المكان الوحيد الذي تذهب إليه الحيتان ليشاهدها الناس
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
بعد أن كادت الحيتان الرمادية في المحيط الهادئ أن تنقرض في بحيرة "سان إغناسيو" في المكسيك، يبدو أنها الآن تريد معرفة الناس، وفق ما أورد المرشد خوسيه سانشيز، لبي بي سي.
وأشار سانشيز، عندما اقترب حوت رمادي ضخم، للمرة الخامسة من فريق بي بي سي، وهم على سطح مركب ، في المكان الوحيد الذي تأتي فيه الحيتان لمشاهدة البشر.
وكانت هذه نزهة لرؤية قارب حيتان، في منطقة تعد الأندر التي تأتي فيها هذه الكائنات لمشاهدة البشر، حيث تطوف حولهم وتتأملهم.
وقال الفريق إن الحيتان كانت تتلذ بالقارب وكأنها تراقبهم مستمتعة، وقال أحدهم: "وعندما خرجت عين الحوت - التي يبلغ حجمها حجم كرة البيسبول تقريبًا من السطح والتقت بعيني للحظة، صرخت من شدة البهجة. لقد طُلب منا أن نبتعد عن الحيتان، ولكن ماذا يحدث عندما تأتي لمراقبتنا؟".
وتقع بحيرة سان إجناسيو على الساحل الغربي لشبه جزيرة باجا كاليفورنيا سور، وهي تعتبر آخر بحيرة تكاثر وولادة غير مضطربة لحوت المحيط الهادئ الرمادي، كما تعد محمية الحيتان المحمية موطنًا لأحد أكثر لقاءات الحياة البرية غرابة في العالم: هنا، تسعى الحيتان الفضولية بانتظام، وبشكل طوعي، إلى الاتصال بالبشر.
وفي بحيرة سان إجناسيو، تقترب الحيتان الرمادية الفضولية طواعية من القوارب والأشخاص،
وفي كل عام من يناير إلى منتصف أبريل، تصل آلاف الحيتان الرمادية إلى البحيرة خلال رحلة بطول 19300 كيلومتر من المياه الجليدية في القطب الشمالي إلى المياه الدافئة في باجا كاليفورنيا سور للتزاوج والولادة، وبينما أصبحت هذه المياه الآن آمنة للرضاعة والتكاثر، كانت الحيتان الرمادية تُصطاد هنا ذات يوم. ومع ذلك، يبدو أن الحيوانات تعلمت الآن أن تثق في البشر.
ولقد أثرت هذه اللقاءات الفريدة على الحفاظ على هذه العمالقة اللطيفة وحمايتها وحفزت تجربة مثيرة - ومسؤولة - لمشاهدة الحيتان لا مثيل لها في أي مكان آخر.
وعلى مدى أكثر من 50 عامًا، أظهرت الحيتان الرمادية في باجا أنها تبدو فضولية تجاه البشر، يعتقد علماء الأحياء البحرية أن مجموعة من الظروف تساهم في هذا السلوك الفريد.
ويقول الدكتور ستيفن شوارتز، باحث الحيتان الذي يدرس الحيتان الرمادية في لاجونا سان إجناسيو منذ 45 عامًا: "في البحيرة، اليوم، لا توجد تهديدات حقيقية، في حين أنه من المعروف أن الحيتان الرمادية تقترب أحيانًا من البشر في أماكن أخرى".
ووفقًا لشوارتز، فإن هذا هو المكان الوحيد الذي تفعل فيه ذلك بانتظام، حيث تتسكع الحيوانات وترتفع غالبًا فوق سطح الماء، مما يسمح للبشر بلمسها، ألامي في المحمية، غالبًا ما ترتفع الحيتان فوق الماء، وكأنها تطلب أن يتم لمسها.
ولعدم إرباك الحيتان، يجب على جميع القوارب إيقاف تشغيل محركاتها عندما تقترب الحيتان. والأهم من ذلك، لا يطارد مشغلو القوارب الحيتان أو يلاحقونها، و يقول شوارتز: "يضعك المرشدون في حضور الحيتان، ويتركون للحيتان أن تقرر ما إذا كانت ستأتي وتقول مرحبًا أم لا، ولكن لماذا يبدو أن الحيتان تأتي وتقول مرحبًا؟ ، الثدييات فضولية؛ فهي واعية بما يكفي لتعلم كل ما يتعلق ببيئتها، وتتعلم من خلال الاستكشاف"، كما يوضح شوارتز، مضيفًا "أن الأمهات تنقل هذا الفضول تجاه القوارب والأشخاص إلى صغارها، لكن الحيتان قادرة على التذكر".
