نصر أكتوبر.. تتابع الضربات العظيمة التي يقف أمامها الكيان الصيهوني مكبل الأيدي، إلا أن تلك الضربات لم تأتي سوى في شهر أكتوبر العظيم، فبعد سنوات من الهزيمة الساحقة التي تلقاها الاحتلال على يد الجيش المصري في حرب 6 أكتوبر 1973، جاءت عملية طوفان الأقصى التي شنتها حركة حركة لتخلد ذكرى نصر أكتوبر، ولتسطر نقطة سوداء جديدة في تاريخ الكيان المحتل.

حرب 6 أكتوبر 1973 حرب أكتوبر 1973

وتعد حرب أكتوبر أو حرب العاشر من رمضان كما تعرف في مصر أو حرب تشرين التحريرية كما تعرف في سوريا أو حرب يوم الغفران كما تعرف في إسرائيل، حربا شنتها كل من مصر وسوريا في وقتٍ واحدٍ على إسرائيل عام 1973، وهي رابع الحروب العربية الإسرائيلية بعد حرب 1948 «حرب فلسطين» وحرب 1956 «حرب السويس» وحرب 1967 «حرب الستة أيام»، بخلاف حرب الاستنزاف «1967-1970»، التي لم تكن مواجهات عسكرية مباشرة ومستمرة بين الطرفين ولكن غارات وعمليات عسكرية متفرقة، وكانت إسرائيل في الحرب الثالثة «حرب 1967» قد احتلت شبه جزيرة سيناء من مصر وهضبة الجولان من سوريا، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني وقطاع غزة الخاضع آنذاك لحكم عسكري مصري.

بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر 1973 الموافق 10 رمضان 1393 هـ بتنسيق هجومين مفاجئين ومتزامنين على القوات الإسرائيلية، أحدهما للجيش المصري على جبهة سيناء المحتلة وآخر للجيش السوري على جبهة هضبة الجولان المحتلة، وقد ساهمت في الحرب بعض الدول العربية سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي.

عقب بدء الهجوم حققت القوات المسلحة المصرية والسورية أهدافها من شن الحرب على إسرائيل، وكانت هناك إنجازات ملموسة في الأيام الأولى للمعارك، فعبرت القوات المصرية قناة السويس بنجاح وحطمت حصون خط بارليف وتوغلت 20 كم شرقاً داخل سيناء، فيما تمكنت القوات السورية من التوغل إلى عمق هضبة الجولان وصولاً إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا. أما في نهاية الحرب فقد تمكن الجيش الإسرائيلي من تحقيق بعض الإنجازات، فعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار وعبر للضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني ومدينة السويس ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسبَ استراتيجيةٍ سواءً باحتلال مدينتي الإسماعيلية أو السويس أو تدمير الجيش الثالث أو إجبار القوات المصرية على الانسحاب إلى الضفة الغربية مرة أخرى، أما على الجبهة السورية فتمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان واحتلالها مرة أخرى.

حرب أكتوبر

تدخلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لتعويض خسائر الأطراف المتحاربة، فمدت الولايات المتحدة جسراً جوياً لإسرائيل بلغ إجمالي ما نقل عبره 27895 طناً، في حين مد الاتحاد السوفيتي جسراً جوياً لكل من مصر وسوريا بلغ إجمالي ما نقل عبره 15000 طن إضافة إلى نحو 63، 000 طن من الأسلحة عن طريق البحر وصلت قبل وقف إطلاق النار، نقل أكثرها إلى سوريا.

انتهت الحرب رسمياً مع نهاية يوم 24 أكتوبر من خلال اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الجانبين العربي الإسرائيلي، ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ على الجبهة المصرية فعليّاً حتى 28 أكتوبر. على الجبهة المصرية حقق الجيش المصري هدفه من الحرب بعبور قناة السويس وتدمير خط بارليف واتخاذ أوضاع دفاعية، وعلى الرغم من حصار الجيش المصري الثالث شرق القناة، فقد وقفت القوات الإسرائيلية، كذلك عاجزة عن السيطرة على مدينتي السويس والإسماعيلية غرب القناة. تلى ذلك مباحثات الكيلو 101 واتفاقيتي فض اشتباك، ثُمّ جرى لاحقاً بعد سنوات توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل في 26 مارس 1979، واسترداد مصر لسيادتها الكاملة على سيناء وقناة السويس في 25 أبريل 1982، ما عدا طابا التي تم تحريرها عن طريق التحكيم الدولي في 19 مارس 1989. أمّا على الجبهة السوريّة، فقد وسّع الجيش الإسرائيلي الأراضي التي يحتلها وتمدد حوالي 500 كم2 وراء حدود عام 1967، فيما عُرف باسم جيب سعسع، وتلى ذلك حدوث حرب استنزاف بين الجانبين السوري والإسرائيلي استمرت 82 يوماً في العام التالي، وانتهت باتفاقية فك الاشتباك بين سوريا وإسرائيل، والتي نصت على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي سيطرت عليها في حرب أكتوبر، ومن مدينة القنيطرة، بالإضافة لإقامة حزام أمني منزوع السلاح على طول خط الحدود الفاصل بين الجانب السوري والأراضي التي تحتلها إسرائيل.

