عام على اندلاع معركة طوفان الأقصى الذي دعا فيه رئيس هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف الأمة العربية والإسلامية والجبهات المحيطة لكنس الاحتلال، ودعا فيه الشعوب العربية والإسلامية للزحف نحو فلسطين.

في المقابل لم تكن الصورة على الأرض كما تمناها ودعا إليها الضيف، كما لم تلعب الدول العربية خصوصا دول الطوق دورا في المعركة ولا حتى دورا في إيقافها.



ودول الطوق العربي هو مصطلح أطلقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في ستينيات القرن العشرين على الدول العربية التي تحيط بفلسطين المحتلة وهي كل من لبنان وسوريا والأردن و مصر.



التقرير التالي يوضح مواقف الدول الطوق: الأردن ومصر ولبنان وسوريا من معركة طوفان الأقصى خلال الاثني عشر شهرا الماضية.

الأردن: اشتباك سياسي وتعاون اقتصادي
يملك الأردن أطول حدود مع فلسطين المحتلة، حيث يجاورها من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها، كما أن العلاقات بين الأردن وفلسطين علاقات متداخلة جدا؛ تاريخيا وجغرافيا وديمغرافيا، حيث أصول العشائر الأردنية والفلسطينية واحد، ناهيك عن وجود نسبة كبيرة من الأردنيين من أصل فلسطيني، اكتسبوا هذه الجنسية من خلال وحدة الضفتين التي وقعت عام 1950 وانتهت رسميا عام 1988.

تفاجأ الأردن في الهجوم الذي أطلقته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وندد في البداية بقتل وأسر المدنيين الإسرائيليين، لكن الموقف بدأ يتغير مع بدء العدوان الإسرائيلي الواسع على القطاع وسقوط المزيد من الضحايا.

في المقابل كان الموقف الشعبي متقدما على الموقف الرسمي، حيث انطلقت المظاهرات المساندة لمعركة طوفان الأقصى بعد ساعات من اندلاعها، وشهدت عدة مدن أردنية خصوصا العاصمة تظاهرات حاشدة، فيما كانت هناك دعوات للتوجه للحدود.



بعد مجزرة مستشفى المعمداني في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، اتجه الموقف الأردني نحو التصعيد السياسي، وفي الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر أعلنت عمّان استدعاء سفيرها من تل أبيب، وطلبت من تل أبيب عدم إعادة السفير الإسرائيلي الذي غادر المملكة سابقا.


أصبح موقف الأردن أكثر وضوحا، فهو يندد بالهجوم الإسرائيلي على القطاع، ويطالب بوقف العدوان وإيصال المساعدات، ويحذر من تفاقم الأوضاع واندلاع حرب شاملة.

وبعد حرب التجويع التي فرضها الاحتلال على شمال قطاع غزة، بادر الأردن بإنزال المساعدات الغذائية عبر الجو، وهي المبادرة التي تبعتها فيها دول كثيرة، كما دخلت مئات الشاحنات من المساعدات عن طريق الأردن إلى شمال القطاع.

وكان واضحا الاهتمام الأردني بالحرب على قطاع غزة على أعلى المستويات، حيث اقتصر الجهد الدبلوماسي للملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية أيمن الصفدي طيلة الفترة الماضية على الوضع في غزة.

وكان الموقف الأردني حازما تجاه مسألة تهجير أهالي قطاع غزة معلنا أن ذلك خطا أحمر، وتجاه مسألة تواجد قوات أردنية أو عربية في القطاع، معلنا رفضه لتلك التوجهات على لسان وزير الخارجية في حزيران/ يونيو الماضي التي قال فيها: "لن ننظف وراء نتنياهو ولن نرسل قوات إلى قطاع غزة لتكون بديلا عن قوات الاحتلال الإسرائيلي".

