«تقدم»: اعتقال ممثل الدفاع عن قادة التنسيقية انتهاك صريح لحقوق المحامين في السودان
تاريخ النشر: 6th, October 2024 GMT
أدانت اللجنة القانونية وحقوق الإنسان بتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» بأشد العبارات اعتقال منتصر عبد الله المحامي، ممثل هيئة الدفاع عن قادة «تقدم» الذي تحتجزه الأجهزة الأمنية بمدينة بورتسودان العاصمة الإدارية لحكومة الأمر الواقع في السودان.
الخرطوم ـــ التغيير
و أوضحت اللجنة القانونية لـ «تقدم» في بيان أن منتصر تم توقيفه من قبل الأجهزة الأمنية بمدينة بورتسودان في ٧ سبتمبر ٢٠٢٤م، وذلك بعد تقديمه طلبًا قانونيًا للإطلاع على يومية التحري في البلاغ رقم ١٦١٣/٢٠٢٤ المقيد ضد الدكتور عبد الله حمدوك وعدد من القادة السياسيين والناشطين.
وشددت على أن هذا الاعتقال جاء دون أي مسوغ قانوني وفي انتهاك صريح لحقوق المحامين في ممارسة مهامهم.
وقالت اللجنة في بيانها «إن اعتقال الأستاذ منتصر عبد الله هو انتهاك صارخ لحق الدفاع الذي تكفله القوانين الوطنية و المواثيق الدولية، ويخالف المادة ٤٨ من قانون المحاماة، التي تفرض إخطار النقابة المختصة قبل اتخاذ أي إجراء ضد المحامين. كما أنه يمثل تعديًا على سيادة القانون ويعرقل الحق في الدفاع، وهو حق أصيل لضمان تحقيق العدالة».
و أعربت اللجنة عن قلقها البالغ حيال ظروف احتجاز المحامي منتصر، خاصة في ظل التعتيم الكامل على أسباب وظروف اعتقاله، وحملت سلطة الأمر الواقع في بورتسودان المسؤولية الكاملة عن سلامته ودعت للإفراج الفوري وغير المشروط عنه، وأدانت بشدة استخدام الأجهزة العدلية والقضائية كأدوات لتصفية الحسابات السياسية.
وقالت اللجنة إن هذا الاعتقال ليس فقط تعديًا على الحقوق الفردية للأستاذ منتصر، بل هو أيضًا جزء من نمط قمعي متزايد يستهدف المحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان في السودان.
ونبهت إلى أن استخدام النظام القضائي لخدمة أغراض سياسية لا يمكن أن يستمر دون محاسبة، وطالبت بتدخل عاجل من المنظمات الدولية لحماية الحقوق القانونية في السودان وضمان استقلال القضاء.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
إقرأ أيضاً:
دمار السودان .. هل تجدي الاسطوانة المشروخة؟
وترعرعت على الجرح وما قلت لأمي ما الذي يجعلها في الليلة خيمة انا ما ضيعت ينبوعي وعنواني واسمي ولذا أبصرت في أسمالها مليون نجمة. محمود درويش
(1)
انطلقت الحرب في بدايتها واعدة ومبشرة تدغدغ مشاعر الغبش والمهمشين بالعدالة والديموقراطية والمساواة ولكن بعد مسيرة لم تتجاوز الثلاثة كيلومترات بال مبشرو الدعم السريع على رؤوس اهل السودان في البوادي والحضر بعد أن نفضوا يدهم ولأسباب مجهولة لم يفصحوا فيها عن الأهداف النبيلة والأماني العذبة والآمال العريضة التي حلقت بأحلام الناس الى السماوات العليا قبل أن تتحول في غمضة عين وانتباهتها الى حجارة من سجيل تنهار على الرؤوس وتنقلب الى حرب عبثية لعينة مدمرة جعلت عاليها سافلها وحولت السودان وأهله بمركزه وهامشه الى عصف مأكول . نحن هنا لسنا في عهد الروائي العالمي الطيب صالح رحم الله الذي وصف زمانا عامرا بالسلام فقال ان الراكب من أقصى شمال السودان الى أقصى جنوبه لم يكن يخاف الا الله والذئب على غنمه ولكن لطف به الله أنه أختاره الى جواره حتى لا يرى فظاعات تشيب لها رؤوس الأجنة في أرحام النساء في سودان اليوم.