حرب 6 أكتوبر عملية طوفان الأقصى

وتعد عملية طوفان الأقصى، عملية عسكرية مُمتدة شنَّتها فصائلُ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وعَلى رأسِها حركة حماس عَبر ذراعها العسكري كتائب الشهيد عز الدّين القسام في أوّل ساعات الصباح من يوم السبت 7 أكتوبر 2023 م الموافق لـ 22 ربيع الأوَّل 1445 هـ، إذ أعلَن القائِد العام للكتائب مُحمَّد الضيف، بدء العملية ردًّا على «الانتهاكات الإسرائيلية في باحات المَسْجِدِ الأقصى واعتداء المُستوطنين الإسرائيليين على المُواطنين الفلسطينيين في القُدس والضّفّة والدّاخل المُحتَل».

طوفان الأقصى

وبدأت عمليَّة طُوفَان الأقصى عبر هُجومٍ صَاروخي وَاسعِ النطاق شنّته فصائل المقاومة، إذ وجَّهت آلاف الصواريخ صوبَ مختلف المستوطنات الإسرائيليّة من ديمونا في الجنوب إلى هود هشارون في الشمال والقدس في الشرق، وتزامنَ مع إطلاق الصواريخ اقتحام برّي من المُقاومين عبر السّيارات رُباعيّة الدّفع والدّراجات النّارية والطّائرات الشّراعيّة وغيرها للبلدات المتاخمة للقطاع، والتي تُعرف باسم غلاف غزة، حيث سيطروا على عددٍ من المواقع العسكريّة خاصة في سديروت، ووصلوا أوفاكيم، واقتحموا نتيفوت، وخاضوا اشتباكاتٍ عنيفة في المستوطنات الثلاثة وفي مستوطنات أخرى كما أسروا عددًا من الجنود والمدنيين واقتادوهم لغَزَّة فضلًا عن اغتنامِ مجموعةٍ من الآليّات العسكريّة الإسرائيليَّة.

في 9 أكتوبر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي استعادته السيطرة على جميع البلدات الّتي استولت عليها فصائل المُقاومة الفلسطينيَّة في غِلاف قطاع غزّة مع استمرار بعض المناوشات المُتفرقة، وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بدء ما أسمَاه حصاراً شاملاً على غزة، بما في ذلك حظر دخول الغذاء والوقود.

اقرأ أيضاًالرئيس السيسي: نصر أكتوبر المجيد سيبقى نقطة فارقة في تاريخ مصر المعاصر

اللواء عادل العمدة: نصر أكتوبر ملحمة بطولية تُدرس كأهم الحروب المضيئة بالعصر الحديث

منها «الوفاء العظيم» و«أبناء الصمت».. نصر أكتوبر في عيون السينما المصرية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: حرب أكتوبر إسرائيل الولايات المتحدة الجيش الإسرائيلي الاتحاد السوفيتي حرب أكتوبر 1973 عملية طوفان الأقصى طوفان الأقصى طوفان الأقصى حرب أکتوبر على الجبهة نصر أکتوبر أکتوبر 1973

إقرأ أيضاً:

في الذكرى الـ 51 لحرب أكتوبر المجيدة 1973.. حقائق ثابتة بانتصار القوات المسلحة المصرية.. تحطيم أسطورة إسرائيل المزعومة بأنهم جيش لا يُقهر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تحتفل اليوم الأحد، 6 أكتوبر، الدولة المصرية وقواتها المسلحة، بالذكرى الـ 51 على انتصارات حرب أكتوبر المجيدة 1973، هذه الحرب التي قدم فيها جنود الجيش المصري البواسل أرواحًا ودمائهم الطاهرة، للدفاع عن أرض الوطن الحبيبة واسترداد أرض الفيروز «سيناء».

كانت حرب أكتوبر المجيدة، معركة وملحمة عسكرية قوية نجحت مصر فيها بشكل مبهر للعالم أجمع، فهي من أعظم انتصاراتها على مر التاريخ، وتم تحطيم أسطورة إسرائيل المزعومة بأنهم جيش لا يُقهر، ورفع راية الوطن على ترابه المقدس، حيث عبر عشرات الآلاف من أبطال القوات المسلحة، يوم 6 أكتوبر عام 1973، إلى الضفة الشرقية لقناة السويس، لاستعادة أغلى بقعة في الوطن هي سيناء، واستعاد المصريون معها كرامتهم واحترام العالم.

كواليس بداية حرب أكتوبر 1973

في يوم 6 أكتوبر 1973 والموافق العاشر من رمضان في تمام الساعة الثانية ظهرا، قام الجيش المصري بعبور خط القناة، ونفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربة جوية على الأهداف الإسرائيلية بالضفة الشرقية للقناة، وعبرت الطائرات على ارتفاعات منخفضة للغاية لتفادي الرادارات الإسرائيلية، واستهدفت الطائرات المطارات ومراكز القيادة ومحطات الرادار والإعاقة الإلكترونية وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.