في المقابل فقد ظل الموقف الأردني من حركة حماس على ما هو، حيث لم يجر أي اتصال سياسي مع الحركة، كما كان الموقف الأمني حازما تجاه أي محاولات لدعم المقاومة الفلسطينية وإيصال السلاح إليها. ويشار هنا إلى محاكمة عدد من الشباب في محكمة أمن الدولة بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية".

كما أشارت تقارير عبرية إلى أن التعاون الأمني بين الأردن والاحتلال لم يتأثر طيلة تلك الفترة، كما أن الجيش الأردني ظل حريصا على استقرار وهدوء الحدود.

ورغم تساهل السلطات مع التظاهرات الشعبية الداعمة للمقاومة الفلسطينية، فإنها كانت تمنع، وأحيانا باستخدام القوة والعنف، التوجه إلى الحدود، والوصول إلى السفارة الإسرائيلية وسط العاصمة.

وبحسب مراقبين فإن الموقف الأردني الذي اتسم بالاشتباك السياسي المتصاعد مع حكومة نتنياهو، لم يذهب بعيدا في الإجراءات الفعلية على الأرض، واكتفى باستدعاء سفيره من تل أبيب، لكنه لم يقطع العلاقات مع "إسرائيل" ويطرد سفيرها كما فعلت دول في أمريكا اللاتينية.

كما أن عمّان، وبحسب مراقبين، سهلت وصول البضائع لـ"إسرائيل" عبر "جسر بري" يبدأ بالإمارات مرورا بالسعودية، وظلت حدودها مفتوحة، بعد أن أثرت ضربات الحوثيين باليمن على عمليات النقل البحري للاحتلال عبر البحر الأحمر.


كما سهلت تصدير الخضار والفواكه إلى الاحتلال، الذي كان يعاني شحا كبيرا فيها جراء توقف الزراعة في شمال فلسطين المحتلة نتيجة ضربات حزب الله، وتوقف التصدير من تركيا.

ورغم نفي السلطات الأردنية لوجود ذلك الجسر، إلا أن تقارير مصورة كثيرة وشهود عيان أثبتت وجوده، فيما منعت السلطات بالقوة اقتراب محتجين من الوصول إلى المعبر ومحاولة عرقلة الشاحنات المحملة بالبضائع من الدخول.



مصر: معبر رفح يكشف مواقف النظام
في مداخلة له في صالون هزاع الثقافي، في كانون الأول/ ديسمبر، أكد اللواء ممدوح الإمام مساعد مدير المخابرات الحربية المصري السابق أن مصر لن تتعاطف سياسيا أبدا مع ما يجري في غزة، وإنما ستتعاطف إنسانيا فقط.

ويبدو أن الموقف المصري تجاه ما يجري في غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 يعكس تلك السياسة التي عبر عنها الإمام.

وبحسب مراقبين فقد عبرت مصر عن مواقف مختلفة وأحيانا متناقضة تجاه الأحداث في غزة، ففي حين أدانت العدوان الإسرائيلي وأدانت تجويع الفلسطينيين إلا أنها لم تفعل الكثير إزاء ذلك خصوصا وأنها تسيطر على معبر رفح.

بل إنها ذهبت إلى أبعد من ذلك حين استغلت مأساة أهالي غزة الذين كانوا يضطرون إلى المغادرة، حيث عملت شركة يملكها رجل أعمال مقرب من السلطات المصرية على تأمين الخروج مقابل رسوم مالية باهظة.

وبحسب تقارير فقد دخلت خزينة شركة هلا حوالي 185 مليون دولار منذ بدء العدوان على غزة وحتى آذار/ مارس الماضي من خلال عبور 37 ألف فلسطيني لمعبر رفح.

ورغم إصرار الجانب المصري أن المعبر مفتوح من الجانب المصري إلا أن صور تكدس مئات شاحنات المساعدات على معبر رفح من الجانب المصري شاهدة على الموقف الرسمي من المعبر، حيث يرى أنه لا بد من التنسيق مع الجانب الإسرائيلي لضمان أمان المساعدات.