(2)
نفهم أن تتحالف قوات الدعم السريع المرفوعة على رافعة اثنية يعرفها الجميع مع عرب الشتات والمرتزقة وبدعم مباشر من دولة الأمارات بهدف خلق (كرزاي) جديد في السودان لمواجهة الجيش وكل المكونات العسكرية الأخرى التي ربما تعتبر رأس الرمح والعقبة الكؤود التي تحول دون تحقيق مصالحها وترجمة مشاريعها الاستراتيجية الى واقع ملموس ولكن علامة الاستفهام الحائرة هنا دون إجابة ما ذنب المؤسسات الخدمية والتعليمية والصحية والهيئات والمصانع العامة والخاصة التي انتهت معظمها رمادا تذروه الرياح؟ .. ما ذنب الضحايا العزل من النساء والشيوخ والأطفال أضعف شرائح المجتمع الذين تم اذلالهم واهانتهم وسلب ونهب ممتلكاتهم واغتصاب نسائهم وقتل رجالهم أمام أعينهم وأعين أبنائهم بدم بارد ؟.
(3)
احصائيات حزينة قميئة تعكس المآلات ومشاهد العمار والخراب الذي خلفته والحبل لازال على الجرار. تتمثل في اعتداءات متكررة وممنهجة لم تترك محطة توليد كهربائي الا وطالتها ونموذجا لها محطة بحري الحرارية التي تساهم بنحو 17% من انتاج البلاد للكهرباء والمقدر بنحو 1900 ميجاواط ومنها أيضا محطات مروي ودنقلا وعد بابكر و تتراوح كلفتها الأولي بين 120-150 مليار دولار.
(4)
الخلاصة انه منذ بدأ الحرب تعرضت محطات الإنتاج وشبكات الامداد الى تدمير كبير انسحب الى قطاعات الصحة حيث أشارت التقارير الى ارتفاع معدلات الوفيات في المستشفيات بعد خروج 80 % من المستشفيات عن الخدمة بسبب انقطاع التيار الكهربائي وتقدر إعادة تأهيلها الى 11 مليار دولار. وكان مستشفى يونيفيرسال في ضاحية كافوري أكثرها ايلاما ووجعا اذ ان القتلة والسفلة لم يكتفوا بتدمير المعدات والأجهزة الطبية والمعامل بل حفروا عميقا في الجدران بحثا عن أسلاك النحاس وهو ما فعلوه أيضا في بيوت الناس. النتيجة أن السودان فقد 70% من طاقة انتاج الكهرباء والتي كانت تغطي نحو 60% من احتياجات المقدرة ب 3500 ميغاواط .
(5)
الدمار الهائل طال أيضا البنية التحتية وكان أكبر ضحاياها الجسور والسدود وشبكات نقل الكهرباء والمياه والوقود والكهرباء والاتصالات والمنشآت الصحية والتعليمية والمباني العامة والقطاعات الإنتاجية والصناعية والأسواق إضافة الى دمار منازل وممتلكات المواطنين مما تسبب في تدهور وتلوث بيئي غير مسبوق.
(6)
وبدوره أحدث القصف المدفعي دمارا جزئيا وكليا بنحو 15% من المباني السكنية و40 % من الأسواق و60% من المباني والمنشآت الحيوية ولم يرحم أيضا المباني التاريخية والمتاحف التي تعرضت محتوياتها وتحفها النادرة للسرقة ونقلها للبيع خارج السودان ضمن جريمة نكراء وعمل خسيس لن يفهم منه الا طمس الهوية كما استهدف الوزارات والهيئات الحكومية والخاصة ..الخراب مر أيضا بقطاع التعليم فقد تعرضت أكثر من 70% من المدارس والجامعات والمعاهد والكليات العليا الحكومية والأهلية لتخريب كلى أو جزئي .
