الرباط – في الذكرى الأولى لاندلاع معركة طوفان الأقصى، تحوّل شارع محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط وكل الشوارع المؤدية إليه إلى مقصد لآلاف المغاربة القادمين من مختلف مدن البلاد، لتجديد تضامنهم مع الشعب الفلسطيني ومساندتهم للمقاومة، وتأكيد تشبثهم برفض عدوان الاحتلال ال على قطاع غزة وإصرارهم على رفض التطبيع.

وشارك في المسيرة التي دعت إليها "مجموعة العمل الوطنية لمساندة الشعب الفلسطيني" ممثلون عن مختلف الأحزاب والهيئات المدنية والنقابية. ووقع المشاركون في المسيرة على بيان يطالب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية بالتدخل العاجل والضغط لإيقاف حرب الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني.

كما دعا المشاركون الدولة المغربية لإيقاف التطبيع، والكف عن استقبال السفن الإسرائيلية وتزويدها بالمؤونة والوقود، وطالبوا بالخروج من دائرة الصمت عما يجري في غزة ولبنان، والتحرك العاجل لمساندة الفلسطينيين واللبنانيين بكل الإمكانيات المتوفرة.

المشاركون في المسيرة وقعوا على بيان يطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لإيقاف الحرب (الجزيرة) دعم المقاومة

ورفع المشاركون في المسيرة شعارات من قبيل "الشعب يريد إسقاط التطبيع"، و"قاطع يا مواطن بضائع بني صهيون"، و"كلنا فداء لغزة الصامدة"، و"فلسطين أمانة والتطبيع خيانة"، وغيرها من الشعارات واللافتات التي تندد بالصمت العربي والدولي عما يحدث من جرائم في غزة ولبنان.

وجدد المتظاهرون الدعوة لمقاطعة كل المنتجات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وحملوا صور القيادات الفلسطينية واللبنانية الذين اغتالتهم إسرائيل، وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي لحركة المقاوة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، مؤكدين على الاستمرار على خطاهم في مقاومة الاحتلال والدفاع عن حق الشعب الفلسطيني لنيل الحرية.

نبيل بن عبد الله (وسط): نعبّر اليوم عن رفضنا وإدانتنا الصارخة للغطرسة الصهيونية (الجزيرة)

وقال الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المعارض نبيل بن عبد الله، للجزيرة نت، إن الشعب المغربي يجتمع مجددا بالعاصمة ويتظاهر بكافة فصائله ومن أعماق وجدانه تعبيرا عن رفضه للعدوان الصهيوني الغاشم المستمر منذ حوالي سنة على غزة وعلى باقي فلسطين، مسببا الدمار والتشريد والإبادة الجماعية والآلاف من الضحايا والشهداء ومئات الآلاف من الجرحى.

واستنكر المتحدث امتداد "الغطرسة الصهيونية" إلى جنوبي لبنان، في وقت يقف فيه المجتمع الدولي متفرجا أو متواطئا، خاصة الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، وأضاف "جئنا اليوم لنعبر عن رفضنا وإدانتنا الصارخة للغطرسة الصهيونية، ولنؤكد وقوف الشعب المغربي كما عادته مع فلسطين والمقاومة".

صور قيادات المقاومة الفلسطينية واللبنانية كانت حاضرة في المسيرة (الجزيرة)

بدوره، أوضح عبد الرحيم الشيخي الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح الإسلامية والقيادي في "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين"، أن الشعب المغربي يجدد من خلال هذه المسيرة في الذكرى الأولى لطوفان الأقصى الوفاء للشهداء ودعم المقاومة في فلسطين ولبنان، "وسيظل يخرج إلى الشوارع والساحات للاحتجاج إلى حين تحرير فلسطين، وإسقاط التطبيع الذي انخرطت فيه الدولة المغربية، وهي مخطئة في ذلك".

وأكد المتحدث أن "العدو الصهيوني انكسر في عملية طوفان الأقصى بينما انتصرت المقاومة، ولا تزال منتصرة بميزان الحروب"، مشيرا إلى أن "العدو الصهيوني لم يحقق ما أعلنه من أهداف، رغم حرب الإبادة التي شنها والدعم الأميركي والغربي له، وتخاذل وتواطؤ الدول العربية".

الشيخي: الشعب المغربي سيظل يخرج إلى الشوارع والساحات للاحتجاج إلى حين تحرير فلسطين (الجزيرة) تظاهر لم ينقطع

وتأتي هذه المسيرة استمرارا للأشكال الاحتجاجية والفعاليات التضامنية التي شهدتها المملكة طيلة عام كامل في مختلف المدن المغربية، ولم تتوقف المظاهرات أمام البرلمان، حيث كانت الساحة المقابلة له مكان لقاء المساندين لغزة والرافضين للعدوان الإسرائيلي كل يوم أربعاء وجمعة، ثم لاستنكار العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان.

