صواريخ إيران تقلب موازين الصراع وتزلزل الكيان الصهيوني
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
منذ اللحظة التي بدأت فيها المقاومة الفلسطينية نضالها ضد الاحتلال الصهيوني، كان السؤال الأهم: كيف يمكن لشعب تحت الحصار أن يتحدى كيانا مدججا بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا؟ على مر العقود، ووسط مسارٍ طويل من المعاناة والكفاح، جاء الدعم الذي غيّر موازين القوى، فجعل الصواريخ الفلسطينية تخترق سماء الكيان وتزرع الخوف في قلبه.
الدور الإيراني في دعم المقاومة ليس مسألة دعم مادي أو عسكري فحسب، بل هو جزء من رؤية أوسع تسعى إلى تحقيق التوازن الاستراتيجي في المنطقة. هذه الرؤية ترى في فلسطين قلب الصراع ضد الصهيونية والهيمنة الغربية، ولذلك فإن دعم المقاومة الفلسطينية يُعتبر جزءا لا يتجزأ من استراتيجية إيران الإقليمية. بمرور السنوات، أصبح واضحا أن صواريخ المقاومة التي تصيب أهدافها بدقة وتدمر مواقع حساسة في العمق الإسرائيلي، هي نتيجة مباشرة لهذا التعاون. هذه الصواريخ أصبحت اليوم رمزا لإرادة شعب لا يقبل الاستسلام، وجزءا من معادلة ردع جديدة فرضتها المقاومة على العدو.
وبينما يزداد تطور الصواريخ الفلسطينية، يعيش الكيان الصهيوني في حالة من التوتر الدائم. هذا التوتر ليس فقط نتيجة للضربات الموجعة التي يتلقاها، بل أيضا بسبب المعادلة الجديدة التي فرضتها المقاومة على الاحتلال، وهي معادلة تقوم على توازن الرعب. فكلما ازداد العدوان الإسرائيلي على غزة أو الضفة، كان الرد الفلسطيني أكثر قوة ودقة.
إن هذه الصواريخ التي كانت في السابق مجرد أدوات بسيطة، أصبحت اليوم قوة ضاربة قادرة على إحداث تغيرات استراتيجية. والسر في هذا التحول يكمن في التطور المستمر لقدرات المقاومة بفضل نقل التكنولوجيا والمعرفة من إيران إلى غزة. من هنا، يمكن القول إن الصواريخ الفلسطينية ليست مجرد سلاح، بل هي تعبير عن تطور فكري وعسكري للمقاومة، وعن صمود شعب يرفض الرضوخ مهما كانت الظروف.
الداخل الفلسطيني الذي شهد لعقود المفاوضات السياسية، تحول اليوم إلى حاضنة للمقاومة المسلحة، بفعل هذه المعادلة الجديدة. هذه الصواريخ ليست فقط سلاحا، بل أصبحت رمزا لكرامة الشعب الفلسطيني ووحدته، خاصة مع استمرار التحديات والاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس. ومع كل صاروخ ينطلق، يشعر الفلسطينيون بأن كرامتهم تُستعاد، وأن معادلة الاحتلال لم تعد كما كانت في السابق.
هذه القوة الجديدة للمقاومة جعلت الاحتلال يعيد حساباته، فالصواريخ التي كانت تُعتبر في الماضي بدائية، باتت اليوم تُصيب العمق الإسرائيلي بدقة وتستهدف مواقع استراتيجية وحيوية. هذه التطورات وضعت الاحتلال في موقف دفاعي غير مسبوق، حيث بات غير قادر على فرض شروطه أو تحديد ملامح المعركة كما كان يفعل في الماضي. الكيان الصهيوني، الذي طالما اعتمد على قوته العسكرية لفرض هيمنته، وجد نفسه فجأة في مواجهة مقاومة مسلحة قادرة على شل الحياة في مدنه الكبرى مثل تل أبيب والقدس وحيفا.
الصواريخ التي تهز أركان الكيان ليست مجرد أداة حرب، بل هي أيضا رسالة سياسية واضحة من المقاومة ومحور المقاومة، وعلى رأسه إيران. هذه الرسالة تقول إن زمن العدوان دون رد قد ولى، وإن أي هجوم على غزة أو الضفة سيُقابل برد فوري وحاسم. أكثر من ذلك، أصبحت هذه الصواريخ جزءا من استراتيجية المقاومة لتحرير الأرض واستعادة الحقوق، حيث ترى الفصائل الفلسطينية أن هذه الضربات الصاروخية تمثل ترجمة عملية للإرادة الشعبية في مواجهة الاحتلال.
