ومن خلال ميكروفون مهندس الصوت محمد ياغي، وعبر هذا الفيلم نقف على قصة الأصوات في قطاع غزة بطريقة فريدة، حيث تتحول إلى شهود على مأساة إنسانية متصاعدة.

كانت أزقة غزة تستيقظ يوميا على نداءات الباعة، وضحكات الأطفال في طريقهم إلى المدارس، وزقزقة العصافير التي تملأ الفضاء، يتذكر ياغي بحنين تلك الأيام، لكن تلك السيمفونية الصباحية استبدلت اليوم بأصوات القصف والدمار وصرخات الألم ودوي الانفجارات الذي يشق سكون الليل.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الحياة كما يرويها النازحون في الخيام شمال قطاع غزةlist 2 of 4أصوات من غزة.. صعوبة العيش داخل الخيام ومعاناة النزوحlist 3 of 430 قصة حزينة عصية على النسيان من حرب إبادة غزةlist 4 of 4أصوات من غزة.. معاناة النازحين في الخيام القريبة من البحرend of list

وفي مسيرته المهنية، وثق ياغي لحظات فارقة في حياة الغزيين، ويستذكر بتأثر أول صوت سجله – صرخة طفل حديث الولادة، ويقول "كان شعورا غريبا أن تسجل صوت أول نفس.. صوت الصرخة بداية حياة التي أصبحت معدومة في غزة".

هذا التناقض الصارخ بين صوت الحياة الجديدة وصمت الموت الذي يخيم على غزة اليوم يجسد المأساة التي يعيشها سكان القطاع بكل تفاصيلها المؤلمة.

معاني الأصوات

لم تغير الحرب فقط الأصوات المسموعة، بل غيرت أيضا معانيها ودلالاتها العميقة، فصوت عربات النقل الكبيرة، الذي كان رمزا للحركة والحياة، أصبح الآن صدى للنزوح والتهجير القسري، وأصوات البكاء، التي كانت نادرة ومحدودة، باتت تملأ الشوارع والمخيمات، حاملة معها قصصا لا تنتهي من الفقد والألم.

في خضم هذا التحول المأساوي، يجد ياغي نفسه يوثق أصواتا لم يكن يتخيل يوما أنه سيسجلها، ويقول "أصعب لحظة حين أسمع الأصوات التي سجلتها وأجد أنني سجلت الكثير من الأصوات.. إسعافات وناس تصرخ وآخرون يبكون ووجع وحديث الدكاترة والممرضين والصحفيين".

وفي مخيمات النزوح، تتداخل الأصوات وتختلط القصص في مشهد إنساني مؤثر، ويصف ياغي المشهد بقوله "هناك قصص وحكايات لمن في المخيمات أسمعها بلهجات مختلفة.. هذا من بيت حانون وهذا من جباليا وذاك من الشجاعية وغيرهم".

تصبح الخيمة رمزا لحياة جديدة قاسية، كما يعبر طارق الشوا، أحد النازحين: "الخيمة يعني أسر، يعني حياة يصعب اعتيادها ولو عشنا عمرا فوق عمرنا.. الخيمة أمر سيئ جدا".

ليل غزة، الذي كان سابقا ملاذا للهدوء والسكينة، تحول إلى مسرح لأصوات الرعب والخوف، فبدلا من همس ضحكات الأصدقاء، أصبح مليئا بأصوات المدفعية والطائرات والزنانات التي باتت "تراك صوت رئيسي" في كل التسجيلات كما يقول مهندس الصوت ياغي.

بصيص الأمل والحياة

وسط هذا الواقع المرير، تبرز محاولات بطولية للحفاظ على بصيص من الأمل والحياة، نرى ذلك في مشاهد الفرق الترفيهية التي تقدم فقرات للأطفال في مدارس اللجوء، في محاولة لخلق لحظات من الفرح وسط بحر الحزن المحيط.

لكن حتى في هذه اللحظات، نسمع في أصوات الأطفال حنينا عميقا لحياتهم السابقة وألعابهم المفقودة، وأحلامهم التي تبعثرت مع الريح.

يروي الفيلم قصة الطفل خليل أبو شعبان الذي أصيب في قصف زنانة وذلك من خلال شهادة شقيقته زينة التي تحدثت عن حلمه بأن يصبح مهندس ديكور، وتساءلت بصوت مختنق بالدموع: "هل من الممكن أن يذهب فجأة ويغيب عنا؟".

