سواليف:
2024-10-06@14:27:51 GMT

موقف عمومي

تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT

#موقف_عمومي

د. #هاشم_غرايبه

في المفاهيم المعاصرة التي رسختها المبادئ الليبرالية، أنه لا توجد قيمة للقيم المعنوية مثل الإنسانية والرحمة وإغاثة الملهوف وما إلى ذلك من مصطلحات الخير، فالمبدأ الأساس حرية جمع المال، ولا شيء مقدس يعلو على الربح والكسب.
قد يجادل البعض بأن هنالك أعمال خيرية وتبرعات يقدمها أشخاص ليبراليون، كما تقدم بعض الدول الرأسمالية مساعدات إنسانية للمنكوبين أو لمنظمات تطوعية، لكن عند التعمق في كل عمل على حدة، نجد أن الدوافع ليس الكرم ولا ابتغاء وجه الله، بل جني مكاسب اكثر مثل التبرع بقصد الإعفاء من الضرائب، أو الدعاية الإنتخابية، أو تشجعها الدول الاستعمارية المانحة بهدف التأثير على الدول المستضعفة لترسيخ تبعيتها لها وفرض شروطها عليها، كما أننا نجد دائما وعند التقصي عن سبب التبرعات السخية لبعض الأثرياء، أن هنالك دوافع خفية منها حالة الثريّ النفسية، عندما يشعر أن أمواله الطائلة ستؤول الى ورثة لا يحبهم، فيفضل أن يحرمهم ويكسب بثروته صيتا وسمعة.


طبعا كل ذلك مرتبط بغياب الإيمان ورفض تطبيق ما شرعه الله من أحكام اقتصادية تحقق عدالة اجتماعية، فلا توصل المرء أصلا الى الغنى الفاحش ولا الى الفقر المدقع، بل تضمن للمحتاج حياة كريمة، وللثري حياة هنيئة تخلو من الضنك والشقاء.
رغم كل ما أسلفنا من غياب قيم الخير الخالص من الرياء والمصلحية، إلا أن ما فطر البشر عليه من قيم أخلاقية جمالية، ومبادئ الميل الى الخيرية، لازالت في أعماق نفوس البشر، تسعدهم وتضيء عتمة الشقاء الذي ولدته قيم التصارع الليبرالية للإستئثار بالمنافع، والتي تبرر الطمع بمسمى النجاح، وتسوغ الجشع بمسمى الطموح.
من ضمن هذه النقاط المضيئة التي يحاولون الإجهاز على ما تبقى منها، هو مفهوم أن الطب مهنة أنسانية، ومن يمتهنونها ذوو نفوس سوية وأخلاق كريمة.
لذلك حدثت هزة وجدانية في نفوس الكثيرين لدى نشر خبر أن مدير مركز ” ميموريال سلون كيترنج” الأشهر في أمريكا لمعالجة السرطان، تبين أنه مرتبط بعلاقات تجارية مع شركات أدوية، مما يسيء الى الأمانة الطبية.
قبل ذلك حامت الشكوك حول قرار مؤسسة الغذاء والدواء الأمريكية، عندما حكمت بسلامة استخدام أحد مسكنات الألم الذي ثبت وجود مضاعفات له، ليتبين أن عشرة من الثلاثة والثلاثين عضوا لهم علاقة مالية مع الشركة المصنعة.
من جهة أخرى بينت دراسة أن 60 % من رؤساء الأقسام في المستشفيات التعليمية تربطهم علاقات مالية مع الشركات المصنعة للأدوية، كما أن 40 % من الباحثين قد تلقوا هدايا منها.
قد يتقبل المجتمع الفساد في كثير من المواقع، لكنه غير مقبول أبدا في القطاع الطبي، فالاستثمار المربح متاح لطالبي الثراء في كل الميادين، لكن يجب أن يكون متوافق عليه أن الاستثمار في صحة الإنسان: ألمه وشفائه أمر خارج المكاسب والأطماع، لأنه يتناول صحة الإنسان وسلامته، والذي يجب أن لا يكون عرضة للتسويق التجاري، لأن ذلك سيجعله عرضة للدعايات الترويجية المؤدية للتدليس، لأن العلاقة بين المريض والطبيب مبنية أصلا على الثقة التامة، بأن الطبيب يبذل قصارى جهده، وبغض النظر عن العائد المادي المتحقق للطبيب، فلا يقبل أن يكون شفاء المريض وسلامته خاضعة لموازين الربح والخسارة.
لكن الرأسمالية المتوحشة المتقنعة بصورتها التجميلية (الليبرالية)، لم تترك مجالا للإستثمار فيه إلا ودخلته، وأكثر ما وجدت فيه ربحاً هو الطب والمداواة، ولأنها لا تلتزم بأية ضوابط أخلاقية فقد حولت الطب الى تجارة بصحة الإنسان، وحولت المداواة التي ظل حكماء البشر منذ القدم يعتبرونها خدمة مجانية، الى استثمار بحياة البشر، فقد ثبت أن كثيرا من الأمراض الوبائية الوبيلة مثل (الأيدز والسارس وانواع الإنفلونزا المختلفة..الخ) هي من صنع مؤسسات صنع الأدوية والأمصال العالمية العملاقة، ولكي تسوق علاجاتها الغالية الثمن.
من هنا نجد أن تقديم أن الخدمة الطبية (على الأقل) يجب أن تكون مستثناة من الخضوع للقيم الليبرالية العامة، وأن تبقى أساسيات رعاية الإنسان بمنأى عن منطق جني الأرباح للمستثمرين الجشعين، وليتركوا صحة الإنسان وحياته التي هي منحة من الله للبشر، بعيدة عن أطماعهم.
يقول مثل فرنسي: “أكثر الناس حظا هم الأطباء، الله هو الذي يشفي وهم يقبضون الثمن”!.

