تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال الشاعر والكاتب الفلسطيني "مصعب أبو توهة" في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن الحرب على قطاع غزة حولت المئات من المدارس إلى ملاجئ ضمت أطفال لم يكونوا يتعلمون الرياضيات أو اللغة بل يتعلمون أسماء أحياء غزة التي تم قصف كل منها ولم يكونوا يمارسون الرياضة لكن كانوا يمارسون محاولات البقاء على قيد الحياة.


وكتب "أبو توهة" في مقاله "قبل اندلاع الحرب في غزة قضيت خمس سنوات في تدريس اللغة الإنجليزية لطلاب المدارس المتوسطة هناك، والآن لا أستطيع أن أتخيل نفسي أعود للتدريس في مدارس قضى الطلاب فيها العام الماضي ينامون على أرضيات الفصول الدراسية مع عائلاتهم باحثين عن ملجأ من هجوم لا هوادة فيه".
وأضاف "يحمل الأطفال دلاء من الماء لمئات الأقدام ويركضون من فصل دراسي إلى آخر، ومن مدرسة إلى أخرى، ومن خيمة إلى أخرى، ومن مدينة إلى أخرى، على أمل ألا تدهسهم دبابة أو يتم سحقهم تحت الجدران والأسقف التي تم قصفها".
فقد هاجمت القوات الإسرائيلية معظم هذه المدارس، وأسفرت هذه الهجمات عن مقتل مئات الأشخاص، وضربت إحدى الغارات الجوية الإسرائيلية مدرسة في مخيم النصيرات للاجئين للمرة الخامسة في سبتمبر، مما أسفر عن مقتل 18 شخصا، وفقا للسلطات الصحية المحلية.
وتساءل "أبو توهة" كيف يمكن لأي معلم أن يعود لتعليم الأطفال ويتظاهر بأن هذه الأماكن نفسها لم تكن مناطق موت ومعاناة؟ وقال: "خلال الصراعات العسكرية السابقة في غزة، كان الطلاب هم الذين يتلقون الدعم النفسي بشكل أساسي ونادرا ما تم طرح مسألة تقديم الدعم للمعلمين، ولكن بعد عام من الحرب كيف يمكن للمعلمين الذين تعرضوا لصدمات نفسية أو ربما فقدوا أفرادا من عائلاتهم المقربين وأصدقاءهم أو حتى أصيبوا التعامل مع الطلاب المصابين بصدمات نفسية؟".
واستمر في تساؤلاته "كيف يمكن علاج الصدمة عندما لا تنتهي أبدا؟".. في غزة لا يوجد اضطراب ما بعد الصدمة لأنه لا يوجد وقت بدون صدمة. 
كانت البيئة بالفعل مليئة باضطراب ضغوط مزمن قبل هذه الحرب، ولكن بعد هذا العام ستظل الصدمة تسيطر على الأجيال القادمة، فقد الآلاف من الأطفال حياتهم منذ بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة في 8 أكتوبر 2023، وفقد آخرون أجزاء من أجسادهم، وفقد آخرون والديهم، بينما فقد آخرون الجميع، حتى بدأ الأطباء العاملون في قطاع غزة على مدار العام الماضي استخدام مصطلح "طفل جريح لا عائلة له على قيد الحياة ".
ويحكي الكاتب الفلسطيني في مقاله "كانت آخر مرة زرت فيها فصلًا دراسيًا في مدرسة في شهر نوفمبر، حيث لجأت إلى فصل دراسي في مخيم جباليا في شمال غزة مع زوجتي مرام وأطفالنا الثلاث، وكان اثنان من أعمام زوجتي ووالديها وإخوتها، يتقاسمون فصلا دراسيا مع أربع عائلات أخرى". 
وتابع بوصف المكان "كانت الغرفة مقسمة إلى خمسة أجزاء والقسم لم تكن مساحته تزيد على 27 قدما مربعا يحتوي على خزان مياه سعة 66 جالونا ومراتب وأدوات مطبخ".
كانت المكاتب المدرسية بمثابة فواصل لجعل الغرف صغيرة، وكانت السبورة تؤدي نفس الوظيفة في الفصول الدراسية الأخرى، وإذا لم تكن هناك سبورة فربما كان ذلك بسبب استخدام أجزاء منها لإشعال النار للطهي، إذ كانت آخر مرة دخلت فيها شاحنات غاز الطهي إلى الشمال في أكتوبر 2023.
