لماذا تعلوا أصوات الحرب على السلام في السودان ؟
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
تشهد منصات التواصل الاجتماعي في السودان منذ إندلاع الحرب انقسامات حادة تزايدت وتيرتها، و في الفترة الأخيرة أصبحت الأصوات الداعمة لاستمرار الحرب والمروجة لخطاب الكراهية أكثر بروزا من تلك التي تنادي بالسلام ما يعني تصاعد خطاب العنف وأنه يمكن أن يكون عاملا رئيسيا في إطالة أمد الصراع الذي اندلع في منتصف أبريل من العام الماضي وأسفر عن آلاف الضحايا بين قتلى وجرحى ونازحين ولاجئين.
التغيير – فتح الرحمن حمودة
ورغم مرارة الحرب وتزايد تعقيداتها اليومية لا تزال آمال السلام تراود السودانيين الذين يحلمون بالعودة إلى تحقيق شعارات ثورتهم المجيدة ولكن الأصوات المناهضة للحرب تبدو خافتة مقارنة بتلك التي تروج لاستمرار القتال ما يعكس حالة استقطاب حادة في المجتمع.
المواطن عوض أزرق يشير إلى أن الدعوات الشعبية لوقف الحرب موجودة لكنها أصبحت أقلية بسبب الاستقطاب الحاد والدعوات الواسعة لاستمرار القتال ضد قوات الدعم السريع.
قال أزرق في حديثه لــ «التغيير» إن مناخ البلاد الآن يميل نحو الحرب نتيجة للشعور بالغضب من الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع مما جعل الأصوات التي تسعى إلى السلام غير مسموعة.
من جانبه يرى أحمد علي إن ضعف الحراك الشعبي الداعي للسلام يعود إلى عمليات التجييش المتواصلة من الطرفين مما أثر سلبا على قدرة تلك الأصوات في الوصول إلى العامة حيث بات يتم تخوينها من كلا الجانبين.
كما اشار في حديثه لـ «التغيير» إلى أن الظروف الاقتصادية والصحية السيئة التي خلفتها الحرب دفعت الكثيرين للتركيز على معيشتهم بدلا من الاهتمام بوقف الحرب.
و يشهد السودان ارتفاعا في عمليات تسليح المدنيين من قبل الأطراف المتصارعة خاصة من الجيش الذي قام بتسليح مجموعات كبيرة من المدنيين بما في ذلك كتائب البراء التابعة للحركة الإسلامية والتي تقاتل الآن في صفوفه و يعكس هذا التصعيد تزايد العنف وسط المدنيين وتحول الصراع إلى حروب أهلية صغيرة تحت غطاء المقاومة الشعبية.
و تقول الناشطة النسوية حنان بحر لـ «التغيير» إن هناك غياب للتظاهرات السلمية بعد اندلاع الحرب لكنها تؤكد أن هذا لا يعني تراجع أهداف الثورة بل أن الظروف القمعية جعلت التظاهر السلمي أكثر خطورة.
ومع ذلك ترى حنان أن الحراك السلمي لا يزال قائما من خلال العمل في غرف الطوارئ والمبادرات النسوية والشبابية التي تعمل جاهدة لوقف الحرب.
و اعتبرت أن الأصوات المؤيدة لاستمرار الحرب أصبحت أمرا طبيعيا في ظل وجود مجموعات تسعى للحفاظ على مصالحها وسلطتها مشيرة إلى أن الشعب السوداني سيواصل التمسك بأهداف ثورته حتى تتوقف الحرب وتتحقق العدالة.
ومنذ اندلاع الحرب لم يتوقف الثوار عن النضال بل تحولوا إلى تقديم المساعدة للسكان في مناطق الصراع من خلال غرف الطوارئ التي لا تزال تعمل على تقديم الدعم والمساعدة رغم الظروف الصعبة.
أما محمد أحمد، فيرى أن غياب التظاهرات السلمية في ظل الحرب الداخلية أمر متوقع لكنه يشير إلى أن الحراك المدني خارج السودان منقسم بين مجتمع مدني وسياسي مما يجعل تأثيره محدودا.
و قال لـ «التغيير» إن غياب أصوات السلام يعود إلى عدم تنظيم المجتمع المدني نفسه بشكل جيد لمواجهة الحرب بالإضافة إلى شعور الكثيرين بضرورة الدفاع عن أنفسهم في ظل الخسائر الفادحة التي لحقت بهم.
وأدت الحرب إلى تشريد آلاف المدنيين بمن فيهم النشطاء و المهتمين بالعمل العام الذين ما زالوا يعملون على إيقاف الحرب كما انخرط العديد منهم في دعم غرف الطوارئ في مناطق الصراع داخل البلاد .
