مهندس طيران يكشف تجربة تشغيل طائرة كونكورد الأسرع من الصوت
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- ينتاب مهندس طيران طائرة "كونكورد"، وارن هازلبي، القشعريرة كلما تذكّر أول رحلة أسرع من الصوت خاضها من لندن إلى نيويورك في عام 2002.
ويتذكّر هازلبي دخوله قمرة القيادة وتأمّله لكل التفاصيل.
وكان التصميم الداخلي أصغر من طائرات بوينغ من طراز 707 و747 التي عمل عليها طوال حياته المهنية، لكن مفاتيح التحكم كانت أكثر تعقيدًا.
شعر هازلبي بمزيج من الإثارة والقلق عندما جلس خلف الطيارين، مواجهًا لوحة هائلة من الأزرار والمفاتيح التي تتحكم في أنظمة الطائرة والمحركات والوقود.
طائرة "كونكورد" تهبط في مطار فيلتون في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2003 في مدينة برستول بإنجلترا.Credit: Matt Cardy/Getty Imagesورُغم طيرانها بسرعة أكبر من أي طائرة ركاب تجارية أخرى في التاريخ، لم تخضع "كونكورد" أبدًا للتحديث بتقنيات القرن الـ21. وكان الحاسوب المسؤول عن التعامل مع هذه المعدات المعقّدة بشريًا.
وباعتباره مهندس طيران، كانت مهمة هازلبي هي تشغيل مفاتيح التحكّم، أي إجراء التعديلات اللازمة لضمان اختراق الطائرة لحاجز الصوت بأمان للوصول إلى سرعات تزيد عن 2 ماخ.
في ذلك اليوم الأول، نظر هازلبي إلى اللوحة الممتدة من الأرض إلى السقف وشعر "بالتوتر الشديد". وكان زملاؤه من مهندسي الطيران قد حذّروه من أن متطلبات "كونكورد" تستهلك كل الوقت، أي لن يكون لديه الوقت الكافي لتناول الطعام أو شرب فنجان من القهوة طوال مدة الرحلة.
داخل قمرة القيادة في طائرة "كونكورد" التابعة للخطوط الجوية البريطانية.Credit: Tim Matsui/Getty Imagesونشأ هازلبي وهو يراقب الطائرات بالقرب من مسقط رأس "كونكورد" في جنوب غرب إنجلترا.
وبدأ مسيرته المهنية كمتدرب في مجال الهندسة عندما كان يبلغ من العمر 16 عامًا لصالح شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار (BOAC)، التي سبقت الخطوط الجوية البريطانية.
وقد أعجب بطائرة كونكورد لسنوات، ثم وجد نفسه أخيرًا خلف أدوات التحكم في طائرة نفاثة أسرع من الصوت.
وأكّد هازلبي لـ CNN: "تمثل المرة الأولى التي تمر فيها عبر حاجز الصوت تجربة رائعة".
كان مزامنة الساعات خطوة مهمة قبل الرحلة بالنسبة لطاقم طائرة "كونكورد" داخل قمرة القيادة.Credit: Warren Hazelbyورغم التوتر، والإجهاد، شعر هازلبي برضا لا مثيل له من مهنة ذات ضغوطات عالية.
وأشار هازلبي إلى أن "كونكورد" كانت بمثابة طائرة أحلام أي مهندس طيران، وأوضح: "عندما تفعل كل شيء بشكل صحيح، وتشغّل كونكورد بشكل جيد، فإنك تحصل على شعور كبير بالإنجاز. وفي نهاية الرحلة، تشعر بالإرهاق، لكنك تجاوزت كل هذه المراحل المختلفة، وأوصلت الركاب بأمان إلى وجهتهم في غضون ثلاث ساعات وربع الساعة. انتابني شعور خاص للغاية عندما وصلت إلى نيويورك".
العقل المدبر وراء الطائرةواليوم، عندما يخبر هازلبي الناس أنه كان مهندس طيران على متن طائرة "كونكورد"، فإنه يتلقى نظرات مستغربة، إذ نادرًا ما تجد أحدًا يعلم بوجود مهندسي الطيران، على حدّ تعبيره.
