جبل موية وجبال الاحزان!
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
جبل موية وجبال الاحزان!
رشا عوض
منذ ان بدأت هذه الحرب ومنذ طلقتها الاولى لم افرح بانتصار احد او اغضب لهزيمة احد لانني كمواطنة منحازة للسلام والدولة المدنية الديمقراطية لا ارى في الحرب من حيث هي سوى هزيمة ثقيلة لبلادنا ارضا وشعبا وفرص نماء وتقدم، وعدوان مغلظ على الحياة السياسية المدنية الحرة وتمهيد لتقسيم الوطن مجددا ليس الى دول مستقرة بل الى دويلات متصارعة في داخلها ومع بعضها البعض!
هذه الحرب عقوبة قاسية تجرعنا مرارتها مكرهين! اذ تم حرماننا من كل شيء! فقدنا بيوتنا والطمأنينة داخلها ، فقدنا الكرامة واصبحنا نصطف في انتظار كمشة بليلة قد تنفذ قبل ان يأتي دور احدنا! وهذا نصيب الافضل حظا منا! لان هناك من قتلوا بالرصاص او فتكت بهم الامراض ! وهناك من فقدوا اقرباءهم وجيرانهم وهناك من تعذبوا هم او تعذب ابناؤهم حتى الموت على يد استخبارات الجيش او استخبارات الدعم السريع! وهناك من سقطت فوق بيوتهم الدانات وقذائف الطيران واحالتها ركاما! وهناك ملايين النازحين واللاجئين ومن ماتوا عطشا او مرضا في طرق التهريب ! وهناك من ينتظرون في اي لحظة خبر موت ابن او اخ او زوج او خال او عم او صديق او جار مرابط في احد جبهات القتال في حرب بين ابناء الوطن الواحد! هناك اسر لها ابناء في الجيش واخوتهم او ابناء عمومتهم في الدعم السريع!! وهناك المستشفيات والمدارس والمنشآت الصناعية والبنية التحتية والجسور والشوارع التي دمرت ، وهناك الالغام المزروعة التي ستظل متربصة بالابرياء اعواما بعد الحرب!! وهناك الشظايا والمواد المتفجرة التي تكسو شوارعنا وهناك بيئتنا التي تلوثت بكل انواع السموم الفتاكة بالبشر والشجر والتربة فضلا عن خسائر خاصة وعامة بعشرات المليارات من الدولارات!
نحن امام جبال من الاحزان تجعل الفرح مستعصيا على اي شخص سليم العقل والضمير، الخبر الوحيد الذي يستوجب فرح المواطنين المكتوين بنيران الحرب هو اعلان طرفيها وقفا طويلا لاطلاق النار تمهيدا لعمليات الاغاثة للمنكوبين ، ثم الانخراط في مفاوضات سلام جادة، هنا فقط يجب علينا ان نخرج للشوارع شاهرين فرحتنا لنحاصر بها من هم في طاولة المفاوضات ونحاصرهم حصارا محكما برفضنا المغلظ للحرب ورغبتنا الاكيدة والعارمة في ايقافها واحلال السلام.
اما صناعة الافراح الوهمية لان الجيش استرد جبل موية او حرر مصفاة الجيلي وإغراق الاسافير وحتى شوارع الدول المجاورة بالاحتفالات ، فهذا دليل غفلة وذهول عن الواقع، ليس فقط لان الانتصارات حتى الان وهمية، فما حدث في مصفاة الجيلي كان هزيمة نكراء للجيش خلفت خسائر بمئات القتلى والجرحى، وجبل موية تم استرداده من قبل الجيش لسويعات “ابنعوفية” ثم عاد الدعم السريع للسيطرة عليه مجددا ، بل تكمن المأساة في المؤامرة الخبيثة على عقول المواطنين وشحنهم بالاوهام والوعود الكاذبة من اجل استغلالهم في كسب المعركة السياسية لصالح المجرمين الذين اشعلوا الحرب ومن خلالها يرغبون في حصاد التأييد الشعبي المطلق بدلا من ان ينالوا عقابهم المستحق!
الموضوع باختصار هو ان العصابة الكيزانية والجيش الذي تسيطر عليه هم من صنعوا الدعم السريع لحمايتهم من معارضيهم المسلحين وحراسة كراسي سلطتهم الفاسدة، تمرد الدعم السريع على دور حارس العصابة وحاميها فارادوا التخلص منه بالحرب للعودة مجددا الى السلطة وان كلف ذلك تدمير الوطن بالكامل، بدلا من محاسبة الكيزان وجيشهم حسابا عسيرا على صناعة هذه المأساة او على الاقل الامتناع عن شراء اكاذيبهم يخرج البعض الى الشوارع مقدما البيعة السياسية بوعي او بدون وعي قبل ان يتحقق اي انتصار حقيقي ، وحتى لو تحقق نصر جزئي او كلي فليس هناك مدعاة لاي فرح على ارتال الجثث والجرحى والمعاقين وعلى انقاض المباني والمعاني.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الدعم السریع وهناک من
إقرأ أيضاً:
حاكم الخرطوم يتحدث عن السبب الرئيسي لإفشال خطط الدعم السريع
قال حاكم الخرطوم أحمد عثمان حمزة إن اصطفاف الشعب السوداني خلف القوات المسلحة في قتالها "الدعم السريع" قلب الموازين وخلط حسابات هذه المليشيا وداعميها.