في جباليا أتذكر البحث في الشوارع والأزقة المدمرة عن صناديق من الورق المقوى أو أعواد لإشعال النار، كنت أعود إلى المدرسة بشيء ما وأشعر بالإنجاز الكبير ليس كطالب أو مدرس، بل كجامع للأشياء المفيدة لبقاء الأسرة.
وتابع أبو توهة "في 19 نوفمبر قبل أن أشق الطريق مع عائلتي إلى الولايات المتحدة، قمنا برحلة نحو الجزء الجنوبي من قطاع غزة على أمل الوصول إلى معبر رفح، وعندما وصلنا إلى نقطة تفتيش على طريق صلاح الدين احتجزني الجيش الإسرائيلي ووضعني في مركز احتجاز مع عشرات الفلسطينيين الآخرين لمدة ثلاثة أيام، كنت معصوب العينين ومقيد اليدين وأجبرت على البقاء على ركبتي، لم يُسمح لي بالتحدث أو السؤال عن عائلتي، وبعد إطلاق سراحي قمت برحلة أخرى ولكن هذه المرة للعثور على زوجتي وأطفالي الذين لم أكن متأكدا مما استمرار بقائهم على قيد الحياة".
وأضاف "في الطريق المتجه جنوبا ـ أي شخص يتحرك شمالا كان يتعرض لإطلاق النار فورا - وجدتهم، كانوا يحتمون في مدرسة أخرى قريبة من مستشفى الأقصى في دير البلح، انضممت إليهم في خيمة أقيمت في حرم المدرسة وكانت مياه الأمطار تغمر خيمتنا في بعض الأحيان".
الانتقال من مدرسة إلى أخرى كلاجئين ليس مثل الانتقال من مدرسة ابتدائية إلى مدرسة إعدادية، فالعيش في منزلك في غزة يشبه العيش في قصر، وإن كان ذلك قد يكون خطيرا، والعيش في فصل دراسي يشبه العيش في غرفة فندق، والعيش في خيام في حرم مدرسة يشبه العيش في بهو فندق.
وقال " شاهدت في أوائل ديسمبر مقطع فيديو للمدرسة التي احتمينا بها في جباليا تحاصرها الدبابات والجنود الإسرائيليين، وفي ذلك الوقت تقريبا قتل قناص أحد أعمام زوجتي الذي كان أصم وأبكم عند بوابة مدرسة أخرى في بيت لاهيا حيث كان يحتمي مع زوجته وطفليهما".
وأوضح " لقد ضاع عام دراسي كامل على نحو 625 ألف طفل في غزة بسبب الحرب، ناهيك عن الصدمة التي عانوا منها، وعلى الرغم من أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كانت تحاول في الأسابيع الأخيرة بدء العام الدراسي الجديد داخل الملاجئ، فإن هذا الجهد يكاد يكون بلا جدوى لأن المدارس لا تزال تتعرض للقصف وأوامر الإخلاء الإسرائيلية تستمر في إبقاء الناس في حالة تنقل".
وأكد الكاتب الفلسطيني "في حين أن الأمر سيستغرق سنوات طويلة لإزالة الأنقاض في غزة وإعادة بنائها، أخشى أن يستغرق الأمر عمرا كاملا -إن لم يكن أبدا- لإعادة بناء شعور الأمل لدى الأطفال في عالم خذلهم".
واختتم مقاله " والآن تلقيت تعيينا كباحث زائر في جامعة سيراكيوز في نيويورك واستعد مع زوجتي لإعداد أطفالنا لأيامهم الأولى في مدرستهم الأمريكية الجديدة، وأنا أرى أنه إذا كان هناك أي أمل في المستقبل فإن أطفال غزة يحتاجون إلى واقع أفضل، واقع أقرب إلى ما يتمتع به الأطفال الأمريكيين، إنهم يحتاجون إلى طعام صحي ومياه نظيفة ومكان آمن للنوم في الليل، ويحتاجون إلى فصول دراسية حيث يمكنهم التعلم".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: غزة جباليا القوات الإسرائيلية أبو توهة إلى أخرى فی غزة

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: هل يؤدي إرسال قوات إلى الشرق الأوسط إلى احتواء القتال أم يشجع إسرائيل؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، اليوم السبت، أن المسئولين العسكريين في البنتاجون يناقشون ما إذا كان إرسال المزيد من القوات إلى الشرق الأوسط يساعد في منع اندلاع حرب أوسع نطاقا أو يشجع إسرائيل على عمليات التصعيد.