مقالات ذات صلة القسام تنفذ عملية مركبة ضد قوات الاحتلال في جباليا وتوقع عددا من الجنود قتلى وجرحى 2024/10/06

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: موقف عمومي هاشم غرايبه

إقرأ أيضاً:

المساعي مستمرة للتوصل الى تفاهم رئاسي.. موقف اميركي لافت وزيارة ميقاتي لبكركي للتشاور

برزت في الفترة القليلة الماضية مؤشرات اضافية على انتقال البحث في الملف الرئاسي الى خطوات جديدة، وسط تأكيد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي " ان زيارته الى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي تندرج في اطار التشاور مع صاحب الغبطة، وليس دور رئيس الحكومة ان يملي على غبطته او السادة النواب ما يجب القيام به"، وفق ما جاء في بيان المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة ردا على ما تردد عن حمله اقتراحين الى بكركي.
اضاف البيان"كما ان تصريح دولة الرئيس بعد الزيارة كان واضحا في التأكيد انه أطلع غبطتَه على ما تمّ التوافقُ عليه في لقاءِ عين التينة مع دولةِ الرئيس نبيه بري ومعالي وليد بيك جنبلاط على إلحاحيةِ القيام بما يمليهِ علينا جميعًا واجبنُا الوطني وما يحتّمُه الظرفُ الخطيرْ والدقيقْ الذي نمرُّ فيه جميعنا من دون استثناء".
وفي سياق متصل، علم " لبنان24" ان الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين لم يتصل برئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولا صحة للأنباء التي نشرها موقع "آكسويس" عن انه ابلغ ميقاتي ان مقترح الحل الديبلوماسي لم يعد مطروحا وان الاولوية حاليا لانتخاب الرئيس ".

وكتبت" النهار":على أولوية رصد التطورات الميدانية المتصاعدة والملتهبة، برز للمرة الأولى تطور لافت استوقف المراقبين، وتمثل بما يُعتبر المؤشر العلني الأول لتعامل الولايات المتحدة مع الملف الرئاسي اللبناني من زاوية التطورات الحربية الجارية راهناً. إذ إن موقع أكسيوس الأميركي نقل عن مسؤولين أميركيين قولهم إن البيت الأبيض يريد استغلال ضعف "حزب الله" لانتخاب رئيس لبناني جديد، لافتين إلى أن إدارة الرئيس جو بايدن تعتقد أن هناك فرصة لتقليص نفوذ "حزب الله" وانتخاب رئيس. وأشار الموقع إلى أن قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون يحظى بدعم الولايات المتحدة وفرنسا كمرشح للرئاسة.
 
وفي موازاة ذلك، تفيد مراسلة "النهار" في باريس رندة تقي الدين نقلاً عن مصادر فرنسية متابعة للوضع في لبنان، بأن إسرائيل تسعى إلى إقفال الحدود اللبنانية السورية في ظل الدعم الأميركي الذي يرى أن ما تقوم به إسرائيل حالياً هو "بمثابة لبنان جديد دون "حزب الله"، وإسرائيل مقتنعة بأنها تقوم بعمل سيؤدي إلى شرق أوسط جديد ولبنان جديد". ويتصاعد قلق فرنسا على لبنان والنازحين والأوضاع الإنسانية، وترى باريس أنه حان الوقت لانتخاب رئيس بسرعة في لبنان. وقد أثنت باريس على جهود وليد جنبلاط مع الرئيسين نجيب ميقاتي ونبيه بري لمحاولة توحيد المواقف الداخلية من أجل انتخاب رئيس توافقي. وتتكثف الاتصالات على أعلى المستويات بين الرئاسة الفرنسية ووزير الخارجية الفرنسي مع رئيسي المجلس والحكومة ووليد جنبلاط. ويجهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان، وقد وافقت الولايات المتحدة وبعض الدول العربية على المشاركة فيه، ويسعى ماكرون إلى أن يكون المؤتمر على مستوى عال.
 