كان على طاقم طائرة "كونكورد" مراقبة محركات الطائرة الأسرع من الصوتCredit: Suzanne Plunkett/CNNولا تساعد حقيقة اختفاء هذه المهنة منذ أكثر من 20 عامًا في تخفيف الارتباك، إذ تولّت أجهزة الحاسوب مهام مهندس الطيران بالكامل في مجال الطيران التجاري على الأقل.
ولكن شكل مهندسو الطيران عنصراً حاسماً خلال العقود الأولى من السفر بالطائرات النفاثة، إذ كانوا مسؤولين عن مراقبة أنظمة الطائرات طوال الرحلة.
على متن "كونكورد" حلقت الرحلة الأخيرة لطائرة "كونكورد" فوق برستول في جنوب غرب إنجلتراCredit: Lewis Whyld/Shutterstockانضم هازلبي إلى طاقم "كونكورد" كمهندس طيران متمرس، لكنه سرعان ما أدرك أن القيام بهذه المهمة على متن طائرة أسرع من الصوت كان لعبة أخرى تمامًا.
وقال هازلبي: "على متن طائرة بوينغ 747، تقود الطائرة نفسها بشكل كبير بمجرد الإقلاع، وإجراء فحوصات ما بعد الإقلاع، والدخول في وضع الطيران. كان يجب فقط التعامل مع الملاحة ونظام الوقود، ولكن كان الأمر آليًا إلى حدٍ كبير لبقية المهمة".
أمّا على متن طائرة "كونكورد"، نظرًا لضرورة تغيير السرعة والارتفاع طوال الوقت، لم تكن هناك فترة ينعدم فيها الانشغال، وفقًا لهازلبي.
العمل كفريقوعلى متن طائرة "كونكورد"، تعلم هازيلبي بسرعة أن الطيار والمساعد الأول ومهندس الطيران يعملون كفريق مترابط للغاية.
وكان الثلاثي يضبطون ساعاتهم بمجرد بدء مناوبتهم. وخلال الرحلة، كان كل عضو في قمرة القيادة يعتمد على الآخر.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: إنجلترا الطيران طائرات طيران على متن طائرة قمرة القیادة من الصوت
إقرأ أيضاً:
مهندس خطة الجنرالات: إستراتيجية إسرائيل في غزة فشلت
نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، مقالا للجنرال المتقاعد غيورا آيلاند، صاحب خطة الجنرالات، ينتقد فيه إستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في الحرب على غزة، مشيرا إلى أن الضغط العسكري وحده لم يكن كافيا لتحقيق أهداف إسرائيل.
وفي مقاله الذي حمل عنوان "استنتاجات حرب غزة: الضغط العسكري لا يكفي"، أكد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد أن أحد أكبر الأخطاء كان تبني الرواية الأميركية التي تساوي بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتنظيم الدولة الإسلامية.
ووفقا لآيلاند، فإن حماس ليست مجرد "تنظيم إرهابي فرض نفسه على سكان غزة"، بل هي "دولة غزة" التي أعلنت الحرب على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مشيرا إلى أن الحروب بين الدول عادة ما تتضمن فرض حصار اقتصادي على العدو.
وبحسب هذه الرؤية، فإن إسرائيل لم تكن ملزمة بتزويد غزة بجميع احتياجاتها الأساسية في هذه الحرب، بل كان بإمكانها تشديد الحصار بشكل أكبر، على حد زعمه.
استغلال نقاط ضعف حماسأما الخطأ الثاني الذي أشار إليه آيلاند هو فشل إسرائيل في استغلال نقاط ضعف "العدو"، حيث قال "تهدف الحروب إلى إجبار الطرف الآخر على التصرف ضد إرادته"، وإن هناك 3 طرق رئيسية لتحقيق هذا الهدف، حسب رأيه:
إعلان تطبيق عقوبات اقتصادية على العدو، مما يخلق غضبا ومرارة بين السكان، وهذا هو جوهر خطة الجنرالات التي اقترحها، ويتم تطبيقها الآن في شمال غزة، ولكن بشكل تدريجي. دعم حكومة بديلة داخل غزة، وهو ما رفضته إسرائيل طوال فترة الحرب. التهديد بفقدان الأراضي (التهجير بمعنى آخر)، وهي إستراتيجية لم تجربها إسرائيل بعد، على حد زعمه.وبحسب الجنرال، فإن إسرائيل قد اختارت إستراتيجيات تقليدية تركز على الضغط العسكري فقط، وهو ما كان خطأ فادحا لأنها لم تأخذ في الاعتبار أن حماس أعدت نفسها لمدة 15 عاما لمواجهة هذا النوع من الضغوط.