ومع كل ضربة صاروخية، يزداد الوعي الشعبي بأن مشروع المقاومة هو الطريق الوحيد للتحرر. في الوقت الذي كانت فيه الأنظمة تسعى للسلام مع الاحتلال، كانت المقاومة تواصل تطوير قدراتها لتصبح اليوم أقوى وأكثر تأثيرا في المعادلة الإقليمية. وهذا ما يعكسه دعم إيران المستمر والمتزايد، الذي لم يكن مجرد دعم عابر، بل كان جزءا من مشروع أوسع يهدف إلى تحقيق توازن استراتيجي في مواجهة الهيمنة الصهيونية والغربية في المنطقة.
دعم إيران للمقاومة الفلسطينية يعكس فلسفة أوسع تقوم على أن تحرير فلسطين ليس فقط واجبا دينيا أو قوميا، بل هو أيضا خطوة استراتيجية لحماية أمن المنطقة. لذلك، فإن الدعم الإيراني للمقاومة لا يقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل يشمل أيضا تقديم الخبرات والتكنولوجيا وتطوير القدرات الدفاعية والهجومية للمقاومة. وهكذا، تشكل الصواريخ التي تطلقها المقاومة اليوم جزءا من هذه الرؤية الشاملة، التي ترى في كل ضربة صاروخية خطوة نحو تحقيق النصر.
هذا الدعم المتواصل جعل من محور المقاومة قوة لا يُستهان بها في المنطقة، حيث تعمل إيران على بناء تحالفات قوية مع القوى التي ترفض المشروع الصهيوني. وليس فلسطين وحدها المستفيدة من هذا الدعم، بل يمتد إلى لبنان والعراق واليمن، حيث تعمل إيران على دعم المقاومة في هذه الدول لمواجهة التهديدات الصهيونية والإمبريالية. من خلال هذا المحور المتماسك، أصبح العدو الصهيوني محاصرا من عدة جبهات، ما يجعله يعيش حالة من القلق الدائم.
في النهاية، لا يمكن إلا أن نقف بفخر أمام ما حققته المقاومة الفلسطينية بفضل هذا الدعم. صواريخ المقاومة التي تهز الكيان الصهيوني وتزرع الرعب في قلوب مستوطنيه، هي اليوم أكثر من مجرد سلاح، إنها رمز للصمود والوحدة والإصرار على تحرير الأرض. ومع كل صاروخ ينطلق، تهتز قلوب الإسرائيليين بالخوف، بينما يزداد الفلسطينيون عزما على مواصلة المقاومة.
الدعم الإيراني للمقاومة الفلسطينية لم يكن دعما عابرا، بل هو جزء من رؤية أوسع لتحقيق التوازن في المنطقة. إيران ومحور المقاومة يعملان بتنسيق عالٍ لدعم الشعب الفلسطيني وتزويده بالوسائل اللازمة لمواجهة الاحتلال. هذا التنسيق والتعاون بين المقاومة وإيران أعطى ثماره اليوم على شكل صواريخ قادرة على ضرب عمق الكيان وإحداث تأثير استراتيجي. إن محور المقاومة اليوم أكثر قوة وتأثيرا من أي وقت مضى، حيث يقف الشعب الفلسطيني في قلب هذه المعركة، مسلحا بإرادة لا تنكسر وصواريخ تهز أركان الاحتلال.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المقاومة الفلسطينية الاحتلال إيران إيران فلسطين الاحتلال المقاومة مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الصواریخ الفلسطینیة الکیان الصهیونی الصواریخ التی هذه الصواریخ فی المنطقة فی مواجهة جزءا من
إقرأ أيضاً:
من أوكرانيا إلى فلسطين: العدالة الغائبة تحت عباءة السياسة العربية
محمد عبدالمؤمن الشامي
في المحاضرة الرمضانية الـ 12 للسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أشار إلى حقيقة صارخة لا يمكن إنكارها: الفرق الشاسع بين الدعم الغربي لأوكرانيا في مواجهة روسيا، وبين تعامل الدول العربية مع القضية الفلسطينية. هذه المقارنة تفتح الباب على مصراعيه أمام تساؤلات جوهرية حول طبيعة المواقف السياسية، ومعايير “الإنسانية” التي تُستخدم بمكيالين في القضايا الدولية.
