غدا ختام النسخة الثالثة عشرة لإسبوع المصنعة للإبحار الشراعي
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
عمان: يسدل الستار مساء الغد الاثنين على منافسات أسبوع المصنعة للإبحار الشراعي 2024 في نسخته الثالثة عشرة، والذي تنظمه عُمان للإبحار في منتجع بارسيلو المصنعة، بدعم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التراث والسياحة، بالإضافة إلى رعاية منتجع بارسيلو المصنعة وشركة الخوض للمياه المعدنية وبوكاري سويت.
وسيقام حفل الختام وتتويج الفائزين برعاية سعادة المهندس مسعود بن سعيد الهاشمي، محافظ جنوب الباطنة، بحضور الدكتور خميس بن سالم الجابري، الرئيس التنفيذي لعُمان للإبحار، إلى جانب عدد من المسؤولين والشركاء الاستراتيجيين والفرق المشاركة.
وشهد اليومان الأول والثاني منافسات كبيرة بين البحّارة المشاركين، حيث نجح البحّارة العُمانيون في إنهاء السباقات في صدارة ثلاث فئات من القوارب، وهي فئات "إلكا 7"، "إلكا 6"، وقوارب "آر. إس فنتشر". وفي فئة قوارب الأوبتمست، تمكن البحّار الإماراتي عبد الله يحيى من انتزاع الصدارة من مواطنه البحّار خليفة الرميثي متصدرا الترتيب العام برصيد ست نقاط، وفي المركز الثالث جاء البحّار التايلندي ماستر أديسون برصيد 11 نقطة، فيما تراجعت البحّارة الهندية شيريا كرشنا إلى المركز الرابع برصيد 17 نقطة، وبذات الرصيد من النقاط حلّ البحّار العُماني تميم بن سليمان البلوشي في المركز الخامس.
أما في منافسات فئة قوارب إلكا 4، تمكّن البحّار الهندي إكلافيا باثام من تعزيز رصيده من النقاط في صدارة الترتيب العام، وبفارق نقطة وحيدة حلّ البحّار العُماني عبد اللطيف بن زايد القاسمي في المركز الثاني برصيد سبع نقاط، يليه البحّارة الهندية شاشانك باثام ثالثا برصيد 12 نقطة ومواطنها البحّار أكشات كومار في المركز الرابع برصيد 28 نقطة.
أما في المركز الخامس، جاءت البحّارة الإماراتية مروى الحمادية، فيما حلّ البحّاران العّمانيان صالح بن علي البلوشي والبحّار فراس بن سعيد الهاشمي في المركزين السادس والسابع على التوالي. بعد انتهاء السباقات، عبّر البحّار عبد اللطيف القاسمي عن سعادته بالأداء الذي قدمه، مشيراً إلى أن المنافسة كانت قوية للغاية. وأكد تطلعه لخوض سباقات اليوم الأخير بهدف حصد المزيد من النقاط والتتويج بصدارة الترتيب.
وفي فئة قوارب إلكا 6، تصدر البحّار العُماني المعتصم بن حمود الفارسي الترتيب العام برصيد سبع نقاط، تلاه البحّار الإماراتي عثمان الحمادي ثانياً بفارق نقطة وحيدة، وفي المركز الثالث البحّار العُماني السالم بن علي الحمداني برصيد 11 نقطة، فيما حلّ البحّار حاتم بن محسن العريمي في المركز الخامس، والبحّار إلياس بن بدر الفضلي سادساً. وقال البحّار المعتصم الفارسي: "كان اليوم مميزاً للغاية بالنسبة لي، وأنا سعيد بأدائي الذي قادني إلى صدارة الترتيب العام. كما يسعدني أن أرى زملائي يقدمون أداءً رائعاً خلال السباقات: وأضاف: المنافسة محتدمة ونحن محظوظون بوجود هذا العدد من البحّارة المحترفين من مختلف دول العالم، مما يزيد من حماسة التحدّي. وبكل تأكيد نسعى إلى تقديم أفضل ما لدينا واكتساب المزيد من الخبرات. موضحا إن الظروف كانت مثالية للإبحار، ونحن متحمسون لخوض سباقات اليوم الأخير".
وفي فئة قوارب إلكا 7، يواصل البحّار العُماني حسين الجابري تألقه في السباقات محققا النقاط الكاملة في صدارة الترتيب العام، يليه البحّار الإماراتي حمزة آل علي ثانيا برصيد تسع نقاط، وفي المركز الثالث البحّار العُماني عبد الملك بن غريب الحسني برصيد 10 نقاط، فيما حلّ البحّار العُماني علي بن حسين السعدي رابعا والبحّار الكويتي في المركز الخامس.
