دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ينتاب مهندس طيران طائرة "كونكورد"، وارن هازلبي، القشعريرة كلما تذكّر أول رحلة أسرع من الصوت خاضها من لندن إلى نيويورك في عام 2002.

ويتذكّر هازلبي دخوله قمرة القيادة وتأمّله لكل التفاصيل. 

وكان التصميم الداخلي أصغر من طائرات بوينغ من طراز 707 و747 التي عمل عليها طوال حياته المهنية، لكن مفاتيح التحكم كانت أكثر تعقيدًا.

شعر هازلبي بمزيج من الإثارة والقلق عندما جلس خلف الطيارين، مواجهًا لوحة هائلة من الأزرار والمفاتيح التي تتحكم في أنظمة الطائرة والمحركات والوقود.

طائرة "كونكورد" تهبط في مطار فيلتون في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2003 في مدينة برستول بإنجلترا.Credit: Matt Cardy/Getty Images

ورُغم طيرانها بسرعة أكبر من أي طائرة ركاب تجارية أخرى في التاريخ، لم تخضع "كونكورد" أبدًا للتحديث بتقنيات القرن الـ21. وكان الحاسوب المسؤول عن التعامل مع هذه المعدات المعقّدة بشريًا.

وباعتباره مهندس طيران، كانت مهمة هازلبي هي تشغيل مفاتيح التحكّم، أي إجراء التعديلات اللازمة لضمان اختراق الطائرة لحاجز الصوت بأمان للوصول إلى سرعات تزيد عن 2 ماخ.

في ذلك اليوم الأول، نظر هازلبي إلى اللوحة الممتدة من الأرض إلى السقف وشعر "بالتوتر الشديد". وكان زملاؤه من مهندسي الطيران قد حذّروه من أن متطلبات "كونكورد" تستهلك كل الوقت، أي لن يكون لديه الوقت الكافي لتناول الطعام أو شرب فنجان من القهوة طوال مدة الرحلة.

داخل قمرة القيادة في طائرة "كونكورد" التابعة للخطوط الجوية البريطانية.Credit: Tim Matsui/Getty Images

ونشأ هازلبي وهو يراقب الطائرات بالقرب من مسقط رأس "كونكورد" في جنوب غرب إنجلترا. 

وبدأ مسيرته المهنية كمتدرب في مجال الهندسة عندما كان يبلغ من العمر 16 عامًا لصالح شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار (BOAC)، التي سبقت الخطوط الجوية البريطانية.

وقد أعجب بطائرة كونكورد لسنوات، ثم وجد نفسه أخيرًا خلف أدوات التحكم في طائرة نفاثة أسرع من الصوت.

وأكّد هازلبي لـ CNN: "تمثل المرة الأولى التي تمر فيها عبر حاجز الصوت تجربة رائعة".

كان مزامنة الساعات خطوة مهمة قبل الرحلة بالنسبة لطاقم طائرة "كونكورد" داخل قمرة القيادة.Credit: Warren Hazelby

ورغم التوتر، والإجهاد، شعر هازلبي برضا  لا مثيل له من مهنة ذات ضغوطات عالية.

وأشار هازلبي إلى أن "كونكورد" كانت بمثابة طائرة أحلام أي مهندس طيران، وأوضح: "عندما تفعل كل شيء بشكل صحيح، وتشغّل كونكورد بشكل جيد، فإنك تحصل على شعور كبير بالإنجاز. وفي نهاية الرحلة، تشعر بالإرهاق، لكنك تجاوزت كل هذه المراحل المختلفة، وأوصلت الركاب بأمان إلى وجهتهم في غضون ثلاث ساعات وربع الساعة. انتابني شعور خاص للغاية عندما وصلت إلى نيويورك".

العقل المدبر وراء الطائرة

واليوم، عندما يخبر هازلبي الناس أنه كان مهندس طيران على متن طائرة "كونكورد"، فإنه يتلقى نظرات مستغربة، إذ نادرًا ما تجد أحدًا يعلم بوجود مهندسي الطيران، على حدّ تعبيره.

كان على طاقم طائرة "كونكورد" مراقبة محركات الطائرة الأسرع من الصوتCredit: Suzanne Plunkett/CNN

ولا تساعد حقيقة اختفاء هذه المهنة منذ أكثر من 20 عامًا في تخفيف الارتباك، إذ تولّت أجهزة الحاسوب مهام مهندس الطيران بالكامل في مجال الطيران التجاري على الأقل.

ولكن شكل مهندسو الطيران عنصراً حاسماً خلال العقود الأولى من السفر بالطائرات النفاثة، إذ كانوا مسؤولين عن مراقبة أنظمة الطائرات طوال الرحلة.

على متن "كونكورد" حلقت الرحلة الأخيرة لطائرة "كونكورد" فوق برستول في جنوب غرب إنجلتراCredit: Lewis Whyld/Shutterstock

انضم هازلبي إلى طاقم "كونكورد" كمهندس طيران متمرس، لكنه سرعان ما أدرك أن القيام بهذه المهمة على متن طائرة أسرع من الصوت كان لعبة أخرى تمامًا.

وقال هازلبي: "على متن طائرة بوينغ 747، تقود الطائرة نفسها بشكل كبير بمجرد الإقلاع، وإجراء فحوصات ما بعد الإقلاع، والدخول في وضع الطيران. كان يجب فقط التعامل مع الملاحة ونظام الوقود، ولكن كان الأمر آليًا إلى حدٍ كبير لبقية المهمة".

أمّا على متن طائرة "كونكورد"، نظرًا لضرورة تغيير السرعة والارتفاع طوال الوقت، لم تكن هناك فترة ينعدم فيها الانشغال، وفقًا لهازلبي. 

