مراجعة عام من الحرب: أهداف نتنياهو بين النجاح والفشل
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
في السابع من أكتوبر، قبل عام من الآن، نفذت حركة حماس هجوما مفاجئا على جنوب إسرائيل، مما أدى إلى قلب الأوضاع رأسا على عقب ووضع إسرائيل أمام تهديد قديم-جديد على حدودها الجنوبية. في مواجهة هذا الهجوم، أعلنت القيادة الإسرائيلية عن بدء عملية عسكرية واسعة تحت مسمى "السيوف الحديدية".
عملية تحولت إلى حرب شاملة ضد قطاع غزة والفلسطينيين، وأسفرت عن مقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لأحدث إحصاءات وزارة الصحة في القطاع.
بعدها، توسعت المواجهات لتشمل عدة جبهات، ما أدى إلى خلق حالة من الفوضى والدمار، لا تزال مستمرة، دون أن تلوح نهايتها في الأفق، وتنذر بخطر اندلاع حرب شاملة في الشرق الأوسط.
وردا على عملية "طوفان الأقصى"، شن الجيش الإسرائيلي واحدة من أعنف الحروب في تاريخ البشرية، مستخدما قواته البرية والجوية والبحرية في هجمات مكثفة استهدفت مناطق عديدة في غزة، هذا القطاع المنكوب أصلا منذ سنوات، والذي يضم أكثر من مليوني نسمة يعيشون في ظروف إنسانية قاسية بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ عام 2006.
في تلك الأثناء، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو معلنا قائمة بأهداف إسرائيل في الحرب، مؤكدا أن الفصائل الفلسطينية قد تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأن العمليات العسكرية لن تتوقف حتى تتحقق هذه الأهداف. ورغم مرور عام على بدء الحرب، تبدو تلك الأهداف بعيدة المنال.
ومع ذلك، يواصل نتنياهو تمسكه بموقفه، مصرا في كل ظهور له على مدار العام، أن إسرائيل ستنتصر على ما وصفه بـ "محور الشر" الذي تقوده إيران، ويمتد تأثيره من فلسطين إلى لبنان، اليمن، سوريا، والعراق.
في هذا المقال، سنتناول الأهداف التي أعلن عنها نتنياهو مع بداية الحرب على غزة، وسنستعرض ما تحقق منها وما لم يتحقق حتى الآن:
القضاء على حماسكان الهدف الأساسي لنتنياهو هو تدمير البنية التحتية لحماس والقضاء على قدراتها العسكرية، بما في ذلك شبكات الأنفاق وترسانتها الصاروخية. كما سعت إسرائيل إلى اغتيال قادة الحركة، بدءا من رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، ورئيس الحركة في غزة يحيى السنوار، وصولا إلى قائد الجناح العسكري، محمد الضيف، وغيرهم من القياديين البارزين.
الهدف من هذه العمليات كان إنهاء التهديد المستمر الذي تمثله حماس وضمان عدم قدرتها على تشكيل خطر أمني على إسرائيل في المستقبل.
تحرير الأسرى الإسرائيليينالهدف الثاني لنتنياهو بعد تدمير حماس كان تحرير الرهائن الذين أسرتهم الحركة والفصائل الفلسطينية الأخرى خلال عملية "طوفان الأقصى" وتم نقلهم إلى غزة.
كان هذا الهدف يمثل أحد أبرز التحديات الملحة والضاغطة على رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته طوال فترة الحرب، حيث شكل تحرير هؤلاء الأسرىأولوية قصوى لإسرائيل في ظل الضغوط المحلية والدولية.
ثالثا، أراد نتنياهو استخدام القوة العسكرية ضد حماس لإعادة بناء قوة الردع الإسرائيلية في وجه أعدائها الإقليميين، بما في ذلك حزب الله وإيران، وضمان أمن تل أبيب على المدى الطويل.
كما سعى من خلال هذه الحرب إلى التأكيد على قوة إسرائيل العسكرية، وضمان أمنها على المدى الطويل عبر توجيه رسالة صارمة إلى جميع الأطراف التي تهدد استقرارها، مفادها أن أي تهديد لن يمر دون رد حاسم.
عودة سكان الشمال إلى منازلهمكل ذلك كان قبل أن يعلن نتنياهو في سبتمبر عن توسيع الأهداف المعلنة للحرب، لتشمل تمكين سكان الشمال من العودة إلى منازلهم، بعد أن هجروا بسبب قرار حزب الله دعم حماس وفتح جبهة شمالية ضد إسرائيل في الثامن من أكتوبر الماضي.
ورغم التحذيرات الأمريكية من مخاطر توسيع الحرب، قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي إضافة هذا الهدف، في محاولة لاستعادة الاستقرار في المناطق الشمالية المتأثرة بالتصعيد العسكري مع حزب الله.
على مدار الاثني عشر شهرا الماضية، استمر الجيش الإسرائيلي في تنفيذ ضربات جوية وبرية وبحرية مكثفة ضد قطاع غزة، مستهدفا مواقع تابعة لحركة حماس ومنشآت مدنية مثل المستشفيات المدارس بذريعة وجود عناصر حماس بل هاجم حتى طوابير الفلسطينيين اللاهثين وراء كيس طحين.