بينما في فئة قوارب آر.أس فنتشر المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة، شهدت تألق الثنائي الذي يضم كلا من البحّارة الغالية الجابرية والبحّار مالك القرطوبي والفوز بالمركز الأول برصيد ثلاث نقاط، فيما تراجع الثنائي المكون من البحّار زاهر العتبي والبحّار أحمد الشكيلي إلى المركز الثاني برصيد خمس نقاط، وفي المركز الثالث حلّ الثنائي المكوّن من البحّار سلطان الوهيبي والبحّار عادل السيابي برصيد ثمان نقاط.
لجنة التحكيم السباق
يتم تنظيم فعالية أسبوع المصنعة للإبحار بإشراف فريق تحكيمي متميز يضم خبراء دوليين ومحليين ذوي خبرة واسعة في تحكيم سباقات الإبحار. يقود لجنة التحكيم الحكم الدولي السنغافوري وي لي تيو، والحكم الصيني جينج زورو، إلى جانب طاقم تحكيم عُماني يتكون من القبطان صالح الجابري وعلي أمبوسعيدي. يهدف هذا الفريق إلى ضمان التزام المتسابقين بقواعد السباق، والمساهمة في نجاح تنظيم البطولة.
وأوضح القبطان صالح بن سعيد الجابري، عضو لجنة التحكيم أن لجان التحكيم تشكل جزءًا أساسيًا من أي سباق، حيث تضمن سير المنافسات بشكل عادل، من خلال التأكد من استخدام المعدات المعتمدة والالتزام بالقواعد، مما يمنح الجميع فرصة متساوية للتنافس، وأشار إلى أن من أبرز مهام اللجنة حلّ النزاعات ومعالجة المخالفات التي قد تحدث أثناء السباقات، مع اتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
وتُعد مدرسة المصنعة للإبحار الشراعي، التابعة لعُمان للإبحار، مركز تدريب آسيوي من الفئة (أ) وفق تصنيف الاتحاد الآسيوي للإبحار الشراعي للمراكز عالية الأداء، وجاء هذا الاعتماد تقديراً لمستوى التدريب المتقدم الذي تقدمه المدرسة، وتوافق مرافقها مع معايير الاتحاد الدولي للإبحار الشراعي، كما يعكس نجاحها في استضافة العديد من الفعاليات والأحداث الدولية البارزة، وتحظى نسخة هذا العام من الفعالية برعاية ودعم من وزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة التراث والسياحة، إضافة إلى منتجع بارسيلو المصنعة وشركة الخوض للمياه المعدنية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: وفی المرکز الثالث فی المرکز الخامس المصنعة للإبحار للإبحار الشراعی صدارة الترتیب الترتیب العام فی فئة قوارب البح ارة
إقرأ أيضاً:
سليمان المعمري: الأدب السردي العُماني يتسم بحضور كثيف للبيئة وأسئلة الإنسان
"العُمانية" "الثقافة هي المرآة التي تعكس قيم المجتمع وتراثه، والجسر الذي يصل الماضي بالحاضر من خلال الحفاظ على التراث، والترويج للفنون، وتشجيع الإبداع"، بهذه العبارة يصف الكاتب سليمان المعمري الثقافة بأنها "أداة لتعزيز الوحدة الوطنية وبناء مجتمع واعٍ ومتفاعل مع متغيرات العصر"، ـ وفق تعبيره ـ .
ويشير في حديث له لوكالة الأنباء العُمانية إلى أن الجوائز الثقافية تسلط الضوء على الجهود الثقافية المبذولة، وتكرم المبدعين؛ مما يشجعهم على مواصلة العطاء، وتكريمي من قبل النادي الثقافي هو تكريم لكل العاملين بجد في مجالات الثقافة والأدب والمعرفة، وللجهود التي تُبذل لتقديم صورة مشرفة للتنوع الثقافي العُماني على المستويين المحلي والعالمي، وتشجع الأجيال الجديدة على الانخراط في العمل الثقافي والإبداعي، كما أن الجوائز الثقافية في العالم العربي تلعب دورًا مهمًّا في دعم الكُتّاب من الناحيتين المادية والمعنوية؛ فمن الناحية المادية، توفِّر هذه الجوائز مكافآت مالية تُسهم في تحسين الظروف المعيشية للكاتب، وتتيح له التفرغ لمشاريعه الأدبية. أما من الناحية المعنوية، فإن التكريم والاعتراف الذي يحصل عليه الكاتب من خلال الفوز بجائزة مرموقة يعزز مكانته الأدبية ويزيد من انتشار أعماله.
