عائلة من غزة تسترجع ذكريات عام من الفقد والنزوح
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
ضمن تقرير لها عما تعانيه العائلات في غزة، أوردت صحيفة غارديان واقع عائلة البرعاوي في ظل حرب إسرائيل على غزة، حيث بدأت بصباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين استيقظت نعمة البرعاوي مبكرا لتجهيز أطفالها للمدرسة وتجهيز الخبز كالعادة.
ففي تمام الساعة 6:29 صباحا، سمعت السيدة البالغة من العمر 36 عاما صوت الصواريخ التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) باتجاه إسرائيل من على مقربة من منزلها في بيت لاهيا شمالي القطاع.
وسرعان ما انتشرت شائعات بأن حماس اخترقت حدود إسرائيل، فقررت نعمة أن تبقي أطفالها الخمسة في المنزل، ومن دون أن تعلم التفاصيل، كانت متأكدة من أن رد فعل إسرائيل سيكون مروعا، فباشرت بجمع الوثائق المهمة وحزمت بعض الملابس.
وفي البيت المجاور، كان يوسف البرعاوي، ابن أخيها البالغ من العمر 22 سنة، يستعد للذهاب إلى جامعة بيت لاهيا حيث يدرس الطب، عندما سمع صوت الصواريخ، وقال معلقا على هذه اللحظة "تغيرت بعدها حياتنا كلها، وما زلنا لا نعرف إن كان ما نعيشه اليوم حلما أم واقعا، لأن ما شهدناه يفوق الخيال".
(الجزيرة) "لم يبق أحد"وبعد أسبوع، أمر الجيش الإسرائيلي سكان بيت لاهيا بإخلاء منازلهم، فتوجهت نعمة إلى الجنوب مع أطفالها لكن زوجها، وهو مزارع يبلغ من العمر 40 عاما، بقي لرعاية والديه المسنين اللذين لم تسمح لهما حالتهما الصحية بالانتقال، كما بقي يوسف أيضا آملا بأن يفيد الآخرين بصفته طبيبا شابا.
ونجا يوسف في الأسابيع الأولى من الحرب، وبعد وقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني، وفي الساعة 6:20 صباحا في أول يوم استؤنفت فيه الأعمال العدائية، غادر يوسف منزل جده بحثا عن اتصال أفضل بالإنترنت في مبنى قريب، وفجأة هز الأرض انفجار كبير.
أصيب يوسف برضوض وبقي في مكانه بضع دقائق مرتعشا تحسبا لوقوع غارة ثانية، ولكن لم تكن إصاباته خطيرة، فهرول عشرات الأمتار التي كانت تفصله عن منزل عائلته ليجده حطاما، ووصف تلك اللحظة للغارديان قائلا: "تجمدت في مكاني ولم أعد أشعر بأي شيء، وظللت أنظر إلى الركام الرمادي، أصبح منزل عائلتي قبرا".
كان بداخل المنزل والدا يوسف وشقيقه وجده و3 من أعمامه وعمته و8 من أبناء وبنات أخيه وبنات أخته، وكانت حصيلة الشهداء من عائلة البرعاوي يومها 30 شهيدا.
وأكمل يوسف: "ذهبت وتوضأت بصمت وصليت، ولكنني لم أستطع التكلم، لم تأت سيارات الإسعاف، ولكن بعض الناس تجمعوا حول المنزل، وانتظرنا حتى صباح اليوم التالي ثم بدأنا في استخراج جثث عائلتي. لقد كان من الصعب التعرف عليهم".
وفي رفح، في أقصى جنوب قطاع غزة، عثر أحد أقارب نعمة عليها في خيمتها لينقل لها رسالة مقتضبة مفادها أن "شيئا ما قد حدث" وأن "أشخاصا من عائلة البرعاوي قد استشهدوا"، وأمضت نعمة ساعة محمومة تحاول فيها معرفة المزيد، تتنقل مترنحة من خيمة إلى أخرى وهي تنتحب، وبعد أن عثرت على ابن عم آخر، وتوسلت إليه بأن يخبرها بالحقيقة، جاء الرد المرير: "لم يبق أحد".
"لن ننسى ولكن علينا المضي قدما"مر العام ثقيلا على أفراد العائلة، ولا يزال الناجون من عائلة البرعاوي يتذكرون حياتهم قبل الحرب ومنازلهم المزدحمة المفعمة بالحيوية، وحدائقهم الملونة بالخضروات والأزهار، ومطاعم بيت لاهيا ورحلاتهم إلى الشاطئ، والولائم الكبيرة والأعياد والمناسبات التي كانت تجمع العائلة.
وقالت نعمة للصحيفة: "في الأسبوع الذي تلا استشهادهم كانت كل مشاعري ميتة ولم تكن لدي أي إرادة لفعل أي شيء، ولكن كان عليّ حماية أطفالي ودعمهم.. أخبرتهم أن والدهم في الجنة وأنني سأعيد لهم كل شيء كما كان في السابق".
نعمة البرعاوي و3 من أطفالها في مأواهم المؤقت (غارديان)وأضافت: "أكثر ما يقلقني الآن هو أن تستمر هذه الحرب لوقت أطول، وأخشى أن أفقد أحد أبنائي أو أن أبقى وحدي، لا يمكننا أن ننسى ولن ننسى، ولكن علينا المضي قدما".