هذه القصة، كغيرها من آلاف القصص في غزة، تجسد الفقدان المفاجئ للأحلام والآمال، وتحول الحياة في لحظة من الأمان النسبي إلى كابوس لا ينتهي.

صوت الأنقاض

يحكي ياغي كذلك عن أصوات الناجين من تحت الأنقاض بعد قصف أحد المنازل، وصرخات الاستغاثة، وأنين المصابين، ونداءات الأهالي لذويهم المفقودين، ويضيف "حين أسمع أصواتهم أحاول أن أتخيل ماذا كانوا يفعلون قبل قصفهم وعمّ كانوا يتحدثون".

يقارن ياغي بين الأصوات التي سجلها في غزة قبل الحرب وبعدها، ويقول: "لولا أنني من سجلها ولا تزال لدي كنت نسيتها.. صوت الناس والبحر والغسيل وهو يرفرف.. أصواتها كلها كانت حياة".

حتى خطوات الناس تغيرت.. يقول ياغي ذلك ويضيف: "كنت أسجل قبل الحرب صوت خطوات الناس وهم يسيرون في الشوارع وعلى البحر، واليوم وخلال الحرب أسجل خطواتهم وهم يهربون من الموت وينزحون من مكان لآخر".

يترك الفيلم المشاهد مع صورة صوتية مؤلمة لغزة خلال الحرب التي تصادف هذه الأيام الذكرى الأولى لبدئها، ويقول ياغي بكلمات موجعة: "سجلت الكثير من الأصوات في حياتي لكن لحظة الفراق والموت فيها رهبة كبيرة.. فيه نَفَس كان يدخل ويخرج وفجأة توقف".

6/10/2024المزيد من نفس البرنامجالمرزوقي: 3 سنوات في قصر قرطاج لم أنم ليلة سعيدا أو مرتاحاplay-arrowمدة الفيديو 02 minutes 23 seconds 02:23مصر كما لم ترها من قبل.. "رحلة" في القاهرة والإسكندرية والفيومplay-arrowمدة الفيديو 02 minutes 57 seconds 02:57الطاقة.. نظام جديدplay-arrowمدة الفيديو 47 minutes 13 seconds 47:13درع السيليكون.. كيف استطاعت تايوان تحويل أشباه المواصلات إلى سلاح دفاعي لها؟play-arrowمدة الفيديو 47 minutes 12 seconds 47:12بين بولسونارو ولولا دا سيلفا.. من يحسم الجولة الثانية في انتخابات الرئاسة البرازيلية؟play-arrowمدة الفيديو 46 minutes 16 seconds 46:16تصفية الاستعمار (الجزء الثاني)play-arrowمدة الفيديو 51 minutes 30 seconds 51:30تصفية الاستعمار (1).. عندما تنكرت فرنسا لحرية الشعوبplay-arrowمدة الفيديو 50 minutes 18 seconds 50:18من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات arrowمدة الفیدیو فی غزة

إقرأ أيضاً:

خسائر فادحة للجيش الإسرائيلي بلبنان ومغردون: نتنياهو ساقهم إلى الجحيم

وفي تطور لافت، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن عدد المصابين نحو 35 جنديا، بينما ذكر مركز زيف الطبي الإسرائيلي أنه استقبل 39 جنديا مصابا، ووصفت وكالة رويترز هذه الخسائر بأنها الأكثر دموية على الجبهة اللبنانية خلال العام الماضي.

أما عن تفاصيل الاشتباكات، فقالت الإذاعة الإسرائيلية إن قوة من وحدة إيغوز، وهي وحدة كوماندوز خاصة من وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي، واجهت مسلحين داخل أحد المباني في إحدى قرى الجنوب اللبناني، وتم استدعاء وحدة الإنقاذ الطبية، وخلال عملية الإنقاذ، واصل مسلحون من حزب الله إطلاق قذائف هاون باتجاه القوات، وهي من جهتها ردت بإطلاق نيران كثيفة من الدبابات والمدفعية.

ومن جانبه، أكد حزب الله تصديه لـ3 محاولات توغل إسرائيلية، مُوقِعا خسائر في صفوف القوات المهاجمة في مناطق العديسة ومارون الراس ويارون.