وذكر حمزة -في مقابلة مع وكالة الأناضول- أن الشعب السوداني يقف خلف القوات المسلحة، ويتطوع أفراده للقتال بجانب الجيش فيما يعرف بالمقاومة الشعبية.
وقال أيضا إن وقوف الشعب السوداني خلف جيشه أجبر المجتمع الدولي على سماع صوت الحكومة السودانية.
امتصاص الصدمة الأولىأفاد حاكم الخرطوم أن الحكومة تعرضت لهجوم مباغت في أبريل/نيسان 2023 عندما هاجمت مليشيا الدعم السريع مدينة الخرطوم وتموضعت فيها، واقتحمت القصر الرئاسي، وقتلت حرس رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان.
وقال حمزة إن الجيش السوداني والحكومة استطاعا امتصاص الصدمة الأولى، كما استطاعت الحكومة استعادة توازنها، وتعاملت مع الموضوع كتمرد مدعوم وكان لا بد من الحسم العسكري.
ورغم فرض المليشيا حصارا على مؤسسات الدولة، أفاد حمزة أن ذلك لم يثن القوات المسلحة والقطاعات المدنية عن القيام بواجبها.
الانتقام من المدنيينأشار حمزة إلى أنه عندما فشل مخطط المليشيا لاختطاف الدولة توجهت نحو إجبار المواطنين على إخلاء منازلهم، مما أدى إلى نزوح كبير جدا لم يشهده السودان في تاريخه الحديث.
إعلانوقال إن مليشيا الدعم السريع ارتكبت مجازر بحق المواطنين الذين تمسكوا بمنازلهم، والذين كان مصيرهم القتل أو الإرهاب، ولم يسلم من ذلك حتى الأطفال.
كما استهدفت المليشيا المؤسسات المدنية بالتدمير والخراب والاحتلال، وكذلك القطاعات الحيوية مثل قطاع الماء والكهرباء وقطاع الصحة، ومنعت العاملين عن القيام بعملهم، ونهبت الأسواق والبنوك.
وعن سبب إطالة المعركة، قال حمزة إن المليشيا كانت تمتلك معدات حرب المدن، وتمترست في مواقع كالبنايات العالية ونشرت قناصيها، وحفرت خنادقها، وأغلقت الجسور لمنع انقضاض القوات المسلحة عليها.
خرق الاتفاقياتوأشار حمزة إلى أن مليشيا الدعم السريع أجهضت كل محاولة لإيقاف الحرب خلال الفترة الماضية، إذ وافقت الحكومة على 3 هدن خرقتها المليشيا واستغلتها لترتيب صفوفها وتهريب قادتها والحصول على الإمداد والسلاح.
ومنها اتفاق جدة الذي وقِّع في مايو/أيار 2023 ورعته السعودية والولايات المتحدة، ويضم 3 شروط حاكمة و21 التزاما يطبق فوريا، ويشترط على المليشيا الانسحاب من منازل المواطنين وعدم التمدد، لكنها لم تلتزم ببنود الاتفاق.
ممثلو الجيش السوداني و"الدعم السريع" مع آخرين بعد التوقيع على اتفاق في جدة العام الماضي لوقف النار (رويترز) استهداف المناطق الآمنةذكر محافظ الخرطوم أن مليشيا الدعم السريع استهدفت العاصمة بشكل خاص، مما أجبر أعدادا كبيرة من المواطنين على النزوح داخل الخرطوم والاستقرار في محافظة ككري بأم درمان، الواقعة شمال غرب العاصمة.
وقال إن حكومة ولاية الخرطوم تبنت خطط إعمار العاصمة، وبدأت بإعمار المناطق المدمرة وإعادة الخدمات فيها، مما أثار استياء المليشيا "فأصبحت تستهدف المناطق الآمنة التي نخطط لإعادة الناس إليها" ويقصفونها بالمدافع يوميا.
خطط إعادة الإعمارأشار حمزة إلى أن أمام الحكومة تحديات كبيرة للقيام بواجبها تجاه المواطنين الذين فضلوا البقاء في منازلهم، وكذلك أمام النازحين الذين استقروا في محافظة كرري بأم درمان.
إعلانوقال: ترتكز خطة الحكومة بعد دحر المليشيا من تلك المناطق على إعادة الخدمات وتهيئة الأجواء لعودة المواطنين إلى منازلهم، ورفع الجثث.
وأشار إلى تبني حكومة ولاية الخرطوم خطط إعادة إعمار العاصمة على 3 مستويات قصيرة ومتوسطة وطويلة، وبعد تحرير كل منطقة بالولاية يتم تطهيرها وتعقيمها وإعادة الخدمات فيها رغم الدمار الكبير، ثم الانتقال إلى المرحلتين بعدها.
وأضاف حمزة أنه ورغم ضعف استجابة المجتمع الدولي للاحتياجات الإنسانية، فإن المواطنين حاليا في مواقع النزوح والإيواء ينعمون بخدمات الأكل والشرب والعلاج بتكافل المجتمع السوداني.
وكانت "الدعم السريع قد شكلت عام 2013 قوةً تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، لمحاربة المتمردين على الحكومة في دارفور غربي السودان، ثم لحماية الحدود وحفظ النظام.
وبعد الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019، شاركت الدعم السريع في السلطة عبر تقلد قائدها محمد حمدان دقلو (حمديتي) منصب نائب رئيس مجلس السيادة، قبل أن تنقلب على الحكومة وتعلن الحرب في أبريل/نيسان 2023.
ومنذ ذلك الحين خلّفت الحرب بين الجيش والدعم السريع أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء هذه الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.