ويقول شوارتز إن الحيتان بشكل عام حساسة للغاية، فهي تحب الفرك واللمس، وهذه هي الطريقة التي تتواصل بها. ولا تنشغل الحيتان الرمادية في المحيط الهادئ بالبحث عن الطعام، تفعل ذلك في القطب الشمالي، لذا ربما تكون أيضًا تشعر بالملل، كما يقترح.
وبينما لا نستطيع أن نعرف بالضبط لماذا تفعل الحيتان ما تفعله، فإن شوارتز وعلماء الأحياء البحرية الآخرين يتفقون جميعًا على أن الحيتان تقترب من القوارب طواعية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية المكسيك
إقرأ أيضاً:
موسم الورد في الجبل الأخضر.. شذى يملأ المكان
- مسارات خطرة متاحة للزوار بحاجة إلى تعزيزها بوسائل الأمان.
كانت إجازة عيد الفطر السعيد فرصة مناسبة للتفكير برحلة في ربوع سلطنة عمان، رغم أنني لم أتمتع بكامل أيامها، إذ تخللتها ثلاثة أيام من جدول مناوبات العمل، لكن ما بقي منها كان جديرًا بأن يُملأ ببرنامج رحلة. اتفقت الآراء مع الأصدقاء على أن تكون الوجهة نحو ولاية الجبل الأخضر. صحيح أن الاقتراح بدر مني، ولم يكن مدروسًا بعناية، وكان الهدف منه اختيار وجهة فحسب، لأطوي صفحة تعدد الآراء التي تمنهي غالبا في الموكوث حيث نحن، إلا أن الآراء سرعان ما اتفقت، إذ يصادف هذا التوقيت موسم حصاد الورد في ولاية الجبل الأخضر. هذا الموسم الذي يشد إليه محبو الطبيعة رحالهم، ليستمتعوا بمنظر الورد الزهري الذي يملأ مزارعها الممتدة على مساحات متعددة وبأحجام مختلفة، إضافة إلى زيارة مصانع استخلاص ماء الورد، تلك المصانع التقليدية التي تجذب إليها أعدادًا كبيرة من السياح، حيث تم استثمار عدد منها لتكون مزارات تعطي السياح نبذة عن طريقة استخلاص ماء الورد، الذي يدخل في صناعات غذائية وعطرية كثيرة.
انطلقنا من مسقط في الواحدة ظهرًا يوم الأربعاء، متجهين إلى ولاية الجبل الأخضر، متسلحين بالوقود اللازم وأكياس البطاطس وغيرها من "الخفايف"، التي لم تُشبع شغف صديقنا ملاح الرحلة أحمد الكلباني. فإذا به يقودنا نحو ولاية نزوى، أملًا في تناول طبق "آساي" بارد من أحد المقاهي، فكانت محطة دخيلة على الخطة، لكنها كفيلة بكسر حرارة الأجواء، التي بدت تتصاعد تدريجيًا مع مرور الأيام، غير أن هذه الحرارة بدأت تتناقص كلما سلكنا طريق الصعود باتجاه الجبل الأخضر.
لم تبدُ لنا مزارع الورد فور وصولنا إلى ولاية الجبل الأخضر، ولا حين توجهنا إلى وادي بني حبيب حيث تتركز مزارع الورد.
كان الطريق مزدحمًا بالسيارات المركونة على جانبيه، فلسنا الوحيدين الذين خططوا لأن تكون وجهتهم "الورد".
ركنا السيارة، ثم سلكنا الطريق مشيا خلف ملاح الرحلة أحمد الكلباني، العارف بمواقع المزارع، والتي يتطلب الوصول إليها مشيًا لمسافة لا بأس بها. كانت المسافة كفيلة بزيادة نبضات قلوبنا وصوت أنفاسنا المجهدة، إذ كان الطريق بين صعود وهبوط. وما إن اقتربنا من مزارع الورد، حتى شعرنا بروائح الورد قبل أن تقع أعيننا عليه، وكأن تلك المزارع التي تجود بالورد تستقبلنا بعطرها وشذاها الذي يملأ المكان.
ولم يكن غريبًا أن يستقبلنا مجموعة من الأطفال في إحدى المزارع بروح مرحة وفكاهة، متبسمين قبل أن نصل إليهم. وجدناهم يعرضون منتجات الجبل الأخضر من ماء الورد وزيت الزيتون وغيرها من المنتجات، لافتين إلى أن قطف الورد مسموح به في حدود مزرعتهم، مقابل شراء سلة من السعف ذات أحجام متعددة، اخترنا أنسبها، وهناك لم يبرحنا منظر العمال وهم يحملون أكياس الورد على رؤوسهم باتجاه مصانع التقطير.