وأثارت هذه التطورات موجة من التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي، أبرزت حلقة 3-10-2024 من برنامج "شبكات" بعضا منها والتي اتفقت في مجملها على أن التوغل البري في لبنان هو تكرار آخر لسيناريو هزيمة "الجيش الذي لا يقهر" التي حدثت في غزة.

تكرار سيناريو

وبحسب المغردة مايا فإن مصير الجنود الإسرائيليين كان محتوما، وغردت محذرة من تكرار سيناريو غزة في لبنان وقالت ساخرة "الجيش الذي لا يقهر حاول اجتياز الحدود اللبنانية، فكان مقتل 8 جنود من قوات النخبة هو مصيرهم المحتوم" مردفة -ما معناه- أن "قرار المتطرف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالاجتياح البري للبنان سيجعل "سيناريو مقتل جيشه الذي لا يقهر بغزة يتكرر في لبنان".

وأيد الناشط مبارك وجهة نظر مايا وغرد يقول "لقد ساقهم نتنياهو إلى جحيم حزب الله جنوب لبنان، حيث لا لهم من هناك، إلا قتلى أو جرحى أو معاقون".

واتفق المغرد منصور مع من سبقاه بالرأي مشيرا إلى أن "إسرائيل تُعاني في اجتياحها للجنوب وتتكبد خسائر ويبدو أنها تتوجه نحو الفشل في هذه العملية".

مجرد بداية

ومن زاوية أخرى يرى المغرد محمد الجندي أن إسرائيل لا تقوى على الحرب بلا دعم وإسناد وكتب يقول "إسرائيل ما هي إلا قوة جوية بإسناد أميركي، أما على خط المواجهة البرية فالغلبة للمقاومة، ومواجهاتها في غزة تشهد ومواجهات اليوم على الحدود اللبنانية تؤكد".

وفي رد فعل رسمي، علق نتنياهو على الخسائر قائلا إن إسرائيل في ذروة حرب صعبة ضد ما وصفه بـ"محور الشر الإيراني"، مؤكدا عزم بلاده على الانتصار.

أما مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله، محمد عفيف، فقد وصف العمليات بأنها "مجرد البداية"، مشيرا إلى أن عدد القتلى في صفوف الإسرائيليين أكبر مما تم الإعلان عنه.

3/10/2024المزيد من نفس البرنامجالمنصات تحتفي بكمين القسام في رفح وتصفه بالأسطوري والمؤلم للاحتلالplay-arrowمدة الفيديو 04 minutes 03 seconds 04:03كيف علق مغردون على عملية يافا؟play-arrowمدة الفيديو 04 minutes 07 seconds 04:07مغردون: قيمة الهجوم الإيراني في الرعب الذي سيدفع مستوطنين للهروب الأبديplay-arrowمدة الفيديو 05 minutes 17 seconds 05:17تعاطف واسع في المنصات مع المهجرين في لبنان ودعوات لوقف الحربplay-arrowمدة الفيديو 03 minutes 56 seconds 03:56قرار 1701 يعود للواجهة ومغردون لإسرائيل: رجعة للشمال مافيplay-arrowمدة الفيديو 04 minutes 30 seconds 04:30كيف علق مغردون على تكرار اغتيالات إسرائيل لقادة المقاومة بلبنان؟play-arrowمدة الفيديو 03 minutes 38 seconds 03:38مغردون: هل اغتيل نصر الله بقنابل أميركية أم بسبب ثغرات أمنية؟play-arrowمدة الفيديو 04 minutes 18 seconds 04:18من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • كوبا جزيرة الثورة والسيجار.. رحلة في عبق التاريخ وسحر الحاضر
  • تطورات الحرب في لبنان عبر الخريطة التفاعلية
  • تطورات الوضع في لبنان عسكريا وإنسانيا
  • الأردن.. مظاهرة تطالب بدعم المقاومة الفلسطينية واللبنانية
  • آفي ديختر يحرض اللبنانيين صراحة على الحرب الأهلية
  • الحسيني المدان بالتعامل مع الموساد ينافس المنجمين
  • عام على طوفان الأقصى
  • تأكدوا أنه عربي.. شاب مقدسي يتعرض للاعتداء من جيش الاحتلال وشرطته
  • خسائر فادحة للجيش الإسرائيلي بلبنان ومغردون: نتنياهو ساقهم إلى الجحيم