عام على اندلاع معركة طوفان الأقصى الذي دعا فيه رئيس هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف الأمة العربية والإسلامية والجبهات المحيطة لكنس الاحتلال، ودعا فيه الشعوب العربية والإسلامية للزحف نحو فلسطين.

في المقابل لم تكن الصورة على الأرض كما تمناها ودعا إليها الضيف، كما لم تلعب الدول العربية خصوصا دول الطوق دورا في المعركة ولا حتى دورا في إيقافها.



ودول الطوق العربي هو مصطلح أطلقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في ستينيات القرن العشرين على الدول العربية التي تحيط بفلسطين المحتلة وهي كل من لبنان وسوريا والأردن و مصر.



التقرير التالي يوضح مواقف الدول الطوق: الأردن ومصر ولبنان وسوريا من معركة طوفان الأقصى خلال الاثني عشر شهرا الماضية.

الأردن: اشتباك سياسي وتعاون اقتصادي
يملك الأردن أطول حدود مع فلسطين المحتلة، حيث يجاورها من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، كما أن العلاقات بين الأردن وفلسطين علاقات متداخلة جدا؛ تاريخيا وجغرافيا وديمغرافيا، حيث أصول العشائر الأردنية والفلسطينية واحد، ناهيك عن وجود نسبة كبيرة من الأردنيين من أصل فلسطيني، اكتسبوا هذه الجنسية من خلال وحدة الضفتين التي وقعت عام 1950 وانتهت رسميا عام 1988.

تفاجأ الأردن في الهجوم الذي أطلقته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وندد في البداية بقتل وأسر المدنيين الإسرائيليين، لكن الموقف بدأ يتغير مع بدء العدوان الإسرائيلي الواسع على القطاع وسقوط المزيد من الضحايا.

في المقابل كان الموقف الشعبي متقدما على الموقف الرسمي، حيث انطلقت المظاهرات المساندة لمعركة طوفان الأقصى بعد ساعات من اندلاعها، وشهدت عدة مدن أردنية خصوصا العاصمة تظاهرات حاشدة، فيما كانت هناك دعوات للتوجه للحدود.



بعد مجزرة مستشفى المعمداني في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، اتجه الموقف الأردني نحو التصعيد السياسي، وفي الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت عمّان استدعاء سفيرها من تل أبيب، وطلبت من تل أبيب عدم إعادة السفير الإسرائيلي الذي غادر المملكة سابقا.


أصبح موقف الأردن أكثر وضوحا، فهو يندد بالهجوم الإسرائيلي على القطاع، ويطالب بوقف العدوان وإيصال المساعدات، ويحذر من تفاقم الأوضاع واندلاع حرب شاملة.

وبعد حرب التجويع التي فرضها الاحتلال على شمال قطاع غزة، بادر الأردن بإنزال المساعدات الغذائية عبر الجو، وهي المبادرة التي تبعتها فيها دول كثيرة، كما دخلت مئات الشاحنات من المساعدات عن طريق الأردن إلى شمال القطاع.

وكان واضحا الاهتمام الأردني بالحرب على قطاع غزة على أعلى المستويات، حيث اقتصر الجهد الدبلوماسي للملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي طيلة الفترة الماضية على الوضع في غزة.

وكان الموقف الأردني حازما تجاه مسألة تهجير أهالي قطاع غزة معلنا أن ذلك خطا أحمر، وتجاه مسألة تواجد قوات أردنية أو عربية في القطاع، معلنا رفضه لتلك التوجهات على لسان وزير الخارجية في حزيران/ يونيو الماضي التي قال فيها: "لن ننظف وراء نتنياهو ولن نرسل قوات إلى قطاع غزة لتكون بديلا عن قوات الاحتلال الإسرائيلي".

في المقابل فقد ظل الموقف الأردني من حركة حماس على ما هو، حيث لم يجر أي اتصال سياسي مع الحركة، كما كان الموقف الأمني حازما تجاه أي محاولات لدعم المقاومة الفلسطينية وإيصال السلاح إليها. ويشار هنا إلى محاكمة عدد من الشباب في محكمة أمن الدولة بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية".

كما أشارت تقارير عبرية إلى أن التعاون الأمني بين الأردن والاحتلال لم يتأثر طيلة تلك الفترة، كما أن الجيش الأردني ظل حريصا على استقرار وهدوء الحدود.

ورغم تساهل السلطات مع التظاهرات الشعبية الداعمة للمقاومة الفلسطينية، فإنها كانت تمنع، وأحيانا باستخدام القوة والعنف، التوجه إلى الحدود، والوصول إلى السفارة الإسرائيلية وسط العاصمة.

وبحسب مراقبين فإن الموقف الأردني الذي اتسم بالاشتباك السياسي المتصاعد مع حكومة نتنياهو، لم يذهب بعيدا في الإجراءات الفعلية على الأرض، واكتفى باستدعاء سفيره من تل أبيب، لكنه لم يقطع العلاقات مع "إسرائيل" ويطرد سفيرها كما فعلت دول في أمريكا اللاتينية.