وفي الجمعة الماضية، خرج المغاربة في أكثر من 100 مظاهرة داعمة لغزة والضفة ولبنان في إطار فعاليات "جمعة طوفان الأقصى 52" تحت شعار "وفاءً للدماء النازفة في فلسطين ولبنان"، وذلك في 58 مدينة مغربية.

وكانت "الجبهة المغربية للدفاع عن فلسطين" قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها نظمت 817 فعالية تضامنية منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، منها 600 وقفة محلية، و188 مسيرة محلية ووطنية مليونية، و8 أيام وطنية احتجاجية، و21 وقفة للمطالبة بمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الجامعات الشعب الفلسطینی الشعب المغربی طوفان الأقصى فی المسیرة

إقرأ أيضاً:

شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة

القدس المحتلة- في كل عام، يحمل المهندس سليمان فحماوي ذاكرته المثقلة بالحنين والوجع، ويسير على خُطا قريته المهجرة "أم الزينات" الواقعة على سفوح جبال الكرمل في قضاء حيفا، والتي اضطر لمغادرتها قسرا كباقي مئات آلاف الفلسطينيين، تاركا خلفه طفولته وذكرياته لتصبح جزءا من تاريخ النكبة الذي لا ينفك يعيد نفسه.

سليمان، اللاجئ في وطنه، عاش فصول النكبة الفلسطينية متنقلا بين بلدات الكرمل والساحل، قبل أن يستقر به الحال في بلدة أم الفحم، على تخوم حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.

واليوم، وفي الذكرى الـ77 للنكبة، وبعد عقود من التهجير، يقف كعضو ومتحدث باسم "لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين" بالداخل الفلسطيني، محاولًا الحفاظ على ذاكرة القرى التي طمست معالمها، وفي مقدمتها قرية "كفر سبت" المهجرة، في قضاء طبريا في الجليل شمالي فلسطين.

فحماوي: لمسنا نياتٍ مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين (الجزيرة) شروط صادمة

منذ تأسيس "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" عام 1997، اعتاد سليمان ورفاقه تنظيم مسيرة العودة السنوية إلى القرى المهجّرة، بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، حيث أصبحت المسيرات ذات رمزية تقول للعالم "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وتعيد للأذهان قصص البيوت المهدومة والأرواح التي لا تزال معلقة بأطلال قراها.

"هذا العام كان مختلفا" يقول فحماوي للجزيرة نت بنبرة يغلب عليها الأسى، فبدلا من التحضير المعتاد للمسيرة الـ28 نحو "كفر سبت"، اصطدمت الجمعية بسلسلة من الشروط التعجيزية التي وضعتها الشرطة الإسرائيلية، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار صعب "سحب طلب التصريح".

يوضح فحماوي "كما كل عام، قدمنا طلبا للحصول على التصاريح، لكن الشرطة هذه المرة وضعت شروطًا غير مسبوقة، كان أولها عدم رفع العلم الفلسطيني، ذلك العلم الذي لطالما خفقت به القلوب قبل الأيادي، كما اشترطت الحصول على موافقة المجلس الإقليمي في الجليل الغربي، الذي تقع القرية ضمن نفوذه، إضافة إلى تحديد عدد المشاركين بـ700 شخص فقط".

إعلان

"بالنسبة لنا، العلم الفلسطيني خط أحمر" يؤكد سليمان، ويتساءل "كيف لمسيرة تحمل اسم العودة أن تقام دون علمنا، ودون مشاركة الآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني الذين يحملون هم القضية؟".

وبين تهديدات الشرطة بالاقتحام، والوعيد بقمع المسيرة حال تجاوز الشروط، وجدت الجمعية نفسها أمام مفترق طرق، ويقول فحماوي "خلال المفاوضات، لمسنا نوايا مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين من أطفال ونساء وشباب".

وفي مشهد تتداخل فيه الوطنية بالمسؤولية الأخلاقية، اجتمعت كافة الأطر السياسية والحزبية والحقوقية في الداخل الفلسطيني، ليصدر القرار الأصعب (سحب الطلب)، لخصها فحماوي بقوله "نقطة دم طفل تساوي العالم"، مضيفا "لن نسمح بأن تتحول مسيرتنا إلى ساحة قمع جديدة، اخترنا العقل على العاطفة، لكن شوقنا للعودة لا يلغيه انسحاب مؤقت".

