العبور العظيم وطوفان الأقصى.. ضربات جعلت إسرائيل تتمنى حذف شهر أكتوبر من التقويم
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
نصر أكتوبر.. تتابع الضربات العظيمة التي يقف أمامها الكيان الصيهوني مكبل الأيدي، إلا أن تلك الضربات لم تأتي سوى في شهر أكتوبر العظيم، فبعد سنوات من الهزيمة الساحقة التي تلقاها الاحتلال على يد الجيش المصري في حرب 6 أكتوبر 1973، جاءت عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حركة لتخلد ذكرى نصر أكتوبر، ولتسطر نقطة سوداء جديدة في تاريخ الكيان المحتل.
وتعد حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان كما تعرف في مصر أو حرب تشرين التحريرية كما تعرف في سوريا أو حرب يوم الغفران كما تعرف في إسرائيل، حربا شنتها كل من مصر وسوريا في وقتٍ واحدٍ على إسرائيل عام 1973، وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948 «حرب فلسطين» وحرب 1956 «حرب السويس» وحرب 1967 «حرب الستة أيام»، بخلاف حرب الاستنزاف «1967-1970»، التي لم تكن مواجهات عسكرية مباشرة ومستمرة بين الطرفين ولكن غارات وعمليات عسكرية متفرقة، وكانت إسرائيل في الحرب الثالثة «حرب 1967» قد احتلت شبه جزيرة سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري.
بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق 10 رمضان 1393 هـ بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية، أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة، وقد ساهمت في الحرب بعض الدول العربية سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي.
عقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية أهدافها من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت 20 كم شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من التوغل إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا. أما في نهاية الحرب فقد تمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق بعض الإنجازات، فعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر للضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني ومدينة السويس ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسبَ استراتيجيةٍ سواءً باحتلال مدينتي الإسماعيلية أو السويس أو تدمير الجيش الثالث أو إجبار القوات المصرية على الانسحاب إلى الضفة الغربية مرة أخرى، أما على الجبهة السورية فتمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان واحتلالها مرة أخرى.
تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لتعويض خسائر الأطراف المتحاربة، فمدت الولايات المتحدة جسراً جوياً لإسرائيل بلغ إجمالي ما نقل عبره 27895 طناً، في حين مد الاتحاد السوفيتي جسراً جوياً لكل من مصر وسوريا بلغ إجمالي ما نقل عبره 15000 طن إضافة إلى نحو 63، 000 طن من الأسلحة عن طريق البحر وصلت قبل وقف إطلاق النار، نقل أكثرها إلى سوريا.
انتهت الحرب رسمياً مع نهاية يوم 24 أكتوبر من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ على الجبهة المصرية فعليّاً حتى 28 أكتوبر. على الجبهة المصرية حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية، وعلى الرغم من حصار الجيش المصري الثالث شرق القناة، فقد وقفت القوات الإسرائيلية، كذلك عاجزة عن السيطرة على مدينتي السويس والإسماعيلية غرب القناة. تلى ذلك مباحثات الكيلو 101 واتفاقيتي فض اشتباك، ثُمّ جرى لاحقاً بعد سنوات توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979، واسترداد مصر لسيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس في 25 أبريل 1982، ما عدا طابا التي تم تحريرها عن طريق التحكيم الدولي في 19 مارس 1989. أمّا على الجبهة السوريّة، فقد وسّع الجيش الإسرائيلي الأراضي التي يحتلها وتمدد حوالي 500 كم2 وراء حدود عام 1967، فيما عُرف باسم جيب سعسع، وتلى ذلك حدوث حرب استنزاف بين الجانبين السوري والإسرائيلي استمرت 82 يوماً في العام التالي، وانتهت باتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، والتي نصت على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي سيطرت عليها في حرب أكتوبر، ومن مدينة القنيطرة، بالإضافة لإقامة حزام أمني منزوع السلاح على طول خط الحدود الفاصل بين الجانب السوري والأراضي التي تحتلها إسرائيل.
وتعد عملية طوفان الأقصى، عملية عسكرية مُمتدة شنَّتها فصائلُ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعَلى رأسِها حركة حماس عَبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدّين القسام في أوّل ساعات الصباح من يوم السبت 7 أكتوبر 2023 م الموافق لـ 22 ربيع الأوَّل 1445 هـ، إذ أعلَن القائِد العام للكتائب مُحمَّد الضيف، بدء العملية ردًّا على «الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المَسْجِدِ الأقصى واعتداء المُستوطنين الإسرائيليين على المُواطنين الفلسطينيين في القُدس والضّفّة والدّاخل المُحتَل».