كما أن عمّان، وبحسب مراقبين، سهلت وصول البضائع لـ"إسرائيل" عبر "جسر بري" يبدأ بالإمارات مرورا بالسعودية، وظلت حدودها مفتوحة، بعد أن أثرت ضربات الحوثيين باليمن على عمليات النقل البحري للاحتلال عبر البحر الأحمر.


كما سهلت تصدير الخضار والفواكه إلى الاحتلال، الذي كان يعاني شحا كبيرا فيها جراء توقف الزراعة في شمال فلسطين المحتلة نتيجة ضربات حزب الله، وتوقف التصدير من تركيا.

ورغم نفي السلطات الأردنية لوجود ذلك الجسر، إلا أن تقارير مصورة كثيرة وشهود عيان أثبتت وجوده، فيما منعت السلطات بالقوة اقتراب محتجين من الوصول إلى المعبر ومحاولة عرقلة الشاحنات المحملة بالبضائع من الدخول.



مصر: معبر رفح يكشف مواقف النظام
في مداخلة له في صالون هزاع الثقافي، في كانون الأول/ ديسمبر، أكد اللواء ممدوح الإمام مساعد مدير المخابرات الحربية المصري السابق أن مصر لن تتعاطف سياسيا أبدا مع ما يجري في غزة، وإنما ستتعاطف إنسانيا فقط.

ويبدو أن الموقف المصري تجاه ما يجري في غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 يعكس تلك السياسة التي عبر عنها الإمام.

وبحسب مراقبين فقد عبرت مصر عن مواقف مختلفة وأحيانا متناقضة تجاه الأحداث في غزة، ففي حين أدانت العدوان الإسرائيلي وأدانت تجويع الفلسطينيين إلا أنها لم تفعل الكثير إزاء ذلك خصوصا وأنها تسيطر على معبر رفح.

بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك حين استغلت مأساة أهالي غزة الذين كانوا يضطرون إلى المغادرة، حيث عملت شركة يملكها رجل أعمال مقرب من السلطات المصرية على تأمين الخروج مقابل رسوم مالية باهظة.

وبحسب تقارير فقد دخلت خزينة شركة هلا حوالي 185 مليون دولار منذ بدء العدوان على غزة وحتى آذار/ مارس الماضي من خلال عبور 37 ألف فلسطيني لمعبر رفح.

ورغم إصرار الجانب المصري أن المعبر مفتوح من الجانب المصري إلا أن صور تكدس مئات شاحنات المساعدات على معبر رفح من الجانب المصري شاهدة على الموقف الرسمي من المعبر، حيث يرى أنه لا بد من التنسيق مع الجانب الإسرائيلي لضمان أمان المساعدات.



واقتصر الدور المصري على استقبال الوفود الأجنبية والمشاركة في الوساطة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار.

وظلت العلاقة بين مصر وحركة حماس والمقاومة الفلسطينية على ما هي عليه خلال معركة طوفان الأقصى، حيث ظلت مجرد ملف أمني، كما كان للإجراءات السابقة بتهجير أهالي رفح المصرية وإنشاء عازل دورا في تقليص قدرة أهالي سيناء على مساعدة أشقائهم على الجانب الفلسطيني في القطاع، خصوصا وأن بعض العشائر مقسومة قسمين أحد أفرعها في مصر والآخر في غزة.


وزاد الجيش المصري من رقابته على الحدود لمنع أي تسلل أو تهريب للسلاح لداخل القطاع، وكذلك لمنع أي هجرة جماعية للفلسطينيين تجاه سيناء.

ورغم سقوط شهداء من الجيش المصري جراء عمليات جيش الاحتلال في منطقة رفح من بينهم الجندي عبدالله رمضان عشرى، إلا أن سياسة ضبط النفس ظلت هي السائدة في الجانب المصري.



ومع احتلال القوات الإسرائيلية لمعبر رفح ومحور فيلادلفيا العازل بين مصر والقطاع بالكامل، انتقلت مصر إلى الداعين لانسحاب الاحتلال من هناك دون اتخاذ أي إجراءات عقابية برغم أن ذلك يعد خرقا لاتفاقية كامب ديفيد، بحسب مراقبين.

داخليا عملت السلطات المصرية على منع أي مظاهر للتعاطف والتضامن مع المقاومة الفلسطينية، وكان لافتا خلو مصر من أي تظاهرات تضامنية مع غزة طيلة الفترة الماضية، كما كان لافتا الهجوم الإعلامي بين فترة وأخرى من إعلاميين محسوبين على النظام المصري على المقاومة وحركة حماس، وذلك بالتزامن مع أي دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمصر لفتح معبر رفح لإدخال المساعدات.

سوريا: موقف بارد غامض
تفاعل النظام السوري بفتور مع الحرب في غزة؛ حيث اكتفى بعد عملية "طوفان الأقصى" بإصدار بيان، ربط فيه بين عملية "طوفان الأقصى" وحرب تشرين.