جبارين: حق العودة ليس مناسبة بل حياة كاملة نعيشها يوميا (الجزيرة) ذاكرة لا تموت

قبل نحو 30 عاما، لم تكن مسيرات العودة جزءا من المشهد الوطني الفلسطيني، وكانت قضية القرى المهجرة تعيش في طي النسيان، مطموسة في ذاكرة مغيبة، تكاد تمحى بفعل الإهمال والسياسات الإسرائيلية المتعمدة، يقول فحماوي، ويضيف "لكن هذا الواقع بدأ يتغير تدريجيا مع انطلاق المبادرات الشعبية، وعلى رأسها مسيرة العودة".

وعلى مدى هذه العقود الثلاثة، شارك مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني -وخاصة من فلسطينيي الداخل- في مسيرات العودة، التي تحوّلت إلى محطة وطنية سنوية ثابتة، تحمل رسائل سياسية وشعبية عميقة، وتؤكد على حق العودة بوصفه حقا فرديا وجماعيا غير قابل للتنازل أو التفاوض.

ورغم قرار سحب طلب التصريح لمسيرة العودة الـ28، لا يتوقف التساؤل لدى أدهم جبارين، رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، وابن عائلة لاجئة من قرية اللجون المهجرة عن "ماذا يعني أن يمنع لاجئ فلسطيني من العودة، ولو ليوم واحد، إلى قريته التي طُرد منها؟ وماذا يعني أن يجرم رفع العلم الفلسطيني؟"

إعلان

"هذه ليست النهاية" يؤكد جبارين للجزيرة نت، ويقول "نحن مستمرون، فحق العودة ليس مناسبة، بل حياة كاملة نعيشها يوميا"، مضيفا "رغم القيود والتهديدات، تبقى مسيرة العودة أكثر من مجرد حدث سنوي، هي ذاكرة حية تورَّث للأجيال، ورسالة واضحة بأن القرى المهجرة ستظل حاضرة في القلوب والعقول، حتى يتحقق حلم العودة.

حضور الأطفال كان بارزا في مسيرة العودة التقليدية التي تنظم سنويا عشية ذكرى النكبة (الجزيرة)

 

ويؤكد جبارين أن قرار سحب الطلب "لم يكن تراجعا، بل خطوة واعية اتخذت من منطلق المسؤولية الوطنية، بعد أن اتضح خلال مفاوضات الجمعية مع الشرطة الإسرائيلية وجود نية مبيتة للترهيب والترويع، وحتى تهديد ضمني بإمكانية قمع المسيرة بالقوة، وربما ارتكاب مجزرة بحق المشاركين".

ويقول "نرى ما يجري من حرب إبادة في غزة، وعمليات التهجير في الضفة الغربية، وما لمسناه من سلوك الشرطة يعكس تحضيرات لتنفيذ سيناريو مشابه في الداخل، حيث بات استهدافنا على خلفية إحياء المناسبات الوطنية مسألة وقت لا أكثر".

لكن رغم المنع، لم تتوقف الفعاليات، فالجمعية أطلقت برنامج زيارات موسعًا إلى أكثر من 40 قرية مهجّرة، بمرافقة مرشدين مختصين، لتتحوّل ذكرى النكبة من فعالية مركزية واحدة إلى عشرات الجولات والأنشطة الميدانية.

ويختم جبارين حديثه للجزيرة نت بالقول إن "مسيرة العودة ليست مجرد تظاهرة، بل رسالة متجددة وتذكير سنوي بالنكبة، وتجذير للوعي الوطني، وانتقال للذاكرة من جيل إلى آخر، ورسالة واضحة بأن لا حق يضيع ما دام هناك من يطالب به".

ويضيف أنها "أيضا رد مباشر على المقولة الصهيونية الشهيرة: الكبار يموتون والصغار ينسون، فالصغار لم ينسوا، بل باتوا في مقدمة الحشود، يحملون الراية، ويرددون أسماء القرى التي هُجرت، وكأنها ولدت من جديد على ألسنتهم".

مقالات مشابهة

  • الجمهورية اليمنية تُطلّق التقرير الوطني الـ10 عن آثار العدوان على اليمن
  • الجمهورية اليمنية تُطلّق التقرير الوطني العاشر عن آثار العدوان على اليمن
  • نقابات عمال فلسطين: 507 آلاف عاطل عن العمل في فلسطين
  • في ذكرى النكبة.. الأعلام الإسرائيلية تغزو القدس والمستوطنون يتوعدون الأقصى
  • الجيش الإسرائيلي يستدعي عشرات آلاف عناصر الاحتياط بهدف توسيع الحرب
  • دنابيع السياسة العربية.. من دنبوع اليمن إلى دنبوع فلسطين
  • شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
  • القنصلية المغربية في جدة ترد على شركة مناسك للطيران بخصوص أزمة المعتمرين المغاربة
  • مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح في حربها على غزة
  • الرئيس السيسي يبعث برقيتي تهنئة إلى ملك هولندا ورئيس توجو بمناسبة ذكرى العيد القومي للبلدين