ومع ذلك، تُثار أحيانًا تساؤلات حول مدى إنصاف هذه الجوائز لإبداع الكاتب، خاصة وأن أغلبها يأتي في إطار مؤسسي رسمي. وليس سرًّا القول إن الجوائز الأدبية في العالم العربي قد تخضع أحيانًا لتجاذبات سياسية وأيديولوجية، مما قد يؤثر على نزاهة الاختيار ويُغيّب الإبداع المتحرر من القيود.
وعن إسهام مؤسسات المجتمع المدني في النهوض بالكاتب ونتاجه يقول المعمري: لها دور لا يمكن تجاهله، رغم محدودية إمكاناتها المادية، ومواجهتها تحديات تتعلق بالتمويل والاستقلالية.
على سبيل المثال، تبذل الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء جهدًا مشكورًا من خلال مشروعين مستدامين هما: النشر السنوي لإنتاجات المؤلفين العُمانيين، وجائزتها السنوية متعددة الأجناس الأدبية والثقافية. أما مؤسسة بيت الزبير فقد استطاعت في السنوات الأخيرة أن تنظّم فعاليات ثقافية نوعية كان لها أثر كبير في النهوض بالكاتب العُماني وإنتاجه.
ويوضِّح المعمري الذي من بين إصداراته "عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل"، و"بيليه أم مارادونا؟ الإجابة ميسي"، دور الإعلام في دعم الأدب بسلطنة عُمان، حيث يشير إلى أهمية الإعلام التقليدي والرقمي في نشر الثقافة العمانية، فيوضح: يتمثل ذلك في التجربة الشخصية في تقديم البرامج الثقافية عبر إذاعة سلطنة عُمان مثل "المشهد الثقافي" الذي يغطي الفعاليات الثقافية العمانية أسبوعيًّا، وبرنامج "نوافذ ثقافية" الذي يفتح نافذة على العالم العربي، إضافة إلى الحرص على إنتاج برامج ثقافية تستضيف الكتّاب العمانيين وتناقش أعمالهم، ما يسهم في تعريف الجمهور بإبداعاتهم ودعمهم، مرورًا بمشروع الكتاب الصوتي في منصة "عين" الذي أتاح سماع خمسين كتابًا عُمانيًّا، كذلك برنامج "كتاب أعجبني" و"القارئ الصغير" لتشجيع القرّاء كبارًا وصغارًا، كما أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة فعّالة لتقريب الجمهور من الأدب العُماني وتعزيز قيمته في المشهد الثقافي المحلي والدولي من خلال تقديم محتوى رقمي مبتكر، والترويج للفعاليات الأدبية والأمسيات الشعرية.
وحول ما يريد أن يقدمه الكاتب المعمري للقارئ عادة من خلال أعماله الأدبية كثيمة موحّدة، والفروقات في تلك الأعمال بما فيها "ربما لأنه رجل مهزوم" و "الأشياء أقرب مما تبدو في المرآة" و"الذي لا يحب جمال عبد الناصر"، يقول: الكاتب هو حصيلة همومه وهواجسه وانشغالاته، وأسئلته الوجودية، وتفاعله مع بيئته والناس المحيطين به، وهذه كلها تظهر في كتاباته، سواء نَظَمَتْها ثيمة موحدة أو عدة ثيمات... عوالم "ربما لأنه رجل مهزوم" تدور معظمها في الغرفة الجامعية والهموم الذاتية لشاب صغير للكاد بدأ يتنفس أكسجين الحياة، بينما كانت "الأشياء أقرب مما تبدو في المرآة" تعبيرًا آخر، أزعم أنه أكثر فنية، عن هذه الهموم والهواجس التي ينشغل بها شابٌّ عُماني منفعل مع محيطه.