ورغم إعلان الجيش اكتشاف العديد من الأنفاق ومخازن السلاح، إلا أن حماس والفصائل الأخرى لا تزال تواصل إطلاق الصواريخ، مما يشير إلى أن قدراتها لا تزال تشكل تهديدا حقيقيا للدولة العبرية. وهذا يدل على أن الهدف المتمثل في القضاء على حماس بعد مرور عام يعد أحد الأهداف التي فشل نتنياهو وجيشه في تحقيقها.
وعلى الرغم من عدم توفر إحصاءات دقيقة حول عدد المقاتلين الذين قضت عليهم إسرائيل خلال الحرب، أكدت وسائل الإعلام العالمية أن حركة حماس استطاعت بسرعة إعادة تنظيم صفوفها وتجنيد مقاتلين جدد.
وفقا لتحليلات مشروع التهديدات الحرجة، أشار تقرير حديث لشبكة "بي بي سي" إلى أن نصف قوات "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحماس، تمكنت من إعادة بناء قدراتها القتالية في شمال ووسط غزة.
وعلى الرغم من نجاح تل أبيب في اغتيال بعض القادة البارزين، مثل صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في لبنان، وإسماعيل هنية في طهران، إلا أنها لم تتمكن من الوصول إلى يحيى السنوار وغيره من القادة المطلوبين الذين كانت قد وضعتهم على قائمة الأهداف.
أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، أن فكرة تدمير حماس هي "ذر للرماد في العيون الإسرائيلية"، مشيرا إلى أن الحركة ليست مجرد منظمة، بل فكرة راسخة في قلوب الناس. وبدوره، ذكر مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وليام بيرنز، أن القضاء على حماس يتطلب تقديم فكرة أفضل لمواجهة أفكارها.
كما أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، إلى أن هدف الحرب في "تدمير حركة حماس" لن يتحقق، موضحا أن تعهدات نتنياهو في هذا الصدد "متبجحة"، وأن الحرب تعتبر محاولة لتحقيق مصالح شخصية.
تحرير الرهائن والمحتجزينفي نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2023، أدى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس إلى تحرير 81 رهينة من النساء والأطفال الذين كانوا محتجزين في غزة. بالإضافة إلى ذلك، تم الإفراج عن 24 مواطنا أجنبيا، لا يحملون الجنسية الإسرائيلية.
وعلى الرغم من نجاح الجيش الإسرائيلي بالعثور على رفات 37 رهينة، وإنقاذه ثمانية آخرين أحياء، تشير التقديرات الرسمية الإسرائيلية إلى أن عدد الرهائن المتواجدين في غزة حاليا هو 101، بما في ذلك أربعة أشخاص احتجزوا كرهائن في عامي 2014 و2015.
مما يعني، أنه حتى تاريخ اليوم، لا تزال هناك مجموعة من الرهائن لم يتم تحريرهم بعد، حيث تشير المصادر الإسرائيلية الرسمية إلى أن عدد من اقتيدوا إلى غزة في السابع من أكتوبر كان 251.
رغم النجاحات العسكرية التي حققتها، واجهت الدولة العبرية انتقادات دولية كبيرة بسبب حجم الدمار والخسائر المدنية في غزة، مما أثر سلبا على صورتها العالمية وقدرتها على تعزيز ردعها بالشكل المطلوب.
لا تزال إسرائيل تتعرض يوميا لضربات متتالية على أكثر من محور، وفشلت في العديد من المناسبات في التصدي لهذه الهجمات. كان آخرها تنفيذ إيران هجوما صاروخيا في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2024، استهدف قواعد عسكرية إسرائيلية، حيث فشلت الدفاعات الجوية في صد الهجوم، مما يثير تساؤلات حول فعالية نظام الردع لتل أبيب في مواجهة التهديدات المتزايدة.
خلال الأشهر العشرة الماضية، فشل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تحسين صورته السياسية، حيث شهدت إسرائيل مظاهرات واسعة تطالبه بالاستقالة بسبب فشله في منع "كارثة السابع من أكتوبر". أظهرت استطلاعات الرأي تراجعا ملحوظا في شعبيته، مما دفع المحتجين إلى اتهامه بالتفريط في حقوق الرهائن لأغراض شخصية.
وأشار رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت إلى أن الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين يرون أن الدافع وراء توسيع الحرب بعد اتخاذ نتنياهو قرار غزو رفح هو الحفاظ على مستقبله السياسي، مشددا على أن هذا الغزو لا يصب في مصلحة إسرائيل.
في أغسطس، دعا أولمرت وزير الحرب وقادة الجيش والأجهزة الأمنية إلى الاستقالة الفورية في حال فشل جولة المفاوضات الحالية بشأن تبادل الأسرى. وعبر عن ضرورة عقد مؤتمر صحفي مشترك لإعلان عدم قدرتهم على خدمة المصالح الأخلاقية والأمنية لدولة إسرائيل في ظل القيادة الحالية.