أما يوسف فلا يزال يحاول إعادة بناء حياته من جديد، ويتطوع طالب الطب في مستشفى في خان يونس حيث يعيش الآن، وقال: "أعاني في كل ثانية ودقيقة من حياتي، أشعر بالألم والقهر والظلم والتعب، ولكنني ما زلت أحمد الله أنني على قيد الحياة".
مثل هذه العائلة الكثيروقد كشف تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس مؤخرا، وفق التقرير، أن أكثر من 60 عائلة فلسطينية استشهد فيها ما لا يقل عن 25 شخصا -وفي بعض الحالات قتل 4 أجيال من العائلة نفسها- جراء هجمات وقعت بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول 2023، وهي الفترة الأكثر دموية ودمارا في الحرب.
وفقد ما يقرب ربع تلك العائلات أكثر من 50 فردا، وقد أبيدت عوائل أخرى ولم يبق أحد من سلالتها لتوثيق عدد شهدائها، خاصة أن تبادل المعلومات أصبح أكثر صعوبة مع استمرار الحرب ونزوح 80% من سكان غزة.
وأخبر رامي عبده، رئيس مرصد حقوق الإنسان في جنيف، صحيفة الغارديان بأن فريقه وجد أن 365 عائلة فقدت 10 أفراد أو أكثر منذ بداية الحرب وحتى أغسطس/آب 2024، وهناك 2750 عائلة ممن فقدوا 3 أفراد على الأقل، وقال: "كان الجزء الأكبر من عمليات القتل الجماعي في الأشهر الثلاثة الأولى، ولكنها استمرت بوتيرة أبطأ بعد ذلك".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بیت لاهیا
إقرأ أيضاً:
المطر: نعمة ربانية تغمر الأرض بالخير وتفتح أبواب السماء للدعاء
المطر: نعمة ربانية تغمر الأرض بالخير وتفتح أبواب السماء للدعاء، حين تنهمر السماء بمائها وتُروي الأرض العطشى، نشعر برحمة الله التي تحيط بنا في كل لحظة.
المطر هو أكثر من مجرد ماء يسقط من السماء؛ إنه رمز للحياة والخير، وفرصة روحانية عظيمة يستجيب الله فيها لدعاء عباده.
في الإسلام، المطر يحمل معاني كثيرة من العطاء والبركة، ووقت نزوله يُعد لحظة خاصة للتأمل والتقرب من الله.
دعاء المطر: وقت استجابة ورحمة من الله المطر في القرآن الكريمالمطر مذكور في القرآن الكريم كوسيلة لإحياء الأرض الميتة، ودليل على قدرة الله ورحمته بعباده، يقول الله تعالى:
"وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ" (سورة الأنبياء: 30).
نزول المطر هو تذكير دائم بقدرة الله على إحياء ما ظنناه ميتًا، وبأن الخير يأتي حتى بعد أشد لحظات الجفاف.
المطر في السنة النبويةخصّ النبي ﷺ وقت نزول المطر بأهمية خاصة، ووصفه بأنه وقت تُستجاب فيه الدعوات. قال ﷺ:
"ثنتان ما تُردَّان: الدعاء عند النداء، وتحت المطر" (صحيح الجامع).
هذا الحديث يشير إلى أن المطر ليس فقط نعمة مادية تُحيي الأرض، بل هو أيضًا نعمة معنوية تفتح أبواب السماء لتقبل دعوات المؤمنين.
1. فوائد دنيوية:
يروي الأرض وينبت الزرع ويزيد من موارد المياه.
ينظف الهواء من الملوثات ويجدد البيئة.
يمنح الحياة طابعًا من النقاء والانتعاش.
2. فوائد روحية:
وقت للتأمل في عظمة الله وقدرته.
فرصة للتقرب من الله بالدعاء والتضرع.
يجدد في النفس الشعور بالأمل والتفاؤل.
الدعاء أثناء المطروقت نزول المطر هو من أكثر الأوقات استجابة للدعاء، لذا ينبغي على المسلم أن يغتنم هذه اللحظات بالدعاء لنفسه ولأهله ولأمته. من الأدعية المستحبة:
المطر: نعمة ربانية تغمر الأرض بالخير وتفتح أبواب السماء للدعاء1. عند بداية المطر: "اللهم صيبًا نافعًا".
2. إذا خاف الضرر من شدة المطر: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشجر".
3. بعد انتهاء المطر: "مطرنا بفضل الله ورحمته".
التأمل: انظر إلى المطر كتجسيد لرحمة الله، وتأمل في قدرة الخالق الذي يُرسل الخير أينما يشاء.
الدعاء: اغتنم اللحظة وارفع يديك إلى السماء، طالبًا من الله حاجاتك وأمنياتك.
الشكر: احمد الله على نعمة المطر، وكن واعيًا لدوره الكبير في حياتك اليومية.
المطر كرمز للتجديدالمطر هو رمز للتجديد في حياتنا، سواء للأرض التي تنبت بعد جفافها، أو للقلوب التي تستعيد الأمل بعد لحظات القنوط. إنه يعلّمنا أن الفرج قريب، وأن الخير يأتي دائمًا بعد الشدة.
نزول المطر يحمل معه الخير والبركة للإنسان والحيوان والنبات، إنه فرصة عظيمة للتقرب إلى الله بالدعاء، والتفكر في نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى.
فكل قطرة مطر تذكرنا برحمة الله التي تعم الأرض ومن عليها.
فلنجعل من هذه اللحظات المباركة وقتًا للشكر والدعاء، ونغتنمها في تقوية إيماننا وتجديد أملنا بالحياة.