وأوضحت الصحيفة في تقرير تحليلي شارك في كتابته هيلين كوبر مراسلة في البنتاجون وإريك شميت مراسل الأمن القومي إنه مع توسع الهجوم الإسرائيلي في لبنان ليشمل التوغلات البرية وتكثيف الغارات الجوية، يناقش كبار المسئولين في البنتاجون ما إذا كان الوجود العسكري الأمريكي المعزز في المنطقة يحتوي حربا موسعة، كما كانوا يأملون، أم أنه يعمل على إشعالها.

وتابع التقرير أنه في الأشهر الـ12 التي مرت منذ طوفان الأقصى والحرب الإسرائيلية اللاحقة، والذي أطلق شرارة صراع يشمل اليمن وإيران ولبنان، أرسل البنتاجون مجموعة ضخمة من الأسلحة إلى المنطقة، بما في ذلك حاملات الطائرات، ومدمرات الصواريخ الموجهة، والسفن الهجومية البرمائية، وأسراب المقاتلات كما أعلن البنتاجون هذا الأسبوع أنه سيضيف آلاف من القوات وسيضاعف قوته الجوية في المنطقة بشكل أساسي.

ونقل عن الرئيس الأمريكي جو بايدن قوله إن المعدات العسكرية الأمريكية والقوات الإضافية موجودة هناك للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل وحماية القوات الأمريكية الأخرى في القواعد في جميع أنحاء المنطقة كما نقل عن نائبة المتحدثة باسم البنتاجون، سابرينا سينج قولها الخميس الماضي إن قيادة وزارة الدفاع تركز على حماية المواطنين والقوات الأمريكية في المنطقة، والدفاع عن إسرائيل وتهدئة الوضع من خلال الردع والدبلوماسية.

وأضافت أن الوجود الأمريكي الأوسع يهدف إلى "ردع العدوان والحد من خطر اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا"، لكن التقرير أشار إلى أن العديد من مسؤولي البنتاجون أعربوا عن قلقهم من أن إسرائيل تشن حملة عدوانية متزايدة ضد جماعة حزب الله اللبنانية، مع علمها أن أسطولا من السفن الحربية الأمريكية وعشرات الطائرات الهجومية على أهبة الاستعداد للمساعدة في صد أي رد إيراني.

ونقل عن دانا سترول، المسؤولة العليا في البنتاجون عن سياسة الشرق الأوسط حتى العام الماضي قولها: "في الوقت الحالي، هناك موقف كافٍ في المنطقة بحيث إذا تدخل الإيرانيون، يمكننا أن ندعم دفاع إسرائيل وسنفعل ذلك". وعن الحملة الإسرائيلية العدوانية المتزايدة ضد حزب الله، قالت: "إذا كنت إسرائيليًا ومخططًا عسكريًا، فإنك تريد أن تفعل كل ذلك أثناء وجود المعدات في المنطقة، وليس بعد رحيلها ".

وقال مسؤولون إن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز كيو براون جونيور، وهو طيار سابق لطائرات إف-16 وقاد القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط، أثار هذه القضية في اجتماعات في البنتاجون والبيت الأبيض كما تساءل عن تأثير الوجود الأمريكي الموسع في المنطقة وقدرة الجيش الأمريكي على الاستجابة السريعة للصراعات، بما في ذلك مع الصين وروسيا.

كما قال مسئول عسكري أمريكي كبير إن الجنرال براون ووزير الدفاع الأمريكي لويد جيه أوستن ومسؤولين آخرين حاولوا الموازنة بين احتواء الصراع وتشجيع إسرائيل، ومع ذلك قال مسؤول آخر إنه من الأسهل على إسرائيل أن تشن هجوما عندما تعلم أن "الأخ الأكبر" قريب، في إشارة إلى التواجد العسكري الأمريكي.

وأضافوا أن التعامل مع الإسرائيليين أصبح أكثر صعوبة بالنسبة للبنتاجون، حيث أوضحت إسرائيل أنها لن تبلغ الولايات المتحدة قبل أن تتخذ إجراءات ضد ما تعتبره تهديدات وجودية.

وأشار مسؤولون في الإدارة الأمريكية الأسبوع الماضي إلى أنهم تحدثوا إلى الإسرائيليين ويعتقدون أنهم وافقوا على توغل بري محدود في لبنان لكن غارات إسرائيل تبدو أشبه بعملية واسعة النطاق حتى الآن، كما قال مسؤولون آخرون.