توقع كثيرون أن تكون الساحة السورية خصوصا القريبة من الجولان المحتل هي الساحة الأكثر تفاعلا مع معركة طوفان الأقصى، نظرا لقربها من المواقع الإسرائيلية ووجود الفصائل المقربة من إيران وحزب الله وكذلك بعض الفصائل الفلسطينية المدعومة من النظام السوري هناك.

إلا أن الواقع يشير إلى أن تلك الجبهة هي الأضعف إذا ما قورنت بجبهة جنوب لبنان واليمن وحتى العراق.

و بحسب تقرير لمركز جسور للدراسات (مقرب من المعارضة السورية)، فقد انتهج النظام سياسة التجاهُل على المستوى السياسي؛ حيث لم يَقُمْ بشار الأسد منذ ذلك الحين بأي ظهور إعلامي، وينطبق الأمر ذاته على وزير الخارجية، الذي لم يُجرِ سوى عدّة تصريحات ولقاءات منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر،

وبحسب التقرير فإنه على المستوى الإعلامي، اكتفى النظام بتغطية الحرب، والتركيز على ما تقوم به إسرائيل من فظائع هناك، مع تجاهُل تامّ لحركة حماس، التي تتصدّر المشهد السياسي الفلسطيني خلال الحرب بشكل مطلق، في هذا السياق يُلاحظ غياب اسم "حماس" في وكالة "سانا" للأنباء الرسمية منذ أعوام.


لكن التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام التابعة للنظام السوري تُميز بين حماس وكتائب القسام، حيث يتم ذكر اسم الكتائب، عبر وصفها بـ "كتائب القسام في المقاومة الفلسطينية" -مع أن "سانا" تتجنب ذكر الاسم ما أمكن- حيث لم يذكر منذ بداية كانون الثاني/ يناير 2024 -وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير- سوى مرة واحدة. وهو ما ينسجم مع موقف النظام الذي اعتمده منذ سنوات، والذي يقوم على التمييز بين ما يصفه بـ "الجناح المقاوم" و"الجناح الإخواني" في حركة حماس.

على المستوى الداخلي عمل النظام منذ بداية الحرب على فرض رقابة أمنية شديدة على المخيمات الفلسطينية لمنع خروج المظاهرات الرافضة للحرب، كما لم تشهد المدن السورية أي مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، والتي اعتاد النظام على تنظيمها في مثل هذه المناسبات.

عملياً يتعلّق موقف النظام من حرب غزة أساساً بالموقف من حماس، فالنظام لا يملك أصلاً القدرة على القيام بأي عمل عدائي من الناحية العسكرية تجاه "إسرائيل"، ولا حتى على وَقْف الأعمال العدائية الإسرائيلية على أراضيه، كما أنه لم يَقُمْ حتى باستخدام الهوامش المتسامَح فيها دولياً، والتي استخدمها كل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، من السماح بالمظاهرات.

وبحسب الباحث في الشؤون الإيرانية محمود البازي في مقال له في "الجزيرة نت"، فإن موقف سوريا من طوفان الأقصى والذي يميل إلى السكون، يشكِّل امتدادًا لمفاوضاتها غير المباشرة مع "إسرائيل" من خلال الوساطة التركية، في أيار/ أيار 2008، ورغبتها آنذاك في استرجاع الجولان دون الخوض في مواجهات عسكرية. ومع تطور الظروف، يبدو صمت سوريا الحالي بمنزلة مقدمة إستراتيجية لموقف جديد، يأخذ بالاعتبار التفاوض مستقبلًا مع "إسرائيل".

لبنان: معادلة داخلية معقدة
برغم المعادلة الداخلية المعقدة، إلا أن لبنان كان الساحة الأكثر اشتباكا مع معركة طوفان الأقصى، حيث بدأ حزب الله بعد يوم واحد فقط من انطلاق المعركة في إطلاق القذائف الصاروخية تجاه مواقع إسرائيلية قريبة من الحدود اللبنانية.

وقال حزب الله في بيان بأنّه "تضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر، قامت مجموعات الشهيد القائد عماد مغنية في المقاومة الإسلامية صباحاً بالهجوم على ثلاثة مواقع، هي موقع الرادار وزبدين ورويسات العلم، بأعداد كبيرة من القذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة"، مدشنا بذلك ما قال إنه معركة إسناد للمقاومة الفلسطينية في غزة.



لكن موقف حزب الله لا يظهر الصورة كاملة في لبنان، فبحسب الكاتب اللبناني قاسم قصير في مجلة "الأمان" فإنه "في حين تجمع معظم الأطراف اللبنانية على دعم الشعب الفلسطيني وإدانة المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق هذا الشعب، فإن بعض الأطراف وخصوصا حزب الله والجماعة الإسلامية وبعض الأطراف الوطنية تدعو للانخراط في هذه المعركة دفاعا عن لبنان وفلسطين مهما كانت التضحيات، وهناك أطراف أخرى تؤيد دعم المقاومة لكنها تحذر من تداعيات ذلك وخاصة الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، في حين أن أطرافا أخرى ( القوات اللبنانية والكتائب وقوى المعارضة) تحذر من جر لبنان إلى معركة كبرى وتدعو لتحييد لبنان عن الصراع".