بدأت المدفعية المصرية، بعد عبور الطائرات بخمس دقائق، بقصف التحصينات والأهداف الإسرائيلية الواقعة شرق القناة بشكل مكثف تحضيراً لعبور المشاة، فيما تسللت عناصر سلاح المهندسين والصاعقة إلى الشاطئ الشرقي للقناة لإغلاق الأنابيب التي تنقل السائل المشتعل إلى سطح القناة، وفي الساعة الثانية والثلث تقريبا توقفت المدفعية ذات خط المرور العالي عن قصف النسق الأمامي لخط بارليف، ونقلت نيرانها إلى العمق حيث مواقع النسق الثاني، وقامت المدفعية ذات خط المرور المسطح بالضرب المباشر على مواقع خط بارليف لتأمين عبور المشاة من نيرانها، بعدها عبر القناة 2000 ضابط و30 ألف جندي من خمس فرق مشاة، واحتفظوا بخمسة رؤوس كباري واستمر سلاح المهندسين في فتح الثغرات في الساتر الترابي لإتمام مرور الدبابات والمركبات البرية، وقد امتدت الحرب حتى 26 أكتوبر 1973.

مصر وسوريا.. يد واحدة ضد إسرائيل 1973

كانت حرب أكتوبر 1973، إحدى جولات الصراع العربي الإسرائيلي، حيث خططت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين في وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان التي سبق أن احتلتهما إسرائيل في حرب 1967، وكانت إسرائيل قد قضت السنوات الست التي تلت حرب 1967 في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء، وأنفقت مبالغ هائلة لدعم التحصينات على مواقعها في مناطق مرتفعات الجولان، وفي قناة السويس «خط بارليف».

ما قبل حرب أكتوبر 1973

في فبراير 1971، قدم أنور السادات لمبعوث الأمم المتحدة «غونار يارينغ»، الذي أدار المفاوضات بين مصر وإسرائيل حسب خطة روجرز الثانية، شروطه للوصول إلى تسوية سلمية بين الطرفان، وأهمها انسحاب إسرائيلي إلى حدود 4 يونيو 1967، ورفضت إسرائيل هذه الشروط مما أدى إلى تجمد المفاوضات.

وفي عام 1973، قرر الرئيسان المصري أنور السادات، والسوري حافظ الأسد، اللجوء إلى الحرب لاسترداد الأرض التي خسرها العرب في حرب 1967، كانت الخطة ترمي الاعتماد على المخابرات العامة المصرية والمخابرات السورية في التخطيط للحرب، وخداع أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية ومفاجأة إسرائيل بهجوم غير متوقع من كلا الجبهتين المصرية والسورية، وهذا ما حدث، حيث كانت المفاجأة صاعقة للإسرائيليين.

نتائج حرب أكتوبر 1973

من نتائج حرب أكتوبر 1973، توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية الهدنة باتفاقية سلام شاملة في «كامب ديفيد» سبتمبر 1978، إثر مبادرة الرئيس الراحل أنور السادات في نوفمبر 1977 وزيارته القدس، حيث انتهت الحرب رسميًا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974، ووافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية.

فمن أهم نتائج الحرب استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية، بالإضافة إلى نتائج أخرى للحرب، ومنها تحطيم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر، التي كان يرددها القادة العسكريون في إسرائيل، كما أدت الحرب أيضًا إلى عودة الملاحة في قناة السويس في يونيو 1975.

ستظل حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، علامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية، وأبطال القوات المسلحة هم خير أجناد الأرض، قادرين على استرداد حقوقهم بكافة السبل، فلم يتوقف الأمر على الحرب فقط، بل خاضت مصر معركة دبلوماسية قوية من أجل استرداد أخر جزء من أرض الوطن الحبيبة وهي «طابا»، فإن القوات المسلحة والشعب المصري لا يفرطوا في أرضهم مهما تطلب الأمر من تقديم تضحيات.

مقالات مشابهة

  • في الذكرى الـ 51 لحرب أكتوبر المجيدة 1973.. حقائق ثابتة بانتصار القوات المسلحة المصرية.. تحطيم أسطورة إسرائيل المزعومة بأنهم جيش لا يُقهر
  • 51 عامًا على ملحمة العبور العظيم الفجر ترصد أبطال المنيا في حرب الكرامة
  • «العبور العظيم».. وثائقي يعرض لقطات عبور خط برليف خلال حرب 6 أكتوبر
  • اليمن وطوفان الأقصى.. الثبات على المبدأ
  • د. منجي علي بدر يكتب: الذكرى 51 لنصر أكتوبر العظيم
  • في ذكرى انتصارات أكتوبر.. كيف خداع «السادات» إسرائيل؟
  • ضابط في غرفة عمليات حرب أكتوبر: تأكدنا من النصر بعد منع اقتراب طائرات إسرائيل من «الجبهة»
  • حماس: العبور المجيد في 7 أكتوبر كشف ضعف جيش الاحتلال
  • اللواء محمد سامي فضل: معركة مضيق وادي سدر أجهضت مخطط إسرائيل لإفشال العبور