أُورُوبا وأوكرانيا: دعم غير محدود
منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، سارعت الدول الأُورُوبية، مدعومةً من الولايات المتحدة، إلى تقديم كُـلّ أشكال الدعم لكييف، سواء عبر المساعدات العسكرية، الاقتصادية، أَو حتى التغطية السياسية والإعلامية الواسعة. لا تكاد تخلو أي قمة أُورُوبية من قرارات بزيادة الدعم لأوكرانيا، سواء عبر شحنات الأسلحة المتطورة أَو المساعدات المالية الضخمة التي تُقدَّم بلا شروط.
كل ذلك يتم تحت شعار “الدفاع عن السيادة والحق في مواجهة الاحتلال”، وهو الشعار الذي يُنتهك يوميًّا عندما يتعلق الأمر بفلسطين، حَيثُ يمارس الاحتلال الإسرائيلي أبشع الجرائم ضد الفلسطينيين دون أن يواجه أي ضغط حقيقي من الغرب، بل على العكس، يحظى بدعم سياسي وعسكري غير محدود.
العرب وفلسطين: عجز وتخاذل
في المقابل، تعيش فلسطين مأساة ممتدة منذ أكثر من 75 عامًا، ومع ذلك، لم تحظَ بدعم عربي يقترب حتى من مستوى ما قُدِّم لأوكرانيا خلال عامين فقط. الأنظمة العربية تكتفي ببيانات الشجب والإدانة، فيما تواصل بعضها خطوات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، في تناقض صارخ مع كُـلّ الشعارات القومية والإسلامية.
لم تُستخدم الثروات العربية كما استُخدمت الأموال الغربية لدعم أوكرانيا، ولم تُقدَّم الأسلحة للمقاومة الفلسطينية كما تُقدَّم لكييف، ولم تُفرض عقوبات على “إسرائيل” كما فُرضت على روسيا، بل على العكس، أصبح التطبيع سياسة علنية لدى بعض العواصم، وتحول الصمت العربي إلى مشاركة غير مباشرة في استمرار الاحتلال الصهيوني وجرائمه.
المقاومة: الخيار الوحيد أمام هذه المعادلة الظالمة
في ظل هذا الواقع، يتجلى الحل الوحيد أمام الفلسطينيين، كما أكّـد السيد القائد عبد الملك الحوثي، في التمسك بخيار المقاومة، التي أثبتت وحدها أنها قادرة على فرض معادلات جديدة. فمن دون دعم رسمي، ومن دون مساعدات عسكرية أَو اقتصادية، استطاعت المقاومة أن تُحرج الاحتلال وتُغيّر قواعد الاشتباك، وتجعل الاحتلال يحسب ألف حساب قبل أي اعتداء.
وإن كانت أوكرانيا قد حصلت على دعم الغرب بلا حدود، فَــإنَّ الفلسطينيين لا خيار لهم سوى الاعتماد على إرادتهم الذاتية، واحتضان محور المقاومة كبديل عن الدعم العربي المفقود. لقد أثبتت الأحداث أن المقاومة وحدها هي القادرة على إحداث تغيير حقيقي في مسار القضية الفلسطينية، بينما لم يحقّق التفاوض والتطبيع سوى المزيد من التراجع والخسائر.
المواقف بالأفعال لا بالشعارات:
عندما تُقاس المواقف بالأفعال لا بالشعارات، تنكشف الحقائق الصادمة: فلسطين تُترك وحيدة، بينما تُغدق أُورُوبا الدعم على أوكرانيا بلا حساب. هذه هي المعادلة الظالمة التي كشفها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، حَيثُ يتجلى التخاذل العربي بأبشع صوره، ما بين متواطئ بصمته، ومتآمر بتطبيعه، وعاجز عن اتِّخاذ موقف يليق بحجم القضية.
إن ازدواجية المعايير لم تعد مُجَـرّد سياسة خفية، بل باتت نهجًا مُعلنًا، تُباع فيه المبادئ على طاولات المصالح، بينما يُترك الفلسطيني تحت القصف والحصار. وكما أكّـد السيد القائد عبد الملك الحوثي، فَــإنَّ المقاومة وحدها هي القادرة على إعادة التوازن لهذه المعادلة المختلة، مهما تعاظم التواطؤ، ومهما خفتت الأصوات الصادقة.