العمل كفريق

وعلى متن طائرة "كونكورد"، تعلم هازيلبي بسرعة أن الطيار والمساعد الأول ومهندس الطيران يعملون كفريق مترابط للغاية. 

وكان الثلاثي يضبطون ساعاتهم بمجرد بدء مناوبتهم. وخلال الرحلة، كان كل عضو في قمرة القيادة يعتمد على الآخر.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: إنجلترا الطيران طائرات طيران على متن طائرة قمرة القیادة من الصوت

إقرأ أيضاً:

ملاذ فوق السحاب: شركات طيران تحافظ على سحر الدرجة الأولى

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يشهد السفر في مقصورة الدرجة الأولى الراقية والفخمة  لمسافات طويلة، تراجعًا بين الكثير من المسافرين. فالعديد من شركات الطيران مثل "الخطوط الأمريكية" و"القطرية" و"يونايتد" بدأت بتقليص عروض الدرجة الأولى الدولية رفيعة المستوى، محوّلة تركيزها نحو مقاعد مقصورات درجة رجال الأعمال المحسّنة، لاعتقادها أنها أكثر ربحية وتلبي احتياجات معظم المسافرين. 

وقد أعلن الرئيس السابق لإيرادات الخطوط الأمريكية، فالسو راجا، في حديث سابق مع CNN العام 2022، أنه لن تدرج مقاعد الدرجة الأولى في رحلاتها الدولية المستقبلية بسبب قلة الإقبال عليها.

غير أن هذا التوجه لا يسري على كل شركات الطيران، فـ"إير فرانس" و"الإمارات" و"لوفتهانزا" تواصل استثمارها في تطوير وتحسين خدمات الدرجة الأولى، ساعية إلى توفير تجربة سفر فاخرة وشخصية لمن يرغبون بدفع المزيد من أجل هذه الرفاهية الاستثنائية.  

فتيم كلارك، رئيس شركة "الإمارات" للطيران، صرّح لموقع "سكيفت" (SKIFT) في العام 2023: "الدرجة الأولى لا تزال تحظى بأهمية كبيرة بالنسبة لنا". 

وفي مارس/ آذار الماضي، قدّمت كل من "إير فرانس" و"لوفتهانزا" نسخًا جديدة من خدماتهما الفاخرة، فطرحت "إير فرانس" منتجها "لا بروميير" الذي وصفه بن سميث، الرئيس التنفيذي لشركة "إير فرانس-كيه إل إم" بأنها "قريبة جدًا من تجربة الطائرة الخاصة"، كما تقدم خدمات حصرية على الأرض في مركز الشركة بباريس. 

تُقدّم "إير فرانس" حزمة "لا بروميير" الجديدة لرحلاتها إلى نيويورك (مطار جون إف. كينيدي) هذا الربيع. وفي نهاية المطاف، ستجهّز 19 من طائراتها بوينغ 777-300ER كي تتماثل مع هذا المنتج الفاخر.

أما "لوفتهانزا"، فتركز على الخصوصية في جناح "أليغريس" للدرجة الأولى. ووصف هايكو رايتز، الرئيس التنفيذي لخدمة الزبائن في الشركة، الخدمة بأنها تكرّس "الفردية". كل شيء في هذه الأجنحة الجديدة، من وضعية المقعد، إلى درجة الحرارة، وتدفق الهواء، يمكن للمسافر التحكم فيها.

وقال رايتز في عرض تمهيدي للمنتج: "أردنا ابتكار ملاذ فوق السحب. هذا المكان ليس مقعدًا، بل غرفة معيشة، منطقة تشعر فيها بالراحة والحميمية". 

قطاع السفر الفاخر والنمو قال تيم كلارك، رئيس طيران الإمارات، إن الدرجة الأولى تبقى "مهمة للغاية" للشركة. Credit: Arnulf Hettrich/imageBROKER/Shutterstock

يشهد قطاع السفر الفاخر ازدهارًا كبيرًا، ذلك أنّ شركات الطيران تستثمر بشكل كبير في عروض الدرجة الأولى ودرجة رجال الأعمال. يشكّل مردود هذه المقصورات حوالي 15% من إجمالي الإيرادات، رغم أنها تمثل فقط نسبة 3% من الركاب، بحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA).

 لقد نما السفر الفاخر بشكل كبير، إذ زاد عدد مسافرين الدرجة الأولى والدرجة الممتازة بمعدّل أسرع بمرّتين تقريبًا من مسافري الدرجة الاقتصادية بين يناير/ كانون الثاني 2023، ومايو/ أيار 2024. وأدى هذا النمو إلى استثمارات ضخمة، مثل استثمار لوفتهانزا البالغ 2.5 مليار يورو (2.8 مليار دولار) في منتج "أليغريس"، بالإضافة إلى استثمارات مماثلة من قبل شركات "الإمارات" و"إير فرانس" و"الخطوط الأمريكية" بهدف تحسين خدماتها الفاخرة.

مقالات مشابهة

  • وظائف شاغرة بشركة سابك للرجال والنساء
  • طيران العدوان الأمريكي يستهدف منشأة تعليمية في البيضاء
  • طيران العدوان الأمريكي يشن خمس غارات على صعدة والحديدة
  • لا حاجة لجواز السفر والتذاكر .. منظمة الطيران المدني تقرر تغيير طريقة السفر جذريا
  • ملاذ فوق السحاب: شركات طيران تحافظ على سحر الدرجة الأولى
  • جوزيف بيلزمان مهندس خطة ترامب لتهجير غزة
  • ماكلارين الأسرع في تجارب «جائزة البحرين»
  • روجيه فيدرر من أيقونة التنس إلى مهندس الابتكار الرياضي
  • شركة تابي توفر وظائف شاغرة
  • تصادم بين طائرتين على المدرج