أفعال لا أقوال: رجال يفضلون الاستشهاد على الحياة.. فتحية إجلال وتقدير لخير أجناد الأرض
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تحتفل مصر والأمة العربية اليوم الأحد الموافق 6 أكتوبر 2024 بالذكرى الحادية والخمسين على انتصار حرب أكتوبر العظيم،حين حطم الجيش المصري الباسل أسطورة خط بارليف الحصين و"مرمغ" بأنوف الصهاينة التراب، وفي هذه المناسبة المجيدة نهدي تحية إجلال وتقدير لأبطال القوات المسلحة الذين بذلوا أروحهم دفاعًا عن تراب الوطن، وتذكيرًا للأجيال الحالة والقادمة ببطولات رجال مصر البواسل.
ورغم أنني لم يحالفني الحظ لنيل شرف التجنيد في الجيش المصري.. ويشهد الله أنها كانت أمنية تلازمني طوال حياتي رغم أنني أدرك تمامًا أنها رغبة مستحيلة المنال.. لكنها كانت أشبه بالحلم الذي يراودك وتتمناه وأنت تدرك تمامًا أنه لن يتحقق.. لكنني استعضت عن هذا الرجاء ببدائل أخرى تمثلت في تقمص دور رجل القوات المسلحة في تعاملاتي مع الآخرين قدر المستطاع طبعًا.
وكان السؤال الذي يلح على ذهني دومًا وأحاول البحث له عن إجابة.. ما سر هذه القوة الهائلة والطاقة غير المحدودة في نفوس هؤلاء الفدائيين الأبطال الذين غيروا بل قلبوا جميع نظريات علم النفس والاجتماع التي طالما كانت تجزم أن الحرص على الحياة هي أقوى محفزات السلوك الإنساني الذي يحكم جميع تصرفات البشر في كل المواقف.. فإذا بنا أمام نموذج فريد من الرجال الذين يسعون إلى الاستشهاد وتقديم الروح والدم فداء لتراب الوطن وزودًا عن أهاليهم الذين وضعوا في أعناقهم أمانة الدفاع عن كل شبر في مصر.
فبقراءة بسيطة عن ملاحم هؤلاء الأشراف الذين يستحبون الموت في سبيل الله ومصر على الحياة في رغد العيش.. ويتركون أبنائهم وزوجاتهم وأمهاتهم وآبائهم وأخوانهم ويزهدون في كل متاع الحياة ويقدمون حياتهم فداءً وتضحية لهذا البلد الأمين.. نعم، بقراءة عابرة لهذه القصص البطولية.. يعجز خيال أي كاتب عن تأليف مثلها ستجد أنك أمام طائفة مختلفة من البشر.
لم يعتريني أي اندهاش وأنا أسمع هذه المعلومة التي تقول أن خريجي الكليات العسكرية قاطبة يدونون الخدمة في سيناء كرغبة أولى.. وكيف أندهش وأنا الذي اتيح له شرف القرب من رجال عظماء من أبناء القوات المسلحة.. ذات مرة ذهبت لتقديم العزاء في والدة أحد أصدقائي من رجال القوات المسلحة الباسلة وهو يتميز برقة المشاعر ونبل الأحاسيس لدرجة أنني كنت أحمل هموم ملاقاته حزينًا متأثرًا لرحيل والدته.. إلا أنني فوجئت بوجهه الباسم المؤمن بقضاء الله ووجدت أبنائه حوله في سرداق العزاء بل هو الذي كان يواسيني قبل نفسه قائلًا: "يا عادل هو الموت ده حق ولا مش حق.. وبعدين يا سيدي انا كل يوم اقرأ الشهادة أول ما افتح عيني من النوم وأحرص على تعليم أولادي أنني إذا استشهدت فعليهم أن يكونوا في قمة السعادة والفخر.. ويدعون الله أن يلحقهم بي على خير لنيل الشهادة".
ولم أستغرب ونحن أمام حالة الشهيد احمد المنسي الذي أصيب من قبل وكان بإمكانه أن يحصل على استراحة محارب ويطلب نقله من الخدمة في سيناء ويكفيه ما قدم دفاعًا عن كل حبة رمل في سيناء.. إلا أنه عصف بجميع المشاعر الإنسانية التي تقوم على الخوف والرغبة في الحياة والراحة بين الأهل والأحباب.. وأبى إلا أن يجلب الشرف لأهله ولزملائه ولمصر كلها وهو يلقى ربه شهيدًا.