و تقول الناشطة السياسية إجلال آدم لـ «التغيير» إنها ترى أن الأصوات الداعية لاستمرار الحرب تتزايد يوميا مما جعلها تتفوق على الأصوات المنادية بالسلام.
ونوهت إلى أن هذه الأصوات تمكنت من اختطاف القرار من القوات المسلحة مما أدى إلى فشل جميع الجهود التي كانت تهدف إلى وقف الحرب.
ونبهت إجلال إلى أن رفع أصوات السلام يتطلب توحيد صفوف المجتمع المدني والقوى السياسية بمختلف أطيافها والعمل الجماعي لمناهضة تلك الأصوات التي تسعى إلى تدمير البلاد عبر استمرار الحرب.
و أصبحت الحملات المؤيدة لاستمرار الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي الصوت الأعلى وربما تقودها جهات خارجية متخصصة في تصدير خطاب الكراهية والعنصرية وسط السودانيين.
أما الناشط السياسي موسى إدريس فيشير إلى وجود حملات حالية على مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بوقف إطلاق النار لكنها تفتقر إلى التنظيم والتنسيق الفعال ويرى أن ضعف الحراك المدني على أرض الواقع يعود إلى عدم تقارب وجهات النظر بين القوى الفاعلة.
وقال في حديثه لـ «التغيير» إن غياب صوت السلام يعود إلى عدم وجود استراتيجية إقليمية ودولية واضحة لوقف الحرب مشيرا إلى أن محاولات الوساطة حتى الآن لم تسفر عن أي نتائج ملموسة مؤكدا أن تحقيق السلام يتطلب حداً أدنى من التوافق بين الأطراف المتصارعة ودعما دوليا وإقليميا جادا .
و مع اندلاع الحرب في أبريل من العام الماضي وسط مخاوف متزايدة من انزلاق البلاد نحو الفوضى الشاملة والحرب الأهلية وما قد يترتب عليها من تأثيرات سلبية على دول الجوار والمنطقة بأسرهها ظهرت عدة مبادرات دولية وإقليمية سعت إلى إيجاد حلول لوقف الصراع المستمر لكن جهودها لم تحقق النتائج المرجوة مما زاد من تعقيد المشهد السياسي والأمني.
و كانت قد تصدرت مبادرة منبر جدة قائمة المبادرات الرامية إلى إنهاء الحرب بوساطة سعودية أمريكية إلى جانب مبادرات أخرى مثل مبادرة منظمة إيغاد الاتحاد الأفريقي و المبادرة الإثيوبية مبادرة الجامعة العربية ومبادرات القوى المدنية و لم تتمكن أي منها حتى الآن من تحقيق اختراق ملموس في مسار وقف الصراع.
و على الرغم من أن أصوات دعم الحرب التي تهدف إلى إطالة أمد الحرب عبر تصدير خطابات الكراهية والعنصرية بين السودانيين هي الصوت الأعلى إلا أنه يبقى الأمل معقودا على توحيد الصفوف وسط الأصوات التى تنادي بالسلام لإعادة بناء الدولة وتحقيق السلام المنشود.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
التحالف السوداني للحقوق يناشد ترامب دعم السلام في السودان
قال التحالف السوداني في رسالة موجهة للرئيس ترامب إن قيادته تلهم الأمل، ليس فقط لدى الشعب الأمريكي، بل أيضاً لدى ملايين الأشخاص حول العالم الذين يتطلعون إلى الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات حاسمة تجاه القضايا العالمية الملحة
التغيير: كمبالا
ناشد التحالف السوداني للحقوق الرئيس الأمريكي، المنتخب للمرة الثانية، دونالد ترامب، بدعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام في السودان، بعد استمرار الحرب لنحو عامين، وتسببها في مقتل آلاف المواطنين وتشريد الملايين.
وتتجه أنظار العالم، غدًا السبت 20 يناير، نحو تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، للمرة الثانية، بعد فوزه بالانتخابات الأخيرة أمام منافسه الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن.
وقال التحالف السوداني في رسالة موجهة للرئيس ترامب إن قيادته تلهم الأمل، ليس فقط لدى الشعب الأمريكي، بل أيضاً لدى ملايين الأشخاص حول العالم الذين يتطلعون إلى الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات حاسمة تجاه القضايا العالمية الملحة.
وأضاف التحالف: “اليوم، ونحن نحتفل بمُثُل الديمقراطية وحق الانتقال السلمي للسلطة، علينا أيضًا تحمل المسؤولية المشتركة في التصدي للأزمة الإنسانية المدمرة في السودان. لقد بلغت معاناة الشعب السوداني مستويات لا يمكن تصورها، مما يستدعي الاهتمام والتدخل الفوري من قبل المجتمع الدولي”.