في "كائنات الردة" انشغلتُ بالمكان وناسه (قريتي "الردة" تحديدًا) ولكن من خلال تفاعلي الخاص مع هذا المكان بناسه ودكاكينه وحيواناته وفراشاته. أما "الذي لا يحب جمال عبد الناصر" فهي تعبير عن انفعالي بما يجري في الوطن العربي من أحداث وتغيّرات كان لها تأثير كبير على المجتمع العربي ككل، بما في ذلك المجتمع العُماني. باختصار، فإن كل عمل أدبي يصدره الكاتب هو نتيجة انفعاله بِهَمٍّ ما يشغله ويؤرقه لحظة الكتابة، قد تتكرر هذه الهموم في أعمال لاحقة، وقد تتغيّر إلى هموم أخرى جديدة.
ويتحدث "المعمري" عن أهم المفردات الأدبية والأفكار التي عادة يتقاطع فيها الأدبالعُماني السردي في طرحها من خلال كتّابه وما يميز هذا الأدب عن غيره من الأدبي الخليجي والعربي ويوضح: ثمة موضوعات وأفكار تتقاطع فيها العديد من المفردات الأدبية المشتركة بين الكُتّاب.
من أبرز هذه الموضوعات القضايا الإنسانية الشاملة مثل: الحب والألم والغربة والبحث عن الهوية، ويعكس الكُتّاب تجارب إنسانية عميقة تتناول مشاعر الفرح والحزن والتحديات التي تواجه الناس في مسارات حياتهم، يمكنني أن أمثل على هذا برواية "تبكي الأرض يضحك زحل" لعبد العزيز الفارسي. كما أبرز السرد العُماني ولا يزال التراث والبيئات المتنوعة في سلطنة عُمان، مسلطًا الضوء على العادات والتقاليد والموروثات الثقافية، ويمكن التمثيل على ذلك بروايات زهران القاسمي وبشرى خلفان ورحمة المغيزوية. ويحضر التعبير عن القلق الوجودي وغربة الفرد في المجتمع، وتناول الصراعات الداخلية والتأملات النفسية التي تعكس حالة الإنسان المعاصر، كما هي الحال في روايات حسين العبري وهدى حمد والنصوص السردية لسماء عيسى وعبدالله حبيب. ولا يغيب عن السرد العُماني الاهتمام بالتاريخ السياسي والاجتماعي، حيث تُستحضر الأحداث المفصلية والتحولات الكبرى التي شهدتها عُمان، مما يتيح فهمًا أعمق للسياق التاريخي والاجتماعي، ويمكن التمثيل على ذلك بروايات جوخة الحارثي وعلي المعمري وأحمد الزبيدي وبشرى خلفان، وقبلهم عبدالله الطائي. كما أن الأحداث التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة وانعكاساتها على الواقع المحلي وجدت صداها في بعض الأعمال السردية، كما في رواية حمود الشكيلي "صرخة واحدة لا تكفي" ورواية سعيد الهاشمي "تعويبة الظل". هذا عدا أن هموم المرأةالعُمانية وتجاربها حاضرة في كثير من الروايات التي تكتبها الكاتبات العُمانيات.
ويضيف: أما ما يميز أدبنا السردي عن غيره من الأدب المكتوب في الخليج أو الوطن العربي، فهو الحضور الكثيف للبيئة العُمانية فيه والهواجس والأسئلة التي تشغل الإنسان في سلطنة عُمان تحديدًا، ولكن استطاع أدباؤنا الخروج بها من شرنقة المكان الضيّق إلى شرفة الهمّ الإنساني الكوني، وأظن أن هذا بالذات ما أهّل رواية "سيدات القمر" لجوخة الحارثي للفوز بجائزة "مان بوكر"، ورواية "تغريبة القافر" لزهران القاسمي للفوز بالبوكر العربية، وهو السبب نفسه الذي أهّل رواية "دلشاد" لبشرى خلفان للفوز ورواية "الحرب" لمحمد اليحيائي للفوز بجائزة كتارا في سنتين متتاليتين، وكذلك صعود روايات هدى حمد ومحمد العجمي للقوائم النهائية للجوائز العربية.
وفيما يتعلق بمدى تأثير البيئة المحيطة واتجاهاتها الثقافية والفكرية في تشكيل هوية الكتابة لدى المعمري، ورؤيته لمستقبل العمل السردي الروائي في سلطنة عُمان خلال الفترة المقبلة يقول: للبيئة المحيطة بي دور مهم في تشكيل هوية الكتابة لدي، سواء من ناحية الموضوعات التي أتناولها، أو الشخصيات التي أعبّر عنها، أو أتخذها تكئة سردية للتعبير عما أود قوله.