(7)
يعتبر الخبراء ان القطاع الصناعي أخذ نصيبه كاملا من الدمار وربما يعتبر الأكثر تأثرا حيث تشير التقديرات الى فقدان 80% من وحداته الإنتاجية بعد الأضرار التي لحقت بأكثر من 600 مصنع في الخرطوم وحدها ..كما خرج أكثر من 70 % من فروع البنوك العاملة في البلاد والبالغ عددها 39 بنكا حكوميا وتجاريا من الخدمة ..هذا يرفع اجمالي الخسائر حتى الآن الى أكثر من 500 مليار دولار رغم ان المادة 57 من البروتكول الدولي تنص على منع استهداف المدنيين والأعيان المدنية بما في ذلك البنية التحتية والمنشآت العامة .
(8)
لن تستكمل هذه الصور الموجعة حد تغول السكين في اللحم الحي الا بالولوج الى المشهد الإنساني .. يستوقف هنا حوار مؤلم بين صحفي الجزيرة أحمد طه مع الإعلامي سوار الذهب من خلال اعداد برنامج عمران في السودان ضمن حلقات ..يحكي الإعلامي الذي سحب النور من وزارة الاعلام السودانية عن فظاعات رآها وعايشها منها مشرحة قدرتها الاستيعابية لا تتجاوز 80 جثة ولكنها مكدسة ب1400 جثة متحللة لعدم وجود معينات لدفنهم.. يسلط الضوء على نازحة فقدت زوجها فتعرضت لاغتصاب من عصابات الدعم السريع وحينما عاد تم قتله أمامها وجاء ابنها فتم ذبحه وحينما حاولت أن تتحسس ابنتها التي كانت تحملها على ظهرها وجدتها وقد ماتت من ضربة الشمس ففقدت عقلها .. يتحدث عن طفلة لفظت روحها من العطش بعد مسيرة استمرت عشرين يوما بدون ماء. يروي عن امرأة مسنة لم تأكل لمدة أسبوع تنتظر يومها ولكن طلبها الوحيد دفن ابنتها التي تحللت على سرير الموت لأن الاسرة لا تملك سيارة. يكشف عن بيوت الله التي تحولت الى (بناشر) وسيرفرات المعلومات المحروقة ومقبرة السيارات المتناثرة في الجريف شرق وتحف الآثار التي تم تهريبها من المتحف القومي وملايين النازحين والمشردين وكلها جرائم تصنف الآن كأكبر مأساة إنسانية في العالم world record.
(9)
لكن الأكثر وجعا وألما هنا هو غياب الاعلام السوداني. فلو كان موجودا بالمهنية العالية لاستحال خنجرا من لهب ونار في خاصرة الضمير الإنساني باستثمار هذه المآسي بدعوة أجهزة الاعلام الحي في العالم ليرى بأم عينه المأساة غير المسبوقة على حقيقتها ولو استدعى الحال دفع مقابل التغطية فهناك اعلام جاهز لهذه المهمة ..وفي هذا الصدد لم نجد غير تغطيات نادرة لنعمة الباقر ابنة الصحفي الدكتور الباقر احمد عبد الله وهي إعلامية بريطانية من اصل سوداني تعمل بقناة CNN وتعمل الآن ككبيرة المراسلات senior reporter وكانت قبلها صحفية free lancer .
(10)
مناحي القصور كلها أعلقها في رقبة وزارة الاعلام فهي تستحقه بكل جدارة واقتدار وتميز فباستثناء تغطيات قنوات الجزيرة والحدث فهي وعبر الأخبار والصور المبثوثة عبر قنواتنا البائسة ليست سوى أسطوانة مشروخة تتحدث الى نفسها.
oabuzinap@gmail.com