أما الخطأ الثالث الذي ذكره آيلاند، فكان فشل إسرائيل في وضع خطة سياسية واضحة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب. وأشار إلى أنه في زيارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن إلى إسرائيل عقب هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، سُئل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن خطط إسرائيل للمرحلة التالية من الحرب، وكانت إجابة نتنياهو خالية من أي مضمون أو خطة محددة، حيث قال "عندما نصل إلى اليوم التالي، سنتحدث عن اليوم التالي".
ويرى آيلاند في تصريح نتنياهو إهانة وتخليا عن الحاجة إلى رؤية سياسية لإدارة مرحلة ما بعد الحرب. وعلى حد تعبيره، كان من الأفضل لو أن الحكومة الإسرائيلية أوضحت موقفها بأن إسرائيل ليس لها مصلحة إقليمية أو سياسية في غزة، بل لها مصلحة أمنية تتلخص في نزع السلاح الكامل للمنطقة. وكان يجب على إسرائيل أن تكون مستعدة لمناقشة أي خطة مع الدول العربية أو الغربية تتعلق بتوفير بديل سياسي يمكن أن يضمن نزع السلاح بشكل دائم.
تجارب تاريخية فاشلةأشار آيلاند إلى أن أكبر الأخطاء التي يمكن أن تقع فيها الدول خلال الحروب هي تحديد الأهداف دون مناقشة جادة وعميقة حول الوسائل المناسبة لتحقيقها. واستشهد الجنرال ببعض الأمثلة التاريخية من الحروب القديمة، مثل الغزو الفرنسي لروسيا بقيادة نابليون، حيث اعتقد نابليون أن جيشه القوي سيهزم الجيش الروسي "الأدنى"، وهو انتصار سيسمح له بتحقيق هدفه: قطع تحالف روسيا مع بوروسيا وإنجلترا.
إعلانوقال آيلاند إن نابليون لم يأخذ في الاعتبار حجم روسيا ولا الشتاء القاسي ولا احتمال أن يقرر الروس، بدلا من التصرف وفقا للسيناريو الذي ابتكره، التراجع أثناء خلق أرض محروقة.
كما تطرق لتجربة الزعيم الألماني هتلر الذي افترض أن "تفوق العرق الآري" على الشعوب السلافية "الأدنى" كان كافيا للفوز والحصول على "مساحة معيشة" في الشرق. وعرّج كذلك على خطأ الولايات المتحدة في حرب فيتنام، حينما اعتقد وزير الدفاع ماكنمارا أن التفوق العسكري الأميركي كان كافيا لإسقاط فيتنام الشمالية.
وخلص إلى القول، "إن الذهاب إلى الحرب دون إجراء نقاش مؤثر حول العلاقة بين أهداف الحرب والوسائل المناسبة لتحقيقها هو الخطأ الكلاسيكي في التاريخ، وقد حدث لنا أيضا".
الفشل في تحرير الأسرى وإنهاء حماسوفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي مع حماس، لفت آيلاند إلى أن الضغط العسكري نجح جزئيا في إضعاف القوة العسكرية لحماس، لكنه لم يكن كافيا لتحقيق الهدفين الرئيسيين: تحرير الأسرى وإنهاء حماس. ولذلك، فإن إسرائيل بحاجة إلى إستراتيجية مختلفة تستهدف نقاط ضعف العدو، لا قوته.
وختم آيلاند مقاله بالتأكيد على أن إسرائيل بحاجة إلى إعادة تقييم إستراتيجياتها العسكرية والسياسية في الحروب القادمة. فالضغط العسكري وحده لا يكفي لتحقيق الأهداف الكبرى في الصراعات، بل يتطلب الأمر التفكير العميق في الوسائل الاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تؤدي إلى انهيار النظام المعادي وتحقيق الأهداف الأمنية والسياسية على المدى البعيد.
وبحسب الجنرال، فإن الفشل في تبني هذه الإستراتيجيات قد يؤدي إلى نتائج غير مضمونة ويطيل أمد الحرب على القطاع دون تحقيق الانتصار الشامل.