وبدأت عمليَّة طُوفَان الأقصى عبر هُجومٍ صَاروخي وَاسعِ النطاق شنّته فصائل المقاومة، إذ وجَّهت آلاف الصواريخ صوبَ مختلف المستوطنات الإسرائيليّة من ديمونا في الجنوب إلى هود هشارون في الشمال والقدس في الشرق، وتزامنَ مع إطلاق الصواريخ اقتحام برّي من المُقاومين عبر السّيارات رُباعيّة الدّفع والدّراجات النّارية والطّائرات الشّراعيّة وغيرها للبلدات المتاخمة للقطاع، والتي تُعرف باسم غلاف غزة، حيث سيطروا على عددٍ من المواقع العسكريّة خاصة في سديروت، ووصلوا أوفاكيم، واقتحموا نتيفوت، وخاضوا اشتباكاتٍ عنيفة في المستوطنات الثلاثة وفي مستوطنات أخرى كما أسروا عددًا من الجنود والمدنيين واقتادوهم لغَزَّة فضلًا عن اغتنامِ مجموعةٍ من الآليّات العسكريّة الإسرائيليَّة.
في 9 أكتوبر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استعادته السيطرة على جميع البلدات الّتي استولت عليها فصائل المُقاومة الفلسطينيَّة في غِلاف قطاع غزّة مع استمرار بعض المناوشات المُتفرقة، وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بدء ما أسمَاه حصاراً شاملاً على غزة، بما في ذلك حظر دخول الغذاء والوقود.
اقرأ أيضاًالرئيس السيسي: نصر أكتوبر المجيد سيبقى نقطة فارقة في تاريخ مصر المعاصر
اللواء عادل العمدة: نصر أكتوبر ملحمة بطولية تُدرس كأهم الحروب المضيئة بالعصر الحديث
منها «الوفاء العظيم» و«أبناء الصمت».. نصر أكتوبر في عيون السينما المصرية
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: حرب أكتوبر إسرائيل الولايات المتحدة الجيش الإسرائيلي الاتحاد السوفيتي حرب أكتوبر 1973 عملية طوفان الأقصى طوفان الأقصى طوفان الأقصى حرب أکتوبر على الجبهة نصر أکتوبر أکتوبر 1973
إقرأ أيضاً:
قراءة إسرائيلية في تحقيقات الجيش وإخفاق 7 أكتوبر.. هذه البداية
أثارت نتائج التحقيق الأولية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في إخفاقه بصد عملية "طوفان الأقصى" وهجوم السابع من أكتوبر؛ ردودا إسرائيلية واسعة، والتي انتقدت التحذيرات الأمنية السابقة وتهميشها وصولا إلى الهجوم، والانهيار السريع لفرقة غزة.
وقال الصحفي الإسرائيلي بن كاسبيت في قراءة نشرتها صحيفة "معاريف" العبرية وترجمتها "عربي21"، إنّ "الغطرسة وتجاهل التحذيرات أدى إلى فشل مستمر"، مضيفا أن "التحقيقات التي قدمت أمس أجريت في ظروف صعبة للغاية، وفي ظل حرب على سبع جبهات، وتحت إطلاق النار".
وثيقة مذهلة
ولفت إلى أن فريق التحقيق جمع وثيقة مذهلة من 1000 صفحة حول واحدة من أعظم إخفاقات الاستخبارات في التاريخ، منوها إلى أنه رغم ذلك فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يقاتل بكل قوته لإحباط إنشاء لجنة تحقيق حكومية.
وذكر أن رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي أراد تشكيل فريق تحقيق خارجي في فشل السابع من أكتوبر، فقام بتعيين رئيس الأركان السابق شاؤول موفاز رئيسا للفريق، وكان الهدف تجنيد مجموعة قوية من كبار المسؤولين السابقين إلى جانب موفاز.
وتابع: "لكن المستوى السياسي وفي مقدمته نتنياهو، هو الذي أحبط هذه الفكرة (..)، لقد أجبروا هاليفي على اتخاذ مسار مختلف وأكثر تعقيدا"، موضحا أنه "قام بتشكيل فرق تحقيق منفصلة لكافة القضايا".
وأشار إلى أن الطبقة السياسية وصناع القرار وضعوا لرئيس هيئة الأركان جدول زمني "مستحيل"، مشددا على أن الوثائق التي بين أيدي فرق التحقيق هي وثائق تاريخية، رغم أنها ليست كاملة، وسيكون من الضروري استكمالها.