ولم تقتصر جبهة إسناد جنوب لبنان على حزب الله فقد شاركت الجماعة الإسلامية اللبنانية وكذلك كتائب القسام في لبنان في المعركة، وبالطبع ما كان هذا ليكون لولا الضوء الأخضر من حزب الله.


ومع رفض الاحتلال ربط ما يجري بغزة بما يجري بلبنان، فقد صعد من عدوانه تجاه حزب الله في محاولة لفك الارتباط بين جبهتي غزة وجنوب لبنان، ما أدى إلى اتساع المواجهة في المنطقة وصلت حد تنفيذ عمليات عدوانية واسعة ضد حزب الله فيما يعرف بتفجير أجهزة اتصال "البيجر" التي راح ضحيتها شهداء وآلاف الجرحى، وكذلك اغتيال قادة وحدة الرضوان عبر غارة عنيفة على عمارات سكنية في ضاحية بيروت أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 شخصا بينهم نساء وأطفال، واغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، ما حدا بحزب الله لتوسيع نطاق هجماته لتصل مدينة حيفا المحتلة، وفتح ما وصفه بمعركة "الحساب المفتوح".



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية فلسطين دول الطوق غزة فلسطين غزة دول الطوق عام على الطوفان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة معرکة طوفان الأقصى الموقف الأردنی الجانب المصری تشرین الأول موقف الأردن دول الطوق حزب الله قطاع غزة معبر رفح ما یجری کما أن إلا أن فی غزة ما کان

إقرأ أيضاً:

غزة العصية على الانكسار.. قراءة إسرائيلية وغربية لصمودها الأسطوري

على الرغم من حرب الإبادة المستمرة على القطاع منذ أكثر من عام ونصف، ورغم الدمار الشامل والنزوح المتكرر لسكان القطاع؛ إلا أن غزة مازالت صامدة ترفع رأسها وسط الركام بعزة وشموخ وإباء في صورة غير مسبوقة في تاريخ الصراع، ومازالت مقاومتها صامدة تذيق العدو ما لم يكن يتوقعه أو يطيقه. لذا، يتساءل الكثير عن أسباب هذا الصمود الأسطوري الذي أذهل العدو قبل الصديق.

وفي هذا المقال نقدم قراءة إسرائيلية وغربية تفسر وتحلل أسباب ما نراه اليوم في غزة الأبية والذي سيكون فاتحة صفحة جديدة ومشرقة في تاريخ الصراع والمنطقة:

1 ـ هاريسون مورجان: "المقاومة العنيدة لحماس"، معهد الحرب الحديثة، أكاديمية ويست بوينت، 27/2/2025.

2 ـ إيان سليزنجر: "رسم خرائط للمجهول: إدارة إسرائيل لأنفاق غزة"، مجلة الجغرافيا السياسية، عدد:1 مجلد:25، 2020.

3 ـ جون سبنسر، "استراتيجية حماس السياسية والعسكرية تعتمد على الأنفاق"، معهد الحرب الحديثة، أكاديمية ويست بوينت، 18/1/2024.

4 ـ أتار بورات، "لماذا تستمر المقاومة الفلسطينية؟: نظرة متعمقة على منطق حماس"، جيروزاليم بوست، 27/1/2025.

5 ـ ديفيد هيرست، "لماذا لن تستسلم حماس؟"، ميدل إيست آي، 22/4/2025.

6 ـ مارك ليفين وإريك تشيفيتز، " إسرائيل وفلسطين وشعرية الإبادة الجماعية من جديد "، مجلة بحوث الإبادة الجماعية، 22/4/2025.

نتائج لم يتوقعها أحد

قبل الحرب الحالية، قيّم القادة الإسرائيليون حزب الله على أنه التهديد الاستراتيجي الأكبر، فلديه من أربعين إلى خمسين ألف مقاتل نشط وأربعين ألفًا آخرين في الاحتياط، ومئتي ألف صاروخ منها صواريخ دقيقة بعيدة المدى قادرة على ضرب عمق إسرائيل، وخبرة قتالية واسعة في سوريا. وفي المقابل، كان لدى حماس قوة أصغر قوامها حوالي خمسة وعشرين ألف مقاتل، وترسانة تتراوح بين ثمانية عشر وثلاثين ألف صاروخ معظمها قصير المدى، وخبرة ميدانية أقل بكثير.