بالإضافة إلى ذلك فالمكان عنصر جوهري في السرد الأدبي، ولا يقتصر دوره على كونه مسرحًا للأحداث، بل يمتد ليعكس التجارب والخبرات والذاكرة الجمعية للمجتمع، وأظن هذا ما حاولتُه في كتابي "كائنات الردة" الذي سعيت فيه من خلال كتابتي عن شخصيات الردة المتنوعة؛ من جدي خليفة، إلى الحلاق شوزيت، وليس انتهاء بالطفلة شهد، إلى كتابة التاريخ الشعبي لهذه (المُدَيْنة) – تصغير مدينة – من خلال تفاعل هذه الشخصيات مع المكان العُماني، وإضافتهم إليه. بالنسبة لقراءة مستقبل السرد في سلطنة عُمان في العشر سنوات المقبلة فإنني أرى أنه سيستمر حصد ثمار العمل المضني الذي بذله القصاصون والروائيون العُمانيون في مطلع هذه الألفية. هذا الحصاد الذي أرختُ لبدايته في مقال لي عن الأدب العُماني بعام 2019؛ العام الذي فازت فيه جوخة الحارثي بجائزة مان بوكر المرموقة، وبعده استمر الحضور العُماني في الرواية والقصة إلى اليوم، ولا شك عندي أنه سيستمر في السنوات المقبلة.
وعمّا إذا كان الأدب الروائي في سلطنة عُمان قد استطاع من خلال ما يقدمه من أعمال استشراف المستقبل يقول الكاتب المعمري: بالتأكيد. فالروايات الجيدة كما هي تلك التي يقدم فيها الروائي دراسة دقيقة للظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المحيطة به، مما يمكنه من التنبؤ بالتطورات المستقبلية.
على هذا يمكنني أعدّ بعض روايات حسين العبري روايات تستشرف المستقبل. كما أنه يمكن النظر إلى بعض الروايات العُمانية التي تستلهم التاريخ روايات تستشرف المستقبل أيضًا؛ فمن خلال فهم الأحداث التاريخية وأنماطها، يمكن للروائي إسقاط تلك الأنماط على المستقبل، متوقعًا تكرارها أو تحولها بطرق معينة. ولذلك لا يمكن النظر إلى روايات "الحرب" لمحمد اليحيائي" مثلًا، أو "دلشاد" لبشرى خلفان، أو "امرأة من ظفار" لأحمد الزبيدي على أنها روايات تسرد الماضي فقط، بل هي أيضًا روايات تقدم رؤى مستقبلية تستند إلى دروس الماضي. هذا عدا أن ثمة روايات عُمانية يمكن أن ندرجها في خانة "تسريد المستقبل" كرواية "عام 3000" لسالم آل تويه التي يذهب فيها الروائي إلى عام 3000 ليتخيل طبيعة تطور المجتمع البشري العلمي والإنساني، من خلال محاولة علماء ذلك الزمن إحياء ميت عربي من زمننا.. ورواية "الفطر" التي يتخيل فيها الروائي محمد العجمي ما يمكن أن يصنعه اندماج الروبوتات في النسيج الاجتماعي في المستقبل.
وحول ما يقدمه الذكاء الاصطناعي في الشأن الأدبي وما يمكن أن يقوم به هذا الذكاء والقلق حيال ذلك يقول: يشهد العالم تطورًا متسارعًا في مجال الذكاء الاصطناعي، وبدأت تساؤلات تثار بالفعل حول قدرته على أن يحلّ محل الكاتب أو الروائي، خصوصا أنه أظهر إمكانيات لا يستهان بها في توليد نصوص أدبية.
مثلًا؛ قبل نحو عام اعترفت الكاتبة اليابانية ري كودان الفائزة بأرقى جائزة أدبية في اليابان عن روايتها "برج الرحمة في طوكيو" أنها استخدمت كل إمكانات الذكاء الاصطناعي لكتابة هذه الرواية، وأن نحو خمسة بالمائة من الكتاب يتكون من جمل أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي وأوردتها الكاتبة في الرواية حرفيًّا.