ونوه إلى أن رئيس الأركان الجديد إيال زامير سيرغب في الخوض بشكل أعمق في بعض القضايا، وسيرسل الفرق في مهام أخرى، مضيفا أنه "ينوي تعيين فريق خارجي بنفس الأسلوب الذي أراده هاليفي، وتم منعه، ويفكر في تعيين اللواء المتقاعد سامي ترجمان رئيسا له".
استنتاجات نظامية صعبة
وأردف قائلا: "التحقيقات المنشورة تتضمن استنتاجات نظامية صعبة، وهي لا تحتوي على أي استنتاجات شخصية، وتهدف إلى البدء في عملية استخلاص الدروس"، معتبرا أن العمل الذي تم إنجازه يشير إلى جدية الأمر، والخطوات التي يتم اتخاذها بالفعل لاستخلاص الدروس تظهر استيعاب حجم الفشل.
وأكد أن هذه التحقيقات هي البداية وليست النهاية، مشيرا إلى أنه بعد أربعة أشهر من هجوم 7 أكتوبر نُشر تحقيق عن فشل الوحدة 8200 الاستخباراتية في التنبؤ بهجوم حركة حماس.
ولاحقا نُشرت تحقيقات إضافية، والتي تحدثت عن عشر إشارات أو علامات غابت عن قسم الأبحاث على مر السنين، ما أدى إلى تصور خاطئ بأن حماس تطمح إلى ممارسة حكمها في قطاع غزة وليس الأكثر.
وأفاد الصحفي الإسرائيلي بأن الإشارة الأولى كانت صعود يحيى السنوار إلى رئاسة "حماس" عام 2018، ولكن تلك كانت مجرد البداية، فقد جلبت الوحدة 8200 لأور مرة أحد السيناريوهات المبكرة لخطة الهجوم التي بدأت حركة حماس للتخطيط لها (طوفان الأقصى).
رسم سيناريو الهجوم عام 2018
ولفت إلى أنه في البداية أخذ قسم الأبحاث هذا السيناريو على محمل الجد، وفي 14 نيسان/ أبريل أصدرت الفرقة ورقة بعنوان: "قضية للمراجعة- هل يبني الجناح العسكري لحماس قوته لشن هجوم واسع النطاق في عمق أراضينا؟".
وورد في الورقة: "صاغت قيادة العمليات في الجناح العسكري لحماس خطة لتحرك هجومي استباقي بقوة واسعة النطاق (ست كتائب احتياطية؛ حوالي 3000 مقاتل) لمهاجمة والاستيلاء على قواعد في قطاع فرقة غزة، إلى جانب ضرب أهداف مدنية في غلاف إسرائيل وفي عمق الداخل".
وتابعت: "هذا يتم بشكل رئيسي من خلال اختراق المجال الجوي (اختراق السياج من قبل قوات الهندسة) وتنفيذ غلاف ناري من آلاف الصواريخ عالية الارتفاع على أهداف عسكرية ومدنية".
وبحسب الصحفي الإسرائيلي، "يجب أن تقرأ هذا عدة مرات لاستيعابه. في عام 2018، قبل خمس سنوات ونصف من الهجوم، كان قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية قد بدأ بالفعل في تحليل نية حماس غزو إسرائيل. وكان هناك أيضًا وصفًا مرئيًا للأداء. وكذلك عدد الغزاة (3000)".
واستدرك بقوله: "في وقت لاحق من هذه الوثيقة يأتي الشك"، مبينا أنه بدأت الأوساط الإسرائيلية باستبعاد تنفيذ الخطة المقترحة بالكامل، لاعتبارات استراتيجية.
وتابع: "لنفترض أن هذا التحليل جاء في الوقت المناسب. فقد صدرت هذه الورقة في الوقت الذي كانت فيه عملية بناء القوى لدى حماس في أوجها. على الرغم من أنه كان مكتوبا هنا بالفعل أن عدد مقاتلي النخبة كان ثلاثة آلاف".
وتساءل: "لماذا لم يتعمق قسم الأبحاث في هذه القصة؟ لماذا لم يسحب نهاية هذا الموضوع ويستمر في سحبه حتى يصل إلى المخبأ؟ إن الصحافي الذي يتلقى مثل هذه المعلومات أو المعلومات من مصادره ولا يصل إلى القصة الحقيقية لابد وأن يُفصل من منصبه على الفور".
واستكمل قائلا: "ففي نهاية المطاف، جلبت الوحدة 8200 فيما بعد خطة الغزو الشاملة الكاملة. وكل ما كان لابد من القيام به هو مقارنتها بتقارير مراكز المراقبة، والاستماع إلى مشغلي اللاسلكي المخضرمين في الوحدة 8200، الذين كانت مكانتهم تتراجع بالتوازي مع صعود عصر الاستخبارات التكنولوجية (..)".