وكيف أندهش وأنا أسمع حكاية محمود وأبانوب اللذين امتزجت دمائهما الطاهرة وهما يتسابقان على الاستشهاد في سبيل أن تبقى مصر حرة أبية ويواجهون رصاصات الغدر والخسة والنذالة والخيانة التي تحيك المكر السيء ضد بلادنا ولكن يأبى الله إلا أن يحفظ مصر طاهرة من أي دنس.
بكل تأكيد لم يجرب أحد بيننا طعم الموت ليحدثنا عما رأى وسمع وذاق.. وكأن الله جل وعلى أراد أن تظل صورة هذه الحياة الأخرى مفتوحة بلا أي قيود أمام خيالنا لنرسم لها الملامح التي نتمنى أن تكون عليها.. لكن الأمر المؤكد أننا جميعًا نشعر بالخزي إذا ما وافتنا المنية ونحن نرفل في النوم العميق.. أمام هذا الرقي والسمو الشعوري الذي يناله الشهداء الذين تروي دمائهم الطاهرة تراب العزة فداء للوطن.
خير الكلام:
(مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) صدق الله العظيم
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: القوات المسلحة إلا أن
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: الرحمة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي
أكد د.عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن الرحمة ليست مجرد قيمة أخلاقية، بل هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي.
وأوضح الورداني خلال حلقة برنامج «مع الناس»، المذاع على قناة «الناس»، أن المجتمع الذي يغيب عنه التراحم لا يمكن وصفه بالمجتمع الرباني، لأنه فقد أحد أهم المعاني التي أرادها الله في خلقه.
وقال الورداني، إن بداية تكوين الإنسان نفسه تنطلق من الرحمة، مستشهدًا بأن كلمة «الرحم» التي يولد منها الإنسان مشتقة من «الرحمة»، وهو ما يجعل الرحمة جزءًا أصيلًا من تكوين المجتمع من لحظة الميلاد، مضيفا، أنه كما يبدأ القرآن الكريم بـ(بسم الله الرحمن الرحيم)، ينبغي أن يبدأ المجتمع أيضًا بالرحمة كمنهج وسلوك.
وأكد أمين الفتوى، أن القرآن الكريم هو كتاب من كتب الرحمة، والمجتمع يجب أن يكون كتابًا آخر تتجلى فيه معاني الرحمة والمودة، مستشهدًا بقول الله تعالى: «إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب»، مشيرًا إلى أن المجتمع الذي يسير في طريق الله لا يقوم إلا على المحبة والتآلف.
وتطرق الورداني، إلى التحديات التي تواجه العالم المعاصر، من تدهور في القيم إلى قسوة في العلاقات الإنسانية، معتبرًا أن هذه المظاهر علامات على سقوط حضارات لم تجعل الرحمة ضمن بنيانها.
وقال إن الحضارات التي تنسى البعد الإنساني مصيرها الزوال، مهما بلغت من تقدم مادي، لافتا إلى أن التحديات الكبرى مثل الأزمات البيئية والصراعات لا ينبغي أن تفصل الإنسان عن رحمته، بل هي فرص لإعادة اكتشاف معنى الرحمة في السلوك اليومي والمواقف الجماعية، مضيفا أن الكون ليس ملكًا لنا وحدنا، بل هو لله، ونحن لسنا بمفردنا فيه، الله معنا، وسبقت رحمته كل شيء.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن ما يدفع الإنسان للخير والدعاء والمساندة ليس إلا شعورًا داخليًا نقيًا بالرحمة، وهي التي تمنحه الكرامة، وتربطه بخالقه، وتمنعه من الانجرار خلف القسوة، قائلًا: "بدأنا من عند الله، وبدأنا بالرحمة، فهي التي تُبقي على إنسانيتنا حيّة.
اقرأ أيضاًأمين الفتوى: إساءة معاملة السياح إضرار بالمال العام وهذا محرم فى الإسلام
أمين الفتوى: العمل هو السبيل للتغلب على الصعوبات.. والتسول أصبح مهنة
أمين الفتوى: محبة النبي لأمته حقيقة ممتدة عبر الزمان