وصلت حماس إلى السلطة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. وبعد صراع قصير وعنيف، طردت حماس حركة فتح من غزة عام ٢٠٠٧، مُرسّخةً بذلك هيمنتها المطلقة. ومنذ ذلك الحين، عززت حماس سيطرتها، وضمّت جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة تقريبًا في غزة تحت هيكلها القيادي، مما مكّنها من انتهاج استراتيجية حرب شاملة وسط دعم شعبي ودون معارضة داخلية.ورغم هذه التباينات، مُني حزب الله بهزيمة عسكرية سريعة؛ بينما صمدت حماس في وجه حرب شرسة حتى وافقت إسرائيل على اتفاق وقف إطلاق نار كان مطروحًا فعليًا على الطاولة لأكثر من عام. هذا الصمود أمام أعتى قوة عسكرية في المنطقة والمدعومة دوليا من قوى إقليمية ودولية، أسبابه ما يلي:

وحدة القيادة والإرادة في غزة

وصلت حماس إلى السلطة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. وبعد صراع قصير وعنيف، طردت حماس حركة فتح من غزة عام ٢٠٠٧، مُرسّخةً بذلك هيمنتها المطلقة. ومنذ ذلك الحين، عززت حماس سيطرتها، وضمّت جميع الفصائل الفلسطينية المسلحة تقريبًا في غزة تحت هيكلها القيادي، مما مكّنها من انتهاج استراتيجية حرب شاملة وسط دعم شعبي ودون معارضة داخلية.

لذلك، رغم ما عاناه المدنيون الفلسطينيون، لم يُترجم تدمير البنية التحتية في غزة والتكاليف الإنسانية للصراع إلى ضغط على حماس للتفاوض. وبدون وجود فصائل متنافسة تطالب بوقف إطلاق النار، يمكن لحماس مواصلة القتال إلى أجل غير مسمى طالما حافظت على إمدادات ثابتة من القوى البشرية والذخائر.

فشل إسرائيل في اختراق حماس استخباراتيا

تُعد غزة من أكثر مناطق العالم انعزالاً وتحكماً. وتُسيطر حماس على كل جانب من جوانب الحياة، من الحكم إلى الأمن، مما يسمح لها بتنظيم الحركة داخل القطاع بإحكام. والمنطقة معزولة إلى حد كبير عن النفوذ الخارجي، مع ضوابط صارمة على من يمكنه الدخول أو الخروج. ويعمل الأجانب، بمن فيهم الصحفيون وعمال الإغاثة والدبلوماسيون، تحت مراقبة حماس المشددة، مما صعّب على المخابرات الإسرائيلية إدخال عملاء أو تنمية أصول استخباراتية هناك. كما أمضت حماس عقوداً في تحديد هوية عملاء إسرائيل والقضاء عليهم. والنتيجة هي بيئة أكثر عدائية للعمليات الاستخباراتية مقارنة بلبنان.

الاقتصاد الحربي المُستدام لحماس

سبب رئيسي للصمود الأسطوري لحماس هو قدرتها على تحمّل صراع طويل الأمد. فقد طورت حماس نظامًا لوجستيًا مبتكرًا ومكتفيًا ذاتيًا إلى حد كبير، سمح لها بمواصلة القتال دون الاعتماد على إعادة الإمداد الخارجي. وقد تمحورت استراتيجية حماس للتمويل المُستدام المُستدام حول ثلاثة عوامل رئيسية:

1 ـ الإنتاج الأسلحة داخل القطاع:

على مر السنين، استثمرت حماس بكثافة في تصنيع الأسلحة محليًا، مما سمح لها بإنتاج صواريخ مضادة للدبابات، وقذائف هاون، وعبوات ناسفة بدائية، وحتى صواريخ بعيدة المدى دون الاعتماد على موردين أجانب. وقد مكّنتها هذه الصناعة المحلية من مواصلة العمليات القتالية حتى في الوقت الذي استهدفت فيه إسرائيل مخزوناتها قبل الحرب.

2 ـ تحويل القصف الإسرائيلي إلى مورد لمجهودها الحربي:

بعد كل اشتباك مع القوات الإسرائيلية، كان مقاتلو حماس يمشطون الحطام بحثًا عن أسلحة صغيرة وذخائر وذخائر غير منفجرة. وخلال عمليات تبادل الأسرى الأخيرة، عرضت حماس علنًا بنادق إسرائيلية ومعدات عسكرية أخرى استولت عليها، كدليل على جهودها المنهجية في البحث عن المخلفات في ساحة المعركة. فقد وفّرت آلاف القنابل غير المنفجرة وقذائف المدفعية التي أُلقيت على غزة لحماس إمدادًا لا ينضب تقريبًا من المواد المتفجرة، التي أعاد مهندسوها استخدامها في أسلحة جديدة. وبدلًا من أن تُعيق الغارات الجوية الإسرائيلية حركة حماس، استغلتها حماس لدعم عملياتها.

