفة أمريكية: بايدن متفرج في ظل إعادة إسرائيل تشكيل المنطقة
  • روسيا ترفع طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية وتدعو الغرب لرفع العقوبات عن أفغانستان
  • إيقاف الحرب أولى من إعمار الخرطوم!!!
  • ما الذي قاله قائد أنصار الله عبد الملك الحوثي عن الضربة الصاروخية الإيرانية التي أرعبت “إسرائيل”؟