رغم زيارتي لولاية الجبل الأخضر مرات عديدة، إلا أن هذه التجربة كانت فريدة حقًا. فالولاية، التي يشتهر أهلها وأرضها بزراعة الورد واستخلاص منتجاته، لم أزرها سابقًا في هذا الموسم. كان التجول بين حقول الورد مصحوبًا بشعور جميل، إذ لطالما شممت رائحة الورد الطائفي من خلال العطور والزهور، تلك الرائحة التي أعشقها وأبحث عن زجاجاتها في محلات العطور، لكنني اليوم بين تلك الروائح دون حائل صناعي، ولا زجاجة مرت بمراحل تصنيع وتغليف وتسويق. ها أنا هنا، أعيش روعة المنظر، والشذى المنتشر بالأرجاء.
ورغم كثافة الناس هناك وزحمة الزوار والسياح، التي قد تعكر صفو المكان وهدوءه، إلا أن للورد سطوة أقوى لإراحة الأعصاب وتعديل المزاج، بل وجذب الكاميرات إليه. فالروعة هناك لا توفيها اللقطات، حيث لسحر الطبيعة وقع خاص.
وبينما كنا نعيش تلك الأجواء الرائعة، أخذتنا الدقائق واللحظات عن ملاح الرحلة الذي بدا غاضبًا علينا. فقد كان ينتظرنا لننطلق نحو مسار خطير – إن صح الوصف – وهو مسار يمتد على مجرى ساقية تنتهي بهاوية تطل بشكل رهيب على مدرجات الجبل الأخضر الشهيرة. صحيح أنها تجربة مخيفة، لكنها لا تُنسى. وحريٌّ بالقائمين على الشأن السياحي في الولاية، والجهات المعنية، أن تعزز المكان بوسائل الأمان والحماية، حفاظًا على سلامة الزوار والسياح، الذين لا يعرفون تفاصيل المكان وماذا يخبئ لهم المسار المتاح للجميع.
السوجرة
لم يكن الكلباني غاضبًا بلا سبب منطقي، فقد أخرناه عن الوجهة التالية، وهي قرية السوجرة. انطلقنا مسرعين – نوعًا ما – نحو القرية، التي لم أزرها سابقًا، رغم مشاهدتي لها عدة مرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. قرية أستطيع وصفها بـ"الحالمة"، تحتضنها الجبال العملاقة، وكأنها نسجت من صخور الجبال طرقًا وبيوتًا أصبحت اليوم مستثمرة سياحيًا.
يصل إلى السوجرة الناس من مختلف الأماكن، لقضاء وقت بصحبة الهدوء والسكينة والظلام والجو الرائع. استطاعت عدة جهات أن تستثمر السوجرة، وتعرّف الزوار بتاريخها عبر لوحات فنية مليئة بالمعلومات. فالقرية بناها أبناء قبيلة الشريقي قبل أكثر من 500 عام، وعاشوا فيها، وكانوا مصدر إلهام للكثيرين، إذ تثير فيهم سؤالًا: "كيف وصلوا إلى هنا؟ وكيف بنوا بيوتهم". وقد حظيت القرية بالاهتمام في الألفية الجديدة، فتحولت إلى مشروع سياحي، بعد أن غادرها آخر سكانها عام 2014، وفق الوصف التعريفي للقرية.
مكثنا هناك حتى غابت الشمس، ثم عدنا أدراجنا إلى مسقط، محملين بكمٍّ هائل من الصور وبعض الورد. حاولتُ مشاركة بعض المقاطع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باحثًا عن أغنية مناسبة تحمل شذى الورد وعطر الحياة. فمرت عليّ أغنية طلال مداح، التي علقت في لساني حتى وصلنا إلى مسقط، بل حتى أثناء كتابة هذه الأسطر، وهي تراودني:
"وردك يا زارع الورد فتح ومال ع العود
كلك ربيع الورد منك الجمال موعود
وردك يا زارع الورد
وردك جميل محلاه فتح على غصنه
لما الندى حياه نوَّر وبان حسنه
ومال يمين وشمال .. وردك يا زارع الورد
جميل وماله مثال .. وردك يا زارع الورد
وردك يا زارع الورد
وردك يميل ويقول مين في الجمال قدي
دي سلوة المشغول في عيني وفي خدي".