متاهة الأنفاق "مترو غزة"

ينظر صناع القرار الاستراتيجيين في إسرائيل إلى الأنفاق على أنها تهديد خطير لأنها تقنية تستخدم الخصائص المادية للأرض لتخريب أجهزة المراقبة والحساب الإسرائيلية للتأمين ضد الخطر. وهي ناقلات لا يمكن التنبؤ بها أو مراقبتها أو رسم خرائط لها، يمكن لمقاتلي حماس من خلالها التهرب من النظام الإسرائيلي القوي المتمثل في الأسوار الحدودية، ومراقبة البصر والاتصالات، وجمع المعلومات الاستخباراتية البشريةHUMINT  لتنفيذ هجمات مفاجئة داخل إسرائيل.

وبهذه الطريقة، تسخر أنفاق حماس من القوة السطحية لإسرائيل التي تعرف كل ما هو فوق الأرض في غزة وقد زعزعت من ثقة إسرائيل في قدرتها على إدارة المخاطر الجيوسياسية من خلال تقنيات السيطرة على الأراضي. وكشفت عن وجود غزتين: إحداهما فوق الأرض، والأخرى مدفونة عميقًا تحتها. وهو وضع لا سابق له ولا مثيل في السياق الأوسع للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وطالما شكلت الأنفاق تحديا للجيوش التقليدية. وشهدت الجيوش البريطانية والألمانية تدمير أفواج بأكملها بسبب تكتيكات الأنفاق. وفقدت الولايات المتحدة بسببها عددا لا يحصى من الرجال في حرب فيتنام.

قد يكون الحجم الهائل لشبكات حماس السرية، بمجرد اكتشافها بالكامل ، يتجاوز أي شيء واجهه جيش حديث على الإطلاق. والأهم من حجم الأنفاق في غزة، أن الحرب بين إسرائيل وحماس هي الحرب الأولى التي جعلت فيها حركة مقاومة شبكتها السرية الواسعة محورا محددا لاستراتيجيتها السياسية والعسكرية الشاملة.

يمكن القول إنه لا يوجد جيش في العالم مستعد جيدا للتحديات التكتيكية تحت الأرض مثل الجيش الإسرائيلي؛ لكن التحدي الاستراتيجي مختلف تماما، كما أنها تنطلب وقتا للعثور على الأنفاق وتدميرها في صراع تهدف فيه استراتيجية حماس إلى الحد من الوقت المتاح لإسرائيل لشن حملتها.

ورقة الرهائن

مثلت ورقة الرهائن سببا رئيسيا لقدرة حماس على تحمل حرب طويلة، ومنحتها نفوذًا استراتيجيًا غيّر جذريًا الديناميكيات السياسية والعسكرية للصراع. وأجبرت إسرائيل على اتخاذ قرارات عسكرية وسياسية صعبة، إذ كان عليها موازنة أهدافها الهجومية مع جهودها لاستعادة الأسرى أحياء.

ينظر صناع القرار الاستراتيجيين في إسرائيل إلى الأنفاق على أنها تهديد خطير لأنها تقنية تستخدم الخصائص المادية للأرض لتخريب أجهزة المراقبة والحساب الإسرائيلية للتأمين ضد الخطر. وهي ناقلات لا يمكن التنبؤ بها أو مراقبتها أو رسم خرائط لها، يمكن لمقاتلي حماس من خلالها التهرب من النظام الإسرائيلي القوي المتمثل في الأسوار الحدودية، ومراقبة البصر والاتصالات، وجمع المعلومات الاستخباراتية البشريةHUMINT لتنفيذ هجمات مفاجئة داخل إسرائيل.واستخدمت حماس الرهائن سلاح نفسيا ضد المجتمع الإسرائيلي. وواصلت مقاطع الفيديو الدورية التي تُظهر بقاء الرهائن على قيد الحياة وسيلة ضغط مؤثرة على إسرائيل للتفاوض مع حماس. وقد أثبتت استراتيجية الرهائن أنها أكثر قيمة من الناحية الاستراتيجية من قوة حزب الله النارية. ومكنتها من انتزاع تنازلات من إسرائيل، مما يثبت أن النفوذ السياسي والنفسي والدبلوماسي لحماس لا يقل أهمية عن قوة النيران في ساحة المعركة.

قدسية الأرض والتمسك بها

لو كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مكان أهل غزة لغادر إلى المنفى منذ زمن بعيد، كما فعل بعد محاصرة قوات منظمة التحرير الفلسطينية في بيروت الغربية عام ١٩٨2، ولكانت فتح قد سافرت إلى الخارج بحلول ذلك الوقت. أيًا من هذه السوابق لا ينطبق على حماس، لماذا؟:

1 ـ إذا كان انهيار الجيش الإسرائيلي في ٧ أكتوبر قد غيّر إسرائيل إلى الأبد، فإن تدمير غزة غيّر القضية الفلسطينية إلى الأبد. إذ أصبحت أرضًا مقدسة للفلسطينيين في كل مكان.

2 ـ لا توجد عائلة في غزة لم تفقد أقاربها أو منازلها في هذه الحرب. ولا يمكن فصل حماس ولا أي من فصائل المقاومة الأخرى عن الشعب الذي تقاتل من أجله.