واقتصر الدور المصري على استقبال الوفود الأجنبية والمشاركة في الوساطة بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في غزة، ووقف إطلاق النار.

وظلت العلاقة بين مصر وحركة حماس والمقاومة الفلسطينية على ما هي عليه خلال معركة طوفان الأقصى، حيث ظلت مجرد ملف أمني، كما كان للإجراءات السابقة بتهجير أهالي رفح المصرية وإنشاء عازل دورا في تقليص قدرة أهالي سيناء على مساعدة أشقائهم على الجانب الفلسطيني في القطاع، خصوصا وأن بعض العشائر مقسومة قسمين أحد أفرعها في مصر والآخر في غزة.


وزاد الجيش المصري من رقابته على الحدود لمنع أي تسلل أو تهريب للسلاح لداخل القطاع، وكذلك لمنع أي هجرة جماعية للفلسطينيين تجاه سيناء.

ورغم سقوط شهداء من الجيش المصري جراء عمليات جيش الاحتلال في منطقة رفح من بينهم الجندي عبدالله رمضان عشرى، إلا أن سياسة ضبط النفس ظلت هي السائدة في الجانب المصري.



ومع احتلال القوات الإسرائيلية لمعبر رفح ومحور فيلادلفيا العازل بين مصر والقطاع بالكامل، انتقلت مصر إلى الداعين لانسحاب الاحتلال من هناك دون اتخاذ أي إجراءات عقابية برغم أن ذلك يعد خرقا لاتفاقية كامب ديفيد، بحسب مراقبين.

داخليا عملت السلطات المصرية على منع أي مظاهر للتعاطف والتضامن مع المقاومة الفلسطينية، وكان لافتا خلو مصر من أي تظاهرات تضامنية مع غزة طيلة الفترة الماضية، كما كان لافتا الهجوم الإعلامي بين فترة وأخرى من إعلاميين محسوبين على النظام المصري على المقاومة وحركة حماس، وذلك بالتزامن مع أي دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمصر لفتح معبر رفح لإدخال المساعدات.

سوريا: موقف بارد غامض
تفاعل النظام السوري بفتور مع الحرب في غزة؛ حيث اكتفى بعد عملية "طوفان الأقصى" بإصدار بيان، ربط فيه بين عملية "طوفان الأقصى" وحرب تشرين.

توقع كثيرون أن تكون الساحة السورية خصوصا القريبة من الجولان المحتل هي الساحة الأكثر تفاعلا مع معركة طوفان الأقصى، نظرا لقربها من المواقع الإسرائيلية ووجود الفصائل المقربة من إيران وحزب الله وكذلك بعض الفصائل الفلسطينية المدعومة من النظام السوري هناك.

إلا أن الواقع يشير إلى أن تلك الجبهة هي الأضعف إذا ما قورنت بجبهة جنوب لبنان واليمن وحتى العراق.

و بحسب تقرير لمركز جسور للدراسات (مقرب من المعارضة السورية)، فقد انتهج النظام سياسة التجاهُل على المستوى السياسي؛ حيث لم يَقُمْ بشار الأسد منذ ذلك الحين بأي ظهور إعلامي، وينطبق الأمر ذاته على وزير الخارجية، الذي لم يُجرِ سوى عدّة تصريحات ولقاءات منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر،

وبحسب التقرير فإنه على المستوى الإعلامي، اكتفى النظام بتغطية الحرب، والتركيز على ما تقوم به إسرائيل من فظائع هناك، مع تجاهُل تامّ لحركة حماس، التي تتصدّر المشهد السياسي الفلسطيني خلال الحرب بشكل مطلق، في هذا السياق يُلاحظ غياب اسم "حماس" في وكالة "سانا" للأنباء الرسمية منذ أعوام.