وكتبت" الاخبار": تتصرف قوى لبنانية قريبة من فلك الأميركيين على أساس أن «هذا التغيير حاصل حتماً»، انطلاقاً من «اقتناعها بأن حزب الله يواجه أزمة كبيرة، وأن الأميركيين قالوا لهم إن الحزب خسر أكثر من 70 في المئة من موارده القيادية والعسكرية والمادية، ولن تحتاج إسرائيل الى وقت طويل حتى تجهز على مجموعاته العسكرية في الجنوب». ولفت في هذا السياق، الحديث عن اتصال هاتفي جرى بين النائبة ستريدا جعجع والنائب السابق وليد جنبلاط، دعته الى السير في تسوية «تحفظ ما تبقى من الحزب»، فيما رد جنبلاط عليها بأن من يفكر بهذه العقلية «يعتقد أننا أمام تكرار لتجربة عام 1982، وهو أمر يخالف الوقائع». ونصح جنبلاط جعجع بالتركيز على سبل وقف الحرب قبل أيّ شيء آخر، محذّراً من «مغامرة التفكير في عزل أيّ فريق آخر، والتقليل من حجم حزب الله وقوته».
وفي هذا السياق، نقل موقع «إكسيوس» عن مسؤولين أميركيين أن «البيت الأبيض يُريد استغلال ضعف حزب الله لانتخاب رئيس جديد، وأن إدارة جو بايدن تعتقد أن بالإمكان فعل ذلك».
وفي وقت لاحق، قال هوكشتين، عبر موقع «أكس»، إن «هناك الكثير من التقارير الخاطئة وغير المسؤولة (التي انتشرت) خلال الأيام القليلة الماضية»، نافياً أن تكون الولايات المتحدة قد أعطت «الضوء الأخضر للعمليات العسكرية في لبنان». واعتبر هوكشتين أن «في النهاية، لن يسمح للسكان بالعودة إلى ديارهم غير الحل الدبلوماسي».
وقد لاقت قوى محلية التسريبات الأميركية حيال التسوية الرئاسية، ولا سيما «القوات اللبنانية» التي بدأت العمل على «عرقلة وتعطيل المحاولات التي أطلقها اجتماع عين التينة بمشاركة بري وميقاتي وجنبلاط»، مدّعية أن «الفريق الآخر هو من يتحمل مسؤولية التعطيل بوضعه الشروط». وقالت القوات في بيان لها «ما إن أبدت القوات والمعارضة كل إيجابية، كالعادة، حتى راح الفريق الآخر يتراجع شيئاً فشيئاً، بدءاً بربط الانتخابات الرئاسية بوقف إطلاق النار، مروراً بشرط تأمين توافق 86 نائباً، وهذا أمر مستحيل، وصولاً الى اعتبار النائب السابق سليمان فرنجية توافقياً». وعلّقت مصادر بارزة على هذا الكلام بأن «القوات والمعارضة حالياً تريدان تفخيخ أيّ مبادرة داخلية لأنهما تراهنان على نجاح إسرائيل في القضاء على الحزب وتعتقدان بأنّ أيّ مبادرة داخلية ستكون بمثابة خطوة تريح الحزب في الداخل وهذا ما لا تريده القوات ».
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن الحركة السياسية المحلية من أجل التوصل إلى اتفاق كبير بعناوين أساسية ابرزها العمل على وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار ١٧٠١ ووضع أسس في ملف النازحين من المناطق والبلدات جراء العدوان الإسرائيلي ضد لبنان، كما العمل على انتخاب رئيس توافقي، مسيرة إلى أن هذه الحركة متواصلة من أجل التقدم نحو مبادرة وطنية تحظى بالأجماع. 
وقالت هذه المصادر أن الاسراع في التوصل إلى مبادرة يجمع عليها الأفرقاء يتيح العمل على الخطوات المطلوبة للأنقاذ مؤكدة أن العمل متواصل من أجل التفاهم والخروج به إلى الداخل والخارج على حد سواء على أن الأولوية هي وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن .  

مقالات مشابهة

  • تقرير: إيران في موقف ضعيف وموقعها الإقليمي يتدهور
  • الخريطة التي عرّفتنا على خطط نتنياهو
  • جمعة يوضح دلائل الحب التي جرت أيام سيدنا النبي
  • حمدالله في موقف صعب .. والسومة في مأمن
  • المساعي مستمرة للتوصل الى تفاهم رئاسي.. موقف اميركي لافت وزيارة ميقاتي لبكركي للتشاور
  • الذكاء الاصطناعي.. هل سينافس البشر على الجوائز؟
  • حزب الله ينكل بقوات الاحتلال التي حاولت التوغل في الجنوب اللبناني
  • بيان جديد لحزب الله عن العبوات التي استهدفت الجيش الاسرائيلي.. هذا ما جاء فيه
  • ما هي التحديّات التي تنتظر إسرائيل في لبنان؟