قبل أيام، اجتمع التحالف العالمي ضد داعش الذي تشارك فيه غالبية دول العالم، ويمكن اعتبار هذا التحالف العالمي هو الأكثر نجاحاً في السنوات العشر الماضية، إرادة سياسية أممية والتزام عسكري أدى إلى هزيمة داعش، بعد أن احتُلت مدينة من أكثر المدن عراقة في التاريخ العربي، مدينة الموصل في العراق.
الدرس الأول المستفاد من الحرب على داعش هو ألا ننتظر حتى يتشكل كيان مثل داعش، كالورم الخبيث الذي يجب استئصاله، ولكن لا ضمانة بأنه لن يعود.
المشهد اليوم على خريطة العالم العربي الكبير هو نزيف مستمر، في غزة ولبنان والسودان وغيرها، وإن لم يتوقف فستُخلق قاعدة جماهيرية من الملايين على امتداد بلاد المنطقة أكثر تطرفاً مما عرفنا أو شهدنا.
هذه الملايين هي جزء من الشباب العربي، ولكن ما يجمعهم والقاسم المشترك بينهم هو أنهم يؤمنون بنفس الفكر الداعشي الذي رأينا كيف يمكنه الانتشار في غفلة من العالم.
علينا ألا ننسى كيف استباح الداعشيون الموصل، وكانوا يسجلون ويوثقون وحشيتهم لتصل الرسالة إلى كل شعوب الأرض، كيف يتم قتل كرامة الانسان، وفي كل فيديو تزيد داعش من جرعة الوحشية في التعذيب والتنكيل والقتل وتزرع الخوف في قلوب الناس.
لا تلتئم جروح الحروب مع توقف إطلاق الرصاص، فبعد صمت البنادق يبدأ التحقق من حجم الدمار، وهو الجانب المرئي من الصورة، ويمكن التعامل معه مباشرة، وعملياً بعد حصر كل الأضرار المادية توضع الخطط لإعادة الإعمار، شريطة الاتفاق على المسار السياسي.
ولكن الجانب غير المرئي هو الأخطر، وهذا الجانب الخفي لا يمكن حتى قياسه لتقدير حجم تأثيره على الشعوب التي تعيش تحت الحروب، وهو يتمثل في المآسي والجروح النفسية التي تترك أثرها خصوصاً على الأطفال، جروح غائرة تبقى في الذاكرة وتحتاج لسنوات طويلة لتندمل.
يرى البعض أنه ليس من السهل على الشباب الذين خاضوا تجارب الحروب المريرة أن ينقذوا أنفسهم، وبالتالي لن يستطيعوا إنقاذ بلادهم، ولعل تاريخ لبنان منذ اندلاع حربه الأهلية قبل نصف قرن إلى الآن هو دليل على صحة من يعتقدون ذلك .
لسان الحال اليوم يقول لكل لبناني: "إن أردت أن تنجو أنت ومن تحب فعليك أن تغادر لبنان وتبدأ حياة جديدة، في أي أرض من بقاع الأرض، بعيداً عن أرزك وزيتونك وكل جميل تحبه في لبنان."
إحدى المآسي التي سمعتها من سنوات عن الحرب الأهلية وكأنني سمعتها البارحة، هي عن طفلة لبنانية لم يتجاوز عمرها السبع سنوات، عندما اضطرت للهروب من لبنان إلى قبرص مع أبيها وأمها وإخوتها مختبئين في باخرة بضائع.
تقول محدثتي عن تجربتها: "ما زلت أشعر برعشة الخوف في جسدي عندما أسترجع صراخ عمال مرفأ بيوت وهم يحاولون دفعنا للمشي بسرعة لركوب الباخرة، والاختباء في إحدى الحاويات التي تآكلت من الصدأ ".
تكمل قائلة "داخل الحاوية عتمة بالمرة، وفي صوتين بس، صوت جاي من بره وهو صوت القذائف والانفجارات، والصوت الثاني من داخل الحاوية وهو صوت بكا الأطفال الخايفين".
تمسح دمعة لم تستأذنها وتقول بصوت تخنقه العبرة: "40 سنة مروا من ظهرت من الحاوية وصوت بكا الأطفال بعده بأذني ".