ثم كانت هناك خطة إسرائيل لاغتيال زعيم حزب الله حسن نصر الله حيث قال المسؤولون إن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت أبلغ أوستن خلال مكالمة هاتفية أثناء تنفيذ العملية الإسرائيلية.

وقال مسؤولون في البنتاجون إن أوستن كان غاضبًا لأن الإسرائيليين لم يعطوا إشعارًا إضافيًا للسماح للقوات الأمريكية في المنطقة بزيادة التدابير الدفاعية ضد الانتقام الإيراني المحتمل.

لكن في نفس اليوم، قال البنتاجون إنه ينشر "بضعة آلاف" من القوات الأمريكية الإضافية في المنطقة بينما قال مسؤول في وزارة الدفاع إن العدد سيكون بين 2000 و3000 ويشمل أطقم الطائرات مع أسراب المقاتلات الثلاثة الإضافية، بالإضافة إلى الأفراد لصيانتها وتزويدها وحمايتها.

وتابعوا أن الجنرال مايكل كوريلا، رئيس القيادة المركزية للجيش الأمريكي، طلب القوات الإضافية لحماية القوات الأمريكية في المنطقة والمساعدة في الدفاع عن إسرائيل، عندما يأتي الانتقام الإيراني المتوقع.

وعندما ردت إيران على إسرائيل يوم الثلاثاء الماضي، أطلقت مدمرتان تابعتان للبحرية الأمريكية معًا عشرات الصواريخ الاعتراضية ضد الصواريخ الإيرانية، مما أدى إلى إسقاط حفنة منها، وقال المسؤولون إن السفن الحربية أطلقت أكثر من صاروخ اعتراضي على كل صاروخ قادم، على الرغم من أن إسرائيل تعاملت مع الجزء الأكبر من دفاعاتها بنفسها، باستخدام أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بها.

وحاولت إدارة بايدن منع الصراع في الشرق الأوسط من التفاقم خاصة أن البنتاجون كان يساعد أوكرانيا بالفعل في الدفاع ضد روسيا ويحاول التركيز على استراتيجية الأمن القومي، والتي تقول إن وزارة الدفاع يجب أن تركز على ما يسمى بالصراعات بين القوى العظمى مع روسيا والصين.

لكن الأهم من ذلك، أن مسؤولي وزارة الدفاع قلقون من أن الصراع في الشرق الأوسط سيسحب الموارد بعيدًا عن منطقة المحيط الهادئ، حيث يحاول الجيش تحويل المزيد من انتباهه، في حالة صراع على الأراضي المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي يؤدي إلى شيء أكبر.

وقال الجنرال براون في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك الأسبوع الماضي: "ما يحدث في جزء من العالم يؤثر على أجزاء أخرى من العالم". "يتعين علينا أن نتأكد من قدرتنا على التعامل حتى لا نتفاجئ في وقت لاحق لأننا نركز فقط على منطقة واحدة".

وتابع التقرير إن الإدارات الأمريكية المتعاقبة حاولت إخراج الجيش الأمريكي من الشرق الأوسط لما يقرب من عقد من الزمان ولكن المنطقة تستضيف مرة أخرى مجموعة متزايدة من القوة العسكرية الأمريكية بسبب إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • ما الذي تبقى من المؤسسات التعليمية في غزة بعد عام من الإبادة؟
  • "نيويورك تايمز" ترصد تأثيرات صراع الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي
  • “نيويورك تايمز”: كيف يؤثر تصاعد الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي؟
  • نيويورك تايمز: المجاعة بالسودان قد تصبح من أسوأ المجاعات في التاريخ
  • نيويورك تايمز: هل يؤدي إرسال قوات إلى الشرق الأوسط إلى احتواء القتال أم يشجع إسرائيل؟
  • «نيويورك تايمز»: جيش الاحتلال يكتشف أحد مخابئ يحيى السنوار في غزة.. فماذا حدث؟
  • «نيويورك تايمز»: إسرائيل تكتشف أحد مخابئ يحيى السنوار في غزة
  • "نيويورك تايمز": استقالات جماعية في الخدمة السرية الأمريكية
  • عاجل | نيويورك تايمز عن 3 مسؤولين إسرائيليين: الغارات استهدفت اجتماعًا لكبار قادة حـ.زب الله بينهم هاشم صفي الدين