3 ـ مع تزايد المعاناة الجماعية، تتزايد الإرادة الجماعية للبقاء على أرضها، كما أظهر المزارعون العزّل في جنوب الخليل.

4 ـ لا يوجد شئ أكثر إقناعًا لضرورة مقاومة الاحتلال من سلوك الدولة الإسرائيلية نفسها. إنها دولة غازية غامضة، مستمرة، وسامّة لمساحة الآخرين.

لا بديل للفلسطينين عن المقاومة والصمود

تسعى إسرائيل دائما إلى مزيد من السيطرة. وحركة الاستيطان الإسرائيلية أكثر نشاطًا في أوقات السلم منها في أوقات الحرب، كما يُظهر تاريخ الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة بعد اتفاقيات أوسلو. ولا يمكن لإسرائيل أن تلتزم بحل الدولتين، لأنه لم يكن هناك سوى دولة واحدة في أذهان مؤسسيها وأحفادهم. وإن ما يقوم به إيتمار بن غفير، وبتسلئيل سموتريتش، ونتنياهو، مجتمعين، ليس إلا "إتمام" مهمة إبادة الفلسطينيين من "أرض إسرائيل" التي بدأها ديفيد بن غوريون. إنها خرافة متكررة ومُريحة، يغذيها الصهاينة الليبراليون، تُفرّق بين قبائل إسرائيل المختلفة بشأن القضية الفلسطينية، لعدم وجود اختلافات جوهرية. وهذا أصدق اليوم مما كان عليه وقت اغتيال إسحاق رابين.

حماية الأقصى من مؤامرات الاحتلال

يعلم الفلسطينيون في غزة أنهم حائط الصد الأخير ضد مخططات الاحتلال بشأن القدس والمسجد الأقصى؛ فإسرائيل لن تتوقف أبدًا عن فرض هيمنة دينها على جميع الأديان الأخرى. وفي عيد الفصح، يكون المسيحيون ضحايا لهذه الممارسات الاستيطانية بقدر المسلمين. ويشهد المسجد الأقصى إقبالاً متزايداً من اليهود للصلاة، إذ دخل أكثر من 6000 يهودي ساحاته للصلاة منذ بدء عيد الفصح اليهودي هذا العام، أي أكثر من جميع المصلين اليهود الذين زاروه خلال أعياد العام الماضي. وليس من قبيل المصادفة أن يحدث ذلك في الوقت الذي صوّتت فيه المحكمة العليا الإسرائيلية بالإجماع على رفض التماس قدمته عدة منظمات حقوق إنسان تطالب باستئناف إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.

إن إسرائيل، بجميع أشكالها، الدينية والعلمانية، تسعى إلى إبادة الشعب الفلسطيني إبادة جماعية بكافة صورها: بشرية وجغرافية ودينية وقومية وثقافية وكافة معاني الحق في الحياة التي أقرتها المواثيق الدولية.

مصير حماس هو مصير فلسطين والفلسطينيين

إن استسلام حماس، ومعها غزة اليوم، يُعدّ استسلامًا للقضية الفلسطينية نفسها. ليس لأن جميع الفلسطينيين متدينون، أو لأن فتح لا تحظى بشعبية؛ بل لأن المقاومة تُمثل السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال. وإن حجم المعاناة التي أنزلتها إسرائيل بجميع الفلسطينيين، في غزة والضفة الغربية والقدس وداخل إسرائيل على حد سواء، يعني أن مصير حماس هو مصير فلسطين أيضًا. لكن حماس تختلف عن فتح في كونها منظمة دينية. لقد بدأت هذه الحرب بسبب اقتحامات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى. وقد لجأ الفلسطينيون في غزة إلى دينهم لفهم المذبحة التي تعرضوا لها.

المقاومة هي الحمض النووي للشعب الفلسطيني

ترتكز الروح الفلسطينية على مقاومة إسرائيل، وتبني هويتها بأكملها على معارضتها. روح يمكن صياغتها في جملة واحدة: إسرائيل هي الشر الكوني النهائي، وهي مصدر كل ما هو خطأ في العالم، ومعنى الحياة بالنسبة للفلسطيني هو محاربة إسرائيل والتضحية بالنفس لإحداث أكبر قدر ممكن من الدمار فيها. وهو معنى أكده زعيم حماس في خطاب ألقاه بعد إعلان وقف إطلاق النار، قائلاً: "سنمضي على نهج القادة الشهداء حتى ننال النصر أو الشهادة إن شاء الله".

من وجهة النظر الفلسطينية، كل خسارة في حياة المقاومة هي تضحية من أجل القضية الأسمى، مما يجعل التضحية ليست مقدسة فحسب، بل سببًا للاحتفال أيضًا. وكلما زادت معاناة الفلسطينيين، زاد "صمودهم" أو قدرتهم على الصمود.