ويضيف: رغم ما يدقّه هذا الاعتراف من نواقيس خطر حول حلول الذكاء الاصطناعي محل الكاتب، إلا أنه يقول أيضا ضمنيًّا أن هناك جوانب تتطلب الإبداع البشري لا يزال من الصعب على الآلات محاكاتها بالكامل. فعلى الرغم من التقدم الكبير في تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن الإبداع البشري يتميز بالعمق العاطفي والتجارب الشخصية التي تضفي على الأعمال الأدبية بصمتها الإنسانية التي لا يمكن تقليدها. الذكاء الاصطناعي يمكنه تحليل الأنماط اللغوية وإنتاج نصوص متسقة، لكنه يفتقر إلى الوعي الذاتي والتجربة الإنسانية التي تمنح الكتابة روحها وجوهرها.
لذا، من غير المرجح أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تعويض الكتّاب البشر في المجالات التي تتطلب إبداعًا وأصالة. ويمكن للكتاب والروائيين الاستفادة منه كأداة مساعدة في عملية الإبداع. على سبيل المثال، يمكن استخدامه لتوليد أفكار جديدة، أو اقتراح حبكات قصصية، أو حتى تحليل النصوص لتحسين الأسلوب والهيكل. وهذا أعتبره شخصيًّا تعاونًا مشروعًا بين الإنسان والآلة يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للإبداع ويسهم في تطوير الأدب بطرق مبتكرة. قد يشعر البعض بالقلق من تأثير الذكاء الاصطناعي على المجالات الإبداعية، إلا أن هذه التكنولوجيا ما هي إلا أداة يمكن توظيفها لتعزيز القدرات البشرية وليس لاستبدالها. القلق المشروع يتمثل في كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل أخلاقي ومسؤول، وضمان عدم انتهاك حقوق الملكية الفكرية، والحفاظ على الأصالة في الأعمال الأدبية. هذا هو المهم في الأمر برمته.
ولأن للكاتب "المعمري" أعمالًا مشتركة مع الكاتب "الراحل" عبدالعزيز الفارسي ومازن حبيب، هنا يشير إلى التقنية التي اتباعاها في إنجاز هذه الأعمال المشتركة ومدى الحاجة إلى مثل هذه الأعمال: أستطيع أن أقسِّم الأعمال التي اشتركتُ فيها مع كتّاب آخرين إلى قسمين: أعمال إبداعية، وتمثلها فقط رواية "شهادة وفاة كلب" مع الصديق عبدالعزيز الفارسي، وأعمال غير إبداعية وتمثلها بقية الكتب؛ مثل "سعفة تحرك قرص الشمس" مع مازن حبيب، الذي وثّقنا فيه بعض الأوراق النقدية حول الأعمال السردية العُمانية التي نوقشت في النادي الثقافي ما بين عامي 2007 و2009، وهي فترة رئاستي لأسرة كتاب القصة في سلطنة عُمان، وكان مازن نائب الرئيس. وكتاب "أأنا الوحيد الذي أكل التفاحة؟" الذي شاركتُ في إعداده مع الكاتبة هدى حمد هو عبارة عن مجموعة قصص لحوالي ستين كاتبًا عُمانيًّا اخترناها – هدى وأنا – لجمعها في كتاب واحد.
وكتاب "حرية الكلمة" الذي تشاركتُ في إعداده مع سعيد الهاشمي وناصر البدري، وهو يوثق ندوة نظمتها الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء عام 2009. واشتركتُ مع الكاتب سعيد الهاشمي أيضًا في إعداد وتحرير كتابين عن الشاعر الراحل حمد الخروصي، والكاتب علي الزويدي. هذا إضافة إلى كتب أخرى على هذه الشاكلة منها كتابان آخران مع عبد العزيز الفارسي وثّقنا فيه حوارات إذاعية أعدها هو وقدمتُها أنا في إذاعة سلطنة عُمان عام 2006، أولهما "قريبا من الشمس"، والثاني "ليس بعيدًا عن القمر". أعود الآن إلى العمل الإبداعي المشترك مع عبد العزيز الفارسي وهو رواية "شهادة وفاة كلب". كانت هذه الرواية فكرة عبد العزيز، وكان معجبًا كبيرًا بالروائي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا، الذي اشترك – كما نعرف – في كتابة رواية مشتركة مع عبد الرحمن منيف هي "عالم بلا خرائط"، كان عبد العزيز يرى أن الاختلاف بيننا كصديقين في التعامل مع بعض أمور الحياة ومعتقداتها يمكن أن يثري عملًا إبداعيًّا نتشارك في كتابته، وأرى أن الأعمال الإبداعية المشتركة تثري المحتوى الأدبي وتقدم للقارئ تجربتَيْ حياة منصهرتَيْن في قالب واحد.