لكن التغطية الإعلامية لوسائل الإعلام التابعة للنظام السوري تُميز بين حماس وكتائب القسام، حيث يتم ذكر اسم الكتائب، عبر وصفها بـ "كتائب القسام في المقاومة الفلسطينية" -مع أن "سانا" تتجنب ذكر الاسم ما أمكن- حيث لم يذكر منذ بداية كانون الثاني/ يناير 2024 -وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير- سوى مرة واحدة. وهو ما ينسجم مع موقف النظام الذي اعتمده منذ سنوات، والذي يقوم على التمييز بين ما يصفه بـ "الجناح المقاوم" و"الجناح الإخواني" في حركة حماس.

على المستوى الداخلي عمل النظام منذ بداية الحرب على فرض رقابة أمنية شديدة على المخيمات الفلسطينية لمنع خروج المظاهرات الرافضة للحرب، كما لم تشهد المدن السورية أي مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، والتي اعتاد النظام على تنظيمها في مثل هذه المناسبات.

عملياً يتعلّق موقف النظام من حرب غزة أساساً بالموقف من حماس، فالنظام لا يملك أصلاً القدرة على القيام بأي عمل عدائي من الناحية العسكرية تجاه "إسرائيل"، ولا حتى على وَقْف الأعمال العدائية الإسرائيلية على أراضيه، كما أنه لم يَقُمْ حتى باستخدام الهوامش المتسامَح فيها دولياً، والتي استخدمها كل حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة، من السماح بالمظاهرات.

وبحسب الباحث في الشؤون الإيرانية محمود البازي في مقال له في "الجزيرة نت"، فإن موقف سوريا من طوفان الأقصى والذي يميل إلى السكون، يشكِّل امتدادًا لمفاوضاتها غير المباشرة مع "إسرائيل" من خلال الوساطة التركية، في أيار/ أيار 2008، ورغبتها آنذاك في استرجاع الجولان دون الخوض في مواجهات عسكرية. ومع تطور الظروف، يبدو صمت سوريا الحالي بمنزلة مقدمة إستراتيجية لموقف جديد، يأخذ بالاعتبار التفاوض مستقبلًا مع "إسرائيل".

لبنان: معادلة داخلية معقدة
برغم المعادلة الداخلية المعقدة، إلا أن لبنان كان الساحة الأكثر اشتباكا مع معركة طوفان الأقصى، حيث بدأ حزب الله بعد يوم واحد فقط من انطلاق المعركة في إطلاق القذائف الصاروخية تجاه مواقع إسرائيلية قريبة من الحدود اللبنانية.

وقال حزب الله في بيان بأنّه "تضامناً مع المقاومة الفلسطينية المظفرة والشعب الفلسطيني المجاهد والصابر، قامت مجموعات الشهيد القائد عماد مغنية في المقاومة الإسلامية صباحاً بالهجوم على ثلاثة مواقع، هي موقع الرادار وزبدين ورويسات العلم، بأعداد كبيرة من القذائف المدفعية والصواريخ الموجّهة"، مدشنا بذلك ما قال إنه معركة إسناد للمقاومة الفلسطينية في غزة.



لكن موقف حزب الله لا يظهر الصورة كاملة في لبنان، فبحسب الكاتب اللبناني قاسم قصير في مجلة "الأمان" فإنه "في حين تجمع معظم الأطراف اللبنانية على دعم الشعب الفلسطيني وإدانة المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني بحق هذا الشعب، فإن بعض الأطراف وخصوصا حزب الله والجماعة الإسلامية وبعض الأطراف الوطنية تدعو للانخراط في هذه المعركة دفاعا عن لبنان وفلسطين مهما كانت التضحيات، وهناك أطراف أخرى تؤيد دعم المقاومة لكنها تحذر من تداعيات ذلك وخاصة الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، في حين أن أطرافا أخرى ( القوات اللبنانية والكتائب وقوى المعارضة) تحذر من جر لبنان إلى معركة كبرى وتدعو لتحييد لبنان عن الصراع".

ولم تقتصر جبهة إسناد جنوب لبنان على حزب الله فقد شاركت الجماعة الإسلامية اللبنانية وكذلك كتائب القسام في لبنان في المعركة، وبالطبع ما كان هذا ليكون لولا الضوء الأخضر من حزب الله.