ما الذي يمكن عمله؟ وكيف نستطيع أن نخاطب برسائلنا شعوب العالم، لكي ينصتوا لبكاء الأطفال الخائفين في غزة ولبنان والسودان من داخل حاوياتهم المظلمة؟
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عام على حرب غزة إسرائيل وحزب الله أحداث السودان
إقرأ أيضاً:
دراسة: كمية المياه التي تفقدها الأنهار الجليدية تعادل ما يستهلكه سكان العالم في 3 عقود
كشفت دراسة علمية حديثة أن الأنهار الجليدية حول العالم تذوب بمعدل أسرع من أي وقت مضى بسبب تغير المناخ، ما يؤدي إلى تداعيات بيئية خطيرة تهدد حياة الملايين من الأشخاص.
منذ عام 2000، فقدت الأنهار الجليدية أكثر من 6,500 مليار طن من الجليد، ما يعادل حوالي 270 مليار طن سنويًا، وهو ما أدى إلى رفع مستوى سطح البحر بمقدار 2 سنتيمتر تقريبًا، وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة "Nature".
ويقول المشرف على الدراسة مايكل زمب إن 270 طنا من الجليد يعادل كميات الماء الذي يستهلكه سكان الكرة الأرضية على مدى 30 عاما إذا افترضنا أن كل شخص يستهلك 3 لترات يوميا.
وأشارت الدراسة إلى أن الأنهار الجليدية تذوب بمعدل تسارع أكبر فيالعقد الأخير. ففي الفترة بين عامي 2000 و2011، كانت الأنهار الجليدية تذوب بمعدل 231 مليار طن من الجليد سنويًا.
أما بين عامي 2012 و2023، فقد زادت هذه المعدلات إلى 314 مليار طن سنويًا، مما يمثل زيادة بنسبة تزيد عن ثلث المعدلات السابقة.
في عام 2023، سجلت الأنهار الجليديةأعلى نسبة فقدان للكتلة الجليدية، حيث تم ذوبان حوالي 548 مليار طن. وتشير البيانات إلى أن فقدان الكتلة الجليدية في المناطق الجبلية الأوروبية مثل جبال الألب يعد من الأعلى، حيث فقدت نحو 40% من الجليد الذي يكسوها منذ عام 2000.
كما تعرضت مناطق أخرى مثل الشرق الأوسط ونيوزيلندا وغرب أمريكا الشمالية لانخفاضات في كمية الجليد تتجاوز 20%.
يساهم الذوبان المستمر للأنهار الجليدية بشكل كبير في ارتفاع مستويات البحار، حيث يؤدي ذلك إلى تهديد المناطق الساحلية حول العالم بالفيضانات.
فقد رفعت المياه الذائبة من الأنهار الجليدية مستويات البحار بمقدار 2 سنتيمتر منذ عام 2000، ما يجعلها ثاني أكبر عامل في ارتفاع مستويات البحر بعد تمدد المياه بسبب حرارة المحيطات.
"كل سنتيمتر من ارتفاع مستوى البحر يعرض ملايين الأشخاص لمخاطر الفيضانات السنوية في مناطق مختلفة من العالم"، كما أشار البروفيسور آندي شيبرد، رئيس قسم الجغرافيا والبيئة في جامعة نورثومبريا بالمملكة المتحدة.
وخلصت الدراسة إلى أنالأنهار الجليدية ستستمر في الذوبان في المستقبل القريب، حتى إذا تم اتخاذ تدابير أكبر للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وذلك بسبب أن الأنهار الجليدية تستجيب ببطءللتغيرات المناخية. وفي ظل هذه الحالة، فإن المستقبل سيشهد استمرار تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المحلية والموارد الطبيعية.
وبينما تتزايد العواقب، تحذر الدراسة من أن مستقبل الأنهار الجليدية يعتمد بشكل كبير على استجابة البشر لتغير المناخ. حيث يُتوقع أن يساهم الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية في إنقاذ جزء كبير من الأنهار الجليدية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية النرويج: حمامات الجليد الجماعية في بيرغن فوائد صحية جمة ووجهة عشاق السباحة وإحساس استثنائي بالانتعاش هاربين تُدهش العالم بمسابقة النحت على الجليد: لوحات بيضاء ساحرة تخطف الأنفاس كرواتيا: كيف تكسر الجليد في العام الجديد؟ العشرات يسبحون في المياه المتجمدة احتفالا برأس السنة فيضانات - سيولالغازذوبان الجليدنيوزيلندادراسةالمناخ