في هذا الإطار الفكري، يكاد يكون من المستحيل ردع الفلسطينيين، لأنهم لا يربطون بين الفعل والنتيجة. إنهم يرون المعاناة التي يتحملونها هي جزء من الثمن الذي يدفعونه مقابل "صمودهم" البطولي. وهم يوقنون بأن غزة سيُعاد بناؤها في المستقبل، وأنهم سينتصرون. ويتجلى شعار "الليل أحلك ما يكون قبل الفجر" في معظم مقاطع الفيديو الدعائية الصادرة من غزة هذه الأيام. لهذا السبب يعتبرون أنفسهم منتصرين حقًا.

إن الصبر ، أو الصمود، هو من ثوابت الفكر الإسلامي التي يعتمدها الفلسطينيون. صبر يعني أنه يمكنك الفوز على أي خصم إذا راهنت على الوقت وكنت أكثر تصميمًا منه. قد تعاني أكثر من خصمك؛ لكن إذا تمكنت من الصمود، فستنتصر في النهاية. قال باسم نعيم، أحد مسؤولي حماس: "إن الضربة التي بدأت في السابع من أكتوبر، وما تلاها من صمود ومقاومة، تثبت أن الشعوب قادرة على توفير الوسائل والظروف التي تناسبها لتحقيق أهدافها العظيمة في الحرية والاستقلال". وقال أيضا: "سيبقى السابع من أكتوبر مصدر فخر لشعبنا ومقاومتنا". وهذا يؤكد إيمانهم بأن المقاومة تُثمر بالفعل، لقد حققت حماس مكاسب سياسية في غزة والضفة الغربية من خلال "تحقيق" إطلاق سراح الإرهابيين من جميع الفصائل كجزء من الصفقة.

خلاصتان مهمتان

في ختام هذا المقال عن أسباب هذا الصمود الرائع والمذهل لغزة ومقاومتها الباسلة، نورد خلاصتان مهمتان ترتبطان بمستقبل الصراع ونتيجة المواجهة:

أولا ـ حماس أقوى استراتيجيا:

قال هاريسون مورجان في ختام دراسته: "الهزيمة السريعة لحزب الله ـ الذي كان يُعتبر في السابق ألد أعداء إسرائيل ـ تناقضت بشكل صارخ مع صمود حماس في غزة، وهي مفارقة استراتيجية صادمة لا تقل عن انتصارات الجيش الألماني المبكرة في الحرب العالمية الثانية، وتبرز عدم القدرة على التنبؤ بالحرب ومخاطر الاعتماد على افتراضات ما قبل المعركة. وقد أثبت أسر حماس لـ 251 رهينة في نهاية المطاف أنها أقوى استراتيجيًا من معظم ترسانة حزب الله، حيث أجبر الضغط الشعبي داخل إسرائيل الحكومة على التفاوض على إطلاق سراحهم، مما أثر على مسار الحرب.

بالنسبة للمتخصصين العسكريين، تُسلط هذه الحرب الضوء على مخاطر الافتراضات في الحرب، فقدرة حماس على مواجهة حملة إسرائيلية مدمرة في غزة والصمود أمام هذه الحرب الشاملة يجب أن تُشكِّل تحديًا للافتراضات حول إمكانيات المقاومة وقدراتها على تحمل صراع مُستدام. ولذلك، فمن المُرجَّح لن يكون "السابع من أكتوبر" القادم كالسابع من أكتوبر الحالي".

ثانيا ـ الشعب باق وإسرائيل إلى اضمحلال وزوال:

يقول مارك ليفين وإريك تشيفيتز بجامعة كاليفورنيا والمتخصصان في الإبادة الجماعية: "بغض النظر عن عدد من تقتلهم إسرائيل أو تشوههم أو تسجنهم أو تطردهم، فإن أي إبادة جماعية شبه كاملة للشعب الفلسطيني لن تدفعهم إلى "التخلي" عن هويته الوطنية وأحلامه. والنتيجة الأكثر ترجيحا هي أن إسرائيل، من خلال محاولتها تحقيق هذا الهدف المستحيل والإجرامي تماما، سوف تدمر نفسها، أو على الأقل ستنفي نفسها من المجتمع الدولي".

مقالات مشابهة

  • عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
  • لبنان يحذّر حماس من تنفيذ أعمال تمس بسيادته وأمنه
  • أول تعليق من حماس على هجوم مسيّرات الاحتلال ضد أسطول الحرية
  • حجة.. خريجو “طوفان الأقصى” في كحلان عفار يجسدون الجاهزية بمسير ومناورة ميدانية
  • حماس تحذر من مخطط الاحتلال لتغيير معالم شمال الضفة الغربية
  • مسير ومناورة لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في كحلان عفار
  • "حماس" تدين الموقف الأمريكي الداعم لقرار إسرائيل حظر عمل وكالة الأونروا
  • حماس تدين الموقف الأمريكي تجاه الأونروا
  • سويسرا تحظر حركة المقاومة الفلسطينية حمـ.ـاس
  • غزة العصية على الانكسار.. قراءة إسرائيلية وغربية لصمودها الأسطوري