ومع رفض الاحتلال ربط ما يجري بغزة بما يجري بلبنان، فقد صعد من عدوانه تجاه حزب الله في محاولة لفك الارتباط بين جبهتي غزة وجنوب لبنان، ما أدى إلى اتساع المواجهة في المنطقة وصلت حد تنفيذ عمليات عدوانية واسعة ضد حزب الله فيما يعرف بتفجير أجهزة اتصال "البيجر" التي راح ضحيتها شهداء وآلاف الجرحى، وكذلك اغتيال قادة وحدة الرضوان عبر غارة عنيفة على عمارات سكنية في ضاحية بيروت أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 شخصا بينهم نساء وأطفال، واغتيال الأمين العام للحزب حسن نصر الله، ما حدا بحزب الله لتوسيع نطاق هجماته لتصل مدينة حيفا المحتلة، وفتح ما وصفه بمعركة "الحساب المفتوح".



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية فلسطين دول الطوق غزة فلسطين غزة دول الطوق عام على الطوفان المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة معرکة طوفان الأقصى الموقف الأردنی الجانب المصری موقف الأردن تشرین الأول حزب الله معبر رفح قطاع غزة ما یجری إلا أن کما أن فی غزة ما کان

إقرأ أيضاً:

القوات الإسرائيلية تقتحم مستشفى جنين وتعتقل فلسطينيًا .. وحماس: المقاومة مستمرة رغم بطش الاحتلال

عواصم. «د ب أ» «رويترز» اقتحمت القوات الإسرائيلية، اليوم مستشفى جنين الحكومي بالضفة الغربية.

ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية ( وفا ) عن شهود عيان قولهم إن «عددا من جنود جيش الاحتلال اقتحموا قسمي الطوارئ والتسجيل في المستشفى أثناء وجود عدد من المواطنين والمراجعين، ما أدى إلى حالة من الخوف والهلع بين صفوفهم، واعتقلوا فتى لم تعرف هويته، واحتجزوا أحد العاملين لفترة من الزمن».

ووفق الوكالة، «يتواصل لليوم الـ84، عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها، مخلفا 36 شهيدا، وعشرات الإصابات والمعتقلين».

كما شددت القوات الإسرائيلية، اليوم إغلاقها لبلدة الظاهرية وكل طرق بلدات جنوب محافظة الخليل، وفق مصادر محلية.

ونقلت وكالة «وفا» عن المصادر قولها: إن «قوات الاحتلال أغلقت الطرق المؤدية إلى بلدة الظاهرية، واقتحمت عدة أحياء فيها، بدعوى البحث عن منفذ عملية دهس قرب مستعمرة عتنيئيل المقامة على أراضي قرية كرمة جنوب الخليل».

وأشارت إلى «إغلاق قوات الاحتلال مدخل بلدة دورا الشرقي وكل الطرق المؤدية إلى الشارع الرئيسي الذي يربط بلدات الجنوب بمدينة الخليل».

وأفادت الإذاعة الإسرائيلية بإصابة مجندة في عملية دهس نفذها فلسطيني قرب الظاهرية جنوب الخليل قبل انسحابه من المكان.

وأكدت حركة حماس أن «عملية الدهس التي وقعت صباح اليوم في منطقة الظاهرة جنوبي الخليل، هي دلالة واضحة على أن المقاومة مستمرة رغم بطش الاحتلال وكل محاولاته المستميتة لتحييدها في الضفة الغربية».

وقالت حماس، في بيان أورده المركز الفلسطيني للإعلام ، إن «هذا العمل البطولي يأتي في سياق الرد الطبيعي على ما يرتكبه الاحتلال من عدوان غاشم وجرائم متواصلة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة وخاصة في محافظاتها الشمالية، ومن استمرار عمليات التهويد ومحاولة السيطرة على المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي ومقدساتنا الإسلامية».