وتوافق زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، مع هذا الرأي، موجها انتقادات لاذعة لنتنياهو، حيث اتهمه بوضع مصالحه السياسية فوق مصلحة الدولة وأمنها، مشددا على أن هذا السلوك يعكس خيانة للأمانة والثقة الممنوحة له.
كما اعتبر الوزير السابق في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس أن نتنياهو ومجلسه الوزاري غير مؤهلين لتحقيق أهدافهم، داعيا إلى ضرورة ترتيب الأمور وتحمل المسؤولية.
لكن في الأسابيع الأخيرة، استعاد نتنياهو بعض الزخم عبر تنفيذ سلسلة من الاغتيالات التي طالت عددا من قادة حزب الله، وكان أبرزها اغتيال حسن نصرالله، عدوّ إسرائيل اللدود منذ عقود. ومع ذلك، جاءت الضربة الصاروخية الإيرانية ردا على هذه الاغتيالات، مستهدفة قواعد عسكرية إسرائيلية، مما قضى على بعض النقاط التي كان يسعى نتنياهو لتسجيلها في رصيده السياسي.
Relatedبعد 20 يومًا فقط من ولادتها.. ريتا تواجه الحياة كنازحة بسبب الغارات الإسرائيلية على لبنانإسرائيلي فقد والديه في هجوم السابع من أكتوبر يؤكد أن الحوار مع الفلسطينيين هو الحل لتحقيق السلام واشنطن بوست: جنديات إسرائيليات يؤكدن "نحن غير محميات" وهذا يشكل خطرًا على مهامناإعادة السكان إلى الشمالبعد أن أكد أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، مرارا وتكرارا رفضه فصل جبهة الشمال على جبهة جنوب إسرائيل، وأعلن استمراره في مساندة حماس والفلسطينيين "مهما كلف الأمر"، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو توسيع رقعة الحرب إلى لبنان.
وبدأ الجيش الإسرائيلي بشن ضربات عنيفة في مختلف أنحاء لبنان، مستهدفا بشكل خاص المناطق الشيعية التي تعتبر مؤيدة لحزب الله. وقد نفذت القوات الإسرائيلية عدة ضربات في الضاحية الجنوبية، مما أسفر عن اغتيال مسؤولين من الحزب، قبل أن تطلق عملية برية في الشمال.
ورغم فتح إسرائيل جبهة جديدة في الشمال لا تقل ضراوة عن الحرب الدائرة في غزة، لا يزال أهالي الشمال، حتى كتابة هذه السطور، بعيدين عن منازلهم، مما يدل على فشل نتنياهو في إعادتهم.
ختاما، وبعد عام كامل من الحرب، تبقى الأهداف التي أعلنها أطول رؤساء وزراء إسرائيل بقاء في السلطة بعيدة عن التحقق. وفي ظل التحديات المستمرة داخليا وخارجيا، تزداد الضغوط عليه، بينما تظل الأوضاع في غزة ولبنان مفتوحة على مزيد من التصعيد.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الموت يلاحق الغزيين.. الضفة تشييع فلسطينيا من غزة قتل في الغارة الإيرانية على إسرائيل مظاهرة أمام منزل نتنياهو في القدس: عائلات الرهائن المحتجزين في غزة تطالب باتفاق للإفراج عنهم ماذا قال سكان قطاع غزة عن اغتيال نصر الله؟ الشرق الأوسط طوفان الأقصى حركة حماس غزة بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس لبنان حزب الله طوفان الأقصى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل حركة حماس لبنان حزب الله طوفان الأقصى الشرق الأوسط طوفان الأقصى حركة حماس غزة بنيامين نتنياهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل لبنان حزب الله حركة حماس طوفان الأقصى غزة جنوب لبنان ضحايا فرنسا اعتداء إسرائيل المملكة المتحدة السياسة الأوروبية رئیس الوزراء الإسرائیلی الجیش الإسرائیلی السابع من أکتوبر بنیامین نتنیاهو یعرض الآن Next إسرائیل فی نتنیاهو فی حرکة حماس قطاع غزة حزب الله لا تزال تل أبیب إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
يديعوت احرونوت: استقالة رئيس شعبة العمليات بالجيش الإسرائيلي
أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية باستقالة رئيس شعبة العمليات بالجيش الإسرائيلي عوديد بسيوك، وقالت إن التوقعات تربط الاستقالة بالمسؤولية عن تفعيل الجيش في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
يأتي هذا بعد تهديد أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لـ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعواقب "لا يمكن أن تتصوّرها" ما لم تفرج عن الأسرى في قطاع غزة، في ظل جمود المفاوضات بشأن مصير اتفاق الهدنة الذي اتهمت حماس إسرائيل بالعمل على انهياره.
ومن جانب أخر، قالت وزارة الخارجية الأمريكية إن المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف يخطط للعودة إلى المنطقة في الأيام المقبلة، وسيعمل على إيجاد طريقة لتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أو التقدم للمرحلة الثانية.
وأضاف متحدث باسم الوزارة "لقد أوضح الرئيس ووزير الخارجية روبيو مرارا أنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن على الفور، وهذا يشمل الرهائن الأميركيين".