وتابع: لقد أسفر الصراع المستمر في السودان عن مقتل أكثر من 130 ألف شخص وتشريد الملايين، مما تسبب في تدمير مجتمعات بأكملها. يتحمل المدنيون وحدهم وطأة هذا الصراع، مع تفشي الجوع والعنف الجنسي وتدمير البنية التحتية الحيوية. ويواجه أكثر من 25 مليون شخص خطر المجاعة، بينما يواجه حوالي 97 بالمئة من السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد. هذه ليست مجرد إحصائيات – بل تجسيد لحياة واقعية، وأسر ممزقة، وأطفال بلا طعام أو مأوى، ومجتمعات فقدت كل شيء. يتحمل الشعب السوداني معاناة يكاد يصعب على الكثيرين إدراكها، وهي محنة تستدعي منا العمل بروح انسانيتنا الجمعية.
وخاطب التحالف السوداني الرئيس ترامب بقوله: “إن تعهداتك الانتخابية بشأن السلام العالمي والدبلوماسية والالتزام المتجدد بإنهاء الصراعات تشكل مصدر أمل لملايين الأشخاص حول العالم. ومازالت تتردد صداها بعمق، لا سيما لدى الذين يعيشون هذه المحنة التي لا يمكن تصورها في السودان.
نعلم أنك تؤمن بقدسية الحياة البشرية، الأمر الذي نأمل أن يكون مرشداً لإدارتك في استجابتها للأزمة في السودان.
وعلى الرغم من الجهود الدولية المبذولة لمعالجة المعاناة في السودان، الا أن الاستجابة الإنسانية كثيراً ما تعثرت بسبب الجمود السياسي وغياب الالتزام المستدام. ورغم تقديرها، لم تكن تلك القرارات والتعهدات، كافية لوقف إراقة الدماء أو التخفيف من معاناة الملايين.
وزاد: تتفاقم الأزمة الإنسانية يومًا بعد يوم، وحياة السودانيين على المحك. والآن، أكثر من أي وقت مضى، يحتاج العالم إلى خطوات حاسمة من القادة الذين يدركون أن التعاطف والمسؤولية يجب أن تتجاوز الحواجز السياسية.
وأردف قائلا: هذه لحظة حاسمة لإدارتكم للمساعدة في تشكيل مسار جديد للمضي قدماً في السودان – مسار يضع الإغاثة الإنسانية في المقدمة ويعطي الأولوية لجهود بناء السلام. ومن خلال حشد المجتمع الدولي حول استراتيجية موحدة، يمكنكم تعزيز الجهود التي تسهم في تجاوز الانقسامات وإنهاء دوامة العنف. وينبغي أن تركز هذه المساعي على إشراك الأطراف المتحاربة للتوصل إلى اتفاق سلام شامل وجامع. هذا ليس وقت الوعود الغامضة أو القرارات البعيدة.
وقال: إنه وقت العمل الجاد والملموس. كل ذلك، إلى جانب الدعم الانساني الكبير، من شأنه أن يوفر للمدنيين السودانيين شريان الحياة الذي يحتاجونه بشدة.
وأضاف: إن معاناة الشعب السوداني تعكس فشلنا الجماعي كمجتمع دولي في منع الصراعات وحماية الفئات الهشة. إن آلامهم تدعونا إلى التحرك بشكل عاجل وبروح من التعاطف والمسؤولية. إنه تذكير صارخ بأن حقوق الإنسان ليست قابلة للمساومة، وأن السلام لا يمكن أن ينتظر. في هذا اليوم الاحتفالي، دعونا نتذكر الملايين الذين يكافحون من أجل البقاء في السودان، ولنجدد عزمنا على مساعدتهم في إعادة بناء حياتهم ومستقبلهم.
وقال التحالف مخاطبًا الرئيس المنتخب: وأنت تؤدي اليمين الدستورية، نحثك على أن تسترشد بالتعاطف والدبلوماسية والالتزام القوي بتعزيز الحوار والحلول السلمية في السودان. نأمل أن تقود إدارتك الطريق الى حشد الدعم العالمي للسودان، وضمان عدم تخلف أي شخص عن الركب في أحلك الأوقات. يعتمد مستقبل السودان – ومستقبل شعبه – على الخيارات التي نتخذها اليوم. مستعدون لدعم جهودكم والتعاون مع جميع الذين يكرسون أنفسهم للسلام والعدالة وحماية لفئات الأكثر ضعفًا.
الوسومالسودان الولايات المتحدة الأمريكية ترامب