وشددت على أن «الضفة الغربية وكل أرض فلسطين ستبقى على عهد الوفاء للشهداء والأسرى، وأن ضربات المقاومة ستبقى مستمرة حتى زوال الاحتلال ونيل شعبنا لحريته وحقوقه». ودعت الجماهير في الضفة إلى «مزيد من الصمود والثبات، وتصعيد المواجهة والتصدي للاحتلال ومستوطنيه، ومواصلة الاشتباك والتصدي لهذا الكيان الغاصب حتى دحره عن أرضنا ومقدساتنا».

لا انفراجة

قالت مصادر فلسطينية ومصرية اليوم: إن أحدث جولة من المحادثات في القاهرة للعودة إلى وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين انتهت دون أن تلوح في الأفق أي انفراجة.

وذكرت المصادر أن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) متمسكة بضرورة أن يؤدي أي اتفاق إلى وقف الحرب على غزة.

وقالت إسرائيل التي استأنفت حملتها العسكرية على القطاع الشهر الماضي بعد انهيار وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في يناير: إنها لن توقف الحرب قبل القضاء على حماس التي استبعدت أي مقترح ينطوي على نزع سلاحها.

لكن رغم هذا الخلاف الجوهري، قالت المصادر: إن وفد حماس بقيادة خليل الحية رئيس الحركة في غزة أبدى بعض المرونة فيما يتعلق بعدد الرهائن الذين يمكن أن تطلق الحركة سراحهم مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين تحتجزهم إسرائيل في حالة تمديد الهدنة.

وقال مصدر مصري لرويترز: إن أحدث مقترحات تمديد الهدنة ينطوي على أن تفرج حماس عن عدد أكبر من الرهائن.

وصرح الوزير الإسرائيلي زئيف إلكين، وهو عضو في مجلس الوزراء الأمني بحكومة بنيامين نتنياهو، لإذاعة الجيش الإسرائيلي اليوم بأن إسرائيل تسعى لتحرير نحو عشرة رهائن بدلا من خمسة كانت حماس قد وافقت من قبل على إطلاق سراحهم.

وقال المصدر المصري: إن حماس طلبت مزيدا من الوقت للرد على أحدث مقترح.

وأضاف: «لا توجد عند حماس مشكلة لكنها تطالب بضمانات أن توافق إسرائيل على بدء التفاوض بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار» التي من شأنها إنهاء الحرب.

ضربات جوية

أطلقت حماس سراح 33 رهينة إسرائيلية مقابل مئات السجناء والمعتقلين الفلسطينيين في المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار التي استمرت ستة أسابيع، والتي بدأت في يناير كانون الثاني.

لكن المرحلة الثانية، التي كان من المفترض أن تبدأ في أوائل مارس وتقود لوقف نهائي للحرب، لم تدخل حيز التنفيذ قط.

وقتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 1500 فلسطيني منذ استئناف عملياتها العسكرية على قطاع غزة الشهر الماضي، كثير منهم من المدنيين وأصدرت أوامر إخلاء جديدة دفعت لنزوح مئات الآلاف واستولت على مساحات كبيرة من الأراضي وفرضت حصارا شاملا على الإمدادات إلى جميع مناطق قطاع غزة.

ولا يزال هناك 59 رهينة لدى حماس. وتعتقد إسرائيل أن نحو 24 منهم لا يزالون على قيد الحياة. ويقول الفلسطينيون: إن موجة الهجمات الإسرائيلية منذ انهيار وقف إطلاق النار واحدة من أعنف الموجات وأكثرها دموية منذ بدء الحرب على السكان الذين صاروا يعيشون بين أنقاض القطاع.

وفي جباليا بشمال القطاع، عكف موظفو الإغاثة على تكسير الخرسانة بمطارق ثقيلة لانتشال جثث مدفونة تحت مبنى انهار جراء ضربة إسرائيلية.

وبرزت أقدام ويد أحد الأشخاص من تحت كتلة خرسانية. وحمل رجال جثة ملفوفة ببطانية. وقال عدد من العاملين في الموقع: إن ما يصل إلى 25 شخصا قتلوا.

وقال إسماعيل الرقب الذي عاد إلى المنطقة بعد فرار أسرته من الضربة قبل الفجر «كنا نعيش في منازل، ثم طالها الدمار. والآن دمرت خيامنا أيضا. لا نعرف أين نعيش».

زيادة الدعم للسلطة

قالت المفوضة الأوروبية المعنية بشؤون الشرق الأوسط لرويترز في مقابلة: إن الاتحاد الأوروبي يعتزم زيادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية بحزمة تبلغ نحو 1.6 مليار يورو (1.8 مليار دولار) على مدى ثلاثة أعوام.

وقالت دوبرافكا سويتشا، مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر المتوسط: إن الدعم المالي سيسير جنبا إلى جنب مع إصلاحات السلطة الفلسطينية التي تواجه اتهامات من منتقديها بالفساد وسوء الإدارة.

وقالت سويتشا: «نريد منهم أن يصلحوا أنفسهم، لأن بدون الإصلاح لن يكونوا أقوياء أو محل ثقة بما يكفي للحوار، ليس فقط بالنسبة لنا، بل أيضا بالنسبة لإسرائيل».

تأتي تصريحات المفوضة الأوروبية قبل أول «حوار سياسي رفيع المستوى» بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي وكبار المسؤولين الفلسطينيين، ومنهم رئيس الوزراء محمد مصطفى، في لوكسمبورج.

الاتحاد الأوروبي هو أكبر مانح للفلسطينيين، ويأمل مسؤولو التكتل أن تتولى السلطة الفلسطينية التي تدير الضفة الغربية المسؤولية في قطاع غزة يوما ما بعد انتهاء الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).

لكن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفضت حتى الآن فكرة تسليم غزة للسلطة الفلسطينية، وتجنبت هدف الاتحاد الأوروبي الأوسع المتمثل في حل الدولتين، والذي يشمل إقامة دولة فلسطينية.

وقالت سويتشا: إن 620 مليون يورو ستذهب إلى الدعم المالي وإصلاح السلطة الفلسطينية و576 مليون يورو ستخصص «للتكيف والتعافي» في الضفة الغربية وغزة و400 مليون يورو ستأتي في شكل قروض من بنك الاستثمار الأوروبي، وسيكون ذلك رهنا بموافقة مجلس إدارته.

وقالت: إن متوسط دعم الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية بلغ نحو 400 مليون يورو على مدى السنوات الاثني عشرة الماضية.

وأضافت: «نحن نستثمر الآن بطريقة موثوقة في السلطة الفلسطينية».

مقالات مشابهة

  • هل يمكن “نزع سلاح المقاومة” بغزة؟.. محللون يجيبون
  • ماذا وراء الحديث عن نزع سلاح المقاومة كشرط لوقف الحرب في غزة؟
  • قناة مصرية تحذف خبرها عن مقترح نزع سلاح المقاومة.. نشرت بديلاً معدلاً
  • حماس: الرد على مقترح التهدئة الإسرائيلي خلال 48 ساعة
  • القاهرة الإخبارية تحدث خبرها بشأن تسليم حماس ورقة إسرائيلية
  • المعجزة والكرامة والإهانة
  • تقديم مقترح جديد لحماس يشترط "نزع سلاح المقاومة".. والحركة ترفض
  • القوات الإسرائيلية تقتحم مستشفى جنين وتعتقل فلسطينيًا .. وحماس: المقاومة مستمرة رغم بطش الاحتلال
  • مقترح مصري جديد يتضمن نزع سلاح المقاومة وحماس ترد بالرفض
  • طوفان الأقصى.. مفاجأة كبرى تعيد تشكيل قواعد